أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الحكيم البابلي - حول لهجات مسيحيي ويهود بغداد + لهجات الموصل وتكريت .















المزيد.....



حول لهجات مسيحيي ويهود بغداد + لهجات الموصل وتكريت .


الحكيم البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 4915 - 2015 / 9 / 4 - 09:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



* حين وفَدَت اللغة العربية الفصحى إلى العراق مع الغزو الإسلامي، إمتزجت شيئاً فشيئاً مع لُغات ولهجات وادي الرافدين، وكانت النتيجة ولادة لهجة عامية عراقية تحمل في عمقها الكثير من ترسبات اللغات المحلية القديمة المُندثرة وغير المُندثرة، والتي كان لا يزال الكثير من مُفرداتها متداولاً في وادي الرافدين مثل اللغة السومرية والأكدية والآرامية وتفرعاتهما، وكذلك التركية والفارسية وغيرها، وربما يتبين لسامع تلك اللهجة العامية بأنها تختلف إختلافاً كبيراً عن العربية الفُصحى، وهي كانت كذلك بالفعل ولا زالت.

وكأي لُغة حية أخرى كان لهذه العامية -وبمرور الزمن- تعابير ومشتقات ومُفردات وإصطلاحات جديدة تتبدل وتتغير بصورة تلقائية بدون تعمد من قِبَل متكلميها، حيث هو شيء طبيعي أن يستحدث الناس دائماً تعابيراً جديدة تخدم غاياتهم وإحتياجاتهم اللغوية كل عشرين أو ثلاثين سنة وربما أقصر بكثير، وعلى سبيل المثال فاللهجة العامية البغدادية بداية القرن العشرين كانت تختلف بصورة ملحوظة عن عامية بغداد في منتصف ذلك القرن زمن الخمسينات والستينات، كذلك تختلف مع عامية بداية القرن الواحد والعشرين!.
ويلجأ الناس عادة إلى الدمج والتأليف والتصغير والتحريف وقلب الحروف والإدغام والإلصاق من أجل التعبير عن أفكارهم بصورة مُختزلة وسهلة والأهم أن تكون مفهومة من قِبَل المُتلقي أو السامع في الطرف الآخر. وأحيانا ممكن إيصال الكثير في كلام الإنسان العراقي من خلال كلمة واحدة أو كلمتين مثال: جيبلة تتن، يَم حسين، لتلح بالزلاطة، دِهلة، دَجة، لزكة، جُك النداف، دثو، عُفطي، لوتي، أبو عكرب، دالغجي، إمحسقلهة، إمطَفي، مضروب الجلوة … الخ.

والمُراقب الدقيق لعامية العراق يجد فيها الكثير من الأمثال والشعر الشعبي والفصيح والأقوال المأثورة ومُختصر بعض الحكايات الشعبية أو حتى العالمية، إضافة إلى الكم الهائل من المُفردات والكلمات الأجنبية على إختلاف أنواعها والتي تم تحويرها بحيث أصبحت تُلفظ بطريقة خاصة مُختلفة عن ما تُلفظ في لغتها الأصلية التي إشتُقَت منها، مِثال: كلمة ( فُص كلاص ) ويستعملها العراقيون في وصف الشيء الجديد الذي يُدهش النظر ويأخذ الألباب، بينما هذه اللفظة مُشتقة من الكلمة الإنكليزية ( first class ) !!، او قولهم ( جنتلة ) للرجل المرصوص البنيان القوي العضل المتماسك بدنياً، بينما أصلها من الكلمة الإنكليزية ( gentleman ). وهكذا دواليك.
ولهذا قد يجد السامع العربي من قُطرٍ آخر نفسه "كالأطرش في الزفة" كما يقول المثل، حين إنصاته للعراقيين وهم يتكلمون فيما بينهم !!، عكس العراقي الذي يفهم غالبية اللهجات والعاميات العربية من مصرية وشامية وخليجية ولكن ربما سيصعب عليه -نوعاً ما- فهم عاميات شمال أفريقيا.

* تقول كل المصادر القليلة التي قرأتُها من أجل إعداد هذا المقال أو البحث الصغير، أن لهجات بغداد وغالبية العراق في زمن الدولة العباسية كانت متقاربة جداً وتشبه إلى حد ما اللهجة التي يتكلم بها اليوم يهود ومسيحيي
بغداد -من بقي منهم ومن هاجر-، كذلك هي تشبه لهجة أهل الموصل وأهل تكريت وما حولها.

