رسالة الي السيد حسن نصرالله
خالد حدادة
الحوار المتمدن
-
العدد: 6396 - 2019 / 11 / 1 - 11:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الى السيد حسن:
في خطابك السابق ،وضعت نفسك في غرفة وأقفلتها ورميت المفتاح للخارج..اليوم ننتظر منك استعادة المفتاح..
بالأمس، دعوت السيد حسن إلى استعادة المفتاح، للأسف المفتاح أصبح أكثر بعدا. أما اليوم فإني سأضع بعض الملاحظات:
أولا- أنا مضطر للنقاش مع الوجه الثاني لحزب الله. أناقش أمين عام الحزب وليس قائد المقاومة. قد يحتج البعض على هذا التوصيف لأسارع للقول أن الذي احدث هذا الفرز هو حزب الله نفسه.
خطاب الأمس جاء تغليبا للبنية المذهبية للحزب، كشريك في نظام طائفي، وأكثر من ذلك قدمه السيد أمس كحامي للنظام عبر اطلاق للاءاته الثلاث المناقضة لحس الناس ومطالبها: لا لأسقاط العهد، لا لاستقالة الحكومة، لا للانتخابات المبكرة.
باختصار وضع السيد خطا أحمرا هو النظام نفسه… هذا النظام الذي تآمر على المقاومة بكل تنوعها، النظام الذي استدعى العدو واستقوى به، النظام الذي جوع شعبه (شعب المقاومة)، النظام الذي جمع المقاومة مع أعدائها وأعداء سلاحها بالحكومة ذاتها… بالأمس كان الحزب مدافعا عن النظام وعن كل الذين استفادوا منه عبر عشرات السنين (وأقلهم حزب الله)… والأخطر ان السيد أمس اعطى دفعا لمن يتعاطى “ببلطجة” مع الحراك ،وسأسمح لنفسي القول في الساحات الأكثر التصاقا بخط المقاومة أي النبطية والجنوب ورياض الصلح، حيث يتواجد الشباب ممن عرفوا، ليس بدعمهم للمقاومة بل لأنهم مقاومة… هم ذاتهم الذين كانوا عام ٨٢ وال٩٦… وللأسف قفز السيد فوق ما جرى…
الناس نزلت الى الشارع لترفض واقع الفساد والنهب والافقار الذي وصل الى قمته… الناس نزلت لتحمل التحالف الطبقي الحاكم مسؤولية الانهيار، الناس نزلت الى الشارع لتدين سياسة المصرف المركزي ونهب المصارف (هذه السياسة التي يمليها الخارج وتستهدف حصاركم)… كان المعتصمون ينتظرون منك أن تلاقي شعاراتهم التي تحمي المقاومة وتدعو مناصريك للتواجد الى جانب فقراء البلد ومناضليه…
أما مقولة السفارات وتمويلها يلزمها نقاش آخر… أنت تعرف ونحن نعرف ان السفارات ستحاول ركب موجة أي حراك شعبي، هذه خطتها ولكن السؤال هل فعلت أنت ما هو واجب لتحصين هذا “الحراك الشعبي والوطني والمحق” على حد تعبيرك؟
أعتقد ان خطابك بالأمس سيساهم في تقوية وزن ودور السفارات، في محاولة حرف التحرك. نحن سنتصدى لذلك،الفقراء في الشارع والمدافعون عن حقوقهم هم الذين سيحصنون الحراك، كما حصنوا ويحصنون المقاومة… وللأسف انت تعرف أن الخرق الأساسي الذي ستحققه السفارات سيكون من فوق… ضغط السفارات يكون فاعلا عند من تعوّد اللجوء للخارج وللسفارات، في بقائه أو ذهابه لن يكون خاضعا لرغبتكم فهذا وهم…
ملاحظة اخرى ، هي لهجة التحدي للناس: شكلوا قيادتكم واتفقوا على المطالب واذهبوا عند الرئيس…! أنت تعرف يا سيد ان كل التحركات لا تبدأ بالتفاوض الا مع البدء بالتنازلات من المسؤولين، سأطلب منك العودة الى مسار الثورة الايرانية وليس ما سمي بالربيع العربي… انكم مع المسؤولين ما زلتم متمسكون بلاءاتكم وخطوطكم الحمراء، وحتى الورقة الاقتصادية التي دافعت عنها بالأمس جاءت لتلبي شروط “سيدر” مع رشة سكر بسيطة ستطير حين تصل الى المجلس النيابي ولا يبقى منها الا ما له علاقة ببيع البلد وخصخصة املاكه العامة…
اما فيما يتعلق بالشتائم والمسبات فنحن معك ورفاقنا يتصدون لها، ليس احتراما لمن يشتم، بل حرصا على الحراك ولأننا نعتقد ان المسؤول هو النظام وليس الاشخاص بالأساس…
مطالب الساحات واضحة، عدا عن الجانب المعيشي فأن الشارع ،بعفويته، وضع مسارا مسؤولا: استقالة الحكومة، تشكيل حكومة انتقالية موثوقة، اقرار سريع لخطوات اعادة المال المنهوب والاملاك العامة وسواها، اقرار قانون انتخاب جديد (نحن نريده وطنيا خارج القيد الطائفي وعلى اساس النسبية)، اجراء انتخابات مبكرة…
ابدأوا بالخطوة الأولى عندها يصبح التفاوض مجديا… أما تشكيل قيادة للتحرك فهو أولوية عند المتظاهرين… قيادة متنوعة وتشمل المناطق، يكون حضور الشباب والنساء فيها وازنا.
ولكن يا سيد، لا أعتقد ان السلطة حريصة على تنظيم عمل الحراك، بل هو مسؤولية الشارع نفسه…
أتمنى على الرفاق والأصدقاء، ألا نغير بوصلة الحراك، نواجه ما يطرح كون حزب الله جزء من النظام والسلطة ولكن حذار توجيه الحربة الى ما يحرف التحرك عن أهدافه ويضعه في خدمة أهداف جزء من النظام، هو الأسوء…
أخيرا للاسف وضع السيد نفسه في موقع الحامي الأساسي للنظام (وليس العهد فقط)، طريق العودة ممكنة ولذلك نعيد لك دعوتك لنا للتفكير، بأن ندعوك للتفكير مجددا بما فيه مصلحة الشعب المحتضن للمقاومة… مصلحة الفقراء ونبلغك أن الانتفاضة مستمرة…