أزمة أحزاب وفصائل اليسار الماركسي العربي وتعددها وسبل الخروج من الازمة صوب وحدتها
غازي الصوراني
الحوار المتمدن
-
العدد: 8188 - 2024 / 12 / 11 - 02:12
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
يبدو لي _ موضوعيا _ أن عوامل الاستنهاض الثوري الذاتي، في مجمل أحزاب اليسار العربي، باتت اليوم في حالة شديدة من الضعف والتراجع، غير مؤهلة –حتى اللحظة- لهذه المجابهة، مما وفر بالتالي فرص تراكم عوامل الأزمة البنيوية الشاملة فيها، واذا وصلت تلك التراكمات الكمية للأزمة الى لحظة القطع عندئذ لا مجال للحديث عن أي صحوة أو استنهاض لمجمل الاحزاب والفصائل اليسارية.
لذلك، فإن رسم أو وضع تصور لمغادرة الأزمة وتجاوزها، يجب أن يبدأ أولا عبر المراجعة النقدية لكل مكونات الخطاب السياسي والمعرفي النظري والتحليلي المرتبط بالاوضاع الطبقية الاجتماعية وبالاقتصاد والثقافة ...الخ وآليات العمل التنظيمي والكفاحي والمطلبي، طوال العقود الستة الماضية، -شرط وضوح الهوية الفكرية الماركسية ومنهجها وتطورها التاريخي-، نظرا لأولويتها كحلقة مركزية توفر الأرضية التي تـنبني عليها الحلقات الأخرى (التنظيمية والسياسية والكفاحية والمجتمعية).
إن نقطة البدء لعملية التصدي للوضع المأزوم، والارتقاء بالعامل الذاتي ( الحزب) كعقل جمعي، تتطلب توفير عنصر الوحدة الجدلية بين الوعي والممارسة لدى كل عضو من اعضاء هذا الحزب اليساري الماركسي أو ذاك، خاصة وأننا نعيش اليوم، أمام نتيجة مفزعة تتجلى في هذه الهوة المتزايدة الاتساع بين الجماهير من ناحية وأحزاب اليسار العربي من ناحية ثانية..
أما المعوق الرئيسي في اندماج احزاب اليسار فيعود الى تشتتها المعرفي ومنطلقاتها المختلفة (ستالينية/ لينين ية/تروتسكية/ماوية) وضرورة توحدها في إطار عام ديمقراطي وتعددي داخليا ، خاصة وأن ما يجمع بينهم من الناحية الفكرية أكثر أهمية من عوامل خلافاتهم الذاتية التي تعيق توحدهم ( كما هو حال الجبهتين الشعبيةوالديمقراطية وكما هو حال أحزاب اليسار المتعددة بلا اي مبرر في معظم بلداننا) ، لكن يبدو ان تلك العوامل الذاتية ما زالت طاغية على كل العوامل الموضوعية للوحدة ، وهي عندي ظاهرة انتهازية أو بسبب ضحالة الوعي بالماركسية والواقع المعاش أو كلاهما.
وعلى هذا الأساس ، فإنني أدعو الرفاق الكوادر او الطليعيين المالكين للوعي العميق بالنظرية إلى البدء في تفعيل عملية الحوار والبحث حول أهمية الوحدة وضرورتها راهنا بين أحزاب وفصائل اليسار، -بكثير من الهدوء والتدرج والعمق- بهدف ايجاد آلية حوار فكري من على ارضية الحداثة والماركسية ، حول كل القضايا السياسية والاقتصادية والمجتمعية الوطنية والقومية والانسانية، بما يخدم ويعزز الدور الطليعي -الراهن والمستقبلي- لقوى اليسار الماركسي في بلداننا رغم كل الصعوبات والتعقيدات التي تفرضها الهجمة العدوانية الصهيونية الامبريالية على شعوبنا في مرحلة الانحطاط الراهنة من جهة، ورغم ما يعتري هذه المرحلة من انتشار واستفحال قوى الثورة المضادة من مختلف القوى اليمينية الغيبية او العلمانية الى جانب ادعاءات القوى الليبرالية الهابطة تجاه ضرورات الماركسية وراهنيتها من الجهة الأخرى ، بما يعزز ويستدعي موضوعيا اعتبار موضوع الوحدة بين أحزاب وفصائل اليسار في كل قطر من اقطار مغرب ومشرق الوطن العربي مسألة فائقة الأهمية شرط الحوار والانطلاق صوب الوحدة المأمولة وفق جوهر الماركسية الأممي بعيدا عن كافة العناصر والأفكار العنصرية أو المذهبية والاثنية بين عربي وكردي وامازيغي أو نوبي....الخ من ناحية والعمل على ايجاد صيغة حوارية بين كافة الأحزاب الماركسية على الصعيد العالمي على طريق تحقيق الهدف العظيم المنشود وهو تأسيس الأممية الخامسة.