القصة الكاملة لمحاكمة عمال الترسانة البحرية عسكريًا
فاطمة رمضان
الحوار المتمدن
-
العدد: 5242 - 2016 / 8 / 2 - 11:11
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
يحاكم حاليًا 26 عامل وعاملة من عمال شركة الترسانة البحرية بالإسكندرية عسكريًا، في القضية رقم 2759 /2016، ضمنهم 14 عاملًا محبوسين حاليًا على ذمة القضية، و11 عامل يحاكمون غيابيًا، وعاملة أخلى سبيلها. وقد أحالتهم نيابة الإسكندرية العسكرية إلى المحكمة العسكرية للجنح، وفق نصها، "بصفتهم موظفين عموميين بشركة ترسانة الإسكندرية التابعة لجهاز الصناعات والخدمات البحرية بوزارة الدفاع، حرضوا العاملين بقطاعات الشركة المختلفة على الامتناع عن العمل، بأن قاموا بالدعوة للتجمع وتنظيم وقفة احتجاجية داخل الشركة، بقصد عرقلة سير العمل والإخلال بانتظامه، بهدف تحقيق غرض مشترك وهو تحقيق مطالبهم المبينة بتقرير قطاع الأمن بالشركة المرفق بالتحقيقات، وكان من شأن ذلك إحداث اضطراب بجميع قطاعات الشركة، والإضرار بالمصلحة العامة."
وأُلحق بالكتاب المُرسل من رئيس مجلس إدارة شركة ترسانة الإسكندرية إلى النيابة العسكرية بالإسكندرية مذكرتان؛ ملحق أ بعنوان "دلت التحريات على أن المحرضين" وملحق ب بعنوان "بيان بالمشاكل الخاصة بالعاملين بشركة ترسانة الإسكندرية، والمعروضة من اللجنة النقابية بتاريخ 22-5-2016".
ومن الغريب أن النيابة العسكرية وجّهت نفس التهم التي ذكرتها إدارة الشركة في مذكرتها. للـ26 عاملًا نفسهم الذين أرسلت إدارة الشركة أسماءهم في الملحق (أ). كما أنه بناء على كلام الشركة، أمرت النيابة بضبط وإحضار العمال، بل وباعتقالهم بمجرد ذهابهم للنيابة لسؤالها عن أسباب قرارها بضبطهم وإحضارهم - كما ذكرت زوجة أحد العمال- بينما لم يفعلوا سوى ممارسة حقهم في الاحتجاج بشكل سلمي. وهو ما يفتح الباب للكثير من الأسئلة، لعل أهمها هو عن ضمان استقلالية الجهة التي تحاكم العمال عن إدارة الشركة.
وقد أصاب أمر اعتقال العمال ومحاكمتهم عسكريًا أهالي العمال بخيبة أمل، فحكت أم أحد العمال أن ابنها يعمل بإحدى ورش الترسانة منذ أكثر من 15 سنة، وأنه وزملاؤه عندما سمعوا بأمر استدعاء النيابة العسكرية لهم، قرروا الذهاب لها يوم 25 مايو 2016، ليعرفوا سبب هذا الأمر، وأن رئيس النيابة، بعد سماع كلام العمال، قال لهم إنهم سيُخلى سبيلهم من الأقسام التابعة لها محال إقاماتهم، غير أنهم فوجئوا في الأقسام بأن قرار النيابة هو الحبس لأربعة أيام، جُددت حتى وصلت المدة لحبسهم لأكثر من خمسين يومًا.
كما حكى العمال كثيرًا عن الأوضاع المادية لأسرهم، سواء أسر الـ2400 عاملًا بعد إغلاق الشركة، أو أسر العمال المعتقلين، فقالت أم أحد العمال المعتقلين إن ابنها كان ينتهي من عمله في الترسانة ليتوجه لعمل آخر، لضآلة راتبه اﻷساسي الذي يبلغ 450 جنيهًا، وحتى يستطيع اﻹنفاق عليها وعلى زوجته وأطفاله، وإنه معتقل الآن وقد صرفت له الشركة في الشهر الأول أجره الأساسي، وفي الشهر الثاني نصف الأجر الأساسي، وتساءلت الأم: “كيف نعيش بهذا المبلغ الصغير، خصوصًا وأننا ندفع الكثير لنستطيع إدخال الطعام لهم في الأقسام؟”
وقالت زوجة أحد العمال المعتقلين إن زوجها لم يقم بالتخريب وإنما طالب بحقه وحق زملائه خصوصًا وأن تقاريره في العمل كلها جيدة، وإلا لما اختير لللذهاب لمدة ثلاثة أشهر للتدريب بتركيا في 2012، قبل أن يعود ويعمل في ورشة الفيبر جلاس.
