سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 5183 - 2016 / 6 / 4 - 21:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
-فى السببية - جزء أول .
- تأملات إلحادية - جزء ثامن .
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان ( 49) .
هى رؤى فكرية وخواطر ومواقف تدور حول الإلحاد والإيمان أردت صياغتها فى تأملات موجزة بعدة سطور بغية أن يصل مضمونها بشكل سريع ومؤثر ولتفتح المجال أمام آفاق العقل لإختبارها والإبحار فيها .. أعتذر عن دسامة المحتوى فهكذا طبيعة كتاباتى , أو قل رغبة دفينة فى تدوين كل ما يجول فى دماغى قبل إنقضاء الحياة .
سنتناول السببية التى تعتبر حجر الزاوية المنطقى فى وعى المؤمن بفكرة الإله عندما يحاول أن يجعل لفكرة الإله منطق عقلى مقبول , لأتناول السببية من جوانب عدة حول ماهية السببية وكونها قراءة ذاتية للإنسان وليس منطق الوجود علاوة على المغالطات الكثيرة فى التعاطى مع السببية فى رؤيتها التقليدية والتى ستبدد كل المزاعم التى يروجها أصحاب فكرة الإله كمسبب الأسباب وسبب أول علاوة على إستحالة الخلق لأنشر هذا البحث على جزأين .
- يعتقد المؤمنين والملحدين بالسببية كمنطق وترتيب عقلى لترابط الاشياء , ليكون الإختلاف أن المؤمن يطلق مفهوم السببية بينما يتحفظ الملحد على إطلاقه , علاوة على إختلاف آخر جوهرى يتمثل فى طبيعة المُسبب , فالمؤمنين يرونه عاقلاً ذو إرادة والملحدين يرونه غير عاقل , فمعنى ان المُسبب عاقل واعى فهذا يعنى أن ما يصدر منه كأسباب ومُسببات هى ذات حكمة وترتيب ومعنى وكذا لديه خطة أى أنه خاضع لها بإلتزاماتها وترتيباتها ومنطقيتها وأحكامها فلا يستطيع القفز على نظامها ومن هنا يكون الإله خاضع لنظام , أما لو إعتبر أحد بغطرسة أن الله غير خاضع لمسببات كونه يخلق ممتلكاً مشيئة وحرية مطلقة فسيكون الخلق فعل عبثى عشوائى بدون نظام ليجد المؤمن نفسه يذهب للملحد برجليه فقد جعل الإيجاد يتم بشكل غير واعى ولا منظم ولا وفق ترتيبات .
- لا يوجد منطق لدى المؤمنين غير السببية لإثبات وجود إله , فالبعرة من البعير ,إذن سماء ذات بروج من إله قدير وبالرغم أننا فندنا هذا التهافت فى مقال سابق كون هذا المنطق الذى يستخدمونه لإثبات إله يلقونه عند أقرب صندوق قمامة عندما نسأل عن سببية الإله , علاوة أن السببية تعتمد على الخبرات السابقة حتى لا يتعسفون ويحشرون الإله فيها , بمعنى أننا نقول أن البعرة من البعير بعدما شاهدنا مراراً وتكراراً بعير تسقط منه بعرة فهل لدينا خبرات عن آلهة تخلق أكوان ليكون هذا الكون من إله .؟!
- يثير إستياء المرء ذلك الغرور والصلف الأجوف الذى يتمتع به المؤمن عندما يحاول إثبات وجود الإله فهو لا يقدم لك أى شيئ حول إثبات وجوده بالرغم أنه صاحب فرضية الإله فلا توجد أى مصوغات يقدمها فهو يجهل ذاته وماهيته وكينونتة , لتستغرب من هذا الإيمان العجيب الذى يجهل ماهية من يعبده !! ولتندهش عندما تجد الإنبطاح الغبى بإستنكار لمن يسأل عن ماهية وكينونة الإله وكأنك إقترفت جريمة , ولكن هكذا يؤمنون .. طالما هو يجهل وليس لديه معطيات فليستحى من نفخ صدره وممارسة هذا التعالى الأجوف الذى يَعتريه عندما يتعاطى فى حوار عن وجود الله , فهو ليس لديه معطيات يقدمها بل أسئلة تُطلق ليتصور أن غموضها تمنحه الثقة فى الإيمان بوجود إله وتضع الناكرين فى مأزق .!
* من خلق الكون
- قبل التطرق لمحتويات مقالى سأتناول ذلك السؤال الطفولى الذى يتم ترديده دوماً " من خلق الكون " فصاحب هذا السؤال يطرح نفس السؤال الذى طرحه الإنسان القديم فى ظل إستمرار حالة من الطفولية الإنسانية والجهل المعرفى وعدم الإدراك لتكون الإجابة لهذا السؤال المحير هو الله أو زيوس او يهوه ليريح الدماغ ولا يرهق خلاياه .
بالطبع صديقنا لم يقدم لنا إجابة موثقة تعتمد على الإثبات العلمى ولكنه سؤال يعطى إجابة ظنية إستنتاجية تحاول ان تتكأ على المنطق , وبئس الإيمان الذى يعتمد على سؤال وليس على طرح موثق , فحتى إجابته بأن للكون خالق فهى إجابة مبتسرة مُتعسفة , فهو لم يرى خلق أكوان على يد آلهة ليقول أن الخلق جاء من الله !..فلا يجوز من يجهل الإجابة أن يطلق إدعاءه ويحظى بالمصداقية , فبالحرى أن يصف لنا كيف قام الخالق بمهمته فهو صاحب الإدعاء .
- سؤال من خلق الكون سؤال مُخادع مُراوغ أو ساذج فى الأغلب فهو يسأل عمن خلق الكون بعد أن إعتمد فكرة الخلق وسربها بدون أن يثبت أن الكون جاء من خلق !! أى أنه بنى السؤال على فرضية كان حرياً أن يثبتها أولاً , ثم هو يتعسف ثانية بالسؤال ب "من" أى تحديد الخلق بعاقل !. لذا عندما يقول لنا أن هناك خلق فليثبت إيجاد الشئ من المعدوم , وليفطن وينتبه أن كتبه المقدسة لا تدعى عملية الخلق من عدم , فالخلق فى الميثولوجيا الدينية جاء كعملية صناعية تحويلية , فالإنسان جاء من طين والوجود كان موجوداً كماء ولم يأتى ذكر لأى عدم ومنه نقول أن السؤال عن فكرة الإيجاد يمكن النقاش حولها , فالحياة تثبت لنا أن الموجودات تأتى من موجودات مادية مثلها ولا وجود لموجود جاء من العدم أو يمكن إستحداثه من عدم أو فناءه إلى عدم بل لا يوجد شئ اسمه عدم من الأساس .. فمن أين جئت بمقولة الخلق .؟! ومن أين إعتبرت الإيجاد جاء من عاقل ؟!.
* مبدأ السببية .
- الإيمان بوجود إله لا يقدم لنا أى دلائل أو إثباتات يقينية وحقيقية لا تستدعى أى شك فى وجود الإله , بل كل ما نحظى عليه مجموعة من الفرضيات والظنون والإستنتاجات يتم التعامل معها من خلال مبدأ السببية الذى يعتبر السبيل الوحيد أمامهم لتمرير فكرة الإله بشكل يرونه منطقياً , بينما السببية هى منهج فكرى إستقرائى نسبى ناتج عن الملاحظة فلا يجب أن تتكئ عليه بثقة للخروج بنتائج يقينية , بل الغريب أن عملية إستقراء المؤمنين بواسطة منطق السببية ذاته يتم بتعسف ومراوغة وإلتفاف غريب .
- فكرة الله لن تجد لها وجود إلا من خلال تعاملهم مع منطق السببية كما يروجون , فلن تستطيع أن تجد لها سبيلاً للعقل إلا بالتعاطى مع هذا المنطق , فلكل سبب من مُسبب , ولكل حدث من مُحدث , ولكل علة من معلول , ولكن هل هذا المنطق يكون متماسكاً وفاعلاً فى التعاطى مع فكرة الله أم أن أصحاب الفكر اللاهوتى يتعسفون عند أول منعطف فينصرفون عن المنطق الذى إحتكموا له , فإذا كان لكل شئ مُسبب فما سبب الله ؟ لتجد الإجابة بأن الله بلا مُسبب يُسببه , فكيف نعتمد السببية كمنهج للبحث غير خاضع له كل المفردات والفرضيات لينحرف عند أول إشكالية يواجهها , أو قل كيف نعتمد منهج يأتى لإثبات شئ ثم يُصرف هذا الشئ عن منهجه .!!
- إذا كانوا يعتمدون السببية كمنطق عقلى للتعاطى والإستدلال فهل يحق القول بالمثل بأن المادة ليس لها سبب , بل سيكون إدعائنا أكثر قبولاً ومنطقية , فإذا كان الإله المُفترض الأكثر تعقيداًً وتركيباً من المادة بلا سبب , فحرياً ان تكون المادة البسيطة بلا سبب فأنت تسأل عن مُسبب جهاز الكمبيوتر ولن يثيرك السؤال عن مُسبب قطعة حجر فى أسفل جبل .!
- سننهج أولا نحو تحطيم فكرة تتوهم أن السببية منطق الوجود , فالسببية قانون تقريبي فقط في مستوي مشاهداتنا من الزمان والمكان لذا يخطأ المؤمنون بفكرة الإله فى التعميم أى تعميم مشاهداتهم القريبة على مجمل الكون والوجود ..السببية هي تقريب للواقع ولا تصف الواقع بدقة وبحقيقته , فمغالطة المؤمنين الدائمة عندما يأخذون مشاهداتهم القريبة ويطبقونها علي كامل الكون ,فهذا يشبه الأوربيون عندما كانوا يعتقدون بأن البجع ابيض فقط بسبب عدم مشاهدة بجع بلون آخر, ولكن عند ذهابهم إلي استراليا وجدوا البجع الأسود , لذلك لا يجب التعميم علي كامل الكون , فما يجعل منطقنا متيقن من حاجة الأسباب لمسببات حصرية هو ترسخ قانون السببية في عقولنا بطريقة خاطئة بسبب كثرة سريانه في كل أحداث حياتنا والتي تعتبر تجاربنا الذاتية التي نبنى بها خبرات عقولنا .
