إحياء ذكرى فؤاد نصار
فهمي الكتوت
الحوار المتمدن
-
العدد: 5301 - 2016 / 10 / 1 - 23:06
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
في الذكرى الاربعين لوفاة المناضل البارز والقائد الوطني والاممي فؤاد نصار الابن البار للشعبين الشقيقين الأردني والفلسطيني، قام وفد كبير من الشيوعيين الأردنيين صباح يوم الجمعة 30/9/ 2016 بزيارة الضريح في مقبرة ام الحيران في عمان، في مقدمتهم زوجة الرفيق الراحل ليلى نصار، بوضع باقات من الزهور على الضريح. القى عميد الشيوعيين الأردنيين نبيل الجعنيني الملقب ب منديلا الأردن (قضى 13 عاما في السجون والمعتقلات الأردنية بسبب اعتناقه مبادئ الحرية والديمقراطية والاشتراكية) تناول فيها سيرته العطرة ودورة القيادي في حركة التحرر الوطني الفلسطيني والأردني ومواقفه النضالية. وقد جاءت هذه المناسبة متزامنة مع اغتيال الكاتب اليساري الأردني ناهض حتر على ايدي القوى الظلامية التكفيرية. مستذكرا مزايا حتر النضالية ودوره في فضح المشاريع الاستعمارية، مستنكرا جريمة اغتياله النكراء.
***
كرس فؤاد نصار حياته دفاعا عن القضايا الوطنية، وعن قضايا الحرية والديمقراطية، وحركات التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي. وعن حقوق العمال والفلاحين والفقراء عامة، مارس مختلف اشكال النضال " العسكري والسياسي، النقابي والجماهيري" تخللها سنوات من السجون والمنافي والمطاردة، اعتبر فؤاد نصار رمزا للنضال المشترك الذي يخوضه الشعبان الشقيقان الأردني والفلسطيني ضد الامبريالية والصهيونية، ومن اجل أردن وطني ديمقراطي، ومن اجل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته على ارض فلسطين.
قاتل الاستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية في فلسطين، وواصل نضاله ضد المستعمرين الانكليز في العراق والأردن بعد نكبة 1948. وأصبح قائدا سياسيا ومثقفا ثوريا. كانت أولى مشاركته في العمل الوطني عام 1929، عام الانتفاضة الفلسطينية حين شارك في المظاهرات الشعبية ضد الاستعمار البريطاني وضد الغزوة الصهيونية، واحتجاجا على اعدام الوطنيين الفلسطينيين الثلاثة: حجازي وجمجوم والزير يقول فؤاد نصار كانت هي البداية؛ منذ ذلك التاريخ انغمست في النضال ... شكل فؤاد نصار في عام 1936 مجموعة من الثوار وقاد عمليات عسكرية ضد المواقع البريطانية والصهيونية، وتعرض للاعتقال، ووقف امام المحاكم الاستعمارية بشجاعة متحديا قوات الانتداب البريطاني، وبعد خروجه من السجن عين قائدا للثورة لفلسطينية المسلحة في منطقة القدس والخليل، في اواخر عام 1938، بسبب مرض القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني.
يقول عبد الكريم القاضي (رفيق دربه) قاد أبو خالد عشرات المعارك الضارية ضد قوات الاحتلال البريطاني، وكان أهمها معارك كسلا وعرطوف وام الروس ومار الياس ووادي فوكين وفيها تجلت براعته القيادية في إدارة المعارك واحراز النصر بأقل الخسائر، وذاع صيته في انحاء فلسطين ... ويقول القاضي ان معركتي كسلا وام الروس كانتا مفروضتين فرضا على أبي خالد بعكس بقية المعارك التي كان هو الذي يحدد اوقاتها واماكنها، اذ حاصره ومن معه الجيش البريطاني الذي تتبعه من قرية الطيبة حتى مشارف قرية كسلا، ومن هناك وبعد معارك ضارية حتى خربة ام الروس بالقرب من بيت نتيف.. نجح أبو خالد بعد ان وزع رفاقه لمجموعات من فك الحصار بعد ان فتح جبهة بمئة مقاتل في الساعة الواحدة والنصف ظهرا مباغتا القوات البريطانية مستخدما أسلوب التمويه الخادع لتضليل القوات البريطانية وجرها الى اتجاهات اخرى. تجلت من خلالها شجاعته الفائقة وحنكته العسكرية واخلاصه للقضية الوطنية، اصيب بجروح بليغة في يده اليمنى وفي كتفه.
تتمتع فؤاد نصار بالحكمة ونفاذ البصيرة واستشراف المستقبل، تنبأ بمصير "لإسرائيل" حين اورد في كراسته " حول القضية الفلسطينية والحركة الصهيونية" الصادرة في اذار عام 1971، "ان زوال "إسرائيل" يتوقف بشكل رئيسي على ما إذا كان حكامها سيواصلون سياستهم العدوانية التوسعية ضد الشعوب العربية" وبهذا الصدد أورد ما قاله الكاتب الألماني برتولد بريشت: " لقد شنت قرطاجنة العظمى ثلاثة حروب، بعد الأولى ظلت قوية، وبعد الثانية بقيت مأهولة، وبعد الثالثة لم تعد موجودة". وفي هذه الأيام تكررت تحذيرات "الإسرائيليين" من زوال "إسرائيل" كان اخرها الكاتب "الإسرائيلي" أري شبيط في صحيفة هآرتس حين قال " إسرائيل" تلفظ أنفاسها الأخيرة" "يمكن أن يكون كل شيء ضائعاً، ويمكن أننا اجتزنا نقطة اللا عودة، ويمكن أنه لم يعد ممكنا تحقيق السلام، ويمكن أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية... إذا كان الوضع كذلك، فإنه لا طعم للعيش في البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في هآرتس .. يجب فعل ما اقترحه روغل ألفر قبل عامين، وهو مغادرة البلاد. إذا كانت الإسرائيلية واليهودية ليستا عاملاً حيوياً في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي... فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين."
ونحن نستذكر سيرة فؤاد نصار وتجربته الغنية، الذي انتخب امينا عاما لمؤتمر العمال العرب في فلسطين، ومسؤولا عن تحرير جريدة الاتحاد، ومن ثم سكرتيرا لعصبة التحرر الوطني في فلسطين، وامينا عاما للحزب الشيوعي الأردني، وأصبح علما وطنيا وامميا. نقول ان فؤاد نصار ترك لنا ارثا نضاليا غنيا، وقوة مثال في التضحية ونكران الذات، في سبيل القضايا الوطنية، وحرصا شديدا على بناء الحزب وتطويره، وذكرى عطرة ... نشعر باننا بأمس الحاجة للاستفادة من تجربته ومزاياه في مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه الوطن العربي.
ستبقى ذكراك خالدة يا أبا خالد ... ولروحك السلام