وتحدثت زوجة عامل آخر عن زميلهم المهندس فاروق الذي صنَّع قطعة من قطع غيار الماكينات وفَّرت على الشركة عشرات الآلاف من العملة الصعبة اللازمة لاستيرادها، ثم اعتُقل مع العمال، واعتُدي عليه بالضرب في القسم، لمجرد شكواه من ضيق الكلابش على يده!
وكان جاء في المذكرة التي أرسلتها إدارة الشركة للنيابة العسكرية، أنه في يوم 22 مايو 2016 تجمَّع بعض العاملين بالترسانة من ورش البدن، للتحدث مع السيد لواء بحري رئيس مجلس الإدارة، أثناء مروره الصباحي على الشركة لعرض بعض مطالبهم، وكان منها اعتراضهم على القيمة الممنوحة من قبل القوات المسلحة بمناسبة شهر رمضان، وهي 75 جنيهًا، ومطالبتهم بتسديد الشركة لباقي مديونيات صندوق زمالة العاملين بالشركة، وتحديد موعد لإصدار حركة الترقيات، كما طالبوا بتوزيع نسبة الأرباح للعاملين بالشركة، وخاصة أرباح السنوات السابقة.
وأشارت المذكرة إلى رد رئيس مجلس إدارة الشركة على مطالب العمال، وكان منها أنه قد جرى تسديد مبالغ مالية من مديونية الشركة لصندوق الزمالة لتغطي مستحقات أعضاء الصندوق اللذين خرجوا معاش حتى فبراير 2016، وأن قيمة الـ 75 جنيهًا هي القيمة المالية الممنوحة من القيادة العامة للقوات المسلحة لجميع أفراد الجيش، وأن منحة رمضان ستُصرف بقيمة راتب شهر واحد على الأجر الأساسي، وأن أرباح الشركة لعام 2016 تحدَّد طبقًا للموازنة الختامية بعد تصديق مجلس الإدارة عليها، كما أشارت المذكرة إلى أن رئيس مجلس الإدارة كلَّف القطاع الإداري بالشركة بتجهيز القرارات الإدارية للمستحقين للترقيات بالشركة، وأن التصديق عليها سيحدث فور الانتهاء من الدراسة. وهو ما لم يرض به العمال، كون اﻷجور اﻷساسية لأكثر من 70% منهم (الشباب ممن عملوا بالشركة ما بين السبع إلى العشر سنوات) لا تتعدى الـ350 جنيهًا، ما لا يكفي التزامات أسرهم، خصوصًا مع ارتفاع الأسعار، وأنه قبل نقل ملكية الشركة للقوات المسلحة في عام 2007، كانت أرباح العمال تتراوح ما بين أجر 10 و11 شهرًا في السنة، وهو ما يعادل أجر ثمانية أشهر صافي على الأساسي، بعد خصم الضرائب وحصة التأمينات وغيرها، وكان أجر شهرين يُصرف في كل مناسبة، ومنها رمضان، وقد تواصل صرف الأرباح حتى عام 2010.
وطبقًا لما ذكر أحدهم، فقد حاول أعضاء اللجنة النقابية، يوم 22 مايو، أثناء لقائهم بمدير جهاز الصناعات والخدمات البحرية، التفاوض معه بشأن زيادة هذا المبلغ، إلا أن رده كان: "أصل الجيش ما بيتلويش دراعه"، ما جعل أعدادًا من باقي الورش يتجمعون في وقفة احتجاجية للإعلان عن عدم رضاهم عن تحديد قيمة منحة رمضان وعيد الفطر، كما جاء بمذكرة الشركة السابق ذكرها، مطالبين بـ"تطبيق الحد الأدنى للأجور، زيادة الجهود الإضافية إلى 75%، زيادة بدل الوجبة من 300 إلى 500 جنيهًا، صرف بدل مواصلات للعاملين، صرف الأرباح السنوية بحد أدنى 8 شهور وفي مواعيد محددة، وضع نظام جديد لرفع قيمة الحافز الشهري، وإنهاء إجراءات ضم العاملين للقوات المسلحة للاستفادة من مزاياها”.
