لبنان، الثورة تهدم القديم وتؤسس للجديد
بن حلمي حاليم
الحوار المتمدن
-
العدد: 6390 - 2019 / 10 / 25 - 20:21
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
شعب موحد من الأعماق والجذور، ومستمر بثورته والنصر حليفه.
استطاع شعب لبنان بقوته ووحدته وعزيمته أن يفرض على الطبقة المسيطرة على بلده وثرواته وخيراته مخاطبته و البحث عن الحوار والتفاوض معه، وبذلك على السلطة السياسية التي تنفذ كل القرارات والبرامج الاجتماعية والاقتصادية والثقافية عليه لتجويعه وتعطيشه وتفقيره، والسبب في هجرته من بلده، أن تعترف بثورته.
الآن الشرعية لدى الشعب وقد سقطت قوانين النظام الحاكم باسم الطائفية السياسية، وكل من يدافع على دستور نظام طائفي واتفاقيات ومعاهدات من هذا النوع فإنه يكذب على الشعب اللبناني بكل طوائفه ويهدف إلى تركه تحت حكم نظام طائفي متخلف ورجعي واستبدادي قاهر..
منذ منتصف القرن الماضي، أي عامي 1940 - 1943 والدول الرأسمالية الكبرى بالعالم تدافع على نظام سياسي مؤسس على الطائفية الدينية والمذهبية بلبنان، وهذه السياسات أدت إلى حرب أهلية بقيادة البورجوازية اللبنانية المرتبطة بالخارج ومصالح الامبريالية كان ضحيتها فقراء لبنان من كل الطوائف، والأطفال والنساء والشيوخ بالمرتبة الأولي.
الآن بعد اندلاع ثورة 17 تشرين الأول 2019 للبنان الموحد من الأعماق والجذور، لبنان البلد الجميل بالموقع والطبيعة والشعب العظيم بتنوع مذاهبه وثقافاته عبر العصور، أصبحت ممارسة السياسة والسعي إلى السلطة تحت قناع الطائفية من الماضي وكل من يحاول البقاء على ذلك يعد عدو حقيقي لإرادة وطموح وتطلعات وأحلام الشباب والشابات بلبنان اليوم.
إن الوحدة والأخوة والمحبة حاجة طبيعية بالإنسان، لكن الطبقة البورجوازية والأقلية السياسية المسيطرة على الأوضاع بكل الوسائل لا يخدم مصلحتها ذلك، ولهذا تعمل من اجل خلق التفرقة والتشتت والعداوة والكراهية بين أغلبية السكان الفقراء اللبنانيين نساء وذكور، ومن هنا تظهر الجهود التي تبدلها والأموال التي تصرفها على نشر وإيداع الإيديولوجيات ضد الديمقراطية الفعلية التي من مبادئها الأساسية الأولى العلمانية والتشريعات والقوانين الوضعية، عبر المجالس والجمعيات التأسيسية المنتخبة.
لقد عمل الإقطاعيون والملاك الكبار والرأسماليون طيلة سنين طويلة، قرابة قرن من الزمن لجعل أغلبية المجتمع اللبناني يؤمن ويصدق بأن البلد لا يمكن أن يكون إلا مثل ما خطط له، أي الخضوع بشكل كامل للسياسات البورجوازية التي تحكم بالطائفية السياسية، هذه السياسات التي تسببت للبنانيين واللبنانيات بالكثير من المواجع والمأساة والحروب الأهلية والاقتتال شبه اليومي، بالإضافة لموجات الهجرة الاضطرارية إلى كل بلدان العالم، والبطالة الواسعة والفقر المعمم.
ثورة 17 تشرين الأول 2019 للشعب اللبناني العظيم الذي يملك الشرعية الثورية اليوم، بإمكانه وقدرته على تأسيس بلد جديد يستحقه اللبنانيين واللبنانيات، وهذا العمل يتطلب بدل جهد كبير والاستمرار بالثورة إلى النهاية.
لقد قدم سعادة رئيس الوزراء سعد الحريري ما بجعبته من ما اسماه إصلاحات اقتصادية، بينما لب و القضية ومخها مرتبط بنظام الحكم والوثيقة الدستورية، نعم الناس بحاجة إلى شغل وسكن وطبابة وتعليم وماء وكهرباء، وإعادة أموال الشعب المنهوبة ومحاكمة الناهبين... إلى أخر القائمة من جرائم الطغمة الحاكمة، لكن كل ذلك لا يمكن تحقيقه إلا بالانتقال لمرحلة جديدة من تاريخ لبنان وهو انجاز تاريخي بالقرن الواحد والعشرين حققه الشعب اللبناني من خلال ثورة 17 تشرين الاول العظيمة.
لقد لقدم فخامة رئيس الجمهورية مشال عون خطابا للشعب اللبناني بعد أسبوع على وجود الملايين بالساحات العامة والشوارع تطالب بحقوقها واستقلالها الحقيقي عن القوى الخارجية ومؤسساتها السياسية والمالية الدولية، وتقرير مصيرها بيدها وسيادتها على ثرواتها وبلدها، وكان خطاب فخامته شاردا وكأنه غائب عن ما يقع بالبلد.
الآن من واجب الهيئات العليا للقضاء اللبناني والجيش اللبناني وقواته الأمنية أن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية بحماية ثورة الشعب اللبناني العظيم.
بعد هذان الخطابان لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية انتهت كل المناورات السياسية على جعل ثورة مجرد إصلاحات اقتصادية واختزالها في احتجاجات مطلبية اجتماعية بسيطة.
وهروب البعض من سفينة العهد والنظام السياسي الطائفي بعد لهيب الثورة لا يحميه من المحاسبة ، وشطحات وبهلوانية البعض الأخر أصبحت أكثر سخافة، إن الانتهازية السياسية سحقتها ثورة 17 تشرين الأول، وبدأ الشباب والشابات والصبايا يسخرون منها، ورغم ذلك ما زال هؤلاء الانتهازيون يجتهدون بإعطاء الدروس في السياسة للشباب، ويا للوقاحة.
على الثوار والثائرات بالميادين اللبنانية أن ينتبهوا جيداً لحماية ثورتهم/ن من كل الانتهازيون الهاربين من سفينة النظام السياسي، وكذا كل الانحرافات التي يريد بعض من بقى بالسفينة السياسية لهذا النظام الذي تسبب بكل المصائب، انهم يهدفون لجر الثورة عن مسارها، يا للعار.
فليسط الجميع "كلن يعني كلن" وهذا هو منطق كل الثورات التي عرفها تاريخ البشرية.
الثورة تهدم القديم كله وتبني الجديد كله
الثورة مستمرة
الثورة إلى الأمام
عاشت الثورة اللبنانية العظيمة
إن انتصارها، انتصارا لكل الأمة العربية .