سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 6428 - 2019 / 12 / 4 - 18:45
المحور:
كتابات ساخرة
فوقوا بقى - الإيمان عندما ينتهك عقولنا (3) .
كتبت هذا المقال منذ مايقرب من أربع سنوات بعنوان : أقوى تأمل وفكرة راودتنى . لأجد هذا التأمل مازال قوياً ثرياً بالأفكار جديراً بالتأمل لذا أعرضه ثانية مع بعض الإضافات آملاً أن يجد توقف وتأمل من السادة القراء لتبديد وهم الإله الشخصانى .
لفت إنتباهى أن الحوار المتمدن خصص محوراً لكتابة السيرة الذاتية لأرى اننى أحمل بين ثنايا دماغى الكثير من الذكريات الجديرة بالذكر , ولكنى لم أجرؤ على الكتابة فى هذا المحور تحت رؤية صنمية غبية أو قل حالة من التواضع ترى أن الذين يحقون لهم الكتابة عن سيرتهم الذاتية هم الاشخاص المميزون اصحاب المكانات المرموقة المشهورة وأنا لست كذلك , فهكذا إعتاد تفكيرى النمطى فى هذه المسألة , فخجلت أن أكتب سيرتى حتى لا أحتل مكانة ليست لى , ولكن تفكيرى تغير وتبدل وأدركت حماقة نظرتى وتقييمى , فليس بالضرورة أن يكون كاتبى السيرة الذاتية إناس أصحاب شأن وشهرة , فلتكن الأمور فى إطار الرغبة فى البوح وتدوين الخواطر والذكريات القديمة التى لها جمالها ومغزاها ورؤيتها الفكرية , ولتكن الكتابة أيضا لتحقيق القدرة على البوح والصراخ وتنفيس ما فى الداخل الإنسانى من حزن وفرح وغضب وبراءة , لذا سأكتب ذكرياتى وملامح من محطات حياتى .
أعلن أحد المعلقين فى إحدى مقالاتى مهاجماً ساخراً أن أفكارى طفولية لا تتجاوز مرحلة الصبا .. فى الحقيقة لم أغضب من هذا التعليق بالرغم أن صاحبه يريد السخرية , فبدلاً من أن يواجه ما أطرحه لجأ إلى الإزدراء سبيلاً , ليكون ردى أننى أفتخر أن جذور الكثير من أفكارى كانت فى مرحلة الطفولة والصبا , حيث إنطلقت تأملاتى للحياة بجرأة بلا قيود وبلا قولبة ولا تلقين , أفكار إنطلقت بشفافية تبحث وتريد أن تعرف لتمتلك الجرأة والقدرة على الدهشة ورفض ماهو مطروح فى زمن فقد الكثيرين الدهشة والقدرة على البوح والرفض , لتعلن عن توقفها وتصرح به فى أجواء تقبلتها فى البداية برفق لترفضها فى النهاية بقسوة , لأتعلم أن أتامل وأندهش ولا أعلن عن تأملاتى القوية لأحد ممتنعاً عن البوح بها لتجد مصيرها للكتابة فى كشكول إحتفظت به لذاتى كشكل من أشكال البوح .
أعتز بطفولتى وصباى التى إمتلكت فيها القدرة على التأمل والتوقف والصراخ بجرأة لتصطدم بما هو مقدس وراسخ , مُستنكرة الكثير من المشاهد , مُعلنه رفضها لها بجرأة أحسد عليها ولكونها فى إطار الطفولة فقد تم الترفق بها فى البدايات أملا فى ترويضها ثم صارت مُستهجنه فيما بعد لأتفهم أننى يجب أن أكون حذراً , وليس حذرى هنا الكف عن التفكير بل فى الإعلان عنه , فالجهر بها سيجلب الحرج لأهلى , لذا تعلمت أن أفكر وأصرخ بأفكارى فى مذكراتى لأخلق المعادلة بين التأمل والتفكير والبوح على أوراقى .. ومازلت أمارس هذا النهج حتى الآن .
- سأستهل سرد سيرتى الذاتية بأقوى تأمل وفكرة راودتنى تُمثل لى إكتشاف عظيم وبداية لتحديد مواقفى الفكرية , فقبل تلك الفكرة كانت تأملاتى نابعة من الحيرة والإستهجان والإستنكار والثورة على إرث دينى ثقافى إجتماعى سيأتى ذكره فى أجزاء أخرى من سيرتى الذاتية , ولكن لم تكن الأمور والبوصلة والمواقف واضحة , فالأمور حينها كانت حالة من الثورة والتمرد يمليها ضميرى الإنسانى , ولكن تخلو من تحديد موقف فكرى لأعزى هذا إلى حداثة سنى , ولكن بعد هذا التأمل والفكرة التى راودتنى أمكنى تحديد موقفى لأرفض الأديان تماماً وأغير وأعدل فى فكرة الإله .