[ في أحداث التأريخ المتأخر لا يعلم الكثيرون عن الإنقلاب الحقيقي الذي حدث على لِسان أهل بغداد الذي أمسى اليوم لِسان أهل العراق ومُوَحِد لهجاتهم، فمنذُ حادث فيضان وطاعون داود باشا الكُرجي عام 1830، حيث هَلَكَ جَلُ أهل بغداد من المسلمين، بينما إتَبَعَت الملل الأخرى طريقة ( الحمية ) أو ما يُسمى بعزل المُرضى ( الكرنتينة )، وهي تسمية متآتية من الإيطالية ( كارونت )، وتعني الأربعين يوماً من عزل المُرضى عن الأصحاء، وكان قد إتَبعَها وطَبَقَها اليهود والنصارى بسبب التَماس الحضاري للمِلَل البغدادية من غير المسلمين وإنفتاحها على الخارج، وعِلمها المُسبق بتلك الأمور والإحتياطات والوقايات، والتي حفظت لهم -بالنتيجة- حياتهم ووجودهم ونسلهم من الأمراض والأوبئة، وقللت من نِسبة ضحاياهم، فمكثوا مُرابطين، يحملون الإرث البغدادي المُسترسل من الحقب السابقة، والذي إنقرض بإنقراض أهل تلك الحقب التأريخية. وكادت بغداد -حينئذٍ- أن تكون أثراً بعد عين، مثلما مدائن سامراء وواسط والكوفة، أو أبعد من ذلك تأريخياً في أور وأريدو ولكش، وإنخفض عدد سُكانها حتى وطأ 11 الف ساكن، وأن الحياة لم تُبعث في بغداد كحاضرة حتى بواكير القرن العشرين، ولم يتكاثر أهلها -حينئذٍ- أكثر من 80 الف ساكن!!.
إن لهجة بغداد كانت مثل السد التراثي الذي دمره طوفان وطاعون داود باشا عام 1830 حيث مكث البغداديون والسوامرة ( أهل سامراء ) والتكارتة ( أهل تكريت ) والمصالوة ( أهل الموصل ) أُمناء عليها حتى ذلك الحين، ومكث بعضها اليوم في الموصل وتكريت، وهي تُحاكي -إلى حد ما- لهجة يهود بغداد التي حافظوا عليها حتى تسفيرهم القسري الأخير عام 1950، والذي أفقد بغداد أثراً هاماً من تُراثها اللساني.
وقد حاول بعض اليهود العراقيين جمع تلك اللهجة البغدادية في إسرائيل، ومنهم البروفيسور ( شموئيل ) سامي موريه، وهو باحث أكاديمي عراقي يهودي وُلد في بغداد عام 1932 ورَحلَ عنها سنة 1950. درس العربية في القدس، وحصل على الدكتوراه في لندن، أستاذ جامعي، حصل على الكثير من التقدير في إسرائيل لجهوده في بحوث الثقافة العربية ]. د. علي ثويني -كتاب الألسنة العراقية- ص 302.
ملاحظة (1): تعزيزاً لكلام د. علي ثويني عن الطريقة التي حافظ بها مسيحيو ويهود بغداد على أرواحهم من خلال ( الكرنتينة ) التي لم يعرف ضرورتها وفائدتها أخوتهم المسلمين، نقرأ للراحل د. علي الوردي في كِتابه ( دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ) قوله: [ كانت الهند منبعاً لكثير من الأوبئة كما هو معروف، وكثيراً ما كان الوباء ينتقل منها إلى العراق بصورة مُباشرة أو عن طريق إيران، من خلال الزيارات الدينية ونقل جثث الموتى لدفنها في مراقد أئمة الشيعة، وكانت النزعة القَدَرِية المُسيطرة على أكثر سكان العراق (من المسلمين) من العوامل الفعالة في نشر الوباء بينهم، فهم كانوا ينظرون إلى الوباء كأنه نوع من ( القضاء والقدر ) الذي كتبه الله عليهم ولا مناص منه!، فإذا جاءهم الوباء صاروا تجاهه كالأغنام في المجزرة. وقد ذكر السائح ( ولشتات ): أنه عندما وصلت أخبار الطاعون إلى بغداد عام 1830، بذل القنصل البريطاني جهوداً جبارة لإقناع الوالي بإتخاذ التدابير الإحتياطية ضده وبإعلان الحجر الصحي ( الكرنتينة )، ولكن .. رجال الدين الإسلامي منعوا الوالي من ذلك إعتقاداً منهم بأنه مُخالف لأحكام القرآن !!].

ملاحظة (2): بالإضافة إلى نكبات الفيضان والطاعون يومئذٍ كان هناك إضطراب سياسي كبير جداً بسبب إنتهاء حُكم المماليك، وقد تم تعويض النقص الخطير في سكان بغداد بعد كل تلك النكبات والفواجع من خلال إستيطان البدو والريفيين فيها، ومع حلول القرن العشرين بزغت معه في بغداد لهجة عامية سلسة وبسيطة جديدة تميل إلى البداوة القريبة من الفصحى أُطلِق عليها تسمية ( البداوي )، وأعتقد أن هذه التسمية متآتية أو مُشتقة من ( البدو والبادية )!.
وحتى اللسان ( البداوي ) هذا تغير كثيراً وبصورة ملحوظة منذُ بداية السبعينات وإلى حد الآن من خِلال غياب الكثير من سُكان بغداد الأصليين الذين هاجر غالبيتهم -مُسلمين ومسيحيين وصابئة وغيرهم- إلى خارج العراق هرباً من الجحيم الذي فتح صنابير لهبه منذ عهد صدام وما لحقه أثناء الإحتلال الأميركي ولم يُغلقها بعد!، وحول هذا التغيير الأخير في لهجة سُكان بغداد يقول د. علي ثويني -نفس المصدر- ص 300، بتصرف:
[ كان جيلي قد تعلم في الشارع في الستينات ما لم أجده اليوم حينما زرتُ العراق بعد غُربة ثلاثة عقود ونيف، فقد إختفت الكثير من المفردات والألفاظ البغدادية الجميلة، ولم تعد طريقة اللفظ ومخارج الحروف تشبه ما عرفناه وإعتدنا عليهِ في السابق، ورصدتُ أن طريقة اللفظ البدوي قد عمت بتأثير السلطة العروبية والبعثية التي مكثت أربعة عقود، وأشاعت لِسان البداوة، والأنكى روحها، وأن لهجة بغداد الغانجة ذات المسحة واللكنة الآرامية قد إختفت تماماً، ولا أعلم أن مكث من نصارى بغداد أو يهودها ممن لا زال يحتفظ بتلك اللهجة بعد أن إنحسرت، وإندثرت !؟ ].

