الإسلام السياسي والعمل من اجل الديمقراطية وانتخاب الجمعية التأسيسية ووحدة الامة العربية
بن حلمي حاليم
الحوار المتمدن
-
العدد: 8086 - 2024 / 8 / 31 - 13:55
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
دول الأغنياء
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلدان العربية بلغت أزمة مركبة ومعقدة وصعبة ارتباطا بما يحدث في العالم، وهي بلدان تضم قوميات غير عربية، ومذاهب عقائدية ودينية غير إسلامية، ومذاهب دينية غير سنية وشيعية وغيرهما، مما جعل الدول التي حكمتها منذ تأسيسها بعد الحربين العالميتين الامبرياليتين، تعتمد على المؤسسات العسكرية والأجهزة القمعية المتنوعة تحت إدارة الداخلية، والشرطة السياسية في الحكم لقهر الطبقات الفقيرة ومنع الأفكار المعارضة من الانتشار بصورة دائمة.
دول عربية تمثل الأقلية الغنية في كل بلد، وكل دولة لها مسار تشكلها وظروف اتفاقياتها مع الدول الرأسمالية والامبريالية التي استعمرتها من اجل استقلالها السياسي المنقوص، ثم جاءت فترة سلسلة الانقلابات العسكرية من طرف مجموعات منظمة انطلاقا من 1952حملت شعارات قومية عربية لتأسيس دول تحت سلطة برجوازية صغيرة، وبذلك عقدت الأمور كلها، وعمقت القضايا الجوهرية، رغم أنها أنهت الحكم الوراثي لبعض الدول، وأسست جمهوريات وادعت بأنها التقدمية، لكنها تحالفت مع أنظمة السلاطين والأمراء والملوك الرجعيين الذين لم تفلح الانقلابات العسكرية في الإطاحة بهم، وقد قادت الشعوب إلى سلسلة حروب طاحنة في المنطقة وحطمت تطورها ووحدتها.
وقد كانت الدول العربية ولا زالت تعد أنصار الفقراء والمعدمين أعداء رئيسيين لها، لأنهم نشطوا في جميع الميادين، وعملوا لنشر الوعي السياسي على أساس الصراع الطبقي، وقد طبقت الأحزاب الشيوعية سياسات خاطئة في مسارها، أولا : لما كانت تابعة للأحزاب الرسمية للدول الاستعمارية في قضية التحرر الوطني ومحاربة الاستعمار الأجنبي ومواقفها ضد الاستقلال التام، ثانيا: بعد أن تشكلت أحزاب شيوعية عربية تحت إدارة الاتحاد السوفيتي لخدمة سياسة ودبلوماسية موسكو، التي طبقت سياسة تقسيم بلد فلسطين بين قوميتين: عربية ويهودية وتشكيل دولتين؛ دولة لكل منهما، وتأزمت أوضاعها نظريا وتنظيميا.
الإسلام السياسي يبرز على المشهد
برزت حركات الإسلام السياسي على المشهد أولا: لنشر الدعوة الإسلامية من خلال الجمعيات والأندية لمحاربة أنصار الفقراء الذين واللواتي أسسوا أفكارهم على قضية الصراع الطبقي، وقد فتحت لهم الأنظمة الحاكمة منابر أماكن التعبد مستفيدة منهم، وتم توظيفهم في معارك وتصفيات جسدية ضد أدباء ومفكرين وفلاسفة وشعراء وسياسيين بعدة بلدان عربية، وقد استفادوا من ذلك، وزاد في انتشار حركات الإسلام السياسي في شبه اندثار الأفكار التي حملها القوميين العرب : الناصريون بالنسبة لجمال عبد الناصر وسياسته في المنطقة، والبعثيين الذين انتموا لأفكار مشيل عفلق، وزكي الارسوزي، وصلاح البيطار، التي سعت إلى التنوير والنهضة والتقدم بالاعتماد على أقسام من العسكر وتنظيم الانقلابات وتنفيذها بالقوة؛ ونتجت عن أفكارهما تيارات سياسية حكمت العراق وسوريا وخاضا معارك بينهما شوهت المشهد السياسي العربي ، كما هو الأمر مع الناصريين في مصر وليبيا واليمن.
