العمال ضحايا الحرب وفرض حالة الطوارئ … يعانون من بطالة قسرية وفقدان الحقوق
جهاد عقل
الحوار المتمدن
-
العدد: 7779 - 2023 / 10 / 29 - 12:23
المحور:
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي 2024: تأثير الحروب والصراعات المسلحة على العمال والكادحين، والحركة النقابية
منذ اندلاع الحرب على غزة تواجه المرافق الإقتصادية أزمة سيكون لها تأثير سلبي وكبير على الاستقرار الإقتصادي عامة ، وعلى الوضع الإقتصادي للمواطنين، خاصة العمال والموظفين على مختلف مهنهم ممن إضطروا للتوقف عن العمل بسبب حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة في مختلف أنحاء البلاد.
لكن أكثر فرع إقتصادي تضرر حالياً هو فرع البناء ، حيث توقف العمل في أكثر ورشات البناء في مختلف أنحاء البلاد ، وذلك بسبب قيام حكومة نتنياهو بإغلاق المناطق الفلسطينية المحتلة ومنع إدخال العمال الفلسطينيين بما في ذلك ممن يحملون تصاريح عمل ، من دخول البلاد والعودة الى عملهم ، وقيام كثير من العمال الوافدين (الأجانب ) مغادرة البلاد والعودة الى وطنهم خوفاً على حياتهم وتأكيداً لذلك كتب موقع "والاه" ما يلي "العمال الأجانب يهربون من البلاد ….لقد فر ثُلث العمال المولدافيين من البلاد بالفعل، كما يهدد آلاف العمال الأتراك القادمين إلى إسرائيل كجزء من شركة يلمازلر بالمغادرة لأنه لا يوجد عمل وهم عاطلون عن العمل منذ أسبوع، كما أن سياسة الصين فيما يتعلق بالحرب تثير علامة استفهام كبيرة حول استمرار وصول الصينيين إلى إسرائيل..”( موقع والاه 15-10-2023)، وعن العمال الفلسطينيين والأزمة التي ستلحق بفرع البناء أكد الموقع نفسه قضية منع دخول العمال الفلسطينيين من الضفة المحتلة ومن غزة وتأثيرها السلبي على نهوض هذا الفرع حتى بعد انتهاء الحرب بقوله :”بالطبع لن يعود 17 ألف عامل من غزة، فماذا سيحدث للعمال الفلسطينيين من يهودا والسامرة، الذين للأسف يقومون بأعمال البناء الرطبة في إسرائيل؟ سؤال سيطرح بالتأكيد بعد الحرب”.
عمالنا أيضا في العاصفة
حدثني عامل يعمل في فرع البناء في لقاء لنا بقوله، الظروف الحالية لا تسمح لنا بالعودة الى ورشة البناء التي نعمل بها ، وذلك لعدة أسباب ، أولها موجة التحريض التي تقوم بها وسائل الإعلام الإسرائيلية ( الصهيونية) والجهات الحكومية وغيرها من قوى اليمين المتطرف على كل ما هو عربي ، مما يجعلنا نشعر بعدم الأمان، لقد ذهبت يوم الى العمل ، فوجدت نفسي في حالة ملاحقة ، قوات تابعة للبلدية تأتي وتقوم بتسجيل تفاصيلي الشخصية أنا وزملائي ، بعدها قوة شرطية أتت مدججه بالسلاح ، تقول بأنها تلقت شكوى من مواطنين يقولون فيها بوجود "مخربين" في المنطقة ، وغيرها من الأمور التي لا تجعلك تشعر بالإطمئنان على حياتك.
هذا جانب ، الجانب الآخر أجد نفسي ومعي الكثير من العمال في حالة تعطيل قسري عن العمل وفقدان مصدر دخلنا اليومي ، مما يعني عدم التمكن من توفير متطلبات العائلة من جهة وعدم الإيفاء بالتزامات قمنا والتزمنا بها إعتماداً على دخلنا من العمل ، ولا نجد من الحكومة أية حلول لوضعنا هذا.
تصريحات تحريضية على العمال العرب
ما قام به شرطي تابع لشرطة بلدة "روش هعاين" ( راس العين ) وانتشرت تصريحاته على وسائل التواصل الإجتماعي بقوله ما معناه " لا نريد عرب اسرائيليين هنا ..هيا غادروا فوراً " قال ذلك وهو يحمل السلاح ، مما اضطر رئيس بلديته الى اصدار تصريح بأنه يرفض هذا التصرف وهذا القول ، كما تابعنا ما قام به عدد من رؤساء السلطات المحلية اليهودية ، بتشكيل حاميات أو وحدات مسلحة تقوم بمراقبة وتوقيف كل من تشتبه به بأنه عربياً ، بل ومنها – أي هذه الوحدات – من قام أفرادها بإجراء تفتيش في ورشات البناء في بلداتها وإعتقال كل عامل عربي يعمل هناك وتعرضه للشتائم والتهديد ، والقيام إما بتسليمه للشرطة لإعتقاله ، وفي أحسن الحالات طرده عبر الحواجز العسكرية ليعود الى بلده في الضفة المحتلة ، اما اذا كان من منطقة غزة حتى لو حمل تصريح عمل يجري إعتقاله من قبل الشرطة ، كما حدث في مدينة رحوفوت .