- ما نشاهده من سببية هو صالح فقط في مستوي قياسنا للزمان والمكان ولا يصلح لتفسير بداية الكون , ولا يصلح أيضا في دقائق المادة , بل يتم نسف السببية على أعتاب دقائق المادة فأنت لا تستطيع أن تدرك السبب فى حركة الجسيمات الدقيقة العشوائية وهذا ما أعلنته نظرية الكم , كما لا نستطيع الجزم بوجود السبب أو عدم وجوده خارج الكون حيث إننا لا نعرف شيئا عن خارج الكون , فإذا إفترضنا أن قانون السببية سارى خارج الكون أيضا فهذا يعنى انه صار قانون وجودى لذا يجب إخضاع كل شيء وجودى له بدون استثناء , و بذا سنصل الي أزلية المسببات لتنال من فرضية الإله , وإذا سايرنا قولهم بأن الإله لا يخضع لهذا القانون , فبذلك نكون نقضنا القانون نفسه ليحق القول لماذا لا يكون الوجود نفسه بلا سبب .
- من الخطأ تصور أن السببية منطق الوجود , فمبدئياً الوجود والكون والحياة ليسا لهما منطق , فالمنطق منطق وفكر وعلاقات الإنسان كما تترائى له محكوماً بحجم معارفه وانطباعاته وذكاءه لتكون السببية فى هذا الإطار قراءة ذاتية للإنسان وليس منطق وحقيقة الأشياء , فالأشياء ليس لها منطق .
أنظر الى رؤية وفهم ومنطق الانسان القديم الذى استمر ردحاً من الزمن إمتد لآلاف السنين , فالشمس لديه هى التى تدور حول الارض لتجلب الشروق والغروب فالأمور ممنطقة فى ذهن الإنسان القديم على أن الارض مستوية منبسطة كما يراها والشمس هى التى تتحرك , بينما منطقنا يقول أن الأرض كروية تدور حول نفسها فى مواجهة الشمس لنحظى على الليل والنهار والشروق والغروب .
ما قصدته من مثالى هذا ان منطق السببية هو قراءة ذاتية للإنسان وليس حقيقة فى حد ذاتها لذا كل ما نمنطق به الاشياء هى رؤيتنا وقراءتنا الذاتية وفق معارفنا , وهذا يعنى أن التعاطى مع السببية لن يكون تقييماً صحيحاً مطلق على الدوام فى صحته , فهى قراءتنا وفق ما توفر لنا من معرفة وإدراك .
- الجاذبية الأرضية تشد الاجسام إليها ولكن لا يمكن إعتبار الجاذبية متحققة دوماً , ففى كواكب أخرى تتضاءل الجاذبية ولا تشد إليها الأجسام وهذا يعنى أنه ليس كل ماهى ظاهرة سببية يمكن تعميمها , فالسببية هى علاقات فى وجود واحد لتؤكد أنها نسبية وليست مطلقة .
- فكرة السببية تنطبق على الأحداث والكيانات داخل الكون ولكن ليس الكون ككل بالضرورة , فمقولة الوقت هي فكرة تنطبق على الأحداث و الكيانات وليس على الكون ككل , فالوقت هو مقياس للحركة , والحركة تدل على الكيانات المتحركة , فالوقت إذن لا يكون باللاموجود بل بالكون .
- نغفل حقيقة أن الوجود هو الموجود لنقحم أشياء متوهمة فى الوجود , لذا السؤال عن خارج الكون هو السؤال عن خارج الوجود , فالشيء الخارج عن الوجود هو مناقض لذاته , فلتلاحظ أنه لو موجود فهو جزء من الوجود , أما الخارج عن الوجود هو اللاشيء , واللاشيء ليس تعبير عن شيء فهو لاشيء.. الوجود هو الموجود فقط فلا يمكنك الهروب من ذلك .
- إن قانون السببية أصلا قانون تجريبي وليس عقلي مطلق , أي أنه جزء مكتسب من قوانين الطبيعية عن طريق الملاحظة وإستنتاج الروابط والعلاقات من ذهنية محكومة بحدود معارفها لذا السببية ليست من المطلق ولا من الثوابت العقلية الفطرية كما يحاول البعض ترويجه , فالسببية ليس مثل العمليات الحسابية المُدركة عن طريق العقل , لذا فهو تجريبي يقع تحت طائلة النسبية خاضعاً لما سيكون عليه الشكل النهائي من ركام التجارب في التاريخ البشري النسبى , لذا فالسببية ليست مطلقة فكيف يتم استخدامها في الاستدلال على الله الذي يصفه المتدينون بالمطلق , فهذه استحالة رياضية أن تقبل بمعادلة تحتوى على طرفين غير متجانسين وغير متكافئين.
إذا أدخلنا قانون السببية في السياق التجريبي , فإن التجريبية علمتنا أن التجارب المتكررة تعطي دائما نتائج متغيرة ولو بشكل طفيف , فمعارفنا الأولى عن الخلية أعطتنا فهما أنها الجزء الأصغر في الكائن الحي ، ثم أضافت التجربة الثانية أنها مكونة من نواة وهكذا ، ولا زالت التجارب تعطينا نتائج ثرية ، وكذلك شأن قانون السببية فهو كان يعطينا قديما أن هناك إلها خارقا كسبب مباشر خلق الأرض وجعل عليها سقفا والآن لم تعد لتلك السببية سوق بين العقلاء .