وقد استفادت حركات الإسلام السياسي من إفلاس الأحزاب والتنظيمات الشيوعية العربية التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفيتي والصين ومن يتبع سياستهما، فقد شوهوا كذلك المشهد السياسي، وبما أن جل الدول العربية تغلب عليها الثقافة المنبثقة من ظروف ما قبل الثورة الصناعية والرأسمالية، ويشكل الدين الإسلامي احد أهم مكوناتها وتشريعاتها على المستوى الاجتماعي، خلق ذلك للإسلام السياسي مناخا للنمو والانتشار بالمنطقة.
الثورة العربية المستمرة
ففي أواخر 2010 وأوائل 2011 اندلعت الثورة العربية نتيجة الأزمات المركبة والعسيرة التي لم تحل منذ عقود، وقد زعزعت عروش وأسقطت رؤوس عدة أنظمة عربية ظلت تحكم لمدة طويلة، وقد قدم الفقراء العرب كل التضحيات من اجل حريتهم وكرامتهم-ن، وسيادتهم-ن على بلدانهم واستقلالهم الحقيقي والكامل، لكنهم لم يستطيعوا تأسيس دولتهم التي تستطيع حل كل القضايا المطروحة على المجتمع، وهزم دولة الأغنياء وتفكيكها كليا، وبناء أنظمة سياسية قوية توحد كل الأمة العربية والاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وحق الثقافات واللغات والمساواة بين الجنسين، ووقف الحروب، وحق المضطهدين جميعا من كل الفئات الاجتماعية: جنسا، ولونا، ودينا، وتأسيس أنظمة علمانية وديمقراطية.
اليوم في أوائل خريف 2024 ما هي الصورة الحقيقية للمنطقة العربية؟ فلا داعي إلى سرد تفاصيل المشهد بالمنطقة العربية، واغلب المهتمين يعدونه من اعقد الفترات والظروف التي تمر منها الأمة العربية رغم تاريخ طويل من المأساة والفواجع والحروب، لان بعض الدول الآن من مختلف جهات المنطقة التحقت بالمشروع السياسي للرأسمالية والامبريالية والحركة الصهيونية لدمج الكيان الاستيطاني في الأمة بالقوة ضد تطلعات اغلب الشعوب للوحدة، وبعضها الذي حكمته دول وأنظمة عسكرية تعيش حروب أهلية مسلحة، وبعضها يعيش أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية حادة جدا.
التحالفات السياسية في ظروف النضال من اجل الديمقراطية
انطلقت منذ عقود تحالفات سياسية بين القوميين والإسلام السياسي، وفي بعض البلدان برزت تحالفات بين يساريين منتسبين للماركسية، يناضلون من اجل الديمقراطية والاشتراكية والقضاء على دولة الرأسماليين مع القوميين ، ومع الإسلام السياسي في بلدان أخرى وذلك من اجل تحقيق الديمقراطية حسب رؤيتهم جميعا، وقد عزز هذه التحالفات طبيعة وقوة الثورة المضادة وسيطرة الأنظمة الاستبدادية على الأوضاع، والحروب والاقتتال بين الأطراف المسلحة.
وتعد هذه المسالة من اخطر التحالفات السياسية بالنسبة للماركسيين الثوريين، لأنهم يحملون المشروع البديل الذي بإمكانه حل القضايا المطروحة على الأمة، بينما القوميون الذين يمثلون البرجوازية الصغيرة يعدون من أسباب الأوضاع الصعبة التي تمر منها الأمة العربية اليوم في هذه الظروف، أما حركات الإسلام السياسي فهي يمينية ورجعية خدمت وتخدم لمصلحة الرأسمالية والامبريالية ضد تطلعات الشعوب وتعمل من اجل مشروع الأمة الإسلامية، وهذا عمل سياسي من منظور ديني.
الإسلام السياسي ظل منذ نشأته يعمل بجد ضد نشر الأفكار الثورية والماركسية بالأوساط العمالية والشعبية بالمنطقة العربية، ولم تكن الرأسمالية والامبريالية عدو له، وقد خاض معارك بالأسلحة ضد الشيوعيون في أفغانستان من 1979 إلى 1989، وتجندوا لها من جل البلدان العربية بمساعدة الدول الاستبدادية وبدعم مالي ضخم وعتاد وأسلحة وكل الوسائل التي تحتاج لذلك من طرف الامبريالية الغربية، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية؛ ودرس الثورة الإيرانية وإسقاط حكم الشاه في 1979 وتنظيم رجال الدين الإسلامي الشيعي مذابح للشيوعيين و الليبراليين العلمانيين في كل مكان ببلد يجب استحضاره دائما في مسالة التحالفات.
وقد كانت حركات الإسلام السياسي كابحا فعليا لاستمرارية الثورة العربية منذ اوائل2011 وقد استغلت الموروث الثقافي والديني واللغوي لدى الشعوب، والضعف الشديد بالوعي السياسي المنتسب للفكر الثوري الاشتراكي لدى الشباب، وبالأخص خريجي المدارس والمعاهد والجامعات، رغم حملهم لشهادات أكاديمية مهمة ويشغلون مناصب في جهاز الدولة عالية إلا أنهم- ن، غير واعين تمام الوعي بقضية الظلم الاجتماعي والصراع الطبقي، وبالفرق بين النظام الرأسمالي والبديل الاشتراكي الثوري الديمقراطي.
النضال من اجل الديمقراطية الفعلية
فكما هو معروف فكل بلد له ظروفه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ولذلك يكون النضال من اجل الديمقراطية الحقيقية مرتبط بتلك الأوضاع، إلا أن التحولات الأساسية التي يشهدها العالم الآن بصورة سريعة ومتطورة بجميع القطاعات، زادت عمقت ووسعت فضاء الحقوق، وربطتها مع بعضها لتصبح عالمية، ولا يمكن عزل المحلي عن العالمي أبدا، وانتهاز شعارات سياسية لقمع حقوق إنسانية أممية بعلة الخصوصية المحلية، وهي في جوهرها سياسة يمينية رجعية تخدم مصالح الأنظمة الاستبدادية والرأسمالية والامبريالية، فكيف سيتم تدمير الكيان الصهيوني الاستيطاني، إذا لم تعمم الحقوق الإنسانية بكل مكان في العالم، لان تأسيس الدولة القومية الدينية والعسكرية في فلسطين تم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية من طرف النظام الرأسمالي والامبريالي بالغرب، والبيروقراطية في الاتحاد السوفياتي بالشرق في 1948؛ ولهذا فالنضال من اجل الديمقراطية الحقيقية يتطلب تفكيك الدول المؤسسة على الدين وعلى العنصرية، وتدمير الدول الرأسمالية تدميرا تاما وليس جزئيا.
صياغة الدساتير الديمقراطية عبر الجمعيات التأسيسية
يعد هذا الحق في تشكيل مجلس وطني تأسيسي أو جمعية وطنية تأسيسية المسلك الوحيد لبناء نظام ديمقراطي حقيقي، ويطرح دائما في الأزمات السياسية الكبرى، وذلك عندما يصل الصراع بين الفقراء والأغنياء إلى أقصى شدته، وتصبح دولة الأغنياء عاجزة عن إدارة شؤون المجتمع كله؛ ففي بداية المعارك الميدانية بين الطبقتين حيث يكون سلاح الأغنياء الرصاص المطاطي والقنابل الخانقة والمسيلة للدموع،والماء والهراوات والعصي التي تكون ضرباتها مؤلمة جدا، والاعتقالات الواسعة، بينما سلاح الفقراء الذي يستعملونه في هذه المعارك يتم عبر تنظيم الذات والاعتصامات والإضرابات العامة عن الشغل وتوقيف الإنتاج، والعصيان المدني، مما يجعل دولة الأغنياء تستعمل السلاح الحي وتقتل الناس وتقصف التجمعات وتركز على متزعمي الحراك باستعمال القناصة المهرة وتسديد الرصاص إلى الرأس والعيون، أي الجزء العلوي من الجسد، هذا ما اظهر على الضحايا معارك الصراع الطبقي.