ويحكي أحد أعضاء النقابة كيفية بدء قصة مطالبة العمال بحقوقهم المهدرة، والتي انتهت بالمحاكمات العسكرية، قائلًا إن العمال قابلوا رئيس مجلس إدارة الشركة أثناء مروره عليهم قبل رمضان بعشرة أيام، وبعد تهنئته بقدوم شهر رمضان، وجّهوا له سؤال: "هاتعمل معانا إيه في رمضان؟"، وكان رده: "للخلف در، وأتوكل على الله"، فرد عليه أحد العمال: "والله حرام عليك، إنت من يوم ما مسكتنا شحَّتنا، دا حريمنا في البيوت بتدعي عليك".
واستكمل عضو النقابة روايته للأحداث، قائلًا إنه بعد صعود رئيس مجلس إدارة الشركة، ورده على مطالبهم كما سبق الذكر، وجد العمال أنه لم يحقق شيئًا من مطالبهم، سوى سداد جزء من مديونية الشركة لصندوق الزمالة، وقالوا إن لهم حقوقًا ومطالب متأخرة منذ عام 2010، وكان الرد دائمًا: "انتظروا لحين الانتهاء من تطوير الشركة، ووقتها ستأخذون كل حقوقكم”، ما أدى لوقفتهم لتحقيق مطالبهم.
كما أدت وقفة العمال بدورها إلى حضور اللواء بحري مدير جهاز الصناعات والخدمات البحرية إلى مقر الشركة يوم 22 مايو، حيث طلب، طبقًا لنص المذكرة، مقابلة أعضاء اللجنة العمالية وبعض العاملين، بحضور رئيس مجلس إدارة الشركة.
حضر هذا اللقاء أربعة من العمال، وجاء في ملحق ب، من مذكرة إدارة الشركة المرسلة للنيابة العسكرية، أن المشاكل التي جرى بحثها في هذا اللقاء، بلغ عددها 13 مشكلة، منها المشكلة الخاصة باستقطاع نسب صندوق الزمالة بالشركة من كل عامل (10% على الراتب+ 5% من الحافز) وعدم توريدها من الشركة للصندوق، مع وصولها إلى ثلاثة ملايين جنيهًا، ومشكلة عدم صرف حافز العشرة أشهر، والذي يُصرف مع نهاية الخدمة، ويُستحق الصرف لحوالي 50 عاملًا. وجاء في المذكرة أن أقساط أشهر 10 و11 و12، قد اعتُمدت يوم 21 مايو، وأن الأسماء المستحقة ستُحصر وسيوضع مخطط زمني للصرف. كما طالب العاملون بتطبيق حافز الحد الأدنى للأجور الذي صُرف لمدة ستة أشهر ثم أوقف وخُصم بأثر رجعي، وكان الرد بأنه لا ينطبق على عمال الترسانة. ووردت في المذكرة أيضًا شكوى العمال من عدم الترقيات، وعدم تثبيت 36 عاملًا يعملون بعقود منذ أربع سنوات، وعدم تنفيذ حكم المحكمة بصرف بدل المخاطر على المرتب الأساسي، بدلًا من صرفه على بداية مربوط الدرجة، وشكا العمال أيضًا في اللقاء من عدم انتظام لقاء اللجنة النقابية مع رئيس مجلس إدارة الترسانة لانشغاله الدائم.
وحكى رئيس النقابة أن اللقاءات بين النقابة وبين رئيس مجلس إدارة الشركة توقفت منذ تسلم اﻷخير منصبه الحالي، منذ عام تقريبًا، فلم يُعقد إلا اجتماع واحد منذ توليه منصبه، قبل أن يتلوه آخر يومي 23 و24 مايو الماضي، بعد وقفة العمال، وأن إدارة الشركة مصرة على وصف أعضاء مجلس إدارة النقابة باللجنة العمالية (وهم السبعة المتبقون بالخدمة من الـ11 المنتخبين منذ عشر سنوات).
كان الرد في معظم شكاوى العمال عبارة عن التسويف، فقد قيل ردًا على المطالب بالترقية أنه جارٍ تجهيز دراسة بالأعداد المستحقة لها، وأنه ستجري مراجعة موقف العمال غير المثبتين، وسيُعرض أمر الحكم القضائي على مدير عام الجهاز بعد تجميع الموضوع ودراسته من الناحية القانونية خلال 15 يومًا. أما فيما يخص اجتماع النقابة مع رئيس مجلس الإدارة، فقد أشارت المذكرة إلى أنه سيُحدَّد موعد لقاء شهري تُعرض فيه مطالب العمال من خلال النقابة، و عند الضرورة سيُعقد خلال الشهر لقاء يختلف عن اللقاء الدوري.