- نحن خُدعنا فى مفهوم مغلوط ومتوهم للسببية بسبب اتساع رقعة جهلنا عما حدث والإعتياد على ما ألفناه ، لذلك أحدثنا تلك الفرضيات لإرضاء التوق المعرفي الطبيعي للإنسان لتنتج فرضية الإله لتبدد مربعات الجهل التى كان يحتلها الإله الخرافي , لذا تجد فكرة الإله تتواجد عند كل مجهول عندنا فلم يعد إله الأمطار والرعد كما فى الماضى ليحتل بدلا منها مربع الخلية الحية .
* أخطاء ومغالطات منطقية .
- سنتغاضى عن إشكالية تعسف المؤمنين مع منطق السببية كمنطق وجود وسنسايرهم لفضح منظورهم الضيق المحصور عن السببية فى أبسط صورها البدائية, لتأتى المقولة الشهيرة " البعرة تدل على البعير .. والأثر يدل على المسير .. فسماء ذات أبراج .. وأرض ذات فجاج .. ألا تدل على العليم الخبير". كتسويق لمنطق السببية فى الفكر الإيمانى فهى ترى أن البعرة تدل على أن هناك بعير أنتجها , والأثر يدل على أن هناك مَسير ترك أثره على الأرض , فبالتالى السماء والأرض هناك من صنعها هو الله العليم الخبير .. لنجد أنفسنا أمام فكر مُتحايل لا يمت بصلة لمنهجية المنطق بأى صلة , فما علاقة فعل البعير مع سماء ذات أبراج أنتجها أحد يُدعى العليم الخبير , فهل شاهدوا العليم الخبير ينتج سموات ذات أبراج وأراض ذات فجاج .. لقد شاهدوا فقط بعرة ينتجها بعير .!! لذا عندما يدعي دجالوا الخرافات الدينية بأن البعر يدل علي البعير، للإشارة أن كل شيئ موجود له مُوجد، فهنا نقول بأن هذا ليس كافي , فأنت لم تحط علماً بكل شيئ موجود في الكون ,لتجد له موجد حتي تضعها كقاعدة عامة .
- التهافت يأتى فى نهاية تعاطيهم مع منطق السببية الذى إعتمدوه لإثبات وجود إله فهم يتخلصون منه ويلقونه فى صندوق القمامة عندما تطبق هذا المنطق على الله حينما تسأل من مُسبب الإله ؟ فهنا لا توجد سببية , فكيف يستقيم هذا المنطق والنهج .
إذا جاز أن يكون هناك مُسبب بلا سبب فيحق أن نطبقه على الكون فهو أقل تعقيداً من الإله , فمنطقياً لا نهمل سببية المعقد ونعتنى بسببية البسيط فأنت لا تسأل عن مُسبب الحجر بينما تتوقف كثيرا لتسأل عن مسبب الكمبيوتر .!
- المشاهدات والعلاقات المتكررة كونت لنا خبرات جعلتنا نضع السببية كمنطق , فنحن شاهدنا بعرة تسقط من بعير وأثر جاء من مسير بل تراكمت خبرات كثيفة تصل لتحديد نوعية الحيوان الذى أنتج الروث ,فهل هو من بعير أم نعجة أم أرنب , وكذا من تراكم المشاهدات يُمكن أن نُدرك أن الأثر الذى جاء من المسير هو نتيجة مسير فيل أو إنسان أو دجاجة .
من سببية البعرة من البعير والأثر من المسير يتم قفزهم والقول " فسماء ذات أبراج .. وأرض ذات فجاج .. ألا تدل على العليم الخبير" أى أن الله هو خالق وصانع الحياة والطبيعة , ولكن هذا القول مُتعسف وغير منطقى وقفز بدون مبرر , فنحن لم نشهد صناعة سموات ذوات أبراج وأرض ذات فجاج سابقاً على يد آلهة لندرك أن ما نراه من سموات حالية وحياة متجددة هى من إنتاج الله .. أى أننا لم تتكون لدينا خبرة بأن الآلهة تخلق وتصنع حياة سواء بالتشكيل من الطين أو من مواد أولية لتجعلنا نقول بأن الله خلق أو أوجد الحياة كما إعتمدنا البعرة من البعير والأثر من المسير على خلفية مشاهدة صور كثيرة كونت ذخيرة من الخبرات والمعرفة , فلا نستطيع مثلاً أن ننسب الجبل الذى نشاهده لصنع الله فلم نشاهد سابقاً إله يصنع وينحت الجبال , لذا فليس لدينا أى خبرات حتى نقول بأن الله سبب خلق الكون والجبال .. هذا إذا كان هناك خلق من الأساس .!
- لا يصح ان نضع السببية بدون وجود أرشيف فى الدماغ من الخبرات يَمنح السبب للمُسبب , أى أننا لا نستطيع أن نحدد بدقة وبثقة المُسبب بدون أن يوجد لدينا مخزون من المشاهدات والخبرات لذا تكون مقولة " البعرة تدل على البعير .. والأثر يدل على المسير .. فسماء ذات أبراج .. وأرض ذات فجاج .. ألا تدل على العليم الخبير" تحايلية ومراوغة ولا تثبت أن الله هو الموجد .
