عن ( مغرمون / غول وينزفون / مسألة ميراث / غواش / المنافقون والمؤمنون)


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8043 - 2024 / 7 / 19 - 16:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السؤال الأول :
ما معنى ( مغرمون ) فى آية ( إنا لمغرمون ) فى سورة الواقعة ؟
إجابة السؤال الأول :
مصطلح ( غرم ) فى القرآن الكريم ليس هو ( الغرام ) بمعنى عاطفة الحب بين الذكر والأنثى . يعنى قرآنيا :
1 ـ الخسارة الدنيوية ، فى قوله جل وعلا :
1 / 1 : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( 60 ) التوبة )
1 / 2 : ( وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ) التوبة 98 )
1 / 3 : (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ) ( 40 ) الطور ) ، و ( القلم 46 ) .
1 / 4 : ( أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَءَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلَتُمْ َتَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) الواقعة )
2 ـ عذاب الآخرة فى دعاء عباد الرحمن: ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ) 65 ) الفرقان ).
السؤال الثانى :
ما معنى ( لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ) فى سورة الصافات ؟
إجابة السؤال الثانى :
قال جل وعلا : ( يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ (45) بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ ( 46 ) لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ( 47 ) الصافات )
1 ـ ( غول ) تعنى الصداع الناشىء عن السُكرمن شرب الخمر.
2 ـ ( ينزفون ) يعنى السُّكر الناشىء عن شرب الخمر ، والذى يماثل النزيف الدموى الذى يحدث شيئا فشيئا .
3 ـ وهذا يذكّرنا باختلاف طعام وشراب أهل الجنة عمّا نعرفه فى هذه الدنيا فى قوله جل وعلا :( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ) (15) محمد
.السؤال الثالث :
السلام عليكم دكتورنا الحبيب قبل ثلاثة اسابيع توفي ابني الحبيب عمرو وهو أعزب وترك مالا كيف يوزع الميراث علمًا له اب وام وأخوين ذكور فقط . وله اسهم في امريكا سيتم بيعها هل اذا تصدقنا بثمنها يصله الاجر ام هي ورثة توزع على الورثة ؟
إجابة السؤال الثالث :
1 ـ قال جل وعلا : (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (11) النساء ). للوالدين لكل واحد منهما السُدّس . الباقى للأخوين بالتساوى . هذا بعد سداد الديون ــ إن كانت ـ وتنفيذ الوصية ــ إن كانت .
2 ـ من يموت يتم غلق كتاب أعماله ، فلا مجال لإضافة سيئة أو حسنة . قال جل وعلا : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) النجم ). ليس لكل إنسان إلا سعيه حين كان حيا ، وسوف يراه يوم القيامة. قال جل وعلا : ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) الزلزلة ). تركة ابنكم تشمل ما له فى أمريكا .
السؤال الرابع :
ما معنى ( غواش ) فى آية ( لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ) (41) الأعراف ).
إجابة السؤال الرابع :
أصل ( غواش ) من (غشّى ) أى غطى ، ومنه غاشية وغواش . أصحاب النار يغطيهم العذاب من فوقهم ومن اسفلهم . نجد هذا المعنى فى قوله جل وعلا :
1 ـ ( لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) الأعراف ).
2 ـ ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) يَوْمَ يَغْشَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) العنكبوت )
3 ـ ( لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) الزمر ).
4 ـ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) الحج )
السؤال الخامس :
قال تعالى عن المنافقين ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) بينما قال عن المؤمنين ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) ما هو الدلالة هنا ؟
إجابة السؤال الخامس :
1 ـ يقول سبحانه وتعالى : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)التوبة ) . ثم يقول سبحانه وتعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) التوبة ).
2 ـ أعمال المنافقين تناقض أعمال المؤمنين ، ومصير المؤمنين إلى الجنة ومآل المنفقين إلى النار، وهذا ما توضحه الآيتان من سورة التوبة . والسياق الواضح هو التناقض بين صفات ومصير المنافقين والمؤمنين ..
3 ـ وفى هذا السياق قال سبحانه وتعالى عن المؤمنين : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) ، و لم يقل أن "المنافقين والمنافقات بعضهم أولياء بعض " وإنما قال ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) . والتدبر فى هذا المعنى يوضح أحد الفوارق الأساسية " النفسية " بين قلوب المؤمنين وقلوب المنافقين . فالمؤمنون الذين يخلصون قلوبهم لله تعالى يكونون رحماء بينهم ويوالى بعضهم بعضا موالاة تنبع من الإخلاص فى العقيدة والتناصر على الحق وفى سبيل الحق وابتغاء مرضاة الله تعالى ، حيث يحاسب كل منهم نفسه قبل أن يحاسبه ربه . أما المنافقون فهم حالة خاصة مختلفة عن المؤمنين وعن الكافرين الذين يعلنون كفرهم صراحة .. ولذلك ليس غريبا أن يقول الله تعالى " وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ " الأنفال 73 " مثلما قال " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ " لأن كلا الفريقين يعلن عقيدته إن كان مؤمنا وإن كان كافرا ، أما المنافق فهو فى حالة انعدام وزن ، يعلن عكس ما يبطن ، ويضمر نقيض ما يعتقد ، ينطق الإيمان ويكتم الكفر ، ولذلك فهو يخفى أو يحاول أن يخفى عن الآخرين حقيقة انتمائه ، ويظل فيه توجس وتشكك فى كل من حوله ، وينتظر من الجميع أن يتآمروا ضده ويمكروا به لأنه نفسه يمكر بهم ويتآمر عليهم، ويتوقع فى كل وقت أن يضبطه أعداؤه فى حالة تلبس ، وهو يعتبرهم أعداءه بينما يعاملهم فى الظاهر على أنهم إخوته ورفاقه .. وهو لا يأمن أن يفضحه أقرب الناس إليه لأنه لا يثق فى أقرب الناس إليه ، ويتوقع الوشاية به فى كل حين خصوصا وهولا يسكت عن التآمر وعن الحقد وعن المكر . ولذلك فهو لا يثق حتى برفاقه فى النفاق . ولذلك فإن المنافقين جميعا على طريقة واحدة هي الغدر الخداع والخسة والنذالة ،ومع أنهم على نفس الصفات إلا أنهم لا يوالى بعضهم بعضا خشية أن ينفث أحدهم سمومه فى الآخر .. لذلك قال تعالى عنهم وحدهم " الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ " ولم يقل" بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ " .