أحمد بهاء الدين شعبان :هكذا تحدّث الرفيق -غازي الصوراني-تشريح أزمة -حركة التحرر الفلسطينية-: المأزق والحل.....


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 8171 - 2024 / 11 / 24 - 11:42
المحور: القضية الفلسطينية     



مُجدداً يُقدم لنا المفكر والمناضل الأستاذ "غازي الصوراني" في مُحاضرته القيِّمة: "الحركة الوطنية الفلسطينية ـ الحركة الصهيونية" رؤية بانورامية مُركَّزة لملحمة الصراع الفلسطيني (العربي)/ الصهيوني، تتضمن مسحاً زمنياً لتاريخية الصراع منذ أن طُرد اليهود من أسبانيا عام 1492، مروراً بدعوة "نابليون" اليهود إلى إقامة دولة لهم في فلسطين عام 1798، (وهو بالمناسبة عام الحملة (الغزوة) العسكرية الفرنسية لمصر)، ومروراً بالمؤتمر الصهيوني الأول (في بازل السويسرية ـ 1897)، والخطوات التأسيسية المُمهدة لتسليم فلسطين إلى الطرف الصهيوني، بإصدار "وعد بلفور"، (1917)، وإجهاض الثورة الكُبرى للشعب الفلسطيني (1936)، فحرب 1948، وما انتهت إليه، والتداعيات التالية التي نعيش حصادها الكارثي الآن، على كل الأصعدة.
ومن المُهم أن نضع في نقاط مُختصرة أهم الملاحظات والدروس المُستفادة، و"الروشتة" المُقترحة للعلاج؛ من استعراض الأستاذ "غازي" لتداعيات هذه الحقبة المُهمة من تاريخ الصراع الوجودي ضد العدو التاريخي للقضية والأمة!
الملحوظة الأولي لدى المُقارنة بين الحركتين المتناقضتين: الوطنية الفلسطينية والحركة الصهيونية العنصرية، من الناحية البنيوية، اتسام الأولى بالتخلُّف، بينما امتازت الثانية بالتقدُّم استناداً إلى معينها من الحداثة الرأسمالية، وهو ما حرم الحركة الوطنية الفلسطينية من قدرة الدفاع عن الحق والمشروعية لصالح كيان مُغتصب تحول في السياق الزمني إلى "حالة إمبريالية صُغرى" قائمة على العدوان والقتل والقهر العنصري.
أما الملحوظة الثانية فتتعلق بطبيعة قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية، التي اتصفت "بالرخاوة والمُهادنة" في الدفاع عن المصلحة الوطنية ارتباطاً بمصالحها الطبقية: "كبار المُلاّك أشباه الإقطاعيين" في السابق، و"القيادات البرجوازية اليمينية" في الوقت الراهن، ما أدى إلى الانقسام والصراع على المصالح، و"تفكك المشروع الوطني"، منذ تبلور المشروع الصهيوني، وحتى الآن. وهو ما جسَّدته الشعارات الشعبية في هتاف: "يسقط الاستعمار والصهيونية والأفندية"!
وثالثاً؛ وعلى النطاق العربي: تراجُعت وضعية القضية الفلسطينية عن كونها "القضية المركزية"، إلى مواقع متأخرة في جدول الأعمال العربي (الرسمي)، الذي بلغ ذروته في الهرولة العربية (والخليجية مؤخراً)، والتسابق إلى الارتماء في أحضان الصهيونية، عبر مشروع ائتلاف "الأديان الإبراهيمية" المُصطنع، في تأكيدٍ مُستحدث على خيانة القيادات العربية التقليدية للقضية، وتآمرها على مستقبل فلسطين منذ تنازلات الهاشميين والشريف "حسين"؛ والأمير "عبد الله"؛ وحتى الآن.
ورابعاً: ويخلص التحليل الضافي الذي يُقدمه الرفيق "غازي الصوراني" للحال الفلسطيني المتأزم الراهن، إلى الاستنتاج أن الوضع ـ كما توصِّفَهُ د. "غانية ملحيس" يتطلب "الاعْتِرافِ بأننا كَفِلِسْطينِيّيّن نَقِفُ أمَام إخْفاقٍ شامِلٍ بامْتِياز، وبِأنَّنا، جَمِيعاً، أحزاب وفصائل ومثقفين وأكاديمين وقوى مجتمعية نَتَحَمَّل مَسؤولِيّةً مُشْتَرَكَةً عَنْ تَزايُدِ ابْتِعادِنا عَنْ تَحْقيقِ أهْدافِنا التَّحَرُّرِيّة، على الرَّغْمِ من التَّضحياتِ الجسيمة لِشَعْبِنا والبِناء على ذلك بالإدْراك بأنّ المَرْحَلَة الرَّاهِنة تقْتَضي مَعْرِفَة مُتَطَلَّبات إدارَتِه بما يَحْفَظ الهَوِيَّة الوَطنيّة الجامِعَةَ"، وهو ما يوضحه الرفيق "غازي" بوجوب: "مُمارسة الضغط الشعبي الديمقراطي لإنهاء الانقسام واستعادة وحدة النضال الوطني والديمقراطي، ومجابهة آثار "أوسلو" ونتائجه الكارثية"، الأمر الذي "يُحَتِّمُ النهوض بالمشروع اليساري الثوري بعد إخفاق اليمين الوطني والديني"، حيثُ "بدون ذلك النهوض اليساري سيبقى الخيار المحتوم هو الخيار بين النكبة والاستسلام لكل المُخططات العالمية والعربية والصهيونية"!
نحن إذاً في هذه المُحاضرة القيِّمة أمام تشريح مُكثَّف وافٍ لمُجمل كفاحات وإخفاقات "حركة التحرر الفلسطينية"، وإشارات واعية لملامح العلاج الناجع المطلوب، التي تفرض التحرُّك الواعي لإخراجها من مأزقها التاريخي؛ قبل فوات الأوان.
هكذا تحدّث الرفيق "غازي الصوراني".
القاهرة في: 10 يناير 2023