عن ( شر الدواب / دراسة الكتاب الالهى / سوّى / النفس والاغماء )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8266 - 2025 / 2 / 27 - 14:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السؤال الأول :
تعبير ( شرّ الدواب ) جاء مرتين فى سورة الأنفال ، وواضح إنها خاصة بعصر النبى محمد عليه السلام . هل يمكن القول أنها تنطبق على عصرنا ؟
إجابة السؤال الأول :
1 ـ قال جل وعلا : ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55) الانفال ). نزلت فى قوم كانوا فى عهد النبى محمد عليه السلام . ولكن التعبير ب ( الذين لا يعقلون ) و ( الذين كفروا فهم لا يؤمنون ) يسرى على كل من تنطبق عليه هذه الصفات . ونحن نراها متجسّدة فى كهنة شيوخ وأئمة الأديان الأرضية من المسيحيين والمحمديين السنيين والشيعة والصوفية ..الخ . يعاملهم أتباعهم بالتقديس ، وهم ـ ومعهم أتباعهم ــ شرُّ الدواب .
2 ـ نظير هذا قول الله جل وعلا : ( أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) الفرقان ) ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف ). إذا كانوا ( أضلّ ) من الأنعام فهم شرُّ الدواب .
السؤال الثانى :
هل ما يقوله الدارسون للكتاب هو جزء من الدين ؟
إجابة السؤال الثانى :
أولا :
الكتاب الإلهى هو الدين الإلهى . ومطلوب تدبره ودراسته . وما يقوله الدارسون ليس دينا بل رأى شخصى هم مسئولون عنه . ودراسة الكتاب الإلهى جاءت فى القرآن الكريم فى السياقات الآتية :
1 ـ ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) آل عمران ). هنا تعليم الكتاب أى دراسته . وهى وظيفة الربانيين .
2 ـ ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) الاعراف ). هنا التمسك بالكتاب ودراسته وعدم الافتراء على الله جل وعلا ، والقائمون بذلك هم المصلحون .
3 ـ ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) سبأ ).ردّا على إفتراءاتهم فلم يكن لهم كتاب قبل القرآن الكريم يدرسونه .
4 ـ ( مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا يَتَخَيَّرُونَ (38) القلم ). هنا إستفهام إنكارى ردا على إفتراءاتهم .
ثانيا :
نفس معنى الدراسة جاء عن خاتم النبيين وتعليمه المؤمنين القرآن الكريم . قال جل وعلا :
1 ـ ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة )
2 ـ ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164) آل عمران )
3 ـ ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2) الجمعة ). والحكمة هى من أوصاف القرآن الكريم . وهى هنا مرادف للكتاب .
السؤال الثالث :
كلمة ( سوّى ) بالواو المشددة ماذا تعنى فى القرآن الكريم ؟
إجابة السؤال الثالث :
سوّى بالواو المشددة قرآنيا تعنى :
أولا :
فى خلق للإنسان : قال جل وعلا :
1 ـ (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)الأعلى:2 )
2 ـ (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً)الكهف:3
3 ـ (ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى)القيامة:38 )
4 ـ (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ)الانفطار:7 )
5 ـ (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)الشمس:7 )
6 ـ ( بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ)القيامة:4 )
فى خلق السماوات . قال جل وعلا :
(رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا)النازعات:28
ثانيا :
وتأتى بمعنى التساوى والتسوية .
1 ـ وهم فى جهنم سيقول من كان يعبد الأولياء : ( تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) الشعراء ).
2 ـ وفى قصة موسى وفرعون ( (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوًى)طه:58
وبمعنى التدمير والتسوية بالأرض .
1 ـ فى تدمير قوم صالح ( ثمود ) قال جل وعلا : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا) الشمس:14)
2 ـ وقريب منه موقف الكافرين يوم القيامة عند الحساب قال جل وعلا : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً)النساء:42
السؤال الرابع :
عند الإغماء والتخدير اين تذهب النفس ؟
إجابة السؤال الرابع :
1 ـ ( المخ ) هو الغرفة التى تتحكّم فيها النفس فى سيطرتها على جسدها .
2 ـ قلنا من قبل إن النفس أتت من البرزخ وإحتلت الجنين الخاص بها فى الوقت المحدد سلفا ، ونزلت به لتعيش بجسدها العُمر المقرر لها فى هذه الحياة الدنيا ، ثم تموت وترجع للبرزخ الذى أتت منها ومعها كتاب أعمالها ، ليكون معها فى البعث . النفس البرزخية محبوسة مسجونة فى هذا الجسد المادى ، وتستريح من سجنها هذا بالنوم . تغادره مؤقتا ثم تعود اليه .
3 ـ وفى سيطرتها على جسدها لا بد لغرفة التحكم الخاصة بها وهى ( المُخ ) أن يكون فى حالته الطبيعية . إذا تعرض لخلل أو عُطل ما فالنفس عنه غائبة . قد يأتى العُطل أو الخلل من مرض عقلى كالجنون أو من إغماء من ألم هائل فوق طاقة المُخّ أن يتحمله ، وقد يكون بالتخدير ، وقد يكون بالخمر التى ( تخمر ) المخ أى تغطيه . ولذا فإجتناب الخمر مأمور به المؤمنون ، والاجتناب تأكيد فى التحريم .
4 ـ فى هذه الحالات فالنفس هى الحاضر الغائب .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran