سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4228 - 2013 / 9 / 27 - 21:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (31) .
غريب هو الإيمان بفكرة الإله فهى لا تقدم أى دلالة على وجودها ,فلا يجد المؤمنين بها ما يقولونه عن ماهية وذات وكينونة الإله فهو مجهول الهوية والوجود ليحلق إيمانهم فى فضاء التخمين والإستنتاج والظن ورسم سيناريوهات خيالية بنفس النهج الذى خطه الإنسان القديم فلكل سبب من مُسبب ولعلنا تطرقنا لهذا المنطق فى مقالات سابقة .
سنفند فى هذا المقال فكرة الإله من داخل معطيات الفكرة ذاتها بتفكيكها أى من خلال الفكر الإيمانى ذاته وما يروجه عن الإله لنكتشف هوان الطرح الذى سيقود إلى نفى وجود الإله أى أن الفكرة تنفى نفسها وتقوض ذاتها بذاتها لتؤكد أنها فكرة إنسانية حلقت فى الخيال والوهم ولم تخرج عن هذا الإطار ليأتى من يصدقها ويجعل لها وجود يتماهى فيها مضيفا لها أوهامه وإبداعاته ,منسلخاً عن حقيقة الوجود , متلذذاً بإجترار الوهم .
دعونا نتناول بعض المفردات الإيمانية عن الإله التى يتشدق بها المؤمنين دوما بحماس ويقين يُحسدون عليه لنغوص داخل تلك المفردات لنجدها تثير الإرتباك والتناقض فى فكرة الإله وتثبت هشاشتها وأنها محض خيال إنسانى شط خياله ووهمه لتحبل الفكرة بالتناقض.
* الله لم يخلق .!!
إيمان المؤمنين بالله كونه خالقا للحياة والوجود , فبه يفسرون الوجود و يرجع هذا لفكر إنسان قديم جاء تفكيره هكذا ليواصل الأحفاد تبنى نفس نهج الجد القديم ولكن لو تأملنا فى فكرة الخلق ملياً سنجد أنه يستحيل أن يتحقق الخلق المستقل وأن الأمور فى أفضل حلولها التخيلية لن تخرج عن كون الوجود أجزاء من الإله وفى هذه الحالة سيصير إستبدال الوجود المادى أكثر منطقية من وجود الله.
فى أساطير الخلق نجد أن فعل الخلق عملية تحويلية صناعية فهناك مادة الخلق وهناك الإله الذى يشكل منها المخلوقات ..فيصبح الإله بمثابة صانع , فلا ذكر لفكرة نشوء مادة الخلق من العدم فكل الأساطير لم تتناول إلا فكرة الإله الصانع المشكل بما أمامه من مواد, لتأتى فكرة الخلق من العدم متأخرة على يد اللاهوتيين والمتكلمين الذين حاولوا إسعاف الفكرة بعد أن تلمسوا هشاشتها بالقول أن الخلق جاء من عدم ولكن هل يوجد شئ اسمه عدم ومادة تخلق من عدم فهذا الهراء بعينه ورغماً عن ذلك سنعتنى بنقد عمق الفكر اللاهوتى الذى أصبح يردد على كل لسان دون أن يعى أن إيمانه هذا كفيل أن يسقط فكرة الإله ويبددها.!
يؤمنون أن الله ذو وجود,والبشر والحياة ذات وجود مستقل ولكن هذه الرؤية البديهية المنطقية تتناقض مع وجود الله . فالله غير محدود وليس وحدة وجودية مستقلة عن الوجود مهما تعاظمت ليأسر هذا الفهم الإله فى إطار وحدة وجودية شأن أى وحدة وجودية أخرى ضمن الوجود ليجمع الله والموجودات فى النهاية وجود واحد , لذا تكون قصة الخلق نافية لوجود الله اللامحدود أو يكون وجود الله الغير محدود نافياً لتحقيق الخلق .