أما فيما يخص تحديد هوية العاملين بالترسانة؛ كونهم يعاقبون ويحاكمون عسكريًا، بينما لا يتمتعون بخدمات ومميزات إدارة العاملين المدنيين بالقوات المسلحة، فكان الرد بتوضيح الفرق بين المدنيين التابعين لإدارة العاملين المدنيين بالقوات المسلحة، والمدنيين العاملين داخل القوات المسلحة، وأن العمال قد عُرّفوا ضمن الفئة الثانية، وأن هذا هو الوضع اﻷفضل من ناحية المرتب والحافز- طبقًا للمذكرة. وفيما يخص المحاكمة العسكرية، كان الرد بأن الخطأ أو الإضرار داخل منشأة تابعة للقوات المسلحة، حتى ولو صدر عن زائر للمنشأة، يستوجب على مرتكب الخطأ أو الأضرار، حكم المعيار المكاني، حيث يُحاكم بالنيابة العسكرية.
وعند سؤال عضو النقابة عن مطالب العمال التي دفعتهم للوقفة الاحتجاجية، ذكر نفس المطالب الواردة بالمذكرة، وكان تقديره أنه كان بمقدور النقابة إقناع العمال بالصبر والانتظار لحين تحقيق ما وعدت به الإدارة، إلا أن ذهاب العمال للشركة يوم 25 مايو ورؤيتهم منظرها، وكأنها ثكنة عسكرية، استفز العمال وأحزنهم، وبالتحديد كون شاب صغير بمقدوره منعهم من دخول شركتهم التي قضى بعضهم فيها أكثر من ثلاثين عامًا، وأن كونها لم تعد شركة العمال، وإنما شركة الجيش، انتقص من إحساسهم بالانتماء لها. كما أشار إلى أن الطريقة التي تحدث بها قائد قاعدة الإسكندرية البحرية، وقوله لهم "إحنا ممكن نقفل الشركة"، جعلا العمال ينفضُّون عنه أثناء حديثه معهم. وكان رأي عضو النقابة أن التعامل مع إدارة مدنية أفضل، لأن المدني يستطيع تقدير الظروف التي يعيش فيها العمال، ولكن القيادات العسكرية تربت على تنفيذ أوامر قياداتهم، و إصدار الأوامر للرتب الأقل منهم دون مناقشة، وقال إن هذا الأسلوب لا يتناسب مع شركة يعمل بها 2400 عاملًا، "فلن نستطيع بالأوامر فرض شيء عليهم، وإنما لابد من المناقشة والإقناع”.
ووصف أحد أعضاء اللجنة النقابية المحاكمات العسكرية التي يتعرض لها زملاؤه، وإغلاق الشركة وتشريد العمال بـ"كسر الرقبة، لكي لا يجرؤ أحد على طلب شيء”. وأضاف أن تهمة التحريض على الإضراب هي تهمة باطلة، لأن ورش الترسانة لا تعمل منذ أكثر من ستة أشهر لعدم وجود خامات بها، وأنه رغم وجود أوامر توريد للقوات المسلحة أو السكة الحديد (فرامر)، إلا أن المسبك متوقف منذ أكثر من سنة، كما أن الورش تتوقف لأتفه الأسباب، مثل عدم وجود رمل، أو انقطاع سير ماكينة، وكلها أشياء بسيطة يمكن توفيرها أو إصلاحها واستمرار العمل.
كما أن من المسكوت عنه شروط السلامة والصحة المهنية، وقد أشار العمال لعدم توفرها في الشركة، حينما حكوا قصة زميلين لهما قُتلا في شهر فبراير الماضي بسبب سقوطهما من أماكن مرتفعة. وبخلاف نقص وسائل الحماية الشخصية للعمال نجد أن الوسائل المتوفرة غير مناسبة لطبيعة المخاطر، ومنها مثلًا الأفرول البولستر الذي يجري تسليمه لعمال يقفون أمام النار، ما يعرضهم لخطر الاحتراق.
وعند سؤال العمال عن خضوعهم لمحاكمات عسكرية من قبل، ردوا باﻹيجاب، فقد كان من يخطئ أو يُتهم بالسرقة يحاكَم عسكريًا. كما حوكم اثنان من زملائهم عسكريًا بسبب احتراق المركب "زين"، وهو الحريق الذي أدى إلى وفاة اثنين.
