هل الخيانة مرض نفسي؟ -في المسكوت عنه 7-
لمى محمد
الحوار المتمدن
-
العدد: 7584 - 2023 / 4 / 17 - 00:47
المحور:
الادب والفن
الشعور بالذنب من أكبر المحركات للإرادة البشرية، الشعور بالذنب يربط إرادة الإنسان بخيطان مسرح الدمى ليحركها كيفما شاء..
غالباً يستخدمه الناس الاستغلاليون ليتحكموا بالآخرين، الناس الذين يحبوننا حباً ثقيلاً على النفس و الروح، يحولون كل المواقف إلى مولدات شعور الذنب ليتحكموا بنا وبعواطفنا…
نرى هذا غالباً في العائلات، وكم من الأمهات و الآباء دمروا حيوات أولادهم عن طريق تكريس الشعور بالذنب.. كم من أزواج رموا بثقل خياناتهم وقلة أصلهم في أسباب اختلقوها في زوجاتهم.
الشعور في الذنب يعاكسه الشعور بالامتنان، وهو أيضاً من المشاعر المحركة الكبرى للنفس البشرية…
وأهم الامتنان ما كان موجهاً لمن ساعدك في تحقيق حلمك، أو حتى آمن به من دون أن يفعل أي شيء إلا الإيمان بك…
البشر الذين يصنعوننا، الذين يحبوننا حباً خفيفاً، استخدموا و يستخدمون الشعور بالامتنان، هؤلاء يجعلون من هذه الحياة ممكنة، وهؤلاء من يحق لنا القول بثقة وصوت عالٍ:
-أنتم أقرباؤنا الحقيقيون، روابط الدم تحدث بصدف جنسية.. بينما روابط الحلم تلتقي مع الله…
***************
-طلبت مني سارة أن استشيرك.. يعني باعتبارك طبيبة نفسية، عندي مشكلة والمشكلة الأكبر أني لا أعرف إن كانت نفسية أم لا؟
-لا تقلق كنان، هل تريدني أن أمر عليكم في البيت؟
-لا، لا هل تريدين أن نشرب القهوة في “ستاربكس” القريب من بيتك؟
-ممكن جداً .. طبعاً…
عندما قابلت كنان كان مختلفاً، مرتبكاً على غير عادته، شارداً، يتصنع الحزن، بينما يغلب عليه الإحباط.. الإحباط لا يشبه الحزن -قلت في نفسي-…
-لقد ختنتُ صديقتكِ.. خنت سارة.. هي تظن أن الموضوع بيني و بين ستيفاني مجرد رسائل و اتصالات.. هي لم تعرف بعد أنني خنتها ومازلت طوال العام السابق…
صفعتني جملته بقوة:
-ماذا تقول، أعد.. صدمتني…
أعاد كنان حديثه، ثم أكمل:
-سارة مثالية كثيراً، مثالية في ترتيبها للبيت، في تربيتها للأطفال، في علاقتها الجنسية معي.. مثالية، مؤدبة و منظمة، وأنا كنت مضغوط، ضغط العمل الكبير جداً على الأطباء هنا تعلمين… ضغط أهلي الذين سكنوا هنا ومازالوا في مرحلة الصدمة الثقافية، ضغط تربية ثلاثة أطفال في وقت ضيق ليس فيه لي إلا العمل…
ستيفاني لاحظت ذلك، لاحقتني لفترة، دعمتني و ملأت ثقتي بنفسي، كنت قد نسيت نفسي… هكذا دخلت في هذه العلاقة دون أن أشعر.. حاولت أن أبتعد فقالت لي: “تتركني بعد أن ساعدتك كل هذا، وأحبك كل هذا الحب”..
سارة تريدني أن أسألك: هل ممكن أن أكون مصاباً بمرض نفسي، ثنائي قطب مثلاً ، قالت لي: “ أنا أؤمن بك، أنت لا تخطئ.. من المؤكد أنه يوجد خلل ما.. و هو السبب”.
قلت لها سأناقش معك الموضوع…
ابتلعتُ ما قدرت عليه من المفاجأة:
-كنان أنتم أصدقاؤنا هنا، لا أستطيع بأي شكل أن أشخص لك مرضاً نفسياً .. يجب أن تراجع طبيباً نفسياً.. لكن كصديقة وأخت ما أخبرتني به الآن خيانة و الخيانة -كما وصفتها- ليست مرض نفسي.
-ما تقترحين؟
-لا أعرف، اتركني أفكر كيف ستخبر سارة؟ هل تركت ستيفاني؟
-لا ما زلت على علاقة معها.. لا أعرف لم أقارن بينهما؟ لا أعرف كيف أنهي هذه العلاقة؟
-إن مرضت الآن وجلست في المنزل للأبد، هل ستبقى ستيفاني معك أو سارة؟
-طبعاً سارة…
صمت وقلت:
-طبعاً أم أطفالك التي تزوجتك فقيراً مهزوماً، فنجحت لأنها مثالية..
-أنا ضائع.. ربما لدي مرض نفسي..
-مرة أخرى كنان، دع الطب النفسي جانباً الآن.. كما قلت لك راجع طبيب نفسي و سيساعدك من دون انحياز، أما ما قلته لي مهول جداً..طبعاً أنا متحيزة، لذا لا أستطيع أن أكون طبيبتك النفسية..
ما قلته صدمني كصديقة للعائلة، وآلمني كأخت ل سارة..سارة التي أعرف تماماً كم تحبك.. وأن ليس لها في بلاد الغربة هذه إلاك…
الخيانة ليست مرض نفسي.
***************
الشعور بالذنب من أكبر المحركات للإرادة البشرية، الشعور بالذنب يربط إرادة الإنسان بخيطان مسرح الدمى ليحركها كيفما شاء..
هذا ما استخدمته ستيفاني في علاقتها مع كنان، وهذا ما استخدمه كنان في علاقته مع سارة…
الشعور في الذنب يعاكسه الشعور بالامتنان، وهو أيضاً من المشاعر المحركة الكبرى للنفس البشرية…
هذا ما استخدمته سارة في علاقتها مع كنان…
ترك كنان ستيفاني في ليلة لا قمر فيها، وتركت سارة كنان في نهار ساطع الشمس…
مازال كنان يحاول الرجوع إلى سارة، فيما تقول هي لي:
-أنتم أقرباؤنا الحقيقيون، روابط الدم تحدث بصدف جنسية.. بينما روابط الحلم تلتقي مع الله…
يتبع…