- جاء تحديد المواقف بقوة فى سن الثانية عشر تقريبا لتزول غشاوات كثيرة مع بناء رؤية فكرية واضحة تصل لحد الثقة , فعندما تسلل لمسامعى ولرؤيتى برنامج عن الكون فى أحدى البرامج التلفزيونية لأصعق من حجم الكون وترتفع مستويات الدهشة لأقصى درجة لأهرول لمكتبة المدينة لأنهل الكثير من المعلومات عن هذا الكون الرهيب , لأتوقف وأتوقف أمام أبعاد ومحتويات كوننا الهائل لتنطلق تأملات تنسف كل ما كنت أعتقده حينها وتتولد أفكار قوية يحذوها الثقة تتأكد دوماً مع الأيام حتى الآن , فالأمور تصل لحد البداهة التى نغفلها عمداً مُستسلمين لثقافة التلقين ورغباتنا ونرجسيتنا وغرورنا الذاتى .
- محتوى البرنامج الذى تم تقديمه حينها عن حجم كون يبدو شديد الإتساع والتنوع بصورة مهولة , وكيف أنه يَحوى مليارات المجرات والنجوم التى يعادل النجم الواحد منها حجم شمسنا أو أكبر , لأعلم أن الشمس تعادل مليون مرة حجم الأرض , وليُقدم فى السياق تفسير للنجوم التى نراها لامعة فما هى سوى نجوم إنفجرت لتصل لعيوننا بعد أن قطعت مئات السنين لأجد أمى الطيبة تردد "سبحان الله " بينما عقلى ذهب فى الإتجاه المعاكس يستغرب من إله فاقد السيطرة على هذا الكون الهائل , ولتتقدم أيضا فكرة عبثية الإله الذى يمتلك هذا الكون الشديد الإتساع بمجراته ونجومه وكواكبه ليخص كوكب تابع لمجموعة شمسية تابعة لمجرة من ضمن مليارات المجرات ليعتنى بفطريات تعيش على سطحه .!
إسمحوا لى بذكر ما أدركته عن حجم الكون الهائل حينها وما إستجد من معرفة ليترسخ موقفى وأنتج تأملى الذى أعتبره أقوى تأمل وفكرة راودتنى , كما أتصور أن رؤيتى لها منطقيتها وعقلانيتها بل أقول أنها تحمل البداهة مما يجعل نفيها أو تسخيفها أو إهمالها درباً من دروب التصلد والمعاندة والإستكبار .
هل تعلم :
- الأرض كوكب يتبع المجموعة الشمسية التى تتمركز فيه الشمس والتى هى بمثابة موقد نووى متأجج يعادل مليون مرة حجم الأرض , ولك أن تعلم أن شمسنا ليست أكبر نجم فى الكون فهناك نجم (في واي كانيس ماجوريس) VY Canis Majoris يعادل نحو ألفي ضعف حجم الشمس , فقطره يعادل نحو 2.89 مليار كيلومتر مقارنة بقطر الشمس البالغ 1.384 مليون كيلومتر.!
- إن شمسنا واحدة من أكثر من 200 مليار نجمة في مجرتنا درب التبانة , وأن مجرة درب التبانة التى نتبعها تمتد طولاً بمائة مليون سنه ضوئية وعرضاً خمسون مليون سنة ضوئية .( سرعة الضوء فى الثانية 300000 كم وفى السنه 9.331.200.000.000 كم أى أكثر من 9 مليون مليون كم فى السنه الواحدة )!! ويقول جون جونسون الأستاذ المساعد في علم الفلك والكواكب من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا إن هناك على الأقل مائة مليار كوكب في المجرة , ويقصد هنا مجرتنا فقط , فهل يمكن تخيل إجمالي عدد الكواكب في المجرات الموجودة في الكون. !!
- مجرة درب التبانة واحدة من 225 مليار مجرة موزعة في الكون المرئي observable Universe والمقصود بالكون المرئى هو ما تم رصده وفق للإمكانيات المتاحة , ولتعلم أن كل هذه الأرقام عن المجرات والنجوم هى فى حدود 10% من الكون! يقول العلماء ليس هناك كون واحد في الفضاء إنما توجد الملايين من الأكوان بجانب كوننا وهذا يعنى أن الفضاء ليس له نهاية و لا بداية . !!