يفترض أن الله غير محدود بالزمان والمكان ولكن هذا يعارض أسطورة الخلق التى جاءت فى زمان ومكان , فالمكان هنا خارج الإله أى فى الورشة التى يقوم فيها بعملية الخلق ليكون المكان وحدة وجودية مستقلة عن الإله لنسأل من أوجد الورشة(المكان ) .
لو سألنا اين خلق الله الخلق ,فمن البديهى أن الخلق تم فى مكان لنقول أن هناك إحتمالين إما أن الله خلق الخلق خارج عن ذاته أو خلق الخلق فى ذاته , فخلقه خارج الذات يعنى إستقلالية الوجود والمكان عن وجوده أما خلقه داخل الذات يعنى ان الذات صارت مكان للحدث وفى كلتا الحالتين تتبدد الألوهية أو تتبدد قصة الخلق.
الله غير محدود وموجود فى كل مكان فلا يوجد حد أو وجود ولو جزئ يحد وجوده وإنتشاره ,وهذا يعنى لا وجود إلا وجوده , فالكون والأرض وما عليها من بشر وكائنات حية وجماد أجزاء فى داخله وليست ذات كينونة منفصلة عنه .لنسأل هنا كيف يستقيم هذا مع خلق ذو وجود خارج وجوده فحينها سيكون الله محدود ذو وحدة وجودية محددة.
زمن الخلق -لن يعنينا أن الخلق تم فى ستة أيام وأن اليوم24 ساعة أو مليون سنه بالرغم أن النص الدينى يعنى يوماً بتوقيتنا الأرضى ولكننا سنهمل هذه النقطة ,كما سنهمل الرؤية الساذجة عن الخلق الذى تم فى ستة أيام إستأثرت الأرض التى تمثل حبة رمل فى صحراء شاسعة بأربعة أيام بينما مليارات المجرات التى تمثل الصحراء الشاسعة إستغرقت يومان !! .. لن ننقد من يقول أن اليوم الإلهى معادلاً لخمسين ألف سنه بل سنجعل اليوم الإلهى يعادل مليون أو مليار سنه فليس هناك أى مشكلة ولكن الإشكالية التى لا يفطنون إليها أن الزمن يرتبط بوجود المكان لنقول كيف ضبط الله ساعته التى تعادل مليون سنه مثلا بإنعدام وجود مكان وحركته لتكون مقياس لساعته,فهذا يعنى أن المكان متواجد قبل الخلق فى حالة وجودية مستقلة فكيف يكون خلق والمكان خارج الخلق وسابق له . !
معنى يوم إلهى تم فيه الخلق إننا امام وحدة زمنية بغض النظر عن حجمها محددة بحركة المكان , فإذا كان اليوم الأرضى هو دوران الكرة الأرضية حول نفسها دورة كاملة , والسنه الأرضية هى دوران الأرض حول الشمس لذا يكون يوم الخلق هو حركة مكان معين دورة كاملة فلو افترضنا جدلاً أن اليوم الإلهى هو دوران العرش الإلهى حول مجرة دورة كاملة مساويا ليوم إلهى واحد ومعادلاً لمليون أو تريليون سنه من سنينا الأرضية فهذا يعنى أن المكان مستقل عن الله وبذا لن يتحقق الخلق فى الزمان . فلكى تستقيم قصة اليوم الإلهى فلابد من وجود مكان .. ولو وُجد المكان نفى قصة خلق الوجود .!!
الله يخلق أى يمارس فعل لم يفعله من قبل أى يعيش الحدث , فالخلق فعل حادث عليه بغض النظر أنه فى ترتيبه المُسبق وحدث الخلق هنا يتواكب مع زمن محدد أى أن الإله خضع للزمن بمحدداته فكل يوم خلق هو زمن ضمن جدول أعمال الخلق يتم فيه إنجاز يحوله عن فعل شئ قبل ميعاده لذا فهو خاضع للزمن ولن تجدى المقولة العبثية أنه خالق الزمن لتسعف هذا الزعم فالخالق لا يخضع لخلقته ملتزماً بها . بالإضافة إلى إرتباط الزمن بالمكان كما ذكرنا .