مُلاحظة (3): لا أفهم السبب في إستعمال د. علي ثويني في كِتابهِ تسمية أو كلمة ( نصارى ) بدل ( مسيحيين ) وهو من هو !!؟، حيث أفتَرِضُ أنه يعرف الفارق الكبير بين النصرانية والمسيحية!، وهذا خطأ لغوي وتأريخي شائع وكبير وقع فيه غالبية المسلمين ولا زالوا !!.
أما عن سؤاله: "هل لا زال نصارى ويهود بغداد يحتفظون بتلك اللهجة بعد أن إنحسرت وإندثرت !؟". فجوابي له: نعم .. هناك في المهاجر من المسيحيين واليهود من لا زال يتكلم تلك اللهجة، وهي قد إنحسرت كما تقول، لكنها لم تندثر بعد، بل ربما ستندثر بعد جيلين أو ثلاثة للأسف.

* [ بقي يهود العراق لحد اليوم يُحيونَ التُراث اليهودي العراقي في إسرائيل بلهجتهم البغدادية المُحببة، وقد كتب البروفيسور ( شاموئيل ) سامي موريه الكثير عن ذلك، ومن الأمور المُضحكة والطريفة التي ذكرها في كتبه، المُمثلة ( شوشة ) التي تقول في إحدى عروضها المسرحية: "لمَن كانوا يقولولا للمَغة العراقيي ( إبنكِ ما حلو )! كانت إتقِلِم: أي صِدِق .. إبني ما حِلو .. لكن بِبو يحلينو".
ملاحظة: بِبو تعني زِبو .. أي ذَكَرهِ !.
أما ( فكتور عويزر ) وهو متخصص في روايات يهود بغداد وأغانيهم وطرائفهم فيقول: "كانت الأُم اليهودية العراقية تنظر بفخر إلى طفلها وهو عاري وتقول مُباهية: إبدالو البِبو، يا غَب، أشقَد غاح يطَلعولوا ؟".
ومعناها: فداءً لعضوهِ (ذكرهِ)، يارب، كم سيدفعون مهراً له ؟ ]. نفس المصدر ص 213.

ملاحظة (4) حول جملة ( أشقَد غاح يطلعولوا ) أي كم من المال سيحصل عليه إبني من أهل زوجته عندما يتزوج ؟: من عادات وتقاليد اليهود أن الزوجة هي التي تقوم بتغطية كُلفة الزواج، كذلك تدفع مهر العريس!، وهذا موجود أيضاً في تقاليد المسيحيين الأميركان، حين تقوم المرأة بدفع تكاليف العرس!، وهذا برأيي تعزيزاً ودعماً لبعض مظالِم المجتمع البترياركي الذكوري الذي مارسته وفرضتهُ وأصرت على وجوده وبأشكال عديدة كُل الأديان التوحيدية، وحِملاً إضافياً يُرهق كاهل المرأة المسكينة، ومسكينٌ في مجتمعاتٍ كهذه ذلك الأب الذي له عدة بنات!، حيث سيكدح طوال حياته من أجل توفير التكاليف الباهضة لعرس بناته !.
أما كلمة أو لفظة ( إبدالو ) فهي كلمة يستعملها يهود العراق بكثرة غير طبيعية، وتبدأ كل جملة -تقريباً- على لسانهم بكلمة ( إبدالَك ) وهي مُحرفة من كلمة ( إفدالَك ) التي تعني: فِداءً لك أو أفدي نفسي لك أو بدلاً عنكَ، وتُعطي نفس المعنى في الكلمة التي يستعملها سائر العراقيين ( فِدوة إلَك ) أو ( أروحلك فدوة ) أو ( فدوة إلهَل وجه ) أو ( فدوة إلهَل طول )، وكما نوَهتُ في واحدة من مقالاتي السابقة، فهذه الكلمة متأصلة في العراقيين منذ الزمن البابلي، حين كان الناس يقولون للملك أو لِمَن يحبونهُ حولهم ( أنا نيكا لوليك ) والتي تعني: دعني أذهب فِداءً لك، وبرأيي الشخصي فالشعب العراقي عِبرَ التأريخ -وربما وراثياً- يرفض أن يتخلى عن الفِداء بنفسه من أجل الآخرين !!، ولهذا كانوا يهتفون لصدام حسين أو أي ظالم مُهيمن آخر بإهزوجتهم المعروفة: ( بالروح بالدم نفديك يا صدام )، والتي إقتبسها منهم -عن غباء- بقية العرب !!.
أدناه فيديو لرجل كوميدي من يهود العراق على خشبة المسرح في إسرائيل، ودعونا نسمع لهجة يهود بغداد الأصلية المُحببة.
https://www.youtube.com/watch?v=JuAPd61WWqY

