خبران ... العلاقة والارتباط

الخبر الأول:
خطيب الكوفة هادي الدنيناوي يطالب بمنع الخمور وتشريع قانون لمحاربتها!

الخبر الثاني:
القاء القبض على مدير استخبارات النجف بتهمة الاتجار بالنساء!

هذه هي اخبار قوى الإسلام السياسي، لا جديد فيها، خططهم ولغتهم لا تتغير على مدار سنين حكمهم البائسة.

الكوفة أحد اقضية مدينة النجف، هناك يخطب رجل الدين الدنيناوي بالآلاف من مناصريه، في عمل روتيني منذ سنوات، وهو خطيب تابع لأحدى تيارات الإسلام السياسي، في الجمعة الأخيرة من عام 2024 اتحفنا بتشخيص فذ لأسباب الفساد وقوة الفاسدين في العراق، فقال امام جموع مؤيديه بأن سبب الفساد هو "عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، أنه يريد بناء وتأسيس دولة على أساس "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، هل هناك من يتحمل هذا الهٌراء؟

كل الفاسدين والناهبين لثروات هذا البلد هم من الإسلاميين، بل ان اغلب رجال الدين هم فاسدين-بالمعنى المالي والإداري والأخلاقي-، اذن من يريد الدنيناوي امره بالمعروف ونهيه عن المنكر؟ ثم ان هناك داخل تياره السياسي اقطاب معروفين في الفساد والنهب، لماذا لا ينهيهم عن المنكر؟

يعود رجل الدين هذا ليتحفنا بهذه الجمعة الأولى من العام الجديد بطلب "منع الخمور"، ولا نعرف لماذا لا يتابع عمليتهم السياسية واخبارها؟ فهي قد منعت بيع وتصنيع واستيراد الخمور، بتشريعات ملزمة ومنفذة حرفيا؛ لقد وضعت دورية شرطة على كل مخزن لبيع المشروبات وعلى كل ناد ترفيهي، لقد أغلقت كل المنافذ؛ لو الدنيناوي يتواضع قليلا وينزل من منبره العالي، ويأتي لبغداد، ويسير في شوارعها التي كانت جميلة وتنبض بالحياة، لرأى مدينة موحشة، مظلمة، مقفرة، كريهة، لا حياة فيها.

لماذا لا يتحدث عن الواقع الصحي او التعليمي او الخدمي؟ لماذا لا يتحدث عن واقع الكهرباء؟ لماذا لا يتحدث عن البطالة وزيادة اسعار البضائع؟ لكنه ذكي جدا، فهذه المواضيع هم مشاركين ومساهمين في صنعها، وهو يريد توجيه البوصلة الى قضايا اخرى، بالتالي يبقي جمهوره خاضعا له.
في نفس مدينة النجف يلقى القبض على مدير استخباراتها بتهمة الفساد والاتجار بالنساء، هل يتصور أحد الواقع الحقيقي والرث الذي وصلت له هذه القوى الإسلامية؟

العلاقة واضحة ما بين خطب رجال الدين وبين ما تفعله القوى الإسلامية، فهذا "رجل الدين" يبقي الناس في حالة سبات، ببحثه عن مواضيع لا تمس حياة الناس ولا تشكل عليهم خطرا، انه يختار مواضيعه بعناية، او لنقل ان هناك لجان تشرف على صياغة هذه الخطب، فمثلا يتحدث عن "المثلية" وأنها الخطر الأكبر على المجتمع، او يتحدث عن النساء السافرات ويعدهن الهلاك الأكبر للمجتمع، او يتحدث عن الالحاد ويعده الضياع الأكبر للمجتمع، مع ان الضياع والهلاك الأكبر للمجتمع هو وجود هذه القوى الإسلامية.

نتمنى على الشيخ الدنيناوي ان لا يطالب بتفعيل "لجنة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" القديمة 2005، التي أحرقت دور السينما، والتي أغلقت صالونات حلاقة وتجميل النساء، وألزمت الحلاقين بعدم حلق اللحى للرجال، ووزعت الجوارب في الأسواق على النساء، وفجرت مخازن المشروبات، وجلدت وعاقبت بشدة من يقع بيدها وهو محتس الخمر، ثم اكتشفنا "بعد رحيل العمر" ان هذه اللجان تحول قياديها الى اهرام في الفساد والنهب والاستيلاء على الأراضي.

مدير استخبارات النجف هو النتيجة الحتمية لخطب رجال الدين وتربيتهم.

طارق فتحي