ف 2 ب 2 : بين الكلمة الاهية واللوغوس اليونانى المسيحى


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8062 - 2024 / 8 / 7 - 16:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )
الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره
الفصل الثانى : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى والمسيحى
أولا : ( الكلمة الالهية ) فى الرسالات الألهية السابقة والأمم السابقة :
1 ـ كل ما سبق فى القرآن الكريم عن الكلمة الالهية نزل فى الكتب الالهية السابقة ، وقال به كل رسول بلسان قومه ، والله جل وعلا لم يقص علينا كل الرسل ، قال جل وعلا : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)(164)النساء).
2 ـ وجاء نذير فى كل أمة ومجتمع . قال جل وعلا :( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ (24) فاطر). والنُّذر نوعان : أنبياء مرسلون ، ودُعاة مسلمون على دين الأنبياء المرسلين يتطوّعون لاصلاح أقوامهم .
3 ـ وهناك عادة سيئة لدى البشر هو أنهم سرعان ما يكذبون برسولهم فى حياته وبعد مماته ، حدث هذا فى الرسل السابقين، قال جل وعلا : (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (44) المؤمنون )، وحدث هذا مع خاتم النبيين،عليهم جميعا السلام.
4 ـ ومع التكذيب والتحريف فى الرسالات الالهية يتبقى شىء من معالمها مختلطا بمزاعم الكفر وتقديس البشر. وحدث هذا مع تعاملهم مع مفهوم ( الكلمة الالهية ) أو القول الالهى :( كن فيكون ) .
5 ـ بالتطبيق على تاريخ مصر القديمة فقد عرفت الكثير من الأنبياء.
ترددت إشارات فى قصة يوسف تؤكد معرفتهم بالله جل وعلا بل والتوبة اليه ، نقرأ الآيات الكريمة التالية :
5 / 1 :( فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)يوسف )
5 / 2 : ( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) يوسف )
وفى قصة موسى مع فرعون :
5 / 3 ـ إستغل موسى معرفتهم بالله جل وعلا فى وعظهم ، فقال لهم : ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) الدخان ) .
5 / 4 : ومؤمن آل فرعون إستخدم ثقافته الدينية فى وعظ قومه وذكّرهم برسالة يوسف من قبل : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)) ... ( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِي أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) ) غافر )
6 ـ الشائع فى دين الكفر فى كل زمان ومكان هو إنهم ــ مع معرفتهم بالله جل وعلا ــ يعبدون معه آلهة وأولياء يخترعون لها أسماء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . ونعطى أمثلة :
6 / 1 : قال يوسف لصاحبيه فى السجن : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40) يوسف 40)
6 / 2 : قبله قال النبى هود لقومه عاد : ( قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ )(71)الاعراف 71 ) .
6 / 3 : قبلهم كان قوم نوح يعبدون أسماء أطلقوها على آلهتهم ـ مع معرفتهم بالله جل وعلا . ولبث نوح 950 عاما يدعوهم بلا فائدة : ( وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23) نوح ) .
7 / 4 ـ وقت نزول القرآن الكريم كانت فى العرب تعبد الأسماء التى إخترعتها وما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . وفى خطاب مباشر قال لهم الله جل وعلا : ( أَفَرَأَيْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى (23) النجم 23 ).
7 / 5 : المفترض أن المحمديين يقرأون القرآن الكريم ، ولكنهم حتى الآن يقدسون أسماء مثل ( البخارى و ابو بكر وعمر وعلى والحسين وعائشة و ابى هريرة وابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب ..الخ )!. وهى أسماء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . وهكذا فالكفر ملّة واحدة . مهما إختلف الزمان والمكان واللسان .
وهنا ندخل فى ( الكلمة الالهية ) ، والتحريف الذى حلّ بها .
ثانيا : تحريف الكلمة الالهية الى اللاجوس اليونانى والمسيحى :
1 ـ إندثر العلم بالتاريخ الفرعونى مع إنقراض العلم باللسان المصرى القديم ، ولكن انتقلت بعض أفكار الحضارة المصرية القديمة الى اليونان وأسهمت فى نهضتها الفكرية ، علاوة على ان اوربا وكل العالم القديم لم يخلُ من ارسال رسل ورسالات سماوية ، ولم يخلُ أيضا من تحريفها . ولكن الذى يعنينا فيما يخصّ موضوعنا عن ( الكلمة الالهية ) أنه تم تحويرها وتحريفها لتكون ( اللوغوس ) بمعنى الكلمة الالهية والخطاب و ( اللغة ) التى ينطق بها الناس ، ثم تحولت فى المسيحية الى الاله والمسيح ، وتحورت فى الفلسفات التالية الى ( العقل الكلى ) الذى صدرت عنه المخلوقات .
