الآية الأخيرة من سورة ( الكهف )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8067 - 2024 / 8 / 12 - 16:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

سؤال من الصديق د محمود ابو جودة : ( السلام عليكن دكتور منصور إذا سمح لك وقتك اريد منك توضيح معنى الاية" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى الي….." ما المقصود ببشر مثلكم ومن هو أنا وما المقصود بإلقاء ربه ولمذا ذكر بان يعمل عملا صالحا ولم يذكر جميع اركان الإسلام معا من حج وصيام وصلاة )
الاجابة :
أولا :
قال جل وعلا : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110) الكهف ).
هذه الآية الكريمة توجز دين الاسلام العالمى فى خطاب إلاهى للبشر جميعا الى آخر الزمان . وهى بهذا تستحق بحثا شاملا ، ولكن نوجزه كالآتى :
1 ـ ( قُلْ ) :
منشور لنا هنا كتاب: ( قل ) فى القرآن الكريم : عن ( أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن ) هذا الكتاب يوجز معالم الاسلام فى القرآن الكريم ،ويثبت أن أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن الكريم . أى يجعل حدا فاصلا بين دين الاسلام الذى لا مصدر له سوى القرآن ، واديان المحمديين الأرضية وتراثهم البشرى .). برجاء الرجوع اليه .
2 ـ ( إِنَّمَا ) :
أداة قصر وحصر . مثل : ( إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) مريم )
3 ـ ( أَنَا )
أى إنه عليه السلام مأمور أن يقول هذا عن نفسه بصيغة المتكلم . ليكون قوله حُجّة على من سيؤلهونه فيما بعد . أى هنا إعجاز ضمنى عن وقوع ( المحمديين ) فى تأليه النبى محمد عليه السلام ، وإنكار بشريته .
4 ـ ( بَشَرٌ) :
بشرية الأنبياء والرسُل حقيقة لا جدال فيها . ولا ينكرها سوى المشركين الذين يؤلهون الأنبياء كما يفعل المحمديون والمسيحيون . المحمديون ينسبون انفسهم الى إله صنعوه اسمه ( محمد ) وهم ( أمة محمد ) ، ونفس الحال مع المسيحيين والبوذيين ..الخ .
5 ـ ( مِثْلُكُمْ ).
هنا تأكيد على بشريته عليه السلام مثل بقية البشر مؤمنهم وكافرهم . والبشرية هنا فى الجسد وفى النفس , وتكرر هذا فى القرآن الكريم عن النبى محمد عليه السلام : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) َ(6) فصلت ).
والعادة أن الكافرين كانوا يستكثرون أن يكون النبى بشرا مثلهم . قالها :
5 / 1 : قوم نوح : ( فَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً ) (24) المؤمنون )
5 / 2 : قوم عاد : ( وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ (34) المؤمنون )
5 / 3 : وعن الجميع فى كل الأمم السابقة : كان من حوارهم رفض الرُّسُل لأنهم بشر مثلهم ، وكان يرد عليهم الرُّسُل بقول واحد مع إختلاف الزمان والمكان واللسان ، أنهم بشر مثل بقية البشر ولكن إختصهم الله جل وعلا بتبيلغ رسالته ( لا إله إلا الله ). :( قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11) ابراهيم )
5 / 4 : وقيل نفس الكلام لمحمد رسول الله . قالوا : ( هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) الانبياء )
5 / 5 ـ أكثر من ذلك كانوا يستهزونه به ؛ قال جل وعلا :
5 / 5 / 1 :( وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) الأنبياء )
5 / 5 / 2 :( وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (41) الفرقان )
5 / 6 ـ سخروا من كونه بشرا مثلهم يتصرّف مثلهم ، فى الأكل والشرب والسّعى فى سبيل الرزق . نقرأ قوله جل وعلا : ( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (8) الفرقان ) . وجاء الرّدُّ الالهى عليهم :
5 / 6 / 1 :( انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (11) الفرقان )
5 / 6 / 2 :( وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً (20) الفرقان )
5 / 7 ـ كان هؤلاء أعداءه فى حياته الدنيا ، وردّ الله جل وعلا عليهم . هناك أعداء له بعد موته ، وهم الذين ألّهوه ورفعوه فوق مستوى الله جل وعلا ، وهم بهذا يكفرون بالقرآن الكريم ، هذا مع وجود القرآن الكريم معهم ، ولكنهم ( إتّخذه مهجورا ) . أى كان موجودا لم يهجروه ولكن تعاملوا معه بطريقة يكون فيها موجودا ومهجورا ، وتتنوع طرقهم فى إتّخاذ القرآن الكريم مهجورا ، من الأحاديث الشيطانية واساطير القراءات والتفسير والنسخ ، والتغنى بالقرآن الكريم . نقرأ تبرؤ الرسول يوم القيامة من المحمديين ، خصومه الذين يؤلهونه بعد موته :( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31) الفرقان )
6 ـ ( يُوحَى إِلَيَّ ):
أى يتميز بالوحى الالهى عن بقية البشر . وبهذا الوحى يكون مُختارا من بين البشر بعلمه جل وعلا . قال جل وعلا : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ )( 24 )الأنعام ). ولكن هذا الوحى لا يجعله بشرا معصوما من الوقوع فى الخطا ، لذا فإن وقع فى خطأ فمن نفسه وإن أصاب فباتباعه الوحى . وهذا ما جاء فى خطاب مباشر له عليه السلام :
6 / 1 :( قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنْ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي )(50) سبأ ) 6 / 2 : ( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (79) النساء )
7 ـ ( أَنَّمَا ):
بفتح الهمزة أو بكسرها تفيد القصر والحصر . وتتنوع أساليب القصر والحصر ، من التقديم والتأخير مثل ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ) (54) الأعراف ). والنفى والاستثناء : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ) (59) الانعام ) ، وأداة ( إنما ):( فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ )(20) يونس )
8 ـ ( إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) :
هذا موجز العقيدة الاسلامية التى قالها كل الأنبياء. جاء هذا باسلوب القصر والحصر فى قوله جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) ) وبهذا جاء تحذير إلاهى لهم جميعا ألّا يقعوا فى الشرك : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (65) بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ (66) الزمر )
9 ـ ( فَمَنْ ) .