- السببية تعتمد على قراءة الإنسان للمشاهد , ومن ثم يتم إيجاد علاقات وبناء الاستنتاجات والتنبؤ , وإذا لم يتم الإعتماد على استقراء عدد كبير جداً من الحالات التي تبني عليها السببية الترابط والتلازم بين الحوادث , فخلاف ذلك تكون السببية غير دقيقة وغير مضمونة بل تقترب من الخطأ .. السببية دوماً تنبؤ ذو درجة دقة ليست مطلقة , فيكون التنبؤ عالي الدقة بشكل كبير كما في العلوم من التكرار والإختبار المستمر , وتكون متواضعة الدقة أو خاطئة عندما تبنى على إستقراء واحد .
- هذا من فعل الله ليس تفسر جيد لظاهرة فهى إجابة مُبتسرة ومُتسرعة ومُتعسفة لأنك لا تستطيع إثباتها .. هى إجابة تنم عن جهلنا وعدم وجود تفسير لدينا أو هروبنا من مأزق الحيرة والقلق فإخترنا الجواب السهل لنبدد حيرتنا ونخلد لنوم مريح .. ولكن المصيبة الكبرى أنها تشل الدماغ عن البحث العلمى .
- سنظل نردد أن منطق السببية يعتنى بشئ محدد لا يتنازل عنه وهو إثبات أن ذاك السبب جاء من ذاك المُسبب حصراً , وإلا لحق لكل مُدعى ومُخرف أن يَدعى مُسببا لأسباب .
- يحاول المتدينون الشبه عقلانيون أن يصيغوا إستدلالهم بالسببية على المنوال : "إن لكل شيء مُحدث سببا , والكون مُحدث , إذا له سبب , ذاك السبب هو الله" . هذه الجملة إحتيالية فهى تنطلق من مقدمة أولى متفق عليها لحد ما أن لكل شيء مُحدث سببا بالرغم تحفظنا على تعميم السببية كما ذكرت , ثم تأتى المغالطة المدسوسة بجهل غالباً أن الكون مُحدث فهو لم يثبت أن الكون مًحدث ليتكأ على فرضية يمررها فى منطقه من أجل تمرير وجود إله لنقول أن هذه المغالطة لن تمرر الإله أيضا , فعليك إثبات أن الكون مُحدث , ولا تنسى إثبات أن هذا السَبب من ذاك المُسبب حصراً .
- منطق الإستثناء وخصوصية الحل . تظهر هذه المغالطة عندما يحاول البعض إستبعاد صفة ما من الحل الذي يقترحه بينما تكون تلك الصفة موجودة وأصيلة في الحل ذاته , فعلى سبيل المثال يخبرنا الفكر الديني أن الكون حادث ومتغير لذا لابد له من مُحدث يكون غير مُتغير وغير حَادث وهو الاله ، ولكن المشكلة أن القاعدة المنطقية تقول أن علة المتغير متغيرة , فاذا كان للكون علة فلابد أن تكون مُتغيرة , ومن هنا سنتوقف أمام تلك العلة المتغيرة ونقول لابد لها من علة وهكذا , وبالتالي فإن صاحب الحجة إلتمس خصوصية الحل بينما كان الحل الذي اقترحه خاضعاً لنفس مبدأ الاستبعاد الذي أقره .!
مثال اخر على نفس المغالطة هي إدعاء المؤمنين أن كل هذا التعقيد الموجود حولنا لايمكنه ان يكون بلاسبب , ومع هذا نجده يصدق بوجود كينونة معقدة أكثر من الكون وبلا سبب .! فإذا كنت هتعتمد أن كل سَبب من مُسبب لذا أرجو أن تلتزم بهذا المبدأ دوماً .
- منطق القفز . غالباً ماتكون النتيجة المنطقية للحجة أعم من الاستنتاج النهائي, فمثلاً الفكر الديني في فى حجة السبب الأول يستنتج أنه لابد من وجود سبب أول كنتيجة منطقية ثم يقفز فجأة للاستنتاج بأن هذا السبب هو الاله !
فلو تغاضينا عن حجة السبب الأول فإنها تُثبت وجود سبب أول لاغير ولكن هذه الحجة لا توضح لنا صفات السبب الاول فهي لا تخبرنا أن السبب الاول لابد ان يكون مُريداً عالماً حكيماً عادلاً...الخ , وبالتالي فإن الإستنتاج بأن السبب الاول لابد أن يكون إله مُريد ولاشيء غيره هو تخصيص غير مبرر وقفز من نتيجة الى أخرى بلا ترابط منطقي .
- مغالطة الإختزال . مضمون المغالطة هو أن صفات الجزء ليست بالضرورة صفات الكل , فعندما تناقش الدينيين يكون الكل هو الكون والجزء هي الكينونات التي حولنا , لذا فأي محاولة لاثبات صفة للكون ككل بالاعتماد على صفات الكينونات التي تحيط بنا , أى الأجزاء يكون غير صحيح منطقياً , ففي حجة السبب الأول أو المحرك الاول يُلاحظ صاحب الرؤية أن كل ماحوله يكون سبباً لغيره ولايمكن أن يُسبب نفسه فينطلق للتعميم بأن الكون لايمكن أن يُسبب نفسه فتكون المغالطة هي أنه عمم على الكل صفات الجزء بلا أى دليل .
