اعادة الوحدة النقابية الفلسطينية ضرورة المرحلة
جهاد عقل
الحوار المتمدن
-
العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 18:09
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
من الطبيعي ووفق المعايير النقابية أن تكون الحركة النقابية عامة وفي فلسطين خاصة ، موحدة في المبنى التنظيمي وفي النضال النقابي ، دفاعاً عن أبناء الطبقة العاملة عامة،موضوع وحدة الحركة النقابية هو حجر الأساس والمدماك المتين في تنظيم النضال النقابي عامة ، بل هو ضرورة مُلحة من أجل حماية العمال ومنع إستغلالهم من قبل أصحاب العمل ، وما بالنا اذا كان الحال كما هو حال العمال الفلسطينيين الذين يعيشون ظروف القمع الإحتلالي العسكري ، وظروف الإستغلال في سوق العمل الإسرائيلي.
نقولها بتواضع ، لقد سبق وكان لنا دور هام في إعادة اللحمة الوحدوية للطبقة العاملة الفلسطينية ممثلة بحركتها النقابية ، وكاتب هذه السطور كان له دور خاص في ترسيخ تلك الوحدة، من خلال روؤيا واضحة أن وحدة العمال ونقاباتهم هي ضرورة من أجل حمايتهم النقابية – الحقوقية ، ومن اجل ترسيخ قوتهم النضالية الوطنية أيضاً.
لكن وللأسف مع مرور الزمن ، وظاهرة الهيمنة الفصائلية على مؤسسات تلك الحركة النقابية الموحدة، وتغلغل ظاهرة الإعتماد على التمويل الخارجي ، ودور البرجوازية المحليّة ،كل ذلك ادى الى تحويل تلك الوحدة ، الى "وحدة شكلية" بعيدة عن دورها النضالي والنقابي والوطني. وفي دراسة للدكتور خالد عبد الحق بعنوان :”الوحدة والتعددية النقابية في الحالة الفلسطينية" تساءل عن سبب تلك الحالة وكتب : “1- أن التعددية النقابية في فلسطني لم تنشأ نتيجة حاجة فعلية متأصلة أو جذرية لدى الحركة العمالية الفلسطينية, وإنما جاءت رد فعل طبيعي لتراكم الظروف وتفاعلها،والعوامل الذاتية والموضوعية, التي أدت إلى صريورتها وتناميها.
2 - إن معوقات تحقيق وحدة الحركة العمالية لا تنبع من الطبقة العاملة ذاتها, ولكنها نتيجة سياسات وممارسات وأهداف نابعة من خارج نطاق هذه الطبقة, وتأتي نتيجة تفاعل مرتبط بالنسق التاريخي، لطبيعة تطور علاقات السلطة الفلسطينية، والربجوازية المحلية، وبعض القيادات المهيمنة والمسيطرة على الحركة العمالية، وعلى واقع الطبقة العاملة"
من خلال هذا التساؤل يقوم د. عبد الحق بتحليل وتشخيص حقيقية حالة التفسخ القائمة في الحركة النقابية الفلسطينية ، وتشكيل نقابات وحركات نقابية منها وهمية ومنها فاعلة بشكل محدود في القيام بمتابعة قضايا حقوقية للعدد من العمال .
لكن حقيقة الأمر أن جميع هذه الاتحادات النقابية ، أو الحركات النقابية لا تشكل قيادة حقيقية – طبقية للعمال الفلسطينيين ، يلتف حولها العمال ، ويعتبرونها قيادة لهم ،قائدة لنضالاتهم ، مدافعه عن حقوقهم وترعى مصالحهم .
لقد تابعنا منذ اندلاع الحرب في شهر تشرين أول /أكتوبر 2023 ، ما قامت سلطات الإحتلال بفرض الحصار على العمال الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة،ومنعهم من العودة الى أماكن عملهم ، والغاء تصاريح عملهم ، مما أدى الى حالات التجويع وفقدان مصدر الرزق لهؤلاء العمال الذين يشكّلون العمود الفقري للطبقة العاملة الفلسطينية ، ومصدر اقتصادي مركزي للحالة الفلسطينية في ظل السلطة وفي ظل الاحتلال الإسرائيلي.نعم لم تقم القيادات النقابية ولم تستطع أن تقوم باعطاء جواب نضالي لهذا الحشد الكبير من أبناء الطبقة العاملة ، الذي تحوّل الى "جيش" من العاطلين عن العمل ، ولم تقم بواجبها في توحيدة كقوة نضالية في المجالين النقابي والوطني.
قد يقول البعض مشيراً الى عدد من البيانات الإستنكارية الصادرة عن الاتحادات النقابية ، أو النقابات التي تستنكر فيها شل تصاريح العمل ، او الإستنجاد بمواقف داعمة في المحافل النقابية الدولية ، او لدى منظمة العمل الدولية ، نحن لا نستنكر أهمية هذه الخطوات الداعمة دولياً ، لكن على الصعيد المحلي والميداني لم تترك تلك النقابات واتحاداتها بصمة وحدوية نضالية تقود النضال العمالي في مواجهة هذا العمل المخالف للقانون الدولي ، وتحويل هؤلاء العمال الى قوة نضالية دفاعاً عن حقوقهم النقابية المشلولة من قبل قوات الأحتلال والمشغّلين الاسرائيليين.
الوحدة النقابية هي الضمان المركزي لحماية العمال "عندما نتحدث عن الحركة العمالية فإن أول ما يتبادر إلى الذهن الشعار الماركسي والنقابي " يا عمال العامل احتدوا "، فهي الصرخة النقابية التي تعمل على تحفيز التضامن،والتكاتف العمالي في مواجهة البرجوازية، والطبقية، والاستغلال الطبقي, وعندما نشأت الحركة العمالية قامت على هذا الأساس”(2), هذا ما فقدته الحركة النقابية الفلسطينية في الفترة الأخيرة ، ففي الماضي الغير بعيد كنّا شاهدين بل مشاركين في نضالات نقابية طبقية أدت الى الكثير من القلق لدى قوات الإحتلال ، كان ذلك بفضل القيام بذلك النضال على أساس طبقي - نضالي وحدوي ، وليس على أساس وحدة نقابية ورقية أو وهمية .
لقد شخّص د. خالد عبد الحق في دراسته المذكورة حالة "التعددية النقابية الفلسطينية" وتأثيرها السلبي على الدور النضالي للطبقة العاملة الفلسطينية مشيراً الى حالة الإنقسام السياسي من جهة وحالة تجذّر ظاهرة " الإرتزاق النقابي" و "إن التعددية النقابية في الحالة الفلسطينية كان لها تأثير سلبي واضح, انعكس على طبيعة عمل الحركة العمالية الفلسطينية وهيكليتها وبنيتها , وعلى حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة”(3).
أننا نعود ونؤكد أنّ وحدة الحركة النقابية على أساس برنامج نضالي – طبقي هي ضرورة ماسة من أجل حماية العمال وطبقتهم العاملة ، في ظل الظروف التي تتدهور من يوم لآخر ، صحوة النقابيين المخلصين هي ضرورة ملحّة من أجل الوحدة النقابية النضالية في مواجهة المخططات التي تحيكها حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو خاصة زرع بذور اليأس من اجل التهجير… فهل من صحوة أيها الزملاء؟
هوامش :
1 – د. خالد عبد الحق - الوحدة والتعددية النقابية في الحالة الفلسطينية
2- ن.م
3- ن. م