وبعدما تشل الجماهير الثائرة حركة دولة الأغنياء تستعمل هذه الأخيرة الجيش، وتجلب أقسام منه معززة بالعتاد من حدود ترابها الوطني إلى العاصمة السياسية والمدن كثيفة السكان، وتنشره عبر الممرات الرئيسية والجسور، لمساندة الشرطة وحماية دولة الأغنياء من الانهيار، وبعد ذلك تتم المناورات السياسية، وفتح قنوات الاتصال مع بعض أطياف المشهد السياسي والنقابي والجمعوي؛ وتعمل الأقلية الرأسمالية الكبرى في هذه الأزمة السياسية على رمي طعم "اقتسام الحكم" معها إلى الأحزاب الليبرالية والإصلاحية واليمينية الرجعية والانتهازية، تحت شعار حكومة" وحدة وطنية" وشعار" حكومة انقاد وطني" من اجل " هيبة الدولة" و" الهدنة والأمن" ...الخ.
فقسم من تنظيمات وأحزاب الإسلام السياسي يسرع بكل الأساليب إلى هذه الخدمة والالتحاق بهذه المهمة لفائدة دولة الأغنياء وحمايتها من الانهيار لأنه ظل ينتظر ذلك، وهدفه هو العمل على وقف المد الثوري، والاكتفاء بالمكان الذي ستمنحه له دولة الأقلية الرأسمالية، وقسم أخر يطمح إلى أكثر من ذلك ويرفع الشعار السياسي الذي تطلبه الظرف الثوري، والمتعلق بمسالة " الجمعية التأسيسية" لكن دونها ممر ضروري عبوره؛ وهو المحدد لطموح القوى الرجعية أثناء الأزمات السياسية الكبرى.
وسأكتفي بذكر بعض المهام التي تحتاجها المرحلة التي تطرح فيها الجمعية التأسيسية بدون سردها كلها حماية للنص من حمل أكثر مما يستحق.
إذن المسلك الأساسي إلى انتخاب الجمعية التأسيسية يتطلب إنشاء حكومة ثورية وانتقالية تشرف على المرحلة وتدير شؤون الإدارات والإشراف على مصالح السكان، وتعلن عن العفو العام الشامل وعودة كل المنفيين إلى وطنهم، وإطلاق الحريات العامة لكل الآراء السياسية والفكرية، وحق تأسيس الأحزاب والمنظمات والجمعيات للجميع بدون شرط على أسس غير عنصرية وغير دينية؛ وهنا يكمن مشكل الإسلام السياسي في مسالة النضال من اجل الديمقراطية الحقيقية، بحيث يحق للملحدين أن يعلنوا عن أنفسهم، ويحق لمعتنقي مذاهب أخرى غير الإسلام السني والشيعي الإعلان عن ملتهم-ن، ويحق للمثليين-ات جنسيا أن يعلنوا عن أنفسهم-ن.
ومن مهام الحكومة الثورية الانتقالية : الإعلان عن غلق الحدود وحماية ثروات الشعب وأمواله، واستقلال القضاء من اجل تحقيق العدل بين جميع السكان، وحرية الصحافة والإعلام وحقها في الحصول على جميع المعلومات ونشرها لكافة الشعب، والإعلان عن فتح ملفات الأغنياء وكيفية حصولهم-ن على الثروات، ومصادرة أموال وممتلكات اللصوص وناهبي الأموال العمومية، ومحاكمة المجرمين الكبار ومنعهم-ن من المشاركة في الانتخابات المؤسسة للدستور الجديد.
ومن مهامها إنشاء هيئة مستقلة ديمقراطية تشرف على الانتخابات للجمعية التأسيسية، على شروط متساوية وديمقراطية للجميع ماليا ومعنويا، من اجل تأسيس دستور يعبر عن كل ثقافات وتيارات ومكونات المجتمع.