[ يذكر بعض المؤرخين أن غنج اللسان النسوي قد شاعَ في بغداد أيام عِزها في القرن التاسع الميلادي، وطفقن خلالها في تحويل حرف الراء ( ر ) إلى حرف غين ( غ ) كما هو حال الباريسيات في الثقافة الفرنسية، التي -ربما- إنتقل لها من الأندلس, ولا سيما من قرطبة التي شاع بها تأثير ( زرياب ) ورعيله القادم من بغداد، وقد شاعَ هذا الدلال والتصنع اللساني بعد ذلك في مدن العراق الأخرى، ووصل يومها حتى الأندلس، ولكن .. بعد الويلات التي مرت على بغداد وتغير بنيتها السكانية وآخرها عام 1830م، تغيرت تلك اللهجة اللسانية، وإختفت عن بغداد، لكنها مكثت في الموصل وتكريت حتى اليوم، لتصبح الكلام المعياري لأهلها من رجال ونساء ]. نفس المصدر ص64.
ملاحظة (5): قصة إستبدال حرف الراء بالغين هذه تُذَكِرُني بمقطع كوميدي جميل وظريف جداً من المسرحية العراقية الخالدة ( النخلة والجيران ) وهو مقطع من دور حمادي ( العربنجي ) الذي قام بتمثيله عميد المسرح العراقي ( يوسف العاني )، حيث راحَ يحكي لصديقين له وهو مخمور، كيف أن إمرأة جميلة مغناج ركبت ( عربانته ) وبعد سير العربانة بقليل قالت له بتغنج: "من فضلك عيني أُسطة عغبنجي نزل السَقُف الدنية حاغة متنحِمِل".
ثم بعدها بقليل تقول له: "من فضلك عيني أُسطة عغبنجي صعد السَقُف، الدنية حاغة وغاح تِحغِق غاسي" !!.
ويروح العربنجي يتموع ويتأوه ويتنهد ويتمايل وهو يقول: "لك داد تحجي بالإغ" !، ثم يُخاطب نفسه: "لك حمادي إبن الزفرة .. هِية هاي مَرَة ومرتك مَرَة !!؟".
مسرحية ( النخلة والجيران ) كانت من تأليف غائب طُعمة فرمان، وإخراج قاسم محمد، وقدمتها للمسرح فرقة الفن المسرحي الحديث. وكانت تدور أحداثها في الزمن الذي تلا الحرب العالمية الثانية.

* في مقال رائعٍ لهُ، يقول ( د. مجيد القيسي ) حول اللغة العامية:
[ أما اللغة العامية فأحد تعريفاتها بأنها لون إجتماعي أو محلي من اللغة الفُصحى أو اللغة المعيارية. وتتميز بالجنوح عن القواعد الأصيلة بإختلاف مُفرداتها وبألوان نُطقها.
واللغة بإعتبارها نشاطاً بشرياً، عُرضة للتبدل والتطور، وقد لا نُبالغ لو صَوَرنا اللفظة بالخلية الحية من بعض الوجوه، فهي تولد وتترعرع فتهرم ثم تموت، أي أن حياة اللفظة ترتبط مصيرياً بحياة دلالاتها أو مُسمياتها، وقد تعيش اللفظة دهوراً طويلة مثل إسم ( أب أو أُم ) أو تموت في بحر مدة وجيزة.
لا يُمكن تحديد الزمن الذي نشأت فيه العامية البغدادية بالضبط، ذلك ان نشوء العاميات، وعلى نحو تقريبي، عملية حيوية بطيئة الحركة، ويُمكن القول أن بداية نشوئها الإفتراضي ربما كان زمن الفتح الإسلامي للعراق بداية القرن السابع الميلادي، فحين دخول العرب المسلمون بلاد ما بين النهرين وجدوا أمامهم شعباً عراقياً عريقاً متصالِحاً، يعيش في وطن موحد، تمتد أراضيه من جبال كردستان شمالاً وحتى أقطار الخليج العربي جنوباً، ومن الحدود الخارجية للشام والجزيرة العربية غرباً وحتى حدود فارس شرقاً، وذلك منذُ العهد السومري الأول، قبل ما يزيد على الستة آلاف عام.
وبعد أن دخلت اللغة العربية مُعترك الحياة، واجه مُعجمُ الفاظها سيلاً من الألفاظ النبطية (العراقية القديمة) والفارسية، نتيجة لتلاحم السكان الأصليين مع القبائل العربية التي كانت تستقر في الأقسام الغربية وتلك التي جائت مع الحملة الإسلامية. كما تأثرت العامية ببعض القواعد والأبنية الخاصة بتلك اللغات، ومن هنا بدأت العاميات العراقية وفي مقدمتها العامية البغدادية بالنشوء رويداً رويداً، فقد بدأت بغلبة الصورة العربية الفصيحة نسبياً في بدايات العهد الأموي ثم تحولت بتوالي القرون إلى الصورة التي نراها عليها الآن، وهو أمر متوقع لكل لِسان ].