لو تسايرنا مع مقولة لكل مخلوق من خالق فهى تعبر عن نظام ناقص يكتمل بوجود خالق لهذا المخلوق , فالخالق هنا وسيلة لإكتمال النظام ,أى ان الله جزء من نظام معين هو جزء فيه كخالق وجزء مخلوق لا فكاك منه ,,فهل الإله جزء من نظام خاصع له ؟!.
المؤمنون من فرط تعظيمهم للإله لا يفطنون لما يقولونه ولا يدركون أنهم يقوضون ألوهيته ويصيبوا الأساطير بالعبث بمقولة أن الله أزلى أبدى ,فهذا يعنى أنه لا يخضع للزمن والذى لا يخضع للزمن لا ينتظر tلا يوجد لديه نقطة بدء ونقطة إنتهاء ونقطة Yنتظار أى لا توجد لديه محطات بينما هو انتظر يوم الخلق , فالأزلى الأبدى يشبه الخط المستقيم اللا نهائى أو الأعداد اللانهائية فلا توجد نقطة أو رقم تحدد نسبة ما قبله إلى ما بعده لذا الخلق لا يتحقق فى الزمان اللانهائى .
نأتى لتأمل آخر يتعلق بالخلق والزمن لنطرح سؤالا عن : لماذا تم الخلق فى تلك اللحظة الزمنية ولم يأتى قبلها أو بعدها فما هو الذى يميز لحظة بدء الخلق عن غيرها من لحظات ؟! .. قد يتصور البعض هذا السؤال ساذجاً ليقول لو جاء فى لحظة أخرى ستسأل لماذا جاء فى تلك اللحظة ولم يأتى فى غيرها .. بالطبع سؤالنا ليس بهذه السذاجة كما أننا لا نتبع المنهج السفسطائى فى التفكير لتكون رؤيتنا أنه فى حال كل اللحظات متشابهة متطابقة فهذا يعنى عبثية فكرة الخلق فهى جاءت هكذا بلا ترتيب ولا حكمة ولا عزم ,وإذا تحلينا بالمنطق لنقول بأن لحظة الخلق متميزة جاءت بحكمة بالغة تتناسب مع حكمة الله فهنا نضع الله تحت التأثير خاضعاً للمنطق والتوزانات والحسابات لينتقى لحظة معينة تتوافر فيها شروط الخلق ليخلق وهنا هو خضع للأسباب وتلائم معها لتتقوض فكرة الألوهية وتبددها بإعتبار الأسباب مؤثرة فى قراره , لذا ينعدم الخلق .
*الله ليس كمثله شئ .
الله ليس كمثله شئ عبارة غامضة لا تعطى معنى ولا تعريف لتنسج بغموضها فكرة الله وتحصنها , ورغماً عن ذلك أراها عبارة إسلامية قوية عبقرية لم يناهزها أى معتقد آخر فى طرحها كونها تخلق سياج منيع لفكرة الإله لتجعله فى حالة مفارقة مغايرة عن أى وجود آخر لينزه الفكرة عن أى تشبيه أو تمثيل أو تماثل وهذا ما يفترض أن تكون عليه فكرة الإله ولكن من صاغها إعتنى بوجود مفارق عصىّ على الفهم والسؤال طالباً تحصينها مخالفاً فى ذلك أداء وفعل الإله وفق الميثولوجيا الدينية كصورة إنسانية تتحرك بقوة مفرطة لذا هو إعتنى بتحصين الفكرة فى بروج عاجية حتى لا يقترب منها أحد أو يفكر فيها لتبقى عصية على النقد والبحث وتكتفى بالإنبطاح أمامها فلا يكون الإذعان للفكرة فقط بل لمروجيها والقابضين عليها .