( من ) خطاب عام للبشر جميعا .
10 ـ ( فمن كَانَ ) :
أى كل من كان من البشر جميعا .
11 ـ ( يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ )
11 / 1 : لقاء الله جل وعلا هو يوم يقوم الناس لرب العالمين ، يوم القيامة ، يوم العرض عليه جل وعلا القائل : ( وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48) الكهف )( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم )
11 / 2 : والبشر نوعان : منهم من يرجو لقاء الله جل وعلا بالتقوى والعمل الصالح ، ومنهم من لا يرجو لقاء ربه جل وعلا غافلا منهمكا فى الدنيا غير مؤمن بيوم الدين ولقاء رب العالمين . نقرأ قوله جل وعلا :
11 / 2 / 1 : ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) الانعام ) هذا عمّن لا يرجو لقاء ربه .
11 / 2 / 2 : ( مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ ) (5) العنكبوت ). هذا عن الذى يرجو لقاء ربه .
12 ـ ( فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً )
العمل الصالح يشمل :
12 / 1 : العبادات وعمل الخيرات النافعة للناس .
12 / 1 / 1 : ( العبادات ) فى الاسلام ليست غاية وهدفا ، بل هى وسيلة لتطهير النفس وتزكيتها بالتقوى . قال جل وعلا :
12 / 1 / 1 / 1 : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) البقرة )
12 / 1 / 1 / 2 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة )
12 / 1 / 1 / 3 : ( وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )(45)العنكبوت )
12 / 1 / 1 / 4 : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197) البقرة )
12 / 1 / 1 / 5 : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21) الليل ).
الذى يجعل العبادات هدفا تتحول عبادته الى وسيلة للرياء وإرتكاب الكبائر . وهذا ما يفعله الارهابيون ، يتمسكون بتأدية الصلاة وسيلة لارتكابهم قتل الأبرياء . وهذا ما كان يفعله الصحابة والخلفاء الفاسقون أصحاب الفتوحات ، و هو نفس ما يفعله الوهابيون حتى الآن .
12 / 1 / 2 : ( عمل الخيرات )
هى كل فعل خير ، بدءا من قوله جل وعلا : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً )(83) البقرة ) الى التنافس فى فعل الخيرات والمسارعة اليها . قال جل وعلا :
12 / 1 / 2 / 1 : ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعاً ) (148) البقرة )
12 / 1 / 2 / 2 :( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) آل عمران )
12 / 1 / 2 / 3 : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة )
12 / 1 / 2 / 4 : ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) الأنبياء )
12 / 1 / 2 / 5 : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) الأنبياء )
12 / 1 / 2 / 6 : ( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) المؤمنون )
12 / 2 : لا بد فى العبادات وعمل الخيرات أن تصدر عن إيمان بالله جل وعلا وحده . ولذا فلن يدخل الجنة إلا :
12 / 2 / 1 : الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23) هود ) ، أو :
12 / 2 / 2 : المتقون . قال جل وعلا : ( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63) مريم )
12 / 3 : هناك من يعمل خيرا دون إيمان حقيقى بالله جل وعلا وباليوم الآخر . مثل ( بيل جيتس ) . هؤلاء يعطيهم الله جل وعلا أجرهم فى الدنيا مقابل عملهم الخيرى من المال الذى أنعم به عليهم . ولكن مصيرهم الى النار . قال جل وعلا : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) هود )
13 ـ ( وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً )
النهى عن الاشراك بالله جل وعلا تكرر كثيرا فى القرآن الكريم ، وجاء مرتين فى هذه الآية الكريمة : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ).
أخيرا :
1 ـ حين كان النبى محمد حيا يسعى قال له ربه جل وعلا عنه وعن أعدائه وقتها : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) الزمر ).
يبدو للوهلة الأولى المساواة بين النبى وخصومه فى إستحقاق الموت ، أى هو سيموت وهم سيموتون ، والموت هو تحول الجسد الى جيفة ثم الى تراب وعظام نخرة ، ينطبق هذا عليه وعليهم ، وأنه وهم ـ على قدم المساواة ـ سيختصمون أمام الله جل وعلا يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها : ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111) النحل ).
ولكن تدبر الآيتين يؤكّد أن التأكيد على موت النبى أكبر منه على موت خصومه ، فقد جاء الخطاب له فى البداية وهو شخص واحد ، وجاء لهم وهم كثيرون بالتبعية . ثم هو وحده سيختصم معهم جميعا . وليست له ميزة عليهم .
2 ـ ( المحمديون ) يكفرون بهذا . إذ يعتبرون النبى محمدا حيا لا يموت ، وهم يحجون الى القبر الرجسى المنسوب له فى المدينة بتوسلون به ، ولا يتصورون الحج للبيت الحرام كافيا إلا إذا كان معه الحج الى القبر الرجسى فى المدينة .