ثلاثة أسباب ملحة للتخلص من نتنياهو وحكمه الان !
عصام مخول
الحوار المتمدن
-
العدد: 6192 - 2019 / 4 / 5 - 11:05
المحور:
القضية الفلسطينية
في الاجابة على السؤال حول الأسباب التي تستدعي التخلص المُلِحّ من حكم نتنياهو في هذه الانتخابات ، "الآن الآن وليس غداً"، لن اتوقف عند تعداد التحديات والممارسات والتحولات العنصرية والفاشية التي تزعمها نتنياهو على مدار سنوات حكمه المنصرمة ، بما فيها تشريع العنصرية والتحريض القومي وقوننة الصيغة الاسرائيلية ذات الطابع الصهيوني للأبرتهايد ، ولكنني سأتوقف عند ثلاثة نقاط جوهرية :
النقطة الاولى، أن نتنياهو الذي يجلس في سدة الحكم منذ أكثر من عقد من الزمن ، كان فاشياً وما زال فاشياً ، يتزعم المعسكر الفاشي في اسرائيل اليوم ايضا ، ولكنه مثل كل زعماء الفاشية في التاريخ كان يفضّل ما دامت الظروف تسمح له بذلك ، ممارسة فاشيته وبرامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية – الطبقية ، بأدوات ديمقراطية شكلية . وكان يعوّل على أن الادوات القانونية التي توفرها الديمقراطية الاسرائيلية المبتورة والمشوهة ، في صيغتها الصهيونية ، كافية للتغطية على حروبه واحتلاله المتواصل ومشروعه الاستيطاني التوسعي التاريخي وتحريضه العنصري، وكذلك على سياسته الليبرالية الجديدة، وفساده العميق وعدائه للديمقراطية ، وكان يعوّل على عجز المعارضة الاسرائيلية المرشحة للحكم ، فالزعيم الفاشي يعرف ان الفاشية لا تمر بفعل قوة الفاشيين فقط ، وانما بعجز معارضيهم أيضا عن طرح بديل حقيقي لحكمه وسياسته، فما الذي يجعل نتنياهو وحكمه اليوم أكثر خطرا وأشد تهديدا مما كان في السنوات المنصرمة ؟
إن عمق الخطر النابع عن بقاء نتنياهو في الحكم بعد التاسع من نيسان الحالي ، هو كعمق الازمة الخانقة والتناقضات غير القابلة للحل التي تواجهها سياساته ومشاريعه ، وهي بحجم أطماع معسكره الاستيطاني الفاشي المنكلب على الحكم ..
في ظل الازمة الشاملة العميقة التي يعيشها ، أصبح نتنياهو العاجز عن حل أي من التناقضات التي تواجه حكمه أشد خطرا وأكثر تهديدا للقانون وحقوق الانسان والديمقراطية حتى بحدودها البرجوازية المشوهة . وأشد خطرا على وجود الأقلية القومية الفلسطينية وحقوقها القومية والمدنية . ليس فساد نتنياهو ولوائح الاتهام التي تحاصره هي سبب أزمته ، ولكن أزمة حكمه الشاملة هي الدفيئة التي نما فيها فساده وفساد حكمه ولوائح الاتهام التي يواجهها. لقد وصل نتنياهو الى الحائط والباب الموصود ، ولم يعد أمامه الى أين يتقدم ، غير أحد خيارين يلجأ الي أحدهما : فإما الى السجن ! وإما الى الفاشية ! ومن الواضح انه سيختار اللجوء الى الفاشية . وإذا كنا نريد ان نقطع الطريق عليه ، فعلينا ان نلقي بوزننا الآن ، لنمنع عودته الى الحكم .
نتنياهو يحرض على العرب
لإحكام سيطرته على اليهود!
النقطة الثانية، تتمثل في أن لجوء نتنياهو الهستيري الى استراتيجية التحريض على المواطنين العرب الفلسطينيين ، ونزع الشرعية عن مواطنتهم في اسرائيل لا يهدف بالأساس الى إحكام سيطرته على الجماهير العربية في اسرائيل ، فهي قد شبّت على الطوق عبر مراكمة نضالها الوطني الطويل ، وعبر معارك الدفاع عن بقائها وعن حقها في المساواة بالحقوق القومية والمدنية ، وانما يهدف نتنياهو من نشر الكراهية ومشاعر العداء والعنصرية تجاه المواطنين العرب وتخويف الجماهير اليهودية بهم ، الى إحكام سيطرته على قطاعات واسعة من الفئات الشعبية اليهودية المضلَّلة ، التي تئن تحت وطأة سياساته الاجتماعية والاقتصادية الليبرالية الجديدة ، ولكن تحريض نتنياهو وشحن هذه الجماهير الشعبية بالمشاعر العنصرية من الجهة الأخرى يجعل منها خاتم شبيك لبيك في يد "الرجل القوي" مهما تكشّف من فساده وسياساته المعادية للجماهير الشعبية العاملة . إن هذا يعني أن عودة نتنياهو الى الحكم في الاسبوع القادم لو حدثت، ستحمل الى الحكم زعيما فاشيا كلاسيكيا أكثر سفوراً ، أداته الاساسية للخروج من مأزقه وأزماته ومواصلة حكمه والهروب من مواجهة السجن ، هو تعميق نهجه العنصري وتصعيد تحريضه على العرب ، وترسيخ سياسة الابرتهايد والقضاء على أي فسحة للحريات الديمفراطية والكرامة الانسانية.