" الله ليس كمثله شئ " تنسف كل المفردات الإيمانية وكل ما يردده المؤمنون عن الله , فمقولة أن الله له صفات كالعدل والرحمة والكرم الخ لن تستقيم مع " ليس كمثله شئ" لتنسف تلك الصفات فهى ليست بذات معنى ولا وجود لمن "ليس كمثله شئ" , فهذه الصفات تتواجد فى الإنسان ليكون هناك مثيل غير جدير ان يكون الله مثله .صحيح أن المؤمنين يعتبرون الصفات الإلهية مطلقة غير محدودة مقارنة بصفات الإنسان ولكن نحن هنا أمام مثيل ونظير يمكن أن يدخل فى وجه المقارنه , فمقولة " ليس كمثله شئ" تنفى تماماً أى علاقة بالمثل والتشابه والتقارب فكل ما نتصوره عن مثيل لن يوجد فى الله .
"الله ليس كمثله شئ " تنفى كل المنطق والعقل وكل ظنون المؤمنين فى محاولة إثبات وجود الله , فالله ليس ذاك الكيان الذى يخضع للعقل والمنطق لأنه ليس مثل أى وجود يخضع للمنطق والعقل , لتكون الأساليب المنطقية ليست أداة لفهم وجود الله فوجوده مغاير لمنطقنا وخارج هذا السياق لأنه "ليس كمثله شئ" .
*هل الله عاقل ولديه عقل .؟!
هل لنا أن نسأل عن كون الله عاقل ولديه عقل ؟!! بالطبع حسب رؤية المؤمنين سيكون عاقل ولديه عقل بل هو العقل الكلى ولكن مقولة " ليس كمثله شئ" ستبدد إحتمال أن يكون للإله عقل فهنا أصبح مثيل الإنسان أو الإنسان مثيله فى إمتلاك العقل وكما إتفقنا أن " ليس كمثله شئ" تنفى بشدة أى قدرة على تصور مثيل متقارب متشابه متناظر فكل ما نتصوره عن الإله لن يكون موجودا بحكم " ليس كمثله شئ" وبذا يصبح الله غير عاقل .!
كما يصبح سؤال هل الله غير معقول سؤالاً وجيهاً فلو كان معقولاً فهذا ينسف " ليس كمثله شئ" لأنه يضعه فى إطار الأشياء المعقولة التى يُدركها العقل ,لذا سيكون الله غير معقول عصياً أن يكون فى إطار العقل والمثيل لتسأل حينها كيف يؤمنون بشئ غير معقول .؟!
دعونا نتناول إمكانية أن يكون لله عقل برؤية أخرى ,فالله فوق الزمن أي أبدي أزلي فهو قدير عظيم لا يفنى ولا يتحول وبالتالى لا يفكر لأن الفكر خاضع للزمن ولتوالي الأحداث فإذا كان يفكر فهذا يعنى أن هناك بداية تفكير ونهاية ليقفز من فكرة لفكرة وعندها سيصير جزءاً من آليات الزمن وليس هذا فقط بل سيصبح شبيهاً بالإنسان .
العقل مهما بدا عظيما فهو خاضع لمحددات ومنها يعقل ويفكر فلا يوجد فهم وإدراك للعقل غير ذلك وإلا كيف يعقل وهذا يعنى أن الله خاضع لمحددات إما تكون من خارجه كإله آخر نسقها وطرحها عليه وهذا سينفى الإلوهية والوحدانية بالضرورة أو سنفترض حتى لا يغضب أحد أنها محددات من الله ذاته وضعها لينطلق منها عقله وذاته المفكرة , فهنا لابد أن يكون إختياره لهذه المحددات عشوائى طالما هى محددات من إنتاجه العقلى لأن من المُفترض ألا يخضع لمؤثرات خلقها مثل الإنسان فلا يوجد محدد يفرض ذاته على الله .وهذا يعنى أن الله انتقى مجموعة محددات عشوائية أسر ذاته فيها ومنها انطلقت ذاته تنتقى بلا ضابط عقلى .!!
