الشاعر ثائر زين الدين يشيد متحفاً فنياً حقيقياً


شاهر أحمد نصر
الحوار المتمدن - العدد: 8044 - 2024 / 7 / 20 - 01:10
المحور: الادب والفن     

لمّا اطلعت على دراسة شاعر الجمال، والوفاء، والشجون الوطنية والاجتماعية "ثائر زين الدين" بعنوان: "عمر أبو ريشة – رؤية الآخر والتقاطع معه"، وتابعت جولته في تلك الجنان في صحبة عمر أبي ريشة، وديك الجن الحمصي، وجان دارك، وفينوس ميلو، والفتاة الأندلسيّة، وآنّا أخماتوفا وجدت نفسي في متحف فني حقيقي آسر غني بأجمل اللوحات أحسن شاعرنا في تنظيمها وتبيان مفاتنها، فاستفدت واستمتعت، وأُلقيت في ذاكرتي صورة شاعرنا التي رسمها لنفسه في(أناشيد السِفر المَنسي):
"أنا ما أردتُ سوى القليلْ:
حريّةَ الصفصاف؛
أن ينمو على خصر البُحيرةِ أخضرَ
...
بيتاً صغيراً يحتوي حُزني
وأفراحي القليلةَ،
يحتوي طفلي الذي قدْ لا يجيءُ،
وثلّةً من أخلصِ الأصحابِ".
ومن اللوحات الشعرية الفنية الجميلة صورة المرأة التي اختتم شاعرنا بها دراسته لقصيدة "عودي" التي كتبها الشاعر "عمر أبو ريشة" عام 1965 ومقارنتها بقصيدة للشاعرة الروسية "آنا أخماتوفا"، وهي أجمل هدية، حسب ظني، تُقدم لحسناواتنا الفاتنات، وهذه بعض أبياتها:
قالتْ مللتُكَ . اذهب . لستُ نادمة
على فراقِــكَ.. إنّ الحُبَّ ليسَ لنا!
سقيتُكَ المرَّ من كأسي. شفيتُ بها
حقدي عليكَ... ومالي عن شقاكَ غنى!
لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنيةً
لـقد حملتُ إليهـا النعشَ والـكفنا ....
...
قالت ... وقالت ... ولم أهمسْ بمسمَعِها
ما ثارَ من غُصصي الحرَّى وما سكنا
...
تركتُ حُجرَتها .. والدفءَ مُنْسرِحاً
والعطِرَ منسكباً والعُمْرَ مُرْتَهَنا
وسرتُ في وحشتي .. والليلُ مُلتحفٌ
بالزمهريرِ. وما في الأفقِ ومضُ سنا
ولم أكدْ أجتلي دربي على حدسٍ
وأستلينُ عليهِ المركبَ الخشــنا
حتى سمعتُ ورائي رَجْعَ زَفْرَتِها
حتــى لمســتُ حيالي قَــدّها اللــدنا
...
نسيتُ ما بيَ. هزّتني فجاءتُها
وفجرّتْ من حناني كُلَّ ما كَمنا
وصحتُ .. يا فتنتي! ما تفعلين هُنا؟؟
البردُ يؤذيكِ عودي
لن أعودَ أنا!"
أعطر الورود لذكرى شعرائنا "عمر أبي ريشة" و"ديك الجن الحمصي"، وأجمل التحيات لشاعرنا المتميز "ثائر زين الدين" على هذه التحف الفنية الأسرة، التي تتوق إليها أرواحنا، وهي تنشد: "البردُ يؤذيكِ عودي!" كي تعود المحبّة إلى ديارنا.