عام على وفاة القائد الوطني الأممي عيسى مدانات

كان مدانات احد ابرز شخصيات الرعيل الأول، الذين مثلوا طليعة النضال الوطني في خمسينات القرن الماضي، في مواجهة الاستعمار البريطاني والأحلاف العسكرية، والمعاهدة البريطانية، كان ابو عامر في طليعة المناضلين الذين حملوا مشاعل الحرية والاشتراكية، كان الى جانب د. نبيه ارشيدات وفايز الروسان وفايز البجالي وابراهيم الطوال، الذين مثلوا الجانب الأردني مع عصبة التحرر الوطني الفلسطينية في تشكيل الحزب الشيوعي الأردني في أيار 1951. دفع هؤلاء الرفاق وغيرهم ممن اختاروا هذا الطريق، ثمنا باهظا لمواقفهم المشرفة، في السجون والمعتقلات والتعذيب والمطاردة والحرمان من ابسط الحقوق.
كان للرفيق مدانات دورا هاما وفاعلا، في قيادة العمل الجماهيري واحباط محاولات فرض سياسات يجري تكرارها الآن، سجّلت الحركة الوطنية الأردنية أروع انتصاراتها باسقاط حلف بغداد في سنة 1955الذي يطل علينا من جديد بصورة ابشع، بغض النظر عن المسميات. تأتي زيارة الرئيس الامريكي جو بايدن الى المنطقة لتشكيل حلف عسكري جديد يضم عددا من الدول العربية بقيادة الكيان الصهيوني لمواجهة محور المقاومة ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، حيث تسعى الادارة الامريكية تنصيب العدو الصهيوني وكيلا حصريا لها في الشرق الأوسط مدعوما بقواعدها العسكرية في المنطقة، لكي تتفرغ لمواجهة تداعيات ازمتها الاقتصادية المتفاقمة.
هزم شعبنا حلف بغداد وطرد قائد الجيش "البريطاني جلوب"، وأوصل اول حكومة برلمانية منتخبة برئاسة الشخصية الوطنية سليمان النابلسي التي اقدمت على الغاء المعاهدة البريطانية، كان مدانات أحد قادة الحزب المكلفين بالتصدي للحملة الظالمة التي تعرضت لها الحكومة الوطنية بسبب رفضها الدخول في مشروع آيزنهاور، لقد خاض شعبنا تجربة نضالية غنية تحتاج للمراجعة في هذه الأيام بالذات، لاستخلاص الدروس والعبر. لمواجهة الغزو الثقافي والسياسي والاقتصادي والعسكري، بعد ماعادت بنا الأيام إلى مرحلة الاحلاف العسكرية، في ظل تسويق ما يسمى بالحياة الديمقراطية المفرغة من مضامينها، وتشويه الحياة الحزبية والنيابية، فما زالت الذهنية العرفية، التي اقتلعت الولادة الشرعية للحياة الديمقراطية، تعبث بالوطن ومقدراته، وهي ذاتها التي أغرقت البلاد بالمديونية، التي أصبحت عبئاً ثقيلا على حياة المواطنين، وتخلّت عن مقدرات الدولة، وأفقرت المواطنين، وعمّقت الفجوة الطبقية، رغم عشرات المليارات من المساعدات العربية والأجنبية.
رفيقنا الغالي؛ ستبقى ذكراك منارة للمناضلين، الذين يواصلون النضال من أجل تحقيق الاهداف النبيلة التي كرست حياتك من أجلها، وأن شعبنا الذي تمرس على مواجهة الاحلاف العسكرية المعادية للأمة العربية، كفيل في اسقاط الحلف الجديد.