هذا يدعونا للسؤال عن تلك العبارة التى تقول " الله عرفوه بالعقل " فبغض النظر أن العقل لو غاص وعرف فسيصل لعدم وجود إله ,ولكن سنتجاوز هذا لنقول أن مقولة "الله عرفوه بالعقل " كلام فارغ وسفسطة , فالله ليس كمثله شئ أى لا توجد أى إمكانيات فى الدماغ لمعرفة الله فهو خارج نطاق المثيل الذى يتعاطى مع العقل والمنطق .
رؤية جانبية ليست فى ذات القضية المطروحة تعنتى بالإنسان والعقل , فإذا كان الله خلق الإنسان وميزه بالعقل فأليس من الغريب أن يطالبه بالإيمان به وإلا أعد له عذاب أبدى فى جهنم .!!
العقل أداة التفكير ومن المفترض أن الله خلق الإنسان ليفكر بحرية فإذا قاده العقل للإيمان بوجود الله أو عدم الإيمان به فهذا فعل العقل وإمكانياته وميكانيزم عمله وأداءه , ولو إفترضنا أن هناك جهة تلام على فكر الإنسان فتكون للصانع على سوء مصنعيته التى أدت لضلال العقل .!
كيف نبرر فكرة : ها أنا اعطيك الحرية وإن لم تؤمن بى فسأشويك فى نار جهنم .فأين تلك الحرية .؟!!
* الله ليس حىّ .
مازال مقولة " ليس كمثله شئ " تفعل فعلها وتنسف كل الإيمانات ومنها ما يقال أن " الله حيّ" فوجود كائنات حية كالإنسان تجعل هناك مثيل ومن المفترض أن الله ليس كمثله شئ تقارباً أو تماثلاً أو تناظراً ولكننا لن نكتفى بهذا لنؤكد خطأ فكرة أن " الله حى " بمنظور آخر.
الله حىّ يعنى انه ينمو ويكبر وينحسر ويندثر وهذا ينسف فكرة الألوهية ويبددها ولو إفترضنا جدلاً أن فكرة الله الحيّ تعنى ديمومة الحيوية لتنفى عملية النمو والبناء والهدم فهذا سينفى الكمال , فالله الحى يعنى أنه فى كل يوم بحال من الحيوية خاضعاً للزمن , فحيويته الآن غير حيويته من مليون سنه أو بعد مليون سنه فهو ينتظر ويكتسب المزيد من الحيوية .
مقولة الله حىّ تعظيم الإنسان لفكرة إلهه فهو لن يقبل أن يكون إلهه ميتاً ولكن إذا كان مقولة الله حيّ هى حال الإله ليعلنه لنا فهنا الهراء بعينه فالله لن يكون حياً أو ميتاً بحكم أنه أزلى أبدى لا يعرف الموت حتى يدرك معنى الحياة ولا يوجد فى الجوار آلهة تموت أمامه فيدرك أنه حيّ.!
الله حيّ رؤية إنسانية تثبت أننا من نرسم ونلون آلهتنا بمنح فكرة الإله صفات بشرية ولم ندرك أن فرضياتنا تقوض فكرة الله . فمن المفترض انه ذو طبيعة مغايرة وليس كمثله شئ ولكن ماذا نقول عن خيال فطرى انسانى برئ لم يفذلك الأمور ليأتى الأحفاد ليقولون غير محدود وغير مادى وذو طبيعة مغايرة وكل هذا الهراء .
* الله ليس بسيط ولا معقد .!!
عندما نرفع سؤال هل الله بسيط أم معقد فالسؤال لا يتحمل إلا إجابة من نقيضين ليصبح أى منهما ناسفاً لفكرة الإله ,فلو قلت أن الله كيان بسيط يتكون من وحدة واحدة فحينها يكون الصرصار أكثر تعقيداً من الله وهذا لا يليق بجلاله كما يضعنا امام إشكالية البسيط الذى خلق المعقد التى لو تم إقرارها فسنصل إلى الإلحاد ومادية الوجود وسيُحرج المؤمنون كثيراً فى إهمال سببية المعقد والإعتناء بسببية البسيط , لذا ليس أمامنا سوى أن الله معقداً وقمة فى التكوين والنظام وهى رؤية تليق بإله ولكن هذه الرؤية تنفى وتبدد أزليته وسرمدتيه .!! فلا يمكن لله أن يكون معقداً مركباً , فالمركب مجموع أجزاء يتكون بوجودها وتعقيدها كما تكون الأجزاء سابقة للمعقد فى الوجود وهذا يعنى أن القول بأن الله مُعقد سيناقض أزليته.
سبب آخر ينال من المعقد فلابد من وجود علة تضم الأجزاء لبعضها لتنتج المركب لأن الأجزاء لن تنضم وتتراكب مع بعضها بدون مُسبب يضم هذه الأجزاء كما يندهشون من تكون الخلية الحية وبهذا ينفى أزلية الله ووحدانيته فهناك مُسبب قام بتركيب الأجزاء !!
لن تكتفى إشكالية الله المعقد بالنيل من أزليته ووحدانيته بل تنال لما يقال عنه بلا محدوديته ,فالمركب محدود بكمية أجزاءه ومقداراها ومحتوياتها .
* الله لا يمتلك مشيئة .
عندما نسأل المؤمن هل الله ذو مشيئة وإرادة ستكون إجابته قاطعة بأن الله حر وكلى المشيئة فكيف تطلق هذا السؤال الساذج فإذا كان الإنسان حر ذو مشيئة فهل يفتقد الله الخالق عظيم الجلال للمشيئة ... فى الحقيقة التمعن فى صفة المشيئة من خلال المفاهيم الإلهية ستجعله مسيراً غير حر بلا مشيئة فالحرية تعنى القدرة على إختيار خيار محدد من مجموعة خيارات فى لحظة ما لنجد أن هذا يستحيل أن يتحقق مع فكرة الله وفقاً لفرضياتها ,فالله يعلم منذ الأزل كل الغيب وما كان وما سيكون وقد رسم أقدراه وترتيباته على كل حدث فلا يستطيع أن يحيد عن أى خطوة قدرها ليتخذ قرارا آخر فهو مُقيد بأقداره وعلمه المًسبق ,وكونه يعدل من خططه بحكم أنه ذو مشيئة فهذا يبدد معرفته الكلية التى لم تُدرك التعديل وكذلك حكمته العظيمة المطلقة التى أخطأت فإستدعت المشيئة لتغيير حدث .
نقطة أخرى تنفى المشيئة وهى وقوع الله تحت التأثير وعدم العلم فهو فوجئ بحدث لم يعلمه ليتأثر به وينفعل تجاهه ليضطر إلى إختيار نهج يتناسب مع الحدث لنكون أمام إله يتفاعل مع أشياء خارجة عنه وليبدد هذا تفرده بالخلق والمشيئة فالأشياء فاعلة مؤثرة ليست منه .
قد يقول قائل أن المشيئة تحددت فى البدايات وأنه لن يحيد عن مشيئته وهنا تزداد الأمور صعوبة على فكرة الله فهو مُجبر أن يتحرك لما حددته مشيئته البدئية فليس له خيار كما أن مشيئته البدئية تجعله عبثياً فهو إختار مشاهد محددة فى الحياة ليكون إختياره ومشيئته محددة بظروف فلو أخذها فى الحسبان فهنا يكون متقيداً متأثراً بما حوله لتؤثر على قراره هذا إذا إعتبرنا أن هناك وجود موضوعات خارجة عن وجوده قبل الخلق فمن أين جاءت أو يمكن خلقها وخضع لتأثيراتها وفى كلتا الحالتين لا تجوز مع الألوهية لذا لم يتبقى أن تكون مشيئة الله عشوائية غير منتقاة بلا أى تأثير لنحظى فى النهاية على قرارات عبثية تتبدد قصة الحكمة .