* أما عن مسيحيي بغداد، فكانوا قد سكنوا المناطق والأراضي التي سُميت فيما بعد (بغداد) حتى قبل بناء هذه المدينة الجميلة.
[ كان النصارى يسكنون قرب الأديرة في المنطقة التي تم على أرضها بناء مدينة بغداد التي جعلها الخليفة العباسي ( أبو جعفر المنصور ) عاصمة الخلافة، ولهذا أقطع لهم موضِعاً عُرِفَ بإسم ( قطيعة النصارى )، وكانت تقع بين ( نهر الدجاج ) و ( نهر طابق )، أي فوق منطقة الشالجية الحالية، ممتدة إلى الغرب، ذكرها الحموي في كِتابِه ( مُعجم البلدان 4 - 143 ) حيث قال: "قطيعة النصارى محلة متصلة بنهر طابق من محال بغداد". وكان قد سبقه الشابشتي في كِتابه ( الديارات ) بذكرها.
وهكذا إنتشر النصارى مع الأيام في مُختلف محال المدينة، فسكنوا في محلة ( العتيقة ) وهي ( المنطقة ) حالياً، وفي أنحاء محلة ( العقبة ) المعروفة اليوم بإسم ( محلة الشيخ صندل )، كذلك سكنوا في محلة ( قطِفتا ) وهي محلة ( المشاهدة ) اليوم ، كذلك في جوار دير ( كليليشوع ) المُجاور لمقبرة ( الشيخ معروف الكرخي ) وفي غيرها من المحلات.
ويظهر أنهم كانوا في الجانب الغربي من بغداد، ثم إنتقلوا شيئاً فشيئاً إلى الجانب الشرقي على أثر الفتن والقلاقل، فحلوا في ( سوق الثلاثاء )، وأطراف دير ( الزند ورد ) الواقع في أنحاء ( باب الشيخ ومحلة المُربعة )، كذلك في محلة ( الشماسية ) وموقعها في غربي ( الأعظمية )، وفي ( دار الروم ) وهي منطقة ( الصليخ ) الحالية ]. الأب بطرس حداد - كنائس بغداد عبر التأريخ - مجلة بين النهرين - عدد 31.

* أثناء بحثي في النت عن مصادر لرفد وتوثيق هذا المقال قرأتُ المعلومات التالية: [ كان الكاتب الراحل ( هادي العلوي البغدادي ) قدم دراسة عن كِتاب لصفي الدين الحلي، قام بتأليفه قبل حوالي 800 سنة عنوانه ( العاطل الحالي والمُرخص الغالي )، ومن الكِتاب يتبين أن لهجة بغداد في زمنهِ كانت نفس لهجة يهود ومسيحيي بغداد الحالية اليوم، وهي لهجة ( قِلتو ) و ( غِحتو ) بمعنى: ( قُلتُ ورُحتُ )، حيث تتحول الراء إلى غين، كذلك يقولون ( قيعِد ) حيث يقلبون الألف إلى ياء، بدل ( قاعد ).
وهي اللهجة التي يتحدث بها اليهود والمسيحيون وأهل تكريت والموصل، وفي الحقيقة أنها كانت لهجة بغداد الأصلية وليست اللهجة الحالية التي قد يكون عمرها لا يتجاوز 300 أو 400 سنة لا أكثر، وهي لهجة البدو والعشائر والتي راح يتكلمها المسلمين لحد اليوم. أما اليهود والمسيحيون فلم يمتزجوا بقوة مع بقية المجتمع الكبير حولهم، فبقوا مُحافظين على لهجتهم القديمة تلك، بنفس الوقت كانت الموصل وتكريت بعيدتان نوعاً ما، ولم تتعرضا للزحف أو المد البدوي، وما كان يُحيط ببغداد لم يكن يُحيط بالموصل أو تكريت.
كذلك تقول بعض المصادر أن اللهجة البغدادية الأصلية التي كان يتحدث بها ( أبو حيان التوحيدي ) و ( الجاحظ ) هي نفس لهجة اليهود والمسيحيين ولهجة تكريت والموصل اليوم ] إنتهى.

ولكي نعرف مدى تحضر أو تأخر ( بداوة ) المجتمع العراقي في تلك الأزمان فعلينا الإطلاع على البحث الذي نشره معهد الإحصاء في جامعة أوكسفورد سنة 1958 وهو تابع لجهود الباحث العراقي د. محمد سلمان حسن، وكان بخصوص عدد سكان العراق عام 1867 وتصنيفهم الإجتماعي، حيث يذكر البحث أن عدد سُكان العراق يومذاك كان مليون وربع نسمة فقط !!، وكانت نتائج البحث كما يلي:
القبائل البدوية ….. 35% من مجموع نفوس العراق .
القبائل الريفية ….. 40% من مجموع نفوس العراق .
أهل المُدن ( الحَضَر ) ….. 25% من مجموع نفوس العراق.
وهذا يعني أن البداوة كانت تشمل ثلاثة أرباع سُكان العراق يومذاك !!. وكانت المدن وحتى العاصمة تتعرض لزحف الموجات البشرية البدوية القادمة من كل حدب وصوب لتستقر في المدن المتحضرة نوعاً ما. وبرأيي الشخصي فهذه كانت واحدة من الآفات المُزمنة عِبرَ تأريخ العراق منذُ الزمن السومري ولحد الآن، والتي أدت دائماً إلى تراجع الحضارات العظيمة وسقوطها في هذا الوطن المنكوب.

