أوهام بيكون مقابل أوهام قوى الإسلام السياسي... حول مؤتمر رئيس (النزاهة)


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 8091 - 2024 / 9 / 5 - 02:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

فرنسيس بيكون في كتابه "الأورغانون الجديد" يدرج أربعة أوهام سيطرت او هيمنت على الفكر الإنساني، وحجبت الرؤية عن عقول البشر، وطالب بإطلاق صيحات التحذير للناس من هذه الأوهام، وان عليهم ان يسلحوا أنفسهم ضدها ما استطاعوا الى ذلك سبيلا، هذه الأوهام هي "أوهام القبيلة، أوهام الكهف، أوهام السوق، أوهام المسرح"، وقد شرحها في كتابه أعلاه.

رئيس "النزاهة" في سلطة الإسلام السياسي وبعد ان تم تسريب صوتي له يهدد بعض رؤساء الدوائر التي تعيق منحه قطعة ارض، هددهم بكشف أسمائهم واحالتهم للمحاكم بتهمة تضخم ثرواتهم، وهؤلاء قاموا بالشكوى لرؤسائهم الكبار على رئيس "النزاهة"، الذين بدورهم قد أرسلوا رسائل تشير الى اقالته، فقام رئيس "النزاهة" بعقد مؤتمر صحفي "جنائزي"، يستجدي فيه عطف الناس، كاشفا مدى مظلوميته واستضعافه امام "ليفاثيان" متوحش وكاسر، وتناسى انه جزء من هذا "الليفاثيان".

رئيس النزاهة أراد ان يوصل رسالة مفادها "ان الشعب يعيش أوهام سلطة الإسلام السياسي"، فلا شيء منها صحيح، كلها تحجب الرؤية الحقيقية عن عقول الناس، أراد ان يقول ان لا شيء اسمه "نزاهة" داخل منظومة الحكم الإسلامي. لا شيء اسمه قضاء او محكمة عليا، هذا وهم يعيشه البعض من الحالمين. لا شيء يسمى ديموقراطية، هذا شيء يتغنى به احباب "ماما أمريكا". لا شيء اسمه مؤسسة عسكرية وامنية "مع الشعب"، هذا وهم غبي وقاتل. لا شيء اسمه برلمان وتشريعات قانونية، هذا وهم السخافة والابتذال، لا شيء اسمه مؤسسة دينية غير مشتركة بالسلطة، هذا سيد الأوهام.

بيكون مات 1626، وهو من افتتح المسار العقلي في الفلسفة "يجب تحليل العالم بواسطة العقل الذي هو نوع من أنواع النار المقدسة"، بيكون ازاح الأوهام التي تجثو على عقول الناس، أراد تحريرهم من تلك الأوهام، وفتح طريق جديد لمعرفة العالم والحياة.

الناس هنا غارقة بأوهام سلطة الإسلام السياسي الرجعية، فهي الى الان تعتقد ان هناك "هيئة نزاهة او مجلس قضاء اعلى او محكمة اتحادية او دستور حقيقي او برلمان او جيش او شرطة او أجهزة امنية او رجل دين مستقل"، يجب ان تتخلص الناس من تلك الأوهام، حتى تستطيع رؤية الحقيقة، ولكي تفتح لها مسارات جديدة في هذه الحياة، فهل من بيكون؟

طارق فتحي