-يستغربون من سؤال من خلق الله ليقولون بأننا لو إعتبرنا للإله خالق , و كان للخالق نفسه خالق , سنجد أنفسنا في سلسلة لا تنتهي من الخالقين وهذا محال, فهكذا قولكم . لأقول : إن منطقكم هذا هو الذي أوصلكم الى هذا المحال , فأنتم القائلين أن للكون خالق , فإذا وجدتم أنفسكم في مأزق السلسلة اللانهائية , فهذا يدل أن منطقكم أصلاً خاطئ عندما يفترض حاجة الاشياء الى خالق , لتفترضون بعدها بوجود هذا الخالق ثم تتراجعون لتقولون أن هذا المبدأ لا ينطبق على هذه النقطة, فهذا إسمه منطق انتقائي متهافت والمنطق الانتقائي مرفوض .
- حتى فكرة الصنع لن تتحقق بواسطة إله فمقولة صنع الله الكون من المادة ,خاطئة وفق إيمانكم فأنتم تعتبرون الإله غير عاقل وهذا صحيح ,فكونه عاقل يعنى أنه محكوم بما هو معقول فلا يحيد عنه ملتزم بقانون المادة ليقع تحت الجبرية خاضعاً للمادة وقوانينها لتتبدد ألوهيته , لذا فالسببية فى الإستدلال لا تعنى أن المُسبب عاقل كذا تنسف فكرة المصمم العاقل فليس بالضرورة أن يكون وراء الشئ سبب عاقل لإنتاجه , فالإله ذاته حسب إيمانكم ليس عاقلاً .
- إذا خضع الكون لقانون النشأة بلا غاية ودون سبب ,كون المادة غير عاقلة وبلا غاية لتصنع, فنجد أننا حللنا المشكلة منطقياً دون الاستعانة بالميتافيزيقيا والحلول الخرافية , فالكون نشأ بلا غائية كما نشأ الإله المزعوم بلا غائية , وإذا وُجد الله بالصدفة وبدون سبب فمن الطبيعي أن يوجد الكون أيضاً بالصدفة وبلا سبب , الفرق بين هاتين الفرضيتين أننا لم نرى الله أو نقيسه أو نشعر به مادياً, في حين أننا نرى الكون والمادة ونقيسها ونؤثر فيها ونتأثر بها , فما الأقرب للمنطق والعقل .
- لا يجوز تعميم صفات البعض على الكل أو إسقاط مشهد سببى على كل المشاهد ومن هنا يكون الزعم بأن كل نظام يحتاج وجوده لمُسبب شخصانى هو زعم فاسد ومُتعسف فلا يصح أن نقول بأن المجموعة الشمسية التى نراها نظام صادر من كائن مشخصن كالإنسان ينتج بنايات.
عجزنا المعرفى عن إدراك مُسببات بعض ما نراه من أنظمة وموجودات لا يبرر منطقياً تعميم السبب البشرى على هذه المشاهد فكما ذكرنا فى مقال سابق أن الحرارة والنيران ليست مصدرها الوحيد حك عود من الكبريت .
- من مفاهيمنا المغلوطة إننا نتعامل مع الأمور بما يشبه التابوه فنردد دوما هناك سبب أول , فلماذا لا يوجد 100 سبب وليس سبب واحد مُتفرد , فالواقع يثبت أن هناك أسباب عديدة وليس سبب وحيد مُفرد مُتفرد مثال الخلل فى الجسد والأمطار والزلازل والبراكين ألخ .. لذا طالما يمكن وجود أسباب عديدة تتضافر لإنتاج السبب فهذا يلغى فكرة الإله الخالق كمسبب أول وحيد .
- إن الكون ككل يحتاج الى مُسبب واحد مغالطة فجة , فالكون يعبر عن الموجودات , وظهور كيانات جديدة داخل الكون يمكن تفسيرها ضمن إطار أنشطة الكيانات الموجودة أصلا كالشجرة تدل على البذرة الام , فالأنشطة تدل على الكيانات , وظهور الكيانات الجديدة تدل على الكيانات المسببة لها .
- في السياق التجريبي أيضا يذكر لنا العلم أن كل شيء يحدث ليس نتاجاً البتة لسبب واحد معين بل أن كل شيء يحدث نتيجة لمحصلة كم هائل من الأسباب المتفرقة , وكلما ابتعدنا في سلسلة السببية كلما تضخمت الأسباب وكثرت وتشعبت ، ولا غرابة حينها أن يدعي مؤمن أن ما نجهله من أسباب طبيعية وعلمية ليس سوى الله ، فالله حسب فهمي يوجد دائما حيث الفضاءات المجهولة والمظلمة ولا وجود له عندما يضيئ العلم شمعته . ما أريد الوصول إليه هو تبديد فكرة السبب الواحد , فليس هناك سبب واحد لأى شيء وبالتالي لا وجود لسبب واحد لكل شيء , فالمنطق الرياضي يفرض هنا أن دائرة الأسباب تتسع , ومن المستحيل منطقياً أن تتسع لتنتهي في سلسلة الاتساع تلك إلى سبب واحد .
