شوارد طارقية !!
طارق حجي
الحوار المتمدن
-
العدد: 7924 - 2024 / 3 / 22 - 11:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إذا وضعنا كلَ الفرق الإسلامية أمامنا ، بعد دراستنا لها ،سنجد أن "السلفيين" وفى مقدمتِهم من نسميهم بالوهابيين وسائر الفرق المنتمية لإبن تيمية وإبن قيم الجوزية (إبن القيّم) هم الأكثر تشدداً وميلاً للعنفِ وتأسيساً للعلاقةِ مع الله على أساسِ الخوف والرهبة والطمع. والنقيض يمثله الصوفيون ، فهم الأقل إصداراً للأحكام القاطعة على غيرهم والأكثر تأسيساً لعلاقةِ الإنسان باللهِ على أساسِ المحبة ، ومع البشر على أساس التسامح. ولا تدل كلماتٌ على هذا الخلافِ والإختلافِ من الكلمات التى كان أبوالحسن الشاذلي (أحد أشهر شيوخ الطرق الصوفية) يرددها وهو يطوف حول الكعبة : (اللهم فأشهد أننا ما عبدناك عن خوفٍ وطمعٍ). وأظن أنني قرأتُ ودرستُ وتابعتُ معظمَ الطرقِ الصوفية ، خاصةً خلال السنوات التى قضيتُها فى المغرب ، وهو ما يجعلهم فى نظري أكثر الفرق الإسلامية إنسانيةً وتسامحاً وروحانيةً. وليس من قبيل المصادفة أن الدولة العربية الإسلامية التى كانت حتى وقتٍ قريبٍ بقبضةٍ الوهابيين ، كانت تجرم الصوفية أي تعاقب المتصوفين !!!
====================
من فصول كتابي "عرفتُهم" وهو فصل عن واحدٍ من أشرفِ وزراء مِصْرَ حسب الله الكفراوي.
حسب الكفراوي : ولد سنة 1930 وتوفى سنة 2021. كان وزيراً للإسكان ما بين 1977 و 1993. جمعتني به معرفةٌ شخصيةٌ وصداقةٌ وطيدةٌ لأكثرِ من عشرين سنة. فى يومٍ من أيامِ الأسبوع الأول من شهر يناير سنة 2011 ، إتصلَ بي وقالَ لي أنه فى ضائقةٍ نفسيةٍ رهيبةٍ ويحتاج للحديثِ معي. ذهبتُ له فى مساءِ نفسِ اليوم : كنتُ فى مِصْرَ الجديدةِ وهو فى منطقةٍ إسمها "الحصري" ب 6 أكتوبر ليلتها ، جلستُ معه لأربعِ ساعات ! هو يتحدث وأنا أسمع، تحدث عن السنوات الأربع التى كان خلالها وزيراً مع الرئيس السادات. ثم بدأ حديثه المخضب بالألم والوجعِ عن ال 12 سنة التى قضاها كوزيرٍ للأراضي كما كنتُ أسميه ، وكانت التسميةُ تضحكه ! لأنه كان يعرف قصدي ! نظرَ لي وقال سأحدثك عن سنواتِ اللا-فساد وهى النصف الأول من مدة عمله مع الرئيس مبارك من 1981 إلى 1987 ، ثم عن سنوات الفساد وكان يقصد السنوات الست الثانية له مع الرئيس مبارك وأفرادِ أسرتِه من 1987 إلى 1993. حكى لي عن مساندة الرئيس مبارك له خلال الفترة الأولي (1981-1987) فى عدم الإستجابة لطلبات المقربين منه (من مبارك) ثم التحول للعكس بدءاً من سنة 1987. و أثناء حديثه توقف ورفع يديه وقال وهو يخاطب اللّهَ : يارب تكون نهاية حكمه كما أحب ، وفى حياتي ! ليلتها رجعت لبيتي لأجلس على مكتبي وأكتبُ كل كلمةٍ قالها !
====================سألني صديقٌ أمس : هل تُساند الدعوةَ لإقامةِ دولةٍ فلسطينية ؟ فقلت : وجدانياً "لا" … فدولة فلسطين ستكون مصدرَ مشكلاتٍ عديدة. ولكن عدم وجود دولة فلسطينية سيبقي منطقتنا فى حالتِها الجحيمية الراهنة. ومن منظورٍ پرجماتي بحت i.e. from a pure pragmatic standpoint فإن المشكلاتِ التى ستراها منطقتُنا إذا تأسست دولة للفلسطينيين ستكون أقلَ من المشكلات التى تواكب السيناريو الحالي أي سيناريو عدم وجود دولةٍ فلسطينية ! وأغلب الظن أن جحيمَ الفلسطينيين سيكون معظمه (وليس كله) "داخلياً" أي فلسطيني/فلسطيني عندما توجد دولةُ للفلسطينيين. ثم أضاف : "أن سيناريو وجود دولةٍ للفلسطينيين سيضعف (نسبياً) تيارات الأصولية الإسلامية ، السنية والشيعية وأيضاً النفوذ والمصالح والسياسات الإيرانية".