2 ــ ولسنا فى موضع الاستطراد فى هذا ، ولكن نقول سريعا أن ( الكلمة ) بمعنى( اللغة ) اللوغوس اليونانى قد غزت بالفلسفة الاغريقية الثقافات والمدارس الفلسفية فى منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط ( الاسكندرية والرها وإنطاكية ..الخ ) ، ومثلا، فإن هرقليطس : إعتبر الكلمة ( اللغة / اللاغوس ) هو القانون الكلى للكون ، ويراه الفيلسوف اليهودى فيلون أنه أول القوى الصادرة عن الله، وأنه محل الصور، والنموذج الأول لكل الأشياء. وهو القوة الباطنة التي تحيي الأشياء وتربط بينها. وهو يتدخل في تكوين العالم، لكنه ليس خالقاً.
3 ـ وتداخلت معها المسيحية فى الجدل حول طبيعة المسيح فصارت ( الكلمة / اللغة / اللوجوس ) أكثر غموضا ، وعندهم فى العهد الجديد قالوا (" في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، والله هو الكلمة، به كل شيء كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان".) ثم جعلوها المسيح . ثم تطرفوا فقالوا أن هذا اللوغوس أو الكلمة، هو الذي كان قبل خلق الكون، كان عند الله، وهو الله، وهذا اللوغوس أو الكلمة، تجسد، أي اتخذ جسداً، وحلّ بين الناس، فكشف لهم حقيقة النجاة. وبثّ فيهم الحياة الخالدة ,انه أبناء الله جل وعلا وأحباؤه .
4 ـ ثم تعقدت خلافاتهم بالربط بين ألوهية المسيح واللوغوس. وعن نسبة ما فى المسيح من ألوهية . ودخلت الفلسفة فى الجدل القائم فإزداد الأمر تعقيدا فى القرنين الثالث والرابع بعد الميلاد.
5 ـ وأخيرا وصلت الى العرب كلمة ( اللاغوس ) محرفة محمّلة بهذا الرجس ، فأصبحت :( لغة ) ، بمعنى الكلمة ثم بمعنى ( اللسان ) فأصبح يقال ( اللغة العربية) بدلا من قول ( اللسان العربى ).
أخيرا
ونحتكم الى رب العزة فى هذا الهجص المتوارث :
1 ـ عن القول الالهى والكلمة الالهية بالخلق والايجاد يقول جل وعلا : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس )( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) النحل ).
2 ـ ونزل جبريل ( الروح ) متجسدا فى شكل بشر الى مريم العذراء يحمل معه كلمة ( كن ) : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً (21) مريم ) (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ (12) التحريم) (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) الانبياء ).
بكلمة ( كُن ) خلق الله جل وعلا آدم بلا أب ولا أم ، وبكلمة ( كن ) خلق الله جل وعلا عيسى بلا أب ، وعن الصلة بين آدم وعيسى فى خلقهما بكلمة ( كن ) يقول جل وعلا : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران ) .
لهذا يوصف عيسى بوصفين تميز بهما ، أنه ( كلمة الله ألقاها الى مريم ) وأنه ( روح منه ) نسبة الى الروح جبريل . وفى الحالتين فهو مخلوق ، وبالتالى فإن تأليهه غلوُّ فى الكفر ، يقول جل وعلا فى خطاب مباشر لأهل الكتاب : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172) النساء ). وقال جل وعلا عمّن يؤله المسيح وأُمّه : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) المائدة )
وقد جعلوا أنفسهم آلهة بالتناسخ من الروح القدس فقال جل وعلا عنهم : ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) المائدة ).
2 ـ وقد كرر المحمديون نفس هذا الهجص فى إفتراء شخصية الاهية لمحمد تتشابه مع الزيف الذى جعله أسلافهم للمسيح . يظهر هذا فى أحاديث مثل : ( كنت نبيا وآدم بين الماء والطين / كنت نبيا وآدم لا ماء ولاطين ) ( أول ما خلق الله نور نبيّك يا جابر ) . ثم توسع الصوفية فى عقدة ( الحقيقة المحمدية ) فجعلوا ( النور المحمدي) يتنقل من ألاههم محمد الى أوليائهم . وقبلهم نقل البخارى الزيف الذى جاء فى سفر التكوين عن أن الله جل وعلا خلق آدم على صورته .