محور نتنياهو – ترامب – والحلفاء العرب
لم يحدث، ثالثاً، أن تجمع هذا الكم من العوامل التي تضاعف من خطر الفاشية الاسرائيلية ، وتضاعف من مخاطر الدور الامريكي والاسرائيلي المدمر للقضية الفلسطينية وشعوب المنطقة فيما لو عاد نتنياهو الى الحكم بعد الانتخابات الحالية . فمشروع اليمين الفاشي في اسرائيل اليوم يعتبر ان الفرصة مواتية للقضاء نهائيا على القضية الفلسطينية وتصفيتها بمفهومها التاريخي الذي عرفناه، تصفية قضية اللاجئين وحق العودة، وتصفية مشروع الدولة الفلسطينية وتثبيت انقسام غزة عن الضفة الغربية والقدس المحتلة وتمويل هذا الانقسام بتعاون قطر ونتنياهو وحماس، والتخلص من الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، والتنكر للحقوق القومية للأقلية العربية الفلسطينية المواطنة في اسرائيل (انظري قانون القومية) ، واشتراط هذه المواطنة برضا المؤسسة الحاكمة عنها والانصياع لسياساتها .
إن تزامن عودة المعسكر الفاشي في اسرائيل بزعامة نتنياهو الى الحكم إن حدث ، مع وجود إدارة الرئيس الامريكي ترامب المنسجمة تماما مع برامج أكثر مجموعات اليمين المستوطن الاسرائيلي فظاظة وعدوانية ودموية ، ووجود أنظمة عربية رجعية خليجية تقودها العربية السعودية وقطر ، ليست متهافتة على التطبيع مع إسرائيل فحسب ، وانما يسيل لعابها على التطبيع مع اليمين المستوطن الفاشي في اسرائيل ، من دون مطالبة اسرائيل أن تدفع أي ثمن لهذا التطبيع بالحقوق الفلسطينية ، وانما من خلال التخلي الخياني عن القضية الفلسطينية والتآمر مع رموز الفاشية الاسرائيلية عليها .
إن العلاقات المشبوهة التي يقيمها الحلفاء الرجعيون العرب في دول الخليج مع اسرائيل ، لا يعني أنه ليس لهؤلاء الحلفاء الخليجيين ، أذرع وامتدادات على ساحتنا المحلية وفي معركتنا الانتخابية . فهل نتخلى عن المشاركة السياسية ونتركها لبيبي وأصحابه ، أم نكون جزءا من المعركة المصيرية الخطيرة ؟! ونحن نقول ذلك من دون ان نخلط بين قوى سياسية تمتنع لمبررات سياسية مبدئية عن المشاركة تاريخيا في الانتخابات ، وبين اولئك الذين يقودون حملة منظمة ويروجون لها لحرمان شعبنا من الفرصة المواتية لإسقاط اليمين الفاشي .
لدينا فرصة حقيقية لاسقاط اليمين الفاشي
فهل نتلقفها ؟
إن من يتابع التوجهات الاساسية في استطلاعات الرأي عشية الانتخابات الاسرائيلية وعلى مدار الاسابيع الاخيرة يرى ان هناك عدد من القوائم اليمينية التي يبني عليها بنيامين نتنياهو مشروع عودته الى الحكم ، تواصل التأرجح حول نسبة الحسم ، ترتفع الى مستواها حينا ، وتهبط تحتها أحيانا . ومن بين هذه القوائم قوائم يمينية مركزية مثل قائمة وزير المالية كحلون "كولانو" ، وقائمة "وحدة اليمين" الكهانية الفاشية ، وقائمة "غيشر" ، وقائمة المستوطن في هضبة الجولان فيغلين ، ولكن أهم هذه القوائم التي تتأرجح ، هي قائمة وزير الأمن السابق داعية الترانسفير أفيغدور ليبرمان ، وهو الذي قاد المعركة في الكنيست على رفع نسبة الحسم الى 3.25% بادعاء انه يريد أن يمحو التمثيل العربي في الكنيست . إن الصورة واضحة وإمكانية إسقاط ليبرمان والكهانيين والقوائم اليمينية المتأرجحة هي في متناول أيدينا إذا تحملنا مسؤولياتنا كأقلية قومية ، وكقوة مناهضة للفاشية ، إن رفع نسبة التصويت بين أصحاب حق التصويت بين العرب ، سيكون كفيلا بأن نمحو ليبرمان وقائمة كهانا من الكنيست القادمة . وقد تسقط القوائم اليمينية الاخرى التي تراوح عند نسبة الحسم . إن سقوط هذه القوائم او سقوط قائمتين منها فقط نتيجة لزيادة نسبة مشاركتنا في الانتخابات ، إضافة الى أن في ذلك انتصار وانتقام بالغ الاهمية من معسكر اليمين الفاشي ، لكن ما هو أكثر أهمية وتأثيرا من ذلك ، هو ان سقوط أية قائمتين نتيجة رفع نسبة مشاركة الناخبين العرب في عملية التصويت، سوف يعني بالأرقام ، سقوط نتنياهو ومنعه من تشكيل الحكومة القادمة، وسد الطريق امام عودته الى الحكم على ظهر حصانه الفاشي الجامح .
ويعني ثانيا تعثر رهان ترامب وعكاكيزه من الأتباع الخليجيين على مشروع صفقة القرن والتطبيع المجاني وخلط الاوراق من جديد. ان خيار تكثيف المشاركة في الانتخابات هو الخيار الصحيح وطنيا وتقدميا .. ولكن ليس مفروغا منه أن تجمع الظروف دائما بين الموقف الصحيح ، والمهمة الملحة ، والفرصة العملية والملموسة لتحقيق ذلك . أما الان فالتحدي المطروح امامنا يستحق منا أن نتلقف الفرصة وننجز !