- نجد الفكر الدينى يتعامل مع فكرة أن كل الأسباب لمُسبب واحد بسذاجة شديدة فى إثبات وجود إله فهو يطرح فكرة تخاصم أى عقل ومنطق بالقول أن كل الأسباب من مُسبب واحد , وفق لكل حادث مُسبب ليتوهم فكر المؤمن أن المُسبب فاعل شخصانى ويقصر فهمه على هذا الجانب .. فالصخرة تتدحرج فلماذا نُقصر حركتها على إنسان دفعها , فلماذا لا نقول أن زلزال تسبب فى حركة الصخرة .. هنا موطن الخلل أنهم يقصرون سببية الحدث فى وجود إرادة شخصانية تفعل هذا , ولكن هذا الزعم خاطئ فعندما نستحضر فكرة أن الصخور لا تتحرك إلا بفعل بشرى , أى لو رصدنا مراراً صخرة تتحرك بفعل بشرى فليس بالضرورة أن يتفرد هذا الحدث بفعل بشرى دوماً فقد يكون بفعل زلزال لم نرصده .
- لماذا نتصور طابور الأسباب والمسببات تسير على شكل خط مستقيم محدد حيث وجود المُسبب الأولى لتتوالى سلسلة المسببات فهنا من حقنا أن نطلب النقطة التى قبل المسبب الأول ! .. لماذا لا ننظر إلى الحياة والوجود بمنظور أن طابور المسببات تسير فى خط مستقيم لانهائى أو دائرة , فالمًسبب مايلبث أن يكون سببا فالكرسى من الخشب والخشب من الشجرة والشجرة من بذرة والبذرة تتحول لشجرة والشجرة تعطى خشب ومن الخشب نصنع كرسى , كذا دورة الماء فى الطبيعة مثال واضح أن المسببات تسير فى دائرة .
- لن يوجد الإله بين أجزاء الواقع .. فعندما تتبع أي مفردة من مفردات الواقع وموجوداته فسيقودنا هذا إلى سلاسل غير منتهية من الأسباب والمفردات والموجودات الأخرى , أي أن أجزاء الوجود ترتبط مع بعضها البعض بشكل متشابك حتمى , وكلما أوغلنا في جزئيات هذه الموجودات أو حولها لوجدنا أن هناك إمتدادات غير منتهية لمفردات الوجود , وكلما تتبعنا الأسباب التي تسبق هذه الماهيات وكذلك الأسباب التي تليها نجد إنها أسباب مفتوحة ولكنها مترابطة متعشقة بعضها ببعض , أى أن هناك إمتدادات غير مُنتهية مُمكنة في داخل الموجودات وحولها وسابقة لها ولاحقة , أى أن أجزاء الواقع يسبب بعضها البعض بتلقائية هي جزء من ماهيتها وطبيعتها , لذلك فأجزاء الواقع غير محتاجة إلى شيء يأتي من خارج الوجود لكي يوجدها , فسلسلة الأسباب في هذا الوجود لا مكان لتدخل الآلهة كعوامل خارجية عنه لأنها سلسلة كاملة متكاملة مكتفية بذاتها تتجه نحو تعدد مفتوح للأسباب وليس إلى سبب واحد , لذا القول بأن الله خالق للوجود هو قفز فوق الواقع الوجودى , لأن مفردات الوجود يكون بعضها البعض فهذا من صميم طبيعتها وماهيتها وحضورها , لذلك فهي غير محتاجة إلى إله ولا مكان له بينها .
- السببية تقوم على وجود الأمور التي يمكن ان تكون سبب , فلو طلبت مُسبب للوجود ككل هو بمثابة أن تطلب نقضه , فالسبب موجود فهو جزء من الوجود , فلو لم يكن موجود فلا يمكن ان يكون سبب , واللاشيء لا يمكن أن يكون السبب لشيء , فاللاشيء هو الغير موجود بينما السببية تفترض الوجود , والوجود لا يفترض السببية , كما لا يمكن أن يكون المسببات خارج الوجود , ولنلاحظ أن أوجه الوجود قد تتغير أو تتطور وفق طبيعتها , لذا الوجود هو الأساس لمُسببات الوجود و ليس الإله كمُسبب .
- يسألون كيف يمكن للشيء أن يسبب نفسه؟ لو تسايرنا مع هذا السؤال لجاز لنا أن نسأل : من الذي سبب الله؟ فإن كان كلامكم قاعدة عامة فهي منطبقة على الله وإن كانت خاصة فان بامكاننا أن نخرج الكون منها , فالكون غير محتاج الى سبب حتى نفترض أنه هو من سبب نفسه , فمناط الحاجة الى علة عندنا هو الفقر الوجودي , وليس في كليات الكون فقر وجودي حتى تستعين وتحتاج الى علة ومسبب .
- العقل مقولة تجريبية توصيفية لنشاط وحراك المخ وبالتالي فإن فكرة "الله العاقل" فكرة باطلة لأنها ستجعل الله تجريبياً وبالتالي سيفقد طبيعته المفارقة ويتحول إلى مجرد ظاهرة تجريبية محدودة أو يكون هو نفسه مساوياً للكون التجريبي الذي يحكم ذاته بذاته ، ومن ثم فلا حاجة لنا لافتراض إله مفارق .