- لك ان تعلم بعد كل هذا أن الأرض عليها 8.7 مليون نوع من الكائنات الحية فقد قدرت دراسة "PLos biology" تعداد الأنواع الحية على الأرض بـ 8.7 ملايين نوع ( 6.5 ملايين من الأحياء البرية , و2.2 مليون من الأحياء البحرية ) . وجدير بالذكر أن الدراسة تناولت فقط الأنواع الحية من حقيقيات النواة كالحيوانات والنباتات والفطريات والأوليات دون الأخذ في الاعتبار بدائيات النواة كالبكتيريا , مما يعنى تنوعا مذهلاً فى مملكة الحياة .
- أعتذر إذا كانت هذه المعلومات التى دونتها قد أصابتكم بالضجر بالرغم أنها لا تمثل قطرة فى توصيف حجم كوننا الهائل , ولكنها تكفى لإنتاج تأمل وفكرة إنبثقت منها لتثير فى المرء الدهشة , والدهشة هنا لا تكتفى بحجم كوننا الهائل بل من تفكيرنا المغرور المُغرق فى الفنتازيا والجهل والصلف , لنتصور أن هذا الوجود جاء من أجلنا بل سُخر لنا وأن هناك إله يعتنى ويهتم بنا .!!
- كنت أتأمل مقولة أن الله مالك ومدير هذا الكون الهائل بكل مجراته ونجومه (225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجمة) لتمثل الأرض بالنسبة لهذا الكون الهائل حبة رمال فى صحراء شاسعة ممتدة الأطراف بلا أى مبالغة , لأجد أن الإله حسب الفكر الدينى مهتم بحبة الرمال والقاطنين عليها ليوليها عنايته وإهتمامه لتنسب الأديان أنه خلقنا لنا , ولتنسب له عمليات الرصد والمراقبة وتقدير الأرزاق والأقدار لكل فرد من الطفيليات القاطنة على سطح حبة الرمال.!
- إله مالك ومدير هذا الكون الهائل بكل مجراته ونجومه (225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجمة) ليتركها بكل مشاكلها من تصادم مجرات وإنهيار وتفجر نجوم وثقوب سوداء تلتهم منتجاته ,ليعتنى برصد كل أفعالك وهمساتك وحماقاتك ونزواتك وضعفك ليدونها فى أجندته حتى يأتى اليوم الذى يكافئك بجنة خمور ونسوان أو يشويك للأبد فى نار حامية الوطيس .!
- إله مالك ومدير هذا الكون الهائل بكل مجراته ونجومه (225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجمة) ليتركها بكل مشاكلها من تصادم مجرات وإنهيار وتفجر نجوم وثقوب سوداء تلتهم منتجاته ليعتنى بشوية بدو على سطح حبة الرمل ليرسل لهم بوعوده وعهوده . ليقول فى تكوين 15: ( في ذلك اليوم عقد الرب ميثاقا مع إبراهيم ، قائلا : سأعطي نسلك هذه الأرض ، من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات ) . وفى تكوين 17: 4 (ها أنا أقطع لك عهدي ، فتكون أبا لأمم كثيرة ، وأُصيّرك مُثمرا جدا ، يخرج من نسلك ملوك ، فأكون إلها لك ولنسلك من بعدك . وأهبك أنت وذريّتك أرض كنعان التي نزلت فيها غريبا مُلكاً أبدياً ) .!
ولا مانع لإله مالك الكون ومديره أن يتدخل ليفضل السيدة على الجارية مؤسساً للعنصرية ففى تكوين 17 ( وقال الرب لإبراهيم: أما ساراي زوجتك، أُباركها وأُعطيك منها ابنا، سأباركها وأجعلها أمّا لشعوب، ومنها يتحدّر ملوك أمم، إنّ سارة زوجتك هي التي تلد لك ابنا، وتدعو اسمه اسحق وأُقيم عهدي معه، ومع ذريّته من بعده إلى الأبد ) .!
