عن الترابط بين المفاهيم والممارسات السياسية والاخلاقية المحترمة
غازي الصوراني
الحوار المتمدن
-
العدد: 8106 - 2024 / 9 / 20 - 09:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن وعينا للترابط بين السياسية والاخلاق بالمعنى الموضوعي النبيل لكلمة السياسي وليس باعتبارها اطاراً للمصالح الأنانيه الانتهازية الضاره لهذه الحركة السياسية أو تلك، يمثل صمام الامان للسياسة الوطنية والاخلاق النبيلة وكافة الممارسات النقبضة للفساد والمحسوبيات والانتهازية والعمالة.
فالسياسة إذا ما أدّت إلى خدمة اهداف ومصالح الشعب وفق أسس وطنية وديمقراطية فإنّها تكون أخلاقية. وإذا ما أدّت إلى إضعاف وتفكيك الشعب والمجتمع والنظام وتحقيق مصلحة الفئة الحاكمة وحدها بقوة الإكراه والاستبداد وتركت الشعب وحيداً في مواجهة كل أشكال المعاناه والبؤس والتهميش السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فإنها تتحول إلى سياسه منحطه لا أخلاقية.
وبالتالي "فهناك سياسة أخلاقية، وهناك سياسة لا أخلاقية. وفي هذا السياق، هناك تصوران في هذا المجال هما: التصور الاخلاقي النبيل لكانط والتصور الانتهازي لميكافيللي، "ومعلوم أنّه عندما نقول سياسة مكيافيلية فكأنما نقول سياسة لا أخلاقية، اما كانط فكان يعتقد أنّ السياسة ينبغي أن تكون أخلاقية وإلا فلا معنى لها.
وفي هذا الجانب، يمكن القول إنّ دول الشمال الأوروبي كانطية بهذا المعنى. فألمانيا وهولندا والبلدان الإسكندنافية وسويسرا تبدو عموماً أكثر أخلاقية من امريكا ودول جنوب أوروبا"، وبالطبع لا تجوز المقارنة مع الدول المتخلفة (وأنظمة العرب) حيث يسود الاستبداد والفساد والتبعية والانحطاط الأخلاقي، لكن المقارنة ضرورية لكي ندرك الفرق واضحاً جلياً بين السياسة الأخلاقية والسياسة اللاأخلاقية"، وفي هذا السياق أعتقد أن السياسة في الأنظمة العربية ـ خاصة دول الخليج والسعودية والمغرب ـ وصلت إلى حالة غير مسبوقة من اللاأخلاقية.
لقد لعبت الفلسفة الأخلاقية للفلاسفة الكبار دوراً وتأثيراً في العقلية الجماعية في الغرب عن طريق التربية والتعليم والتثقيف والتهذيب وذلك انطلاقاً من أن الفكر يلعب دوره وليس مجرد ثرثرات فارغة كما يزعم البعض، فلا سياسة عظيمة بدون فكر عظيم. وبالتالي فالفكر أولاً، بعدئذٍ تجيء السياسة وقطف الثمار. وهذا ما ينقصا بشكل موجع".