إله الإسلام وتعدد الآلهة
كامل النجار
الحوار المتمدن
-
العدد: 6522 - 2020 / 3 / 24 - 12:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إله الإسلام كثيراً ما يناقض نفسه في القرآن الذي زعم محمد أنه من عند الله. وهذا الإله كثيراً ما يزعم أنه يفعل أشياء لا يستطيع في واقع الأمر أن يفعلها. فهو مثلاً يقول (فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) (الأنعام 149). وهذا ادعاء لا يمكن أن يتحقق لأن إله القرآن يخبرنا مراراً أنه دمّر قرًى وأقواماً مثل قوم لوط وقوم نوح وغيرهم لأنهم لم يؤمنوا به، وهو لا شك قد شاء أن يؤمنوا به والا لما أرسل لهم الرسل. فمشيئته هنا لم تجعل هؤلاء الناس يؤمنوا به.
ومن أكذب الادعاءات قوله (هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) (غافر 68). قضى حسب القواميس العربية تعني "أمَرَ". فهو إذا أمر شيئاً فما عليه إلا أن يقول للشيء كن فيكون. ولكن هل حدث أن قال لشيء ما كن فكان. عندما أراد خلق العالم لم يقل له كن، فكان، إنما استغرق بناؤه ستة أيام. ولما أراد خلق آدم أرسل الملائكة ليجمعوا له عينات من طين الأرض ثم بنى آدم بيديه ونفخ فيه الروح. وكان بإمكانه أن يقول لآدم كن فيكون لو كان ادعاؤه حقيقةً. وعندما أراد خلق يسوع (عيسى) لم يقل له كن فكان، إنما أرسل الملاك جبريل إلى مريم لينفخ في فرجها حتى يتكون يسوع في رحمها.
إله الإسلام أدخل نفسه في مأزق عندما قال (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدونِ) (الذاريات 56). فهو قد خلق الجن والإنس فقط من أجل أن يعبدوه. ولكن تبين له أن غالبية الإنس لا تعبده، فوجد نفسه في مأزق لا يُحسد عليه. ولذلك اضطر للاعتراف بتعدد الآلهة ليخرج من هذا المأزق فأتى بالآية التي تعترف بتعدد الآلهة.
وتلك الآية هي التي تقول (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) (الإسراء 23). فإله الإسلام يعترف أن هناك آلهة أخرى غيره لكنه قد قضى ألا يعبد الناس إلهاً غيره. وبما أنه إذا قضى أمراً قال له كن فيكون، أصبح هناك احتمالان فقط:
الاحتمال الأول هو أن كل البشر يعبدون هذا الإله وحده. وهذا ما لم يحدث في تاريخ البشرية. وعليه يصبح الاحتمال الثاني هو الأقرب إلى الحقيقة.
الاحتمال الثاني: وهو، أن كل شيء يعبده البشر هو الله. وهذا في رأيي هو أكثر الاحتمالين تطابقاً مع الواقع لأن رب القرآن قد قضى ألا يعبد البشر غيره، وقضاؤه يجب أن يكون واقعاً معاشاً. فمثلاً عندما أراد محمد أن يزوج ابنه بالتبني زيد بن أسامة من زينب بنت جحش رفضت زينب هذ الزواج باعتبار أن زيداً كان عبداً تبناه محمد، فأتى محمد بالآية (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (الأحزاب 36). فرضخت زينب وتزوجت زيداً لأن الله قد قضى بذلك. وإذ قضى الله أمراً يقول له كن فيكون.
عندما سئل الصوفي الأشهر، الجنيد، عن الله، قال: "لون الماء لون الإناء – لو عرف [المؤمن] ذلك ما انكر على غيره ما يعبده، لأن ذلك الغير يظن أن معبوده هو الله، والله تعالى يقول: أنا عند حسن ظن عبدي بي، أي أنني لا أتجلى لعبدي إلا في صورة معتقده الخاص." (كتاب ابن عربي: فصوص الحِكَم، ص 33). إذاً الله لا يتجلى للشخص العابد إلا في صورة ما يعتقده ذلك العابد. فمثلاً الهندي الذي يعبد كرشنا، يصبح كرشنا بالنسبة له هو الله. والمجوسي الذي يعبد النار يعتقد أن ألسنة النار هي الله.
وبالتالي التفسير الوحيد لقول رب الإسلام (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) هو أن كل شيء يعبده الإنسان هو الله لأن لون الماء هو لون الإناء كما قال الجنيد. والقرآن يؤكد ذلك عندما يقول (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (المائدة 69). فالصابئة واليهود والنصارى يعبدون آلهة لا يسمونها الله ولكن في اعتقادهم هي الله. واعترف الله بذلك وقال لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وحتى عرب ما قبل الإسلام كانوا يعبدون الأصنام باعتبارها القوى النافعة والضارة، وبالتالي فهي الله في تصورهم، وإله القرآن يقول إنه عند حسن ظن عبده به، فلو ظن عبده أنه صنم فهو صنم. وعليه نستطيع أن نقول إن إله الإسلام يعترف بتعدد الآلهة رغم أنه يقول عن السماء والأرض (لو كان فيهما غير الله لفسدتا) (الأنبياء 22). وتعدد الآلهة بالتأكيد خيرٌ من وجود إله واحد متسلط، متجبر، متكبر يفعل ما يشاء ولا يُسأل عما يفعل. عندما كان عرب ما قبل الإسلام يعبدون الأصنام، لم يحدث أن قتل شخصٌ شخصاً أخراً لأنه يعبد صنماً غير صنمه، بينما يتقرب المسلم إلى ربه بقتل مسلم أخر يختلف عنه في المذهب فقط.