التضامن الاممي واجب ضد التيارات الرجعية والعنصرية
بن حلمي حاليم
الحوار المتمدن
-
العدد: 7987 - 2024 / 5 / 24 - 17:51
المحور:
القضية الفلسطينية
تسببت الأنظمة الرأسمالية للشعوب والأمم في سلسلة من المهالك، ولم تتوقف حتى الآن، وكل الحروب التي مرت، كانت فظيعة وهمجية حصدت ملايين البشر، مدنيين وعسكريين، وكذلك تفعل الجارية حاليا بعدة أماكن، وسائرة في حصد المزيد، كلها من اجل السيطرة على الثروات.
الأمر ذاته حصل بفلسطين، لأنها منطقة إستراتيجية، والصراع عليها تقنع بالإيديولوجية الدينية نظرا لتاريخها مع الأديان وظهور الملل هناك، وهذا الإرث الثقافي القديم والثقيل، حمته وشجعته وحافظت عليه الأنظمة الرأسمالية والامبريالية والاستعمار العسكري المباشر والاستيطان، بغاية إغراق الشعوب والأمم والقوميات في الظلمات، والحنين إلى الماضي العريق والعصور الغابرة، وتربية الصغار على كل ذلك، لديمومة السيطرة.
فالأنظمة الرأسمالية والقوى الامبريالية مرتبطين ببعض اشد الارتباط، ومتعاونين على مصالحهما المتبادلة، ويوظفان في ديمومة سيطرتهما على الأوضاع، الأديان والأعراق وحتى الأجناس والألوان فيما يرتبط ببشرة الناس.
إخفاء الفوارق الاجتماعية للابد أمر مستحيل
قامت الأنظمة الرأسمالية والامبريالية بالدعاية الواسعة عبر كل الوسائل والأنشطة الثقافية والفنية والرياضية كذلك، مخصصة الملايير بالأضعاف المضعفة لهذه العمليات من اجل إخفاء سؤال، من أين جاء أصل الملكية الخاصة والفوارق الاجتماعية؟؟ ومن المسؤول عن انتشار البؤس والتشرد وكل الأوضاع غير الإنسانية في العالم؟.
ومن بين وسائل الإخفاء هذه، والأخطر، هي : الإيديولوجية الدينية والعرقية، وقد وظفتهما الامبريالية وكانت دائما تنجح من خلالهما بإخفاء جوهر القضية، أي الملكية الخاصة والفوارق الاجتماعية. حدثت فعلا عدة هزات وانفجارات وثورات في عدة بقع على الأرض، وطبعا بسبب القضية الاجتماعية، وبدأت تطرح المشاكل على واجهة الأحداث والصور، لكن بسرعة البرق تستعمل الأنظمة الرأسمالية والامبريالية كل الأسلحة المطاطية والنارية /الذخيرة الحية لقمعها ونسفها، واغرق مقدمتها في الدماء، من اجل ترهيب الآخرين.
ولذلك تصنع الأسلحة بشتى الأصناف : أرضية، وبحرية ،وجوية، متطورة جدا، سرعة وفتكا بالبشر، ولها أسواق علنية وسرية تسيطر عليها الدول الصناعية الكبرى، وتعد من أغلى الصناعات وكلفتها باهظة، ورغم ذلك تقتنيها كل الأنظمة وتخصص لها ميزانيات تقطع من ضروريات حياة السكان، وتتنافس الدول: المتقدمة والمتأخرة والمتطورة والمتخلفة لحماية ذاتها من شعوبها وأممها أولا، وجيرانها ثانيا، بينما أغلبية الشعوب يعيشون في الفقر المدقع، ويضطرون للهجرات المتتالية والنزوح الجماعي، واللجوء قسرا إلى أي مكان، قريب او بعيد.
لن ينقد الناس والأرض إلا التضامن بين البشر
فلسطين الأرض التي أرادتها الحركة الصهيونية أن تكون مكان استيطان يهود العالم، وإنشاء دولة قومية لهم/ن، بدعم ومساندة الأنظمة الرأسمالية والامبريالية ماديا ومعنويا، عسكريا وسياسيا، وذلك بعد نزعها من الشعب الفلسطيني وتشريده ثم المحاولات المتتالية لإبادته.
وهذه هي جهنم التي شيدتها الرأسمالية والامبريالية للشعوب والأمم والقوميات والأعراق والأجناس... ومنهم اليهود والشعب الفلسطيني؛ مستعملة بذلك الإيديولوجية الدينية الرجعية، فالرأسماليين اليهود الذين عملوا على إنشاء دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية بدعم من الامبريالية، وكذلك العرب الرأسماليين الذين اتفقوا على تقسيم البلد الفلسطيني، وإنشاء دولة عربية بدعم من الامبريالية، وتشجيعا من الاتحاد السوفياتي سنة 1948، هؤلاء جميعا يهود وعرب ظلوا يطمسون مسالة الملكية الخاصة والفوارق الاجتماعية، مستعملين الإيديولوجية الدينية والعرقية.
الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وغيرها تعرض ويتعرض الآن للإبادة، وهي القتل الجماعي الشامل لكل فئات المجتمع، وقد توسع التضامن معه، وانتشر بقلب الولايات المتحدة الأمريكية وبالأخص في مراكز ومؤسسات المعرفة والعلم وسط الشباب إناثا وذكور، رغم كل الجهد المالي والإعلامي المبدل للإيديولوجيات اليمينية الرجعية المساند من الرأسمالية والامبريالية سواء يهودية او إسلامية من اجل طمس الصراع الحقيقي.
إن انتشار التضامن الاممي في العالم والاستنكار للجرائم المرتكبة من طرف الصهيونية ضد الفلسطينيين يكشف بالملموس عن الوسائل المستعملة لإخفاء الصراع الطبقي، ولهذا يظهر بان وقف المأساة الإنسانية بالمنطقة، وغلق باب جنهم لن يتحقق إلا بإنشاء دولة تشمل كل القوميات والأديان والثقافات، مؤسس على العلمانية وفصل الدين عن الدولة والسياسة والعلاقات الاجتماعية، نظام سياسي يملك القوة التي بإمكانها أن تقضي على الملكية الخاصة وتحل قضية الفوارق الطبقية، ووحده التضامن الاممي يضمن ذلك.
المطلوب توسيع التضامن ورفع شعار العلمانية وتفكيك الدول الدينية والعسكرية والعنصرية والوراثية، لحماية الأرض والبشر والحياة من الهلاك، بتطبيق الديمقراطية الفعلية من طرف الكاحين/ات.