عددت مذكرة النيابة التهديدات التي تعرضت لها الشركة خلال الوقفة الاحتجاجية للعمال وبسببها يحاكم العمال عسكريًا، وكانت كما يلي "إيقاف تنفيذ خطة العمل الإنتاجية بالشركة، تهديد العاملين الراغبين في الاستمرار بالعمل، والتهديد والوعيد بعدم العودة إلى العمل إلا بعد تلبية مطالبهم”. وكان من ضمن المخالفات التي قام بها العاملون، بحسب المذكرة "الإضرار بمصالح الشركة المتعلقة بتنفيذ العقود الموقعة مع الغير والجهات الأجنبية ما يترتب عليه إلحاق ضرر جسيم بأموال الشركة، بالإضافة للامتناع عن العمل، والتحريض على الامتناع عن أداء العمل ومنع العاملين من أداء عملهم، والتظاهر وتنظيم وقفات احتجاجية بدون تصريح”. وبالنظر لما عُرض في مذكرة رئيس مجلس إدارة شركة الترسانة البحرية الموجهة للنيابة العسكرية، تظهر العديد من التساؤلات، وهي كما يلي:
1- بالنظر في مطالب العمال في المواضع ثلاثة بمذكرة إدارة الشركة نلاحظ عدم تطابق المطالب، ما يشير إلى عدم اتفاق العمال المسبق، سواء على المطالب أو الوقفة الاحتجاجية (رغم حقهم في المطالبة بحقوقهم وممارسة الوقفات السلمية أو الإضراب أو الاعتصام) وإنما حرَّكتهم وحرَّضتهم موجة الغلاء في مناسبات تزداد فيها طلبات المنازل مع ضآلة المكافأة، فبدأوا يطالبون بما كان يُصرف لهم مسبقًا. وهو ما ينفي عن العمال تهمة التحريض على الإضراب.
2- من الاتهامات الموجّهة للعمال الإضرار بمصالح الشركة المتعلقة بتنفيذ العقود الموقعة مع الغير والجهات الأجنبية، ما يترتب عليه إلحاق ضرر جسيم بأموال الشركة. وهذا الضرر حدث لمجرد أن نسبة لا تتعدى 10% من العاملين (كما جاء بنفس المذكرة) قامت بوقفات لعدة ساعات، فما بالنا بالضرر الذي لحق بالشركة وتعاقداتها بسبب قرار الإغلاق منذ يوم 23 مايو وحتى الآن؟ ولماذا لا يحاكم من اتخذ هذا القرار عسكريًا كما يحاكَم العمال، ولماذا لا يحاكَم بتهمة حرمان العمال من حقهم في العمل؟
3- ألا يُعد استيلاء إدارة الشركة على أموال صندوق الزمالة وعدم توريدها لسنوات جريمة يجب أن يحاسَب كل من شارك فيها؟
4- ألا يُعد تجميد أوضاع العاملين بالترسانة البحرية بدون ترقيات لأكثر من ست سنوات جريمة يجب أن يحاسَب المتسبب فيها؟
5- تعني مطالبة العمال بتطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم (1200 جنيه) ضآلة أجورهم. فليخبرنا المسؤولون بأجور العاملين بمؤسسات الجيش ممن قضوا فيه عشر سنوات أو عشرين سنة، وبنسبة أجورهم لأجور عمال الترسانة البحرية، وبمكافأة نهاية الخدمة بالنسبة لهم، هل هي عشرة أشهر فقط مثلما يأخذ عمال الترسانة البحرية في نهاية خدمتهم، وما سبب منع حتى هذه المكافأة الضئيلة عنهم، وعدم البدء في جدولتها إلا بعد وقفات العمال ومطالبتهم بها؟
6- كيف يُسمّى امتناع إدارة الشركة عن تنفيذ حكم محكمة؟ ألا يستحق المحاكمة من رفض تنفيذ حكم المحكمة؟
7- لماذا يُحرَم العمال وممثلوهم من التفاوض مع الإدارة؟ لماذا لم يجر الحديث عن لقاء شهري للنقابة مع رئيس مجلس إدارة الشركة إلا بعد وقفة العمال؟ ولماذا الإصرار على نزع صفة "أعضاء النقابة" عن النقابيين، والاكتفاء بالإشارة إليهم بـ"اللجنة العمالية"؟
إن المحاكمة العسكرية للمدنيين بشكل عام مرفوضة، وهي مرفوضة بشكل خاص بالنسبة لعمال وقفوا للمطالبة بالحد الأدنى من حقوقهم.
أوقفوا المحاكمات العسكرية للمدنيين. أوقفوا المحاكمة العسكرية لعمال الترسانة البحرية. حاكموا من تسبب في تدهور أوضاعهم المهنية والمادية.