ففي هذه المعركة الفاصلة عبر المجلس الوطني التأسيسي تظهر خطورة التحالف مع حركات الإسلام السياسي، لأنها تدافع على " الأسرة" المكونة من الأب والأم والأبناء، على أساس أنها تشكل بنية مجتمعية والحفاظ عليها جوهري لدى حركات الإسلام السياسي، بينما الديمقراطية الحقيقية تدافع على " المواطن" الفرد داخل المجتمع، ولا يحق للآباء والأمهات أن يتحكموا في مصير الأبناء، لان هذا هو أساس الحركة الصهيونية التي تربي وتنشئ الأطفال منذ ثلاث سنوات الأولى من حياة الإنسان على الدين والقومية واللغة لتغذية الصهيونية وبذلك تحدد الأسرة الرجعية طبيعة الفرد المواطن داخل المجتمع، ولا يمكن مناهضة دولة إسرائيل الاستيطانية باستعمال برنامجها السياسي والأساسي في إنشاء الدول الديمقراطية، ولهذا لا يمكن تكوين المواطن الواعي بحقوقه والمحترم لواجباته إلا من خلال الحضانة والمدرسة والإعدادية والثانوية تحت إشراف نظام علماني ديمقراطي حقيقي يضمن المساواة لجميع الأطفال إناثا وذكورا في البلد بدون ظلم طبقي أو عنصري، وعندما يبلغ الطفل سن الثامنة عشر سنة من حقه اعتناق الفكر أو الدين الذي يفضله.
فحركات الإسلام السياسي ستقاتل من اجل ديباجة الدستور بان دين الدولة هو " الدين الإسلامي" وتستعمل قناع " الدولة المدنية" لذلك بمبرر أن اغلب الشعب يدين بالإسلام، ويجب احترام خصوصياته وعقيدته، وستدافع بشراسة على التشريعات الدينية الرجعية في مجال الأحوال الشخصية والمساواة بين البشر الإناث والذكور في كل شيء وتقف صدا منيعا ضد القوانين الوضعية العلمانية التي حققتها الثورات الإنسانية عبر التاريخ، وهذا يتناقض مع مفهوم" الثورة" و" التأسيس" للجديد والقطيعة مع الماضي الاستبدادي.
الكل يخفي حسابه في رأسه
فحركات الإسلام السياسي منذ بروزها بمنطقتنا عملت كل ما بوسعها على نسف الفكر الماركسي من البلدان العربية وخاضت كل حروبها ضده، والتحالف معها مؤقتا أو مرحليا بعلة مناهضة الأنظمة الاستبدادية بدون استحضار أدوارها في معارك الصراع الطبقي بالمنطقة، وفحص أفكارها وأسسها الطبقي، ومنبع ارثها الثقافي والأدبي يعد مغامرة خطيرة، ولن يتضح ذلك إلا في وقت انتخاب " الجمعية التأسيسية" أما الآن فالإسلام السياسي يخفي ذاته خلف الليبراليين واليساريين الديمقراطيين والشيوعيين من اجل عدم عزله مجتمعيا، ولهذا يلتصق بهؤلاء أينما كانوا، واستطاع أن يجعلهم يسمحون له بذلك؛ لأنه فرض عليهم ذاته في عدة قطاعات اكتسحها عدديا، وظهر لهم حجمه ونسوا إيديولوجيته اليمينية الرجعية.
البديل اشتراكي ثوري ديمقراطي
ولهذا لا يحمل الإسلام السياسي مثل : المقاومة الإسلامية في فلسطين ولا حزب الله في لبنان، ولا من يدور في فلكهما بالمنطقة العربية أي بديل سياسي واجتماعي وديمقراطي وثقافي وعلماني/لائكي ضد الرأسمالية والامبريالية والصهيونية والرجعية، ويستوجب العمل على نشر الوعي بين الناس لكي لا ينجرون وراء هذا البروز للإسلام السياسي في مقاومة الكيان الصهيوني في غياب أحزاب اشتراكية ثورية قوية بالمنطقة، لأنها لم تظهر إلى الآن، ويستوجب بنائها على أسس متعددة التيارات وواسعة وديمقراطية لخوض معارك الجمعيات التأسيسية وصياغة الدساتير الديمقراطية التي تضمن سلطة الشعب وسيادته على بلده وثرواته، وبناء وحدة الأمة العربية وإنشاء فلسطين العلمانية والاشتراكية الديمقراطية وتدمير الدول الدينية والرأسمالية.