* وجديرٌ بالإشارة هنا إلى أن قلب الراء غيناً في هذه اللهجات العراقية المارة الذكر لا علاقة له البتة بما يُسمى ( لُثغَة )، جمع ( لُثُغات )، وهي: تحول اللسان لا إرادياً من حرف إلى حرف آخر، كقلب السين إلى ثاء، والراء غيناً، وكما نعرف فبعض الناس يولدون وفي لسانهم لُثغة في الراء أو السين، ويُقال في وصفهم: بِلِسانِهِ لُثغَةٌ.
كذلك يُقال لمن عنده لُثغَة: ألثَغُ، وللأنثى: لَثغاءُ.
أما من يتكلف أو يتصنع اللثغ فيُقالُ عنه: تَلاثَغَ .. تلاثُغاً.
وتحضرني هنا ذكرى قديمة حول شاب ألثَغ إسمه نبيل عبد القادر، كان يسكن في محلة قريبة من محلتنا قبل هجرتي في بداية السبعينات، كان هذا الشاب مُنتمياً لتنظيم الإخوان المسلمين، لهذا كان على عداء مُزمن ومتواصل معنا -أخي الراحل نبيل وأنا-، وكلما رأى أحدنا يُبادرنا بالسؤال: "ها … شلونهم الأشغاف؟"، يقصد (الأشراف)! لإنه كان ألثَغاً يلفظ الراء غيناً، أو كان يقول: "ها ولك شغيف"،! ساخِراً مِنا، حيث وبحسب رأيه ومفهومه الضيق يومئذٍ فإن أي مسيحي لا يحمل من (الشرف) مثقال ذرة !!، وياليته يومها كان يعرف المفهوم الحقيقي للشرف!.
ذات يوم وبصورة عفوية قام أخي نبيل بمباغتته وسؤالهِ: "ها … شلونة شغيف غوما" ( شريف روما )، وهنا صمت نبيل عبد القادر ولاذ بالسكوت ومضى في طريقه دون أن ينطق بكلمة!. ثم أصبحنا كلما رأيناه هنا وهناك نُبادره بنفس السؤال المُتهكم: "ها وِلَك.. شغيف غوما؟".
بعدها بمدة قصيرة راح كل شباب المنطقة يناكدوه مُطلقين عليه تسمية ( شغيف غوما )، وهكذا "إنقلب السحرُ على الساحر"، أو كما يقول المثل: "الحاوي لا ينجو من الحيات".
كذلك يُقال عن "النبي" موسى أنه كان ألثَغاً، ويُقال أنه كان فيه "حبسة"!!!!، وهي غير اللُثغة وغير التأتأة، بل هي من عوائق الكلام وإحتباس الكلمات داخل الفم وصعوبة النطق!.
كذلك لا بد من الإشارة هنا إلى أن اللهجات في العراق، -كما في غيره من الدول- من الكثرة بحيث أن لكل مدينة لهجتها، كذلك هناك فروقاً واضحة بين العامية البغدادية مثلاً وبقية العاميات العراقية، وذلك من حيث المُفردات والمُصطلحات واللكنات ولفظ مخارج الحروف وقلب الحروف وإستبدالها وحتى في طريقة إستعمال التنقيط من فتحة أو كسرة أو ضمة أو تسكين .. الخ
وفي العراق ممكن جداً أن نتعرف على لهجة أهل البصرة أو الموصل أو النجف أو الريف أو الدليم أو بغداد .. الخ، والكثير من البغادة يستطيعون التمييز بين لهجة الأعظمية مثلاً ولهجة الكرادة الشرقية أو لهجة الكاظمية ولهجة البتاويين، كذلك كُنا نُميز -في أغلب الأحيان- بين لهجة الشيعي ولهجة السني، أو لهجة الريفي من لهجة المعدان والشراكوة، وبين لهجة أبناء مدن ما فوق شمال بغداد أو جنوبها أو شرقها أو غربها، وهذا ما حدث بعد الإحتلال الأميركي للعراق، أثناء الحرب الأهلية ـإن صح التعبير- بين السنة والشيعة في بغداد، حيث كان يتم القتل العشوائي على الهوية، بعد التعرف على مذهب الشخص من خلال لهجته أو عاميته، في نقاط التفتيش التابعة لهذا الطرف أو ذاك، مع شديد الأسف!.