- إله مالك ومدير هذا الكون الهائل بكل مجراته ونجومه (225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجمة) ليتركها بكل مشاكلها وما يعتريها من أحداث وتصادم لمجرات وإنهيار وتفجر نجوم وثقوب سوداء تلتهم منتجاته , ليعتنى بخلاص البشر من خطاياهم! بعد أن إخترع هو مفهوم الخطية أو قل للدقة أن الإنسان هو من إخترع فكرة الخطية , فينزل على الأرض ليُصلب ويَفدى البشر بالرغم أنه مشغول بإدارة الكون وبالرغم أن الأمور لا تحتاج كل هذا الإهتمام والرعاية لطفيليات تعيش على سطح حبة رمل فى صحراءه الشاسعة , فلن نقول أن هذا الحل غريب وشاذ للرب وأن الأمور لا تستحق ذلك , بل نقول أن الإعتناء بخطايا البشر ساذج ينال من ألوهية مالك ومدير الكون .
- إله مالك ومدير هذا الكون الهائل بكل مجراته ونجومه (225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجمة ) ليتركها بكل أحداثها مشاكلها من تصادم مجرات وإنهيار وتفجر نجوم وثقوب سوداء تلتهم منتجاته , ليعتنى بحل المشاكل العاطفية والجنسية لحبيبه النبى فيكون سريع الإستجابة .!
( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين . ترجي من تشاء منهن و تؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ) .
وفى الأحزاب 37 ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْد مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا. )
وفى التحريم 1 ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم ) .
- كما يتدخل إله يمتلك ويدير 225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجمة فى خصومات النبى مع مخالفيه ليسبهم ويلعنهم .!
(تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد) . وفى الفرقان 44 ( أمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا ).وفى الأنعام 22 ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ). وفى التوبة 28 ( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم ) .
- إله يمتلك هذا الكون الهائل يعتنى بالقاطنين على سطح حبة رمل ليرسل ملائكة ذات أجنحة من الريش فى رحلات مكوكية ذهاباً وإياباً من على بعد 1630 مليون سنه ضوئية (تذكر حجم السنه الضوئية ) كى تخبر هذا النبى بكيفية تقديم ذبيحة ومواصفات فطيرة الرب وكيف يخري .. ويرسل لآخر رخصة للزواج بمن يهواها قلبه , ويعتنى بمجموعة من الرعاع ليمنحهم أرض ليست أرضهم ويعتبرهم شعبه المختار , وفى قول آخر فضلهم على العالمين , كما لا يتوانى فى حث مؤمنيه لدرجة الإلحاح على قتل الكفار والمشركين والأغيار الأنجاس وذبحهم ودق أعناقهم وقتل اطفالهم وشق بطون الحوامل ونهبهم وإغتصاب نساءهم . كما ينبهنا الإله بمكائد الشيطان الذى خلقه بينما هو إتفق معه على غاويتنا "بما أغويتنا" بعد أن دخل معه فى رهان علينا ليقبل الله هذا الرهان ,فهل يليق بإله كلى العظمة مالك لهذا الكون الهائل أن يتدخل فى مثل هذه الأمور ؟!.
- كذا الجنة المسحورة التى لم تتورع بعض الميثولوجيات بإمدادها بالخمر المُعتق والنسوان بل جعلوا الإله يتدخل بعد كل نكاح ليسترجعهن أبكار امزيد من المتعة , كما رسموا صورة للجحيم المتقد لشوى جلودنا كالخراف إلى المالانهاية من الزمن .!! وعندما تندهش من هذا العقاب الإنتقامى الرهيب اللانهائى الذى لا يوجد ما يُبرره ستجد أن الأمور لا تزيد عن أن حظك البائس الذى قُدر لك أن تتواجد فى المكان الخطأ من الجغرافيا ولم تنل حظ الإنتماء للإيمان الصحيح , ولكن عليك أن تندهش أكثر عندما تجد إله غنى يمتلك هذا الكون الهائل ليتدنى ويضعك فى دماغه .!
- تزداد الأمورسخافة وتهافتاً عندما نعلم أن إله يمتلك 225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجمة لا يكتفى بالإنشغال بإنسان يعيش على سطح حبة رمل فى صحراء الكون الشاسع لتجده يعتنى بأقدار ومصائر كل حيوان وحشرة وسمكة لتشمل معرفته حجم البيض فى بطن كل صرصار وبرغوت وقمله ومتى يحين ميعاد الفقس بعد أن علم وشاهد مكان وزمن التلقيح ناهيك عن تقديره لأرزاق الحيوان والصرصار وكتابة كتاب أجل لكل برغوت .!..لا تأخذك الحمية فى رفض أن الله يعتنى ويرصد ويقدر لكل برغوت ..فإنتبه لذلك لأنك ستنال حينها من ألوهية الإله .!
- لن استفيض فى ذكر النصوص المقدسة التى تجعل من إله مالك ومدير لهذا الكون الهائل يعتنى ويهتم بما يدور على سطح حبة رمل فى صحراءه الشاسعة , لأبتسم سخرية وشفقة على عقول ساذجة تردد إعتناء الله بالبشر وإصطفاءه للبعض منهم ونقمته على البعض الآخر , وأنه خلق الكون الهائل ذو 225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجمة وأرض تحوى 8.7 مليون نوع من الكائنات الحية من أجل سواد عيوننا وسُخرة لنا لأعتبر هذا هذل وتخريف وهذيان وغرور العقل البشرى , وأقول هل من المعقول والمنطقى أن يعتنى خالق عظيم مُنتج كل هذا الكون الهائل بأمور تافهة لبعض الطفيليات التى تعيش على سطح حبة الرمل , فأين تنزيه الإله كلى العظمة والحكمة والغنى من هذا العبث والتدنى لتتخلق فى ذهنى فكرة الإله النزيه .
- بعد هذه الرؤية تكللت رؤيتى الجديدة حينها أن الأديان خرافات ورؤية بشرية إنسان قديم يعتريها مصالح نخبوية وسياسية وقومية ليكتبها بشر يترجمون رغباتهم السياسية والتوسعية والعنصرية ولا مانع من تمرير وتحليل شبقهم ورغباتهم الجنسية , ولتتشكل ملامح قوية للادينيتى يلازمها ظهور فكرة الألوهية الربوبية لأقتنع حينها بوجود إله , ولكن إله نزيه خالق الكون والحياة كفنان يعشق إنتاج أعماله ولكنه لايطلب من تلك اللوحات أن تعبده وتسبحه أى إله غير مُريد لا يتدخل فى حياة البشر ولا ينتظر منهم أن يعبدوه ويحمدوه , فلا يغضب وينفعل على عصيانه فهو الأعظم , ولا يجهز إستضافة للبشر فى جنته وجحيمه فالأمور لاتعنيه , فهو من النزاهة والعظمة والغنى أن لا يشغل ذهنه بحفنة من البشر يعيشون على سطح حبة رمل فى صحراءه الكونية الشاسعة فهناك ما يشغله فى إدارة هذا الكون الهائل عن الإعتناء برصد حياة البشر الشخصية وما يفعلوه ليدون هذا فى أجندته .
أفتخر اننى وصلت بذهنى الى فكر الألوهيين بالرغم اننى لم أقرأ عنه سطراً واحداً , لذا أعتز بتأملاتى فى فترة الصبا وأحترم قدرة التأمل والعقل فى إنتاج الأفكار , فليس شرطاً أن تفنى عمرك فى الدراسة وإن كنت لا أسخف بالبحث والدراسة بالطبع , ولكنى أشير الى أهمية الفكر الحر .
- إن الأديان تحط من قيمة وعظمة الإله عندما تجعله تافهاً يعتنى برصد البشر وينزعج من هذا المراهق الذى يتلصص لرؤية إمرأة عارية ليمارس العادة السرية أو يعد أعقاب السجائر التى حرقتها أو ذاك الذى إنزلق بفعل قشرة موز قدر الإله أن تنكسر ضلوعه بواسطتها , ناهيك عن إهتمام الإله بغراميات بعض أنبياءه وتحقيق رغباتهم الجنسية أو الدخول فى عداء وسب ولعن من يغضبوهم .
- كلما قرأت فى الكتاب المقدس والقرآن مستدعياً فكرة الإله العظيم الذى أنتج هذا الكون الهائل أتلمس دوما رؤية غبية شديدة التهافت من مُبدعى هذه الكتب المقدسة , تجعل هذا الإله كلىّ الخلق والإبداع والعظمة تافهاً يعتنى بأمور تافهة لا تتفق مع عظمته وجلاله ليتبادر لذهنى مشهد كتبته بشكل تنبيطى عن إمبراطور عظيم يمتلك بلاد واراضى شاسعة تقترب من قارة آسيا ليكون مالكاً لكل ما عليها من ارض وزرع وبشر وحيوان , لنجد هذا الإمبراطور يترك مملكته الهائلة بكل مشاكلها ليعتنى برعاية ورصد جحر نمل تحت شجرة فى تلك الإمبراطورية الهائلة لينفق يومه فى مراقبة النمل ورصد حركته ليدون فى أجندته عن هذه النملة التى تختلس فتات من الخبز وتلك التى تعرى فخدها لتغرى شباب النمل , ليقضى ساعات يومه على هذا الحال بينما الإمبراطورية تعج بالمشاكل والمجاعات والثورات , فما رأيك فى هذا الإمبراطور هل هو حكيم أم مخبول .
