عن ( فى ذمة الله / سمعنا وعصينا / يتمطى / محمد كامل حسين و قرية ظالمة )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8106 - 2024 / 9 / 20 - 20:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السؤال الأول :
هل يصح أن أقول عن شخص مات إنه ( فى ذمة الله )؟
إجابة السؤال الأول :
1 ـ قطعا لا يصح هذا إسلاميا . لأنها كلمة كافرة فاجرة .! ونقول هذا وعظا لمن كان حيا قبل أن يموت من الكافرين ، يقول جل وعلا عن كتابه الكريم ( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) يس ).
2 ـ جاءت كلمة ( ذمّة ) فى القرآن الكريم مرتين فقط بمعنى العهد ، فى قوله جل وعلا عن الكافرين المعتدين ناقضى العهد : ( كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ (10) التوبة ).
2 ـ وجاءت تراثيا عن غير المسلمين من أهل البلاد التى غزاها العرب فى فتوحاتهم الكافرة ، وعقدوا معهم معاهدات ظالمة جعلوهم فيها مواطنين من الدرجة السفلى يدفعون الجزية ، وسموهم ( أهل الذّمّة ) .
3 ـ هذا الظلم الفظيع لمن جعلوهم أهل الذّمّة يهون بالمقارنة بقولهم (فلان فى ذمّة الله ). لأنه إذا كانت ( الذّمّة ) تعنى العهد ، فهذا يعنى أن فلانا الذى مات قد دخل فى عهد الله . وهذا إفتراء على الله جل وعلا ، لأن (عهد الله ) يعنى أوامره والتى يجب الوفاء بها . فهل هذا الفلان الذى مات قد وفّى بما عاهد الله جل وعلا عليه ؟ وهل قال الله جل وعلا وأعلن وأوحى له إن فلانا هذا قد أوفى بما عاهد الله جل وعلا عليه ؟ وهل الذى قال هذه المقالة قد إطّلع على الغيب الالهى أم إتّخذ عند الرحمن عهدا ؟ .
إن كلمة كافرة كهذه قال عنها جل وعلا : ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً (77) أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً (78) كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنْ الْعَذَابِ مَدّاً (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً (80) مريم ).
4 ـ وما أكثر كلمات الكفر التى إعتاد المحمديون قولها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
السؤال الثانى
تعجبت مما جاء فى القرآن الكريم أن اليهود كانوا يقولون سمعنا وعصينا بدل أن يقولوا سمعنا واطعنا . لولا إن هذا مذكور فى القرآن ما صدقته . أرجو التوضيح .
إجابة السؤال الثانى :
أولا :
فعلا ، قال جل وعلا عن الُعُصاة الملعونين الكافرين من بنى إسرائيل :
1 ـ ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (93) البقرة )
2 ـ ( مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46) النساء ). هذا لأنهم قالوا ( سمعنا وعصينا ).
ثانيا :
1 ـ على سُنّتهم سار المنافقون فى المدينة فى عهد النبى محمد عليه السلام ، والذين كانوا يرفضون الاحتكام للرسول . وقال جل وعلا عمّا ينبغى من المؤمنين : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (51) النور ). كان هذا من اوائل ما نزل فى المدينة .
2 ـ ثم جاء تحذير للصحابة بعد موقعة بدر . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) الانفال )
3 ـ وتكرّر التحذير فى أواخر ما نزل فى المدينة . قال جل وعلا : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) المائدة ).
ثالثا :
1 ـ جاءت الأوامر للمؤمنين بعدم التفريق بين الرسل . قال جل وعلا : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة ). أى المفروض انهم طاعة لله جل وعلا أن يقولوا سمعنا وأطعنا . ولكن المحمديين يقدسون إلاها سمُّوه محمدا ، يرفعونه فوق مستوى الرُّسُل . ويجعلون شهادة الاسلام الواحدة ( لا إله إلا الله ) شهادتين . لو قلت لهم ( لا إله إلا الله ) تراه بوعى أو بدون وحى يقول ( محمد رسول الله ). لو إستشهدت له بقوله جل وعلا : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة ). سيقول أيضا ( الشهادتين ) . يعنى سمعنا وعصينا .
2 ـ عن مصيرهم يقول جل وعلا : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (12) السجدة ).
أخيرا :
لا تتعجب من كفر العُصاة من بنى إسرائيل . عليك أن تتعجّب من المحمديين ، وهم من أكفر من يسير على قدمين .!
السؤال الثالث :
ما معنى : ( ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) القيامة )؟
إجابة السؤال الثالث :
يتمطى يعنى يمشى فى تكبر وخيلاء
السؤال الرابع :
د محمد كامل حسين له رواية فلسفية هى ( قرية ظالمة ) قرأتها وتأثرت بها وأنا فى الدراسات العليا . لا شك أنك قرأتها أيضا . سؤالى لك : هل هناك ملامح قرآنية فى هذه الرواية ؟
إجابة السؤال الرابع :
1 ـ د محمد كامل حسين ( 1901 : 1977 ) هو إستاذ طب العظام العبقرى ، واول مدير لجامعة عين شمس عند إنشائها عام 1950 ، وأول رئيس لجمعة جراحة العظام المصرية عند تأسيسها عام 1948 . عبقريته فى تخصصه الطبى لم يمنع عبقريته أديبا مفكرا من الطراز الأول خلال مجموعة مؤلفات سابقة لعصرها .
2 ـ قرأت فى شبابى رواية الدكتور محمد كامل حسين ( قرية ظالمة ) ، وقرأت أيضا كتاباته عن التشيع . أعجبنى فى روايته قوانينه فى عدم الاعتداء على الغير ، وألّا يخرج جيش ليغزو بلدا ويبدأ حربا . هذا أكبر ما يصل روايته بالاسلام الحق وتشريعاته فى عدم الاعتداء . قال جل وعلا : ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) ، ( فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) البقرة ) .
3 ـ الذى أعجبنى أكثر أن موضوع الرواية كانت وجهة نظر فلسفية تخيلية فى الأيام الأخيرة للمسيح عليه السلام ، وتتناقض مع سياسة الدول ( المسيحية ) الاستعمارية الغربية ( أوربا وأمريكا ) فى الاحتلال والغزو والاستيطان . ولنتذكر أن الكشوف الجغرافية بدأتها اسبانيا والبرتغال ، وكانت أساطيلها تحمل الصليب ، وقامت بإستئصال بعض الشعوب فى أمريكا ، وتابعتها الولايات المتحدة فى