* أدناه حكاية شعبية بسيطة -من تأليفي- لتبيان بعض الفروق بين لهجة الموصل ولهجة مسيحيي بغداد ولهجة يهود بغداد رغم تشابه كل هذه اللهجات، وخاصةً في قلب حرف الراء إلى غين!.
لكنني للأسف لم أجد حولي في المهجر من يُحسن لهجة تكريت، لِذا أطلب من القراء الذين يُحسنون التكلم بلهجة ( تكغيت ) كما يسموها، أن يصوغوا لنا نفس الحكاية بلهجتهم ويُرسلوها عبر خانة التعليقات، ولهم مني جزيل الشكر والإمتنان.

الحكاية بلهجة (عامية) أهل الموصل:
فَغِد يوم طَلَعتُ من العَوجايي صوب بيتنا أتمشا العَصغِيي، دَحَقتُ قِدامي غَشَعتُ هْنوكة سِجَغة وبجانبا عجاية ثيثي أوبعة قيحيغبون إو ويحِد عيخيلِق اللاخ وِحْواسِم مشقوقة.
ولَمن وِصِلتُ عِندِم، غِشَعتُ بيد ويحِد مِنِم عَصفوغ صْغيغ يوصوص وغيشو منتوف!، صِغتُ عصبي وجغيتو نفس وقتولِم: وَركِم حَميغ كليب ولاد لكليب .. إنفَجَعتِم ونكفيتِم .. بقة ما تخافون الله ؟ ليش قتعملون هاكِذ إبهل عصفوغ المسكين اللي كِنصاغ بين أصيبيعكِم مثل الفاغة ؟ غماد إبغاسكِم وبغاس اللي غَباكِم، أشني .. ما عِدكِم قَلِب ما عِدكِم غَحمي ؟
قام ويحِد مِنِم وكان كِلِش زِلِز قلي: إمي عَطِتني دِرهَم وقلتلي غوح للسوق وشتغيلنة شَمزيي، بس أنا كوي صغفتونو للدِرهَم وشتغيتوا دوندرمة، بعدين قلتو بلكن أقدَغ أبيع هل عَصفوغ بالسوق إلهايي المَغَة اللي عِندا دِكاني مال جيج بالتنوغ !!.
هَزيتُ غاسي وقتولوا: وَرَك يبَيِن عليك جَحِش من خلقِتَك، ما يِنشِد بقة، خِذ هل دِرهَم وعطيني العصفوغ ولا تشَوِفني جَهرتك الوصخة بعِد، وإلا أسفِقَك مْيت قوقاب على غاسَك وغاس الخَلَفوك وأعمَلَك ميت بَرجايي !.

أدناه نفس تفاصيل الحكاية ولكن بلهجة (عامية) مسيحيي بغداد:
فَغِد يوم طَلَعتُ من العَقِد إللي يَم بيتنا قأتمشى العَصِغ، باوَعتُ قِدامي شِفتُ هونيكي شجرة ويَمة ولاد إتلاثي أربعة، يتعارَكون بيناتِم إو ويحِد قيسِب ويفَشِغ على اللاخ، وِهدومِم إمشَقشَقة، ولمن صِغتُ يَمِم شِفتُ بيد ويحِد مِنِم عَصفوغ صْغَيِغ قَيوَصوِص وغيشوا منتوف!. صِغتُ عَصبي وجَغيتوا نَفَس وقِتولِم: وِلكِم حمير كليب ولاد لكليب طِمامي إتطِمكِم .. متخافون من الله؟ ليش هِكي قتسَوون إبهل عصفوغ لِصغَيِغ إللي صاغ بيدكِم مِثل الجغيدي ؟ غْماد إبغاسكِم وبغاس إللي غباكِم .. شنو ما عِدكِم قَلِب .. ما عِدكِم رَحمي ؟
قام ويحِد مِنِم وكان كِلِش وكيح وقَلي: إمي طَعِتني دِرهِم وقلتلي غوح للسوق وشتغيلنة ركِيي، بس أنَه صَرَفتُ الدِرهِم وشتغيتوا دوندرمة، بعدين قلتو بلكن أقدَغ أبيع هل عَصفوغ بالسوق إلهايي المَغَة اُم دِكان الجيج بالتنوغ !.
هَزيتُ غاسي وقتولو وِلَك إمبين عليك جَحِش من خِلقِتَك، مَيهِم .. إخِذ هاذة الدِرهِم ونطيني العصفوغ ولا تْشَوِفني جَهرِتِك الزِفغة بعد، وإلا أضغِبَك مْيت قُبقاب على غاسك وغاس إللي خَلَفوك وأسويك ميت وِصلايي!.