يتناسى هؤلاء العنصريين أن القذائف مهما كان مصدرها لا تفرق بين عامل وآخر وقد يكون ضحيتها عربياً أو أجنبياً او يهودياً ، ونذكر هؤلاء المهوسيين بالعنصرية أن العامل العربي مفيد سنونو من أبو سنان كان ضحية قنبلة أصابته خلال عمله وأصيب اربعة عمال من زملاءه في ورشة البناء التي عمل بها في مستوطنة "شتولا" شمالي البلاد.
اتحاد المقاولين يناشد حكومة نتنياهو
أزمة فرع البناء خاصة ومختلف المرافق الإقتصادية من صناعة وغيرها دفعت رئيس اتحاد أرباب الصناعة ورئيس اتحاد المقاوليين راؤول سروغو الى أجراء اتصالات وإجتماعات مع جهات حكومية ، من وزراء ومسؤولين حكومين ، لمناشدتهم لإيجاد حلول للأزمة ، خاصة في ظل التصريحات الحكومية التي تتحدث عن "حرب طويلة الأمد " ، لكنهم لم يجدوا الحلول الشافية وفق تصريحاتهم الصادرة بعد تلك الإجتماعات ، مما يعني تعمق أزمتهم أكثر وأكثر.
لكن رئيس اتحاد المقاولين عاد وحاول تهدئة الوضع باصدار تصريحات تدعو العمال المحليين العودة للعمل . متناسياً بأن اكثرية السلطات المحلية في البلاد وعلى رأسها بلدية تل ابيب – يافا أصدرت أوامر بإغلاق ورشات البناء في أطار حدودها مما يعني فرض بطالة قسرية على العمال العاملين في هذه الورشات.
أستقدام 160 الف عامل هندي لفرع البناء وغيره؟؟؟
تصريح وزير الإقتصاد نير بركات بأنه توصل الى تفاهمات مع زميله وزير الإقتصاد الهندي على استقدام 160 الفا عامل هندي منهم عمال بناء ، للعمل في فرع البناء ، ذكرني بتصريح رئيس وزراء اسرائيل اسحق شمير عندما قرر استقدام عمال اجانب في ظل الإنتفاضة لكن هذا الحل لم يكن الحل الصائب وفشل لاحقاً، وعاد فرع البناء الإعتماد على العمال الفلسطينيين والمحليين ، حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية واتحاد المقاولين لم يأخذا هذا التصريح محمل الجد ، فقد جاء عنوان الخبر لهذا الموضوع في جريدة "كلكليست" :”طائرة العمال الوهمية لنير بركات ستنقل 160 ألف عامل من الهند إلى إسرائيل" (23-10-2023) وجاء في مطلع الخبر نفسه :” إن الوعد الذي أطلقه وزير الاقتصاد أمس بجلب عشرات الآلاف من العمال إلى إسرائيل من الهند لن يتحقق إلا في مخيلته. والوزارات الحكومية مشغولة بتبادل الاتهامات أكثر من انشغالها باستعادة الاقتصاد الذي تضرر بسبب غياب العمال الفلسطينيين”. ووصفت الصحيفة هذا التصريح بأنه مجرد "ملعقة مكدسة بالملح " أي بأنه فارغ من المضمون ، خاصة وأن الوزير نفسة سبق وصرح في شهر نيسان الأخير بأنه توصل مع زميله الهندي على استقدام 30 الف عامل بناء للعمل في فرع البناء يومها كان عنوان الخبر لنفس الجريدة "وعد آخر على الجليد لبركات: عمال من الهند في قطاع البناء"( 22.4.2023 ) لكن ورغم مرور فترة طويلة لم يأت عامل واحد حتى الآن الى اسرائيل أي صدقت توقعات الجريدية بأن تصريحة ذاب كما يذوب الجليد، ، لذلك فحديث هذا الوزير اليميني نير بركات عن استقدام 160 الف عامل يشمل فرع البناء وفرع الرعاية الصحية على حد قوله بأنه ذائب بسرعة ك "الملح" لا محالة.
العمال هم الضحية الأولى والأخيرة للحرب
لقد قامت عدة جهات بإعتماد طريقة "الخط الساخن" لمساعدة العمال من مختلف المهن في الرد على أسئلتهم ، مع تقديرنا لهذه المبادرات الهامة ، لكن هذا لا يعفي الحكومة من مسؤولياتها إتجاه مواطنيها ، فالحكومة التي تسير على طريق الحرب والقتل والقتال وليس على طريق السلم والسلام ، من المفروض عليها أولاً وقبل كل شيء الإهتمام بأمن وسلامة مواطنيها من جميع الجوانب ، وفي مقدمتها تأمين الدخل لهم وتوفير متطلبات الحياة الأساسية لهم ، وفي حال الوضع لدى عمالنا وجماهيرنا العربية الفلسطينية في اسرائيل، نجد أن هذه الحكومة لا تمتهن سوى القيام بالتحريض وكم الأفواه وليس توفير لقمة العيش لتلك الأفواه التي تعطل ولي امرها عن العمل قسرياً ، وما بالك بوضع حوالي 190 الفا عامل فلسطيني ممن يقبعون تحت الإحتلال وربطهم هذا الإحتلال بلقمة عيشهم بإقتصاده وورشات عمله ، واليوم يعتبرهم الأعداء ويفرض عليهم الحصار وغيره من الممارسات القمعية.
نأمل الا تستمر هذه الحرب طويلاً وأن يعود عمالنا جميعاً الى حياتهم الطبيعية ، وعلى الحكومة وجميع المسؤولين التوقف عن إشعال نار التحريض العنصري على جماهيرنا عامة وعمالنا خاصة وإيجاد الحلول لمتطلباتهم .