رحل - حارس- الثقافة والفن والحب
خالد حدادة
الحوار المتمدن
-
العدد: 4316 - 2013 / 12 / 25 - 14:30
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
أنطوان حرب ( أبو علي)
ماذا اناديك اليوم وانت الراحل يوم مولد" المسيح" ، اناديك انطوان او " ابو علي" أو كما تعودنا " ابو علي انطوان "...
اينما كنت، كنت الامين ، الحارس الضاحك والمحبوب لكل القيم ، انتفضت منذ الشباب على سجن الطائفية البغيض ، ولم يكتمل تعبيرك عنه بالالتزام فعبرت عنه بالشكل ... رحلت ايها اللين الصلب في احوج وقت لحكمتك ودورك في الحزب وفي الوطن...
كنت الحارس لعلاقات الاصدقاء والرفاق ببعضهم ، تدير النقاشات تتدخل حين يخرج النقاش عن اهدافه ، بكلمات قليلة وبصوت يكاد ان يسمع ولكنه خارق يتجه دائماً الى هدفين : القلب والعقل..
كنت الحاسم في الدفاع عن القيم ، فهذه لا تحتمل المساومة، تنتفض حينها على وجهك الآخر (او هكذا نظن) لنكتشف بعد ذلك ان في الانتفاضة حب وحتى في الحرب حب،
خضت الانتفاضات حباً بالتغيير وبناء الوطن العلماني الديمقراطي ، الذي يشبهك ..
خضت المقاومة حبا بوطن وشعب حاول غيلان الليل في الداخل وفي الخارج الصهيوني نحره والقضاء عليه ...
ودفعت غالياً، شهيدين ممن كانوا بالنسبة لك ليسا اشقاء فقط ، بل كانا دائماً رفاق ، ذرفت دمعة في وداعهما ، كما ذرفت في وداع كل شهيد..
وبالحب نفسه مارست في حياتك السياسية والمهنية ...
أكنت في مكانك ، فناناً ، مثقفاً ، مواطناً ، ام ماذا ؟؟
كنت تدير " القصر – المؤسسة" بما لم يناقض قيم التطور ، بحرفية وحداثة تتجاوز تقليد الادارة ....
عرفتك انطوان ، رفيقاً ، دائم المحبة والتفاني والأخلاص ..
عرفتك اكثر وانت تدير مركز الثقافة ، الذي اخذ تحت اشرافك بعداً آخر ، فأخذت بعضاً من صفات الانبياء والفديسين ، فاحييت رميم الثقافة الشعبية عبر امتهانك لها ... فكنت الذي لا ينام ، نجدك حتى ما بعد منتصف الليل تنظم العمل الفني والثقافي بمساواة وديمقراطية ولكن بالتزام ... فكنت الملاذ ، لكل مبدع، فنان او مثقف تلفظه مؤسسات الاستهلاك الثقافي المستتبعة...
اعطاك المرض انذارين ، اضعفت قلبك الكبير ، ولكنك غلبت وجهك الثاني ، تجاه المرض ، وضمن ثنائية المرونة والحزم ، كنت عنيداً وحازماً..
لم تتأثر حياتك اليومية ، تحديت المرض وانت بالاساس استاذ بيولوجيا، واستمر دوامك (من الفجر الى النجر) ، ليس وراء المكتب ، بل في مراقبة كل شيء ...
المقاعد ،الصوت، الاضاءة ، نظافة الممرات ...
وأوقعتنا بالتناقض نفسه ، انحب اصرارك والتزامك ، ام نلعن عنادك الذي انتصر على قلبك الكبير...
التناقض حيالك يشمل كل شيء الا حقيقة اننا نحبك ونبكيك . ..
بيروت في 25/12/2014