*الله المنفعل .يغضب ويحب وينتقم ويرضى .!
الله يغضب وينتقم ويرضى ويحب ويحزن ويندم ألخ من التعبيرات الإنفعالية التى تطفو من ثنايا النص المقدس لتشكل صفاته وبالرغم أن تلك الإنفعالات تثبت أن الفكرة مغموسة فى بشريتها وكإسقاط لفكر إنسانى على الإله إلا أن المؤمنين يرون هذا شئ طبيعى ويرددون كثيرا أقوال على شاكلة الله يرضى عليك والله ينتقم منك وهكذا من إيمانات شائعة تتأسس من نص وتراث واضح وصريح .
لو إستخدمنا آلية أن " الله ليس كمثله شئ" فستجهض كل الإنفعالات المذكورة فى الكتب المقدسة وكل صفاتها وتثبت هرائها ولكننا سنتعامل بمنظور آخر يبدد هذا الإيمان ويؤكد بشرية الفكرة .
أي سلوك تقوم به الذات الإلهية فى خضم تعاملها مع البشر ستحوّل هذه الذات إما إلى ذات فاعلة أو ذات مُنفعلة .. وهذا يعني أنّ هذه الذات الإلهية مجرد ظاهرة غير مستقلة .. فهي عندما تقوم بالفعل فإنها تحتاج للآخر تطبّق عليه الفعل وبدون وجود هذا الآخَر يصبح فعل هذه الذات مستحيل الحدوث فصاحب الفعل يحتاج دائماً لوجود المُنفعل ليمارس فعله عليه ، وهذا معناه أن الله فى حاجة للإنسان ليمارس فعله وينتج إنفعالاته فبدون الإنسان لن يكون لإنفعالات كالغضب والرضى أى معنى غير العبث لذا يكون الله تحت الحاجة وعدم الإستقلالية وهذا يبدد الألوهية .أما عندما نقول أنّ المخلوقات تقوم بأفعال ليصبح الله هنا هو صاحب ردّ الفعل ، فهذا معناه أنّ "الله" ينفعل ويتأثر بما يفعله الآخرون ويصبح حينها غير مستقل بذاته بل متأثر بغيره وعندئذ لن يكون إلهاً .
لذا تكون مقولة الله محبة أو الله يحب الصابرين غير ذات معنى إلا تقويض فكرة الألوهية لتضع فى إطارها الإنسانى الحقيقى فالحب والكره سلوك تجريبي يكتسب من خلال الحياة ومن المفترض أن الله لا يجرب شيئ حتى يحبه أو يكرهه لأنه خالقه.
هناك نقطة أخرى طريفة وهى أن الإنفعالات فى علم الله المطلق أى ان الله أحب وأبغض وكره وغضب ورضى قبل وجود الإنسان أى أن رد فعل الله المُنفعل مُتواجد فى الذاكرة الإلهية لتندهش هل هو غضب منذ الأزل قبل الخلق ليتوافق هذا مع علمه المطلق أم أنه غضب بعد حدوث الحدث ليستدعى الغضب وهنا تتبدد ألوهيته أيضاً .
يقولون أن الله غير خاضع للأسباب حتى يكون إلهاً بل هو خالق الأسباب كما تزعم الميديا الدينية ولكن الله يغضب ويرضى وينتقم ويعذب وهى تفاعلات من الإله نتيجة سبب وهذا يعنى أنه خاضع للأسباب أما من يتشنج معلناً أن الله لا يخضع للأسباب فهذا يعنى أن سلوك وفعل الله عبثى فهو يحب ويغضب ويرضى بدون سبب .!!