====================
هل الأفكار الأساس للإسلامِ السياسي هى "منتجات لجهاتٍ غير إسلامية مثل الدولة العميقة البريطانية والأمريكية - أم هى منتجات لبعضِ المسلمين فى جهاتٍ وأوقاتٍ مختلفة ؟ عندي الكثير الذى يمكنني قوله عن دورِ الدولةِ العميقةِ البريطانية والأمريكية فى هذا المجالِ. ولكن من العبثِ القول أن هذه الجهات (غير المسلمة) هى من إخترعت أفكار الإسلام السياس. فأيّ دارسٍ ل "الفرق الإسلامية" يعرف منابع هذه الأفكار. وذات يوم تحدثت عن إبن تيمية وذكرت أنه إستعمل هذا الحكم "يستتاب أو يُقتل" لأكثر من مائةِ (100) حالة ! وفى كتبي الكثير من البراهين على كون هذه الأفكار هى منتجات لبعض المسلمين ، ولكن ذيوعها وشيوعها تحققا بإرادة الدولتين العميقتين المشار لهما. وبالتالي ، فأن حمايةَ مجتمعِنا من هذا الطاعون لا تكون بسبلٍ سياسية فقط (رغم أهميتها) ولكن من الحتمي أن يوازي ذلك عملٌ فكريٌّ وثقافيٌّ وتربويٌّ وتعليميٌّ - ولاشك أن مجتمعاتنا ونظم حكمها يفعولون القليلَ جداً فى هذا المجال.
====================
منذ أكثر من أربعة عقود كنت أحد طلاب قسم الدراسات العليا بمعهد IMD IMD Business School - Lausanne وهو الأول بين كبريات معاهد الإدارة فى العالم واليوم كتب لي عميد هذا المعهد العريق (وهو صديق) رسالة تضمنت دهشته من إختلاف موقفي من حرب غزة عن موقف معظم المتحدثين باللغة العربية فكتبت له رسالة هذه ترجمتها العربية : ترى لماذا منذ 7 أكتوبر 2023 وأنا مشغولٌ لأقصى حدٍ بما يحدث فى غزة ؟ السبب بمنتهى الأمانةِ هو ليس من أجلِ عيونِ مِصْرَ وليس من أجلِ عيونِ إسرائيل بل من أجلي أنا !! نعم : من أجلي أنا وليس من أجلِ أيّ شخص ٍوليس من أجل أية جهةٍ فقد إنشغلتُ منذ أصدرتُ أول مؤلفاتي سنة 1978 بموضوعٍ واحدٍ أو بقضيةٍ واحدة وأقصدُ الترويج لأفكارِ وقيّم الحداثةِ. فكل كتبي/مؤلفاتي ومقالاتي وحواراتي (التليفزيونية والإذاعية والصحفية) ومحاضراتي معنيةً بنقدِ (و نقضِ) كل و أي فكرةٍ ثيوقراطية وفى نفسِِ الوقت : معنية بأفكار ونظم وعقلية الحداثةِ وبكل سلةِ النظمِ الماضوية ف "حماس" و داعش و حزب الله و جماعة الحوثيين و إيران و جماعة الإخوان هم أكبر و أخطر أعدائي و أعداء عقليتي و منظومتي الفكرية و مشروعي الفكري والثقافي
====================
الوطن فكرة مرفوضة عند الإخوان فمصر عندهم مجرد "ولاية" من ولايات "الأمة الإسلامية". وكلمات سيد قطب وهو أهم شخصية إخوانية (ما الوطن إلا حفنة من تراب عفن) تعتبر خلاصة نظرتهم ونظريتهم !
====================
منذ أيام كنتُ أقوم بترتيبِ ملفات تضم "أوراقي القديمة". يومها عثرتُ على مقالٍ قديمٍ نشرته مجلة شل SHELL فى سنة 1988 أي وقت رئاستي لها. وهذه فقرة من هذا المقال : (خلال الشهور الثلاثة الماضية قمتُ بتجربةٍ. فى جلسات عديدة ، سألتُ من أتحدث معه عن رأيه فى أشخاصٍ نشترك فى معرفتِهم. سألتُ مائة من مساعديني الأوروبيين كما سألت نفس العدد أي مائة من مساعديني المصريين. فى إجابات الأوروبيين تكرر مفردة competent أي "كفء" أحياناً ومفردة incompetent أي "غير كفء" فى أحيانٍ أخرى … ولم تتكرر مفردات مثل : ظريف … مش ظريف … دمه خفيف … دمه تقيل … إبن حلال ! بينما حدث العكس أي النقيض فى ردودِ المصريين !!! والمعنى واضح وضوح الشمس فى ظهرِ يومٍ صيفي فى القاهرة !!!