- من المستحيل أن تكون قوانين العقل مخلوقة وكمثال منطق السببية , فإن قلتم ان ذلك قانون السببية مخلوق , فمعني هذا إنه كان معدوماً قبل وجوده ,ومعني أنه كان معدوماً قبل أن يوجد فمعني هذا أنه لا يمكن أن يَتخلق قانون السببية لأن خلق قانون السببية يتطلب وجود قانون السببية , بمعنى إن كان قانون السببية مخلوق , فمعني هذا أن قانون السببية كان موجود عندما كان معدوما !! فهل يعقل هذا .
- الوجود دليل على عدم وجود المُوجِد , فالمُوجد بحد ذاته وجود , لذا عندما نعود بالسببية لأقصى الوراء فسوف نجد وجود بدون مُوجد كما يُردد المؤمنون عن فكرة الإله , أى هناك وجود موجود بدون موجد فوفقاً لهذا يُمكن القول بأن وجودنا لا يحتاج لمُوجد , فهناك شيئ لم يحتاج لمُوجد وهذا الشيء هو الوجود ذاته ,كما لا يمكن أن تكون جهه ما خارج الزمن والمكان أى الوجود وتكون موجودة , فإما هي جزء من الوجود الكلي وتخضع لكل قوانينه كالزمان والمكان أو ليست موجودة على الاطلاق , علاوة ليس من المنطقى إهمال سببية المركب والإعتناء بسببية البسيط .
- لو تعاملنا مع فرضية أن الله كمركب أنتج البسيط وفق فرضياتهم فستنفى أيضا الخلق ووجود إله , فحينما نسأل كيف صدر الكون من الإله , وكيف يصدر التعدد من الواحد ؟ وكيف الجمع بما قبل وبما بعد , بمعنى آخر الفاعل يجب ان يكون مُتصل بالمفعول به حتى يتم حدوث الفعل أى العلة يجب ان تكون متصلة غير منفكة بمعلولها حتى يتم حدوث الفعل .. كمثال إذا كان (أ) أوجد (ب) فهذا يعنى أن (ب) يجب أن تكون اتصلت مع (أ) في لحظة معينة هي نقطة الإيجاد وإلا ما تم الايجاد , كذا اذا كانت الكرة (س) هي سبب حركة كرة (ص) فهذا يعنى وجوب أن تكون هناك لحظة اجتماع للكرتين وهي نقطة التصادم , وهذا يقتضي الجمع مابين نقييضين حتى يتم صدور الكون من الاله .
- يستحيل الفصل بين السبب والنتيجة وعندما تفصل ستضل الطريق , فالسبب سيكون نتيجة , والنتيجة ستكون سبباً فى جدلية لا تنفصم ولا تنكسر دائرتها .. الأمطار نتيجة للسحب التى ما تلبث أن تتكاثف ثانية مكونة إياها ثانية ومن هنا لا يمكن ان تدعى بوجود مُسبب أول بدئى .
- إشكالية تفكيرنا إننا نبحث عن البداية والسبب الأول بينما سلسلة المسببات لا نهائية فأنت لا تستطيع أن تقول أيهما أولا الدجاجة أم البيضة .
- هناك مغالطة شائعة بأن الكون ككل يحتاج الى مٌسبب وهذا خطأ . فالكون يعبر عن الموجودات , وظهور كيانات جديدة داخل الكون يمكن تفسيرها ضمن إطار أنشطة الكيانات الموجودة أصلاً , فالشجرة تدل على البذرة والبذرة تدل على الشجرة , فالأنشطة تدل على الكيانات , وظهور كيانات جديدة تدل على الكيانات المُسببة لها فى حلقة دائرية ولنعلم أن الدائرة ليس لها نقطة بداية .
- بالرغم من تعسفهم مع منطق السببية ليصلوا لفكرة الواجد الأول الذى بلا واجد ليطلقوا على هذا القفز بواجب الوجود ولكن واجب الوجود يحتاج لوجود أصلاً ليُوجد فيه ويحتويه !! فمن اين جاء هذا الوجود ؟!. أليس من الأفضل منطقياً ووفق قاعدة كل زائد منطقي يجب حذفه وإهماله الإنصراف عن القول المتهافت بواجب الوجود , فلماذا نفترض أن شيء خفي غير مُثبت لا يحتاج لمُوجد، ثم ننسب وجود الشيء الظاهر المثبت كالكون لشيء خفي غير مثبت!. ولما لا نعتمد الوجود المادى فى ذاته الذى لا يطلب واجد ولا وجود فهو الوجود ذاته .
- قصة الخلق من العدم تنفى السببية على اساس انه ليس هناك شئ إسمه العدم أى الصفر مادة , فالسبب العدم اى اللاشئ ليس وجود .
- أكرر القول المنطقى البسيط أن منطق السببية يعتنى بشئ محدد لا يتنازل عنه وهو إثبات "أن ذاك السبب جاء من ذاك المُسبب حصراً" , وإلا لحق لكل مُدعى ومُخرف أن يَدعى مُسببا لأسباب .
وإلى الجزء الثانى من مغالطات بالجملة فى مفهوم السببية لكم منى كل المودة .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته "- أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