عن ( الشكوى لغيرالله /كأنها جان / التفث )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 20:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

عن ( الشكوى لغيرالله /كأنها جان / التفث )
السؤال الأول :
من الاستاذ عدنان شاكر
ما رايكم فى قول الناس ان الشكوى لغير الله مذلة ؟ إجابتك مهمة لأننا نعرف أنك تعرضت للظلم فى مصر ، ونحن أيضا تعرضنا لظلم شنيع فى سوريا ،وهاجرنا لألمانيا . ولا زلنا ندعو الله أن ينتقم ممن ظلمنا.
الإجابة :
أولا :
1 ـ هذه مقالة مؤلمة أفرزتها مجتمعات الاستبداد والظلم ،حيث تعُمُّ الشكوى من الظالمين ويتعسّر إنصاف المظلوم ، وتصبح الشكوى من الظالم إذلالا للمظلوم . عندها يرفع المظلوم يديه بالشكوى لربه جل وعلا ، وهو جل وعلا وحده الذى يجيب المضطر إذا دعاه ، ويكشف السوء . قال جل وعلا : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) (62) النمل ) . الشكوى لا تكون إلّا لله جل وعلا ، نتدبر شكوى يعقوب عليه السلام لربهجل وعلا : ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (86) يوسف )، وقوله جل وعلا : ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) المجادلة )
ثانيا :
وفى الظلم الذى تعرضت له نشرت مقالا فى جريدة الجمهورية بعنوان ( شكوتك لله يا شيخ عبد الجليل ). ولهذا المقال قصّة . كان د . عبد الحليل شلبى رئيسا لمجمع البحوث الاسلامية ، وفى أزمتى مع الجامعة الأزهرية ــ والتى إنتهت بفصلى من الجامعة وسجنى عام 1987 بسبب خمسة كتب قررتها على الطلبة عام 1985 ــ جاء القراربوقفى عن العمل ومنعى من الترقية ومن السفر ومن مستحقاتى المالية مع إحالتى لمجلس التأديب لفصلى من الجامعة . كان أهم كتاب فى المؤلفات الخمس هو ( الأنبياء فى القرآن الكريم ) والذى كان يوضح الحقائق القرآنية عنهم بما يخالف دين الأزهر السٌنّى . ولتعزيز موقفهم أرسلوا هذا الكتاب ــ بالذات ــ الى كبارالشيوخ ليكتبوا تقارير تؤيد فصلى من الجامعة . كان ممّن أرسلوا اليهم كتابى د . عبد الجليل شلبى ، وكان تقريره مختلفا عن الجميع . كان هادئا ومُتوازنا ، إذا قرّربخط يده أننى مخلص فيما كتبت ، وأنه يخالفنى الرأى ، ومع ذلك أوصى بمعالجة الأمر بهدوء ودون مساس بى . إحتفظت بصورة من التقرير. بعدها تم تعيينه كاتبا فى جريدة الجمهورية فى عمود يومى هو ( قرآن وسُنّة ) والذى كان يكتبه د محمد سعاد جلال ثم مات فحلّ د عبد الجليل شلبى محلّه . وقتها كان إغتيال شخصيتى فى الإعلام مهنة مُربحة تنفق عليها السفارة السعودية ، ويتنافس فيها كثيرون من الشيوخ والصحفيين والاعلاميين . وجدها الشيخ عبد الجليل شلبى فرصة للإرتزاق ، فكتب مقالات فى تكفيرى والتحريض على قتلى ، خصوصا وقد كنت وقتها أنشرمقالات فى جريدة الأخبار ، عن طريق الاستاذ عبد الوارث الدسوقى ، ومنها مقالات أحدثت ضجة هائلة عن ربا البنوك ومحاربة شركات توظيف الأموال التى كان يخدمها بعض الشيوخ . كثّف الشيخ عبد الجليل شلبى إفتراءاته عنى ، ومنها أن حساباتى بالبنوك بالملايين . كنت وقتها على حافة الجوع ، ولم يكن لى أى حساب بنكى وأضطررت لاعلان هذا . وضاق الاستاذ عبدالوارث الدسوقى بكتابات د عبد الجليل شلبى وهو الذى كان يعرف حالى حتى لقد طلب أن يساعدنى فرفضت مكتفيا بأن أواصل النشر فى الأخبار . طلب الراحل عبدالوارث الدسوقى ـ رحمه الله جل وعلا ـ منى الردّ عليه. أطلعت الاستاذ عبد الوارث الدسوقى على صورة من تقرير د عبد الجليل شلبى بتوقيعه . أذهله التقرير فإتّصل بتلميذ له فى صحيفة الجمهورية ، وطلب منه أن ينشر لى مقالا فى الرد على إتهامات د عبد الجليل شلبى ، فهذا حقى . جهزت الرد وألحقت به صورة من تقرير د عبد الجليل شلبى . نشروا المقال مختصرا ودون نشر التقرير تحرّجا من شيخهم عبد الجليل شلبى . بعدها كتب عبد الجليل شلبى يقول عنى ( ولقد سمعنا أن الأموال التى له فى البنوك لم يتسلمها . والله أعلم ) .
عاش د عبد الجليل شلبى ثمانين عاما ، ومات سنة 1995 . وما أغنى عنه ماله وما كسب .!!
السؤال الثانى :
ما معنى وصف عصا موسى بقول الله تعالى :( كَأَنَّهَا جَانٌّ )؟ وهل نرى الجان حتى يأتى التشبيه بالجان ؟
إجابة السؤال الثانى :
قال جل وعلا : ( وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) النمل ) ( وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ (31) القصص ) . المقصد هنا أن تصوراتنا عن الجن مخيفة مرعبة ، ولذلك فعندما رأى موسى عصاه تهتزُّ وتتحرك وتتحول الى ثعبان هرب خائفا ، كما لو كان قد رأى جانا حقيقيا . ونظير ذلك قوله جل وعلا عن ثمرات شجرة الزقوم فى جهنم : ( أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) الصافات ) . نحن لا نرى رءوس الشياطين فى حياتنا هذه ، ولكن نتصورها مرعبة
مفزعة .وهنا يأتى التشبيه بها . وأساس المجاز فى التشبيه هو تقريب المعنى .

السؤال الثالث : من محسن محمود ما معنى التفث فى قوله تعالى : ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) الحج )؟
إجابة السؤال الثالث :
1 ـ ( تفث ) جاءت مرة واحدة فى قول الله جل وعلا فى موضوع ( الحج ) :( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) الحج ).
2 ـ التفث هو التراب وغيره من شعث البدن، بسبب الزحام والحركة ، وما ينشأ من الإحرام من تقليم الأظفار و أخذ الشعر و نحو ذلك . وقضاء التفث يعنى الخروج من الإحرام والانتهاء من مناسك الحج .

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran