الليبرالية في العراق


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 8046 - 2024 / 7 / 22 - 01:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يبدو ان الكوميديا لا تفارق الواقع السياسي في عراق ما بعد 2003، فالعملية السياسية هي عبارة عن مهزلة من رأسها حتى أخمص قدميها، تكاد تنفجر من الضحك على ما يفعلون، فهو قائد ميليشيا في الصباح وعند المساء في البرلمان، يطلق الصواريخ ويتحدث ب "المقاومة" ثم تراه يجلس مع السفيرة العزيزة، موالي وذيل وتبعي لهذه الدولة ويستلم الأموال من تلك الدولة، يتحدث عن الدولة المدنية وميليشياته تقتل وتخطف وتعذب، يتحدث عن حب "الوطن" ويريد تغيير أسماء الناس...

الليبرالية هي كذلك لم تسلم من هذا الواقع الساخر، فٌقدمت على أساس هزلي بشخص اياد علاوي، الذي اشتهر بعبارته السياسية الفذة "والله يابه اني ما اعرف"، مرورا ببعض الأحزاب والحركات "المدنية-الديموقراطية"، الى ان وصلت قمة هزليتها في الوقت الحاضر، عندما تم تأسيس حزب يمثلها بشكل رسمي، "حزب امارجي"، بقيادة شخصيات من "الكتلة التاريخية" سيئة الذكر.

"امارجي" حزب تأسس بعد انتفاضة أكتوبر 2019، مدعوم من سلطة الإسلام السياسي، صور "قادة النصر" تجدها معلقة بمكتب رئيس الحزب، وهو أيضا يشتهر بعبارة "كل كوارثنا من الاشتراكية"، فعندما تلتقي به اول جملة يقولها لك هي "اهم شي نتخلص من الاشتراكية"، طبعا لا تعرف ما هي علاقة الإسلام السياسي بالليبرالية؟ ولا تعرف ما هي الاشتراكية التي يحاربها ويحذر منها؟

الشيء الجيد في مثل أحزاب كهذه انها لا تملك تنظير سياسي او فكري محدد، لم تنجب "مفكرين او منظرين او باحثين"، لم تخرج ببرنامج سياسي او رؤية اقتصادية معينة، انها فقيرة جدا حتى بالقياس لبعض القوى الدينية، انها بعبارة أكثر دقة الشكل الكاريكاتيري والهزلي لليبرالية في العالم.

اتجاه بعض الشباب لهذه الاشكال السياسية الهزلية هو نتيجة اليأس والإحباط الناشئ من عدم وجود بدائل لقوى سياسية تقدمية، والبعض منهم يمثل نفسية المثقف غير المستقر، فتراه يحط رحاله هنا وهناك، والاغلب منهم يرى في الليبرالية ما موجود في بعض الدول الغربية الثرية؛ لكن الشيء الجيد مرة أخرى نقولها ان الليبرالية تبقى حبيسة منطقة معينة في بغداد، ولن تجرؤ على الخروج منها، وأيضا يبقى قادتها هم مجموعة ممثلين هزليين ليس الا.