وأيضاً أدناه، نفس الحكاية ولكن بلهجة (عامية) يهود بغداد، وكنتُ قد إتصلتُ بزميلنا كاتب الحوار المتمدن السيد ( يعقوب ابراهامي ) أطلب مساعدته، فصاغها لنا مشكوراً بلهجة يهود بغداد، كوني لا أُحسن التحدث بتلك اللهجة رغم إني أُميزها عن بقية اللهجات المُشابهة.
فد يوم طَلعتُ من العَقِد اللي صوب بيتنا قَدتمشى العصِغ اصفنتُ قدامي وشفتُ سَجغة وصوبا كانوا تلاثي اغبع ولاد قيتقاتلون بيناتم ويحد يسب الاّخ وِحْواسِم مشققة.
لمن وصلتُ صوبِم شفتُ بيد ويحد مِنِم عصفوغ صغيغ يوصوص وغيشو منتوف. سِغتُ عصبي وجغيتو نفس وقلتولم: ولكم حميغ كلاب اولاد كلاب متخفون من الله؟ ليش قتسوون هيكِذ باذا العصفوغ اللي ساغ بيدكم مثل لِجغيدي؟ غماد بغاسكم وبغاس اللغ غباكم. ما عِندكم قلب؟ ما عِندكم غحمة؟.
قام ويحد مِنِم او كان كِلش وكيح أو قلّي: إمي اطعِتني درهم او قلِتلي غوح لسّوق وشتغيلنا ركييي لكن انا صرفتُ الدرهم وشتغيتو دوندورما. بعدين قلتُ بلكت أقدغ ابيع العصفوغ بسّوق إلهايي المَغَة اُم دِكان الجيج بالتنوغ.
هَزيتُ غاسي وقتولو وِلَك إمبين عليك جَحِش من خِلقِتَك، مَيهِم .. خِذ هاذة الدِرهم وطعيني العصفوغ ولا تْشَوِفني جَهرِتِك الزِفغة بعد، وإلا أضغِبَك ميت قبقاب على غاسَك وغاس إللي خَلَفوك وأسويك ميت وِصلايي.

أدناه أُغنية تراثية مصلاوية (( بحو يحب كلولة ))، غناء وسيم اسكندر، ويُمكن من خِلالها الإنتباه إلى اللهجة المصلاوية.
https://www.youtube.com/watch?v=Rirg5aySmyk


* أتسائل اليوم وأنا بعيدٌ عن وطني الحبيب العراق، وأعلم أنني سأرحل عن هذا العالم بعد سنوات قليلة وحسرة العودة لزيارة ذلك الوطن الأم تستعر كالجمرة في داخلي، حيث ودعته قبل أكثر من أربعين سنة ولا أعتقد أنه ستتاح لي فرصة زيارته لأسباب كثيرة جداً وخارجة عن إرادتي!.
أتسائل: كم خسَر ذلك الوطن بسبب الترحيل القسري لأبنائه من اليهود العراقيين والذين يزيد عددهم اليوم على النصف مليون في إسرائيل!؟، وكم خسر في ( تهجيج ) أكثر من مليون ونصف مسيحي عراقي موزعين على كل منافي العالم !؟، وكم خسر في تشريد مئات الآلاف من الصابئة والأيزيديين والشبك والتركمان والكرد والبهائيين وغيرهم من أبناء العراق الأصليين أصحاب الأرض الحقيقيين !؟. وهل يستحقُ ( قوس قزح ) تسميتهِ إذا كان بلونٍ واحدٍ فقط !؟.
كذلك أتسائل: كم كان سيكون ذلك الوطن مُثمراً وعامراً ومُعافى ومعطاء لو كان كل هؤلاء الأبناء في خدمته اليوم تحت شعار (( الدين لله والوطن للجميع ))!؟.

يقول الشاعر مُظفر النواب:
يا وطني كأنك في غربة
كأنك تبحث في قلبي عن وطنٍ يأويك
نحنُ الإثنانِ بلا وطنٍ … يا وطني.

المجدُ للإنسان.
september-4- 2015
طلعت ميشو.



#الحكيم_البابلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفاء سلطان وإحتمال عودتها للنشر في موقع الحوار المتمدن !.
- صور تذكارية قديمة حانَ زمن دفنها !.
- جذور العنف والفوضى، الضاحِكُ الباكي. (3) .
- جذور العنف والفوضى، وأثرها في إضطهاد مسيحيي العراق. (2).
- جذور العنف والفوضى - البيت، المدرسة، الدين . (1).
- مُُفردات سومرية أكدية آرامية لا زالت مستعملة في اللسان العرا ...
- مُفردات سومرية آكدية آرامية لا زالت مُستعملة في اللسان العرا ...
- بابا نويل أسيراً عند داعش !.
- كيف تعامل الرافدينيين مع الموت والمصير ؟.
- (( قصيدة للموت والسيف المكسور ))
- حينَ يصبح التهريج سيد الفنون !.
- البحث عن اللآلئ .. تأريخي مع الكِتاب.
- الجذور التأريخية لشخصية الشيطان الغيبية .
- وضاح اليمن .. الشاعر الذي غُيِبَ لأنه أحب زوجة الخليفة !.
- هَلَوينهم وهَلَويناتِنا !.
- سفينة نوح ... زبدة سخافة الأديان الأرضية !.
- مُذكرات حزينة على هامش دفتر الوطن.
- الكائنات الدينية الخيالية الطائرة !!.
- نقد .. من أجل موقع للحوار أكثر ديمقراطيةً وعدلاً !.
- نقد وتثمين لقصة -الرقص على الأحزان- للسيدة الأديبة فاتن واصل ...


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الحكيم البابلي - حول لهجات مسيحيي ويهود بغداد + لهجات الموصل وتكريت .