- لماذا لا يكون الإله إلهاً نزيها غنياً لا يهتم ولا يعبأ بالأرض والإنسان , فهو خالق فنان لا ينتظر أن تعبده لوحاته التى رسمها , كما أنه مشغول بإدارة كون يحتوى على 225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجم علاوة على مليارات الكواكب والأجرام .. إله ليس بالتافه حتى يرصد كل خطواتنا وهمساتنا ونزواتنا وأفكارنا العشوائية ..هو ليس لديه إمتنان للوحاته ليصنع منتجع سياحى أو للدقة ماخور من أجل هذا الإنسان البائس .. كما ليس سادياً منتقماً حتى يثأر من هذا الكائن الضعيف بإذاقته مليارات صنوف العذاب على يد زبانيته إلى المالانهاية من الزمن .
- الإله النزيه أكبر من ذلك ..هو كقول المصريين "منفض دماغه" من كل تفاهة وأمور عبثية .. هو مثل ملك عظيم لا يشغل ذهنه بجحر نمل فى أطراف مملكته المترامية .الإله النزيه هو فنان يرسم لوحاته ولا يطالبها أن تعبده بل هو يستمتع بعمليات الخلق والتكوين شأنه شأن الفنان الذى يستمتع بإنتاج يده .. لا تكون فكرة الإله المراقب والمهتم سوى فكرة إنسانية أبدعها الإنسان ليخلق فى ذاته أنه موجود وذو أهمية فلا تجعله يتساوى مع الحيوان والدود والشجر .
- مازلت أعتبر هذا التأمل أكبر فكرة راودتنى ومازلت أستدعى هذا التأمل عندما تثار القصص والخرافات الدينية لأسقط كل الصور التى عرفتها عن الكون وحجم الأرض بالنسبة له لأبتسم من حماقة وغرور وهذيان وغباء الإيمان ولا أعفى الإنسان القديم من الغرور , ولكن كل الإدانة والجلد على المؤمن المعاصر الذى أدرك حجم الكون ليتوهم وهماً يحمل كل العبث والفنتازيا أنه بذات أهمية ليعتنى به إله مالك 225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجم ليرصد همساته وخطواته وسكناته ويدون فى أجندته كل أفعاله وحماقاته ويقدر له رزقه وبلاويه ليلقى قشرة موز تحت قدمه لتنكسر ضلوعه أو يوجه فيروس ليصيبه أو يرصده عندما يشتهى إمرأة عارية والغريب أنه وشيطانه يدبران لهذه الشهوة ! .
- ظلت فكرة الإله الذى أطلقت عليه الإله النزيه قائمة حتى إنتهاء المرحلة الثانوية نافياً لوجود أديان , معتقداً بقوة منتجة للحياة والكون لا تعتنى برصد الإنسان والتدخل فى حياته , لأبدأ بعدها فى نفى وجود فكرة الإله ذاتها ناسباً الحياة والوجود لقوة مادية معتمداً على ملاحظاتى ومعطيات العلم والفلسفة ولعل هذا يستحق أن أتوقف عنده فى مقالات أخرى كمحطة من محطات حياتى .
- ختاماً لايسعنى التعليق على كل من يؤمن بإله يمتلك 225 مليار مجرة وكل مجرة تحوى 200 مليار نجمة وملايين الكائنات الحية ليؤمن بتدخل وترتيب وتقدير الإله فى كل همسة وشاردة ليس بالقول : فوقوا بقى فهذا فكر وخيال فكر بشري متهافت , ولكن يقولي : يا أخى أحاااااا (أحا كلمة مصرية شعبية تعنى الإستنكار المستهجن الشديد المتعجب ) .
دمتم بخير وإلى محطة أخرى من محطات حياتى .
- أجمل ما فى الإنسان هى قدرته على مشاكسة الحياة فهو لم يرتقى ويتطور إلا من قدرته على المشاكسة ومعاندة كل المسلمات والقوالب والنماذج , وأروع ما فيه هو قدرته على السخرية من أفكاره فهذا يعنى أنه لم يخضع لصنمية الأفكار فكل الأمور قابلة للنقد والتطور .. عندما نفقد القدرة على المشاكسة سنفقد الحياة .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع.
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