* الله ليس كمالا مطلقا .
الكمال هو أن يصل الشئ إلى أتم حال فلا ينتابه التغيير ولا يعتريه النقصان أو الزيادة , فالزيادة تعنى أنه لم يصل لحالته المثالية كونه يحتاج الإضافة لذا سيكون الكمال حالة إستاتيكية ساكنة فأى حركة وتطور تغير من طبيعة الكمال .!!
كمال الصورة ينفى وجودها .. فلا وجود صورة لوجود كامل ولا كمال لوجود ناقص .. لا يوجد شئ بدون نقيضه فنقصه يحقق الماهية فاللون الأبيض لا ندرك ماهيته إلا من وجود بقع سوداء فلا معنى لوجود لون أبيض بدون الأسود وعندما يقال أن
الله يريد منى كذا فهى تلغى الكمال لأن الإرادة وسيلة إكتمال فكيف لكامل ان يكتمل .
إذا كان الله خالق فعملية الخلق فى حد ذاتها تنفى الكمال ليس لوجود عيوب خلقية فحسب ولكن لأن الكمال يعنى الإكتفاء فلا تسمح بالزيادة او النقصان فمعنى الخلق إضافة وزيادة وهذا ينفى عنه الكمال لحظة الخلق كما انه لا يكون كاملا بعد أن بدأ الخلق فهو مازال يخلق أى هناك مهام لم ينته منه بعد.
الله كامل وهذا يعنى أنه لا يفعل شئ بالأمس واليوم وغدا .. فإذا كان الله كامل منذ الأزل فهذا يعنى انه يستحيل أن يخلق , فالخلق فعل حادث واجب القيام به بغض النظر عن حسنه أو رداءته ليحقق الله الخالق .
إذا كان هدف الله أن يرضى ذاته فهو ينال من كماله ويبدد ألوهيته ولكن الغريب بالفعل أن يفعل أشياء لا يرضى بها ذاته فهنا دخلتنا فى دوائر العبث واللامعنى
لا توجد ورقة شجر تسقط بدون إذن الله هكذا يزعمون ويروجون لهذا المشهد الغريب والذى يحمل فى اعماقه العبثية واللامعنى ولكنهم لا يفطنون ان زعمهم هذا يجعل الإله عبدا للطبيعة أو جزء منها مستوطناً فيها مرتبطاً بها فهو يشرف على قطف كل ورقة شجر .
الصفات المطلقة تنفى الكمال .. عندما يقولون ان الله غير محدود فيعنى هذا أنه غير كامل فمعنى اللامحدود أنه مازال فى حالة تمدد كذات وموضوع وليس وجود سكون أى انه فى الغد غير اليوم من حيث الحالة فهو مازال فى ديناميكية حركية تتمدد كل يوم فى اللامحدود .
قولنا أن الإنسان موجود بالنقص يعتبر حجة على رفض وجود الكمال .. فالمنظومة هنا تتكون من ضدين الظاهر فيها هو النقص والمفترض هو وجود كمال لتظهر المشكلة عن كيفية أن يكون الكمال جزء من نظام , فوجود الكمال سيغنى عن وجود أى نقص فى المنظومة فلو سلمنا بوجود الكمال سينفى وجود النقص أى ينفى وجودنا !!!
هل يقدر الإله أن يتحسن ويتطور ؟ بالطبع فهو قادر على كل شيء لذا يمكنه أن يتطور ولكنه لن يقدر على فعل هذا فكماله يمنعه من التطور ,فالكمال يعني وصوله لأفضل حال .وإذا كان قادرا بلا حدود على التغير والتطور كصفة القدرة الأصيلة فيه فحينها لن يكون كاملا .!
يوجد الكثير ليقال عن فكرة الإله التى تحمل فى أحشائها عوامل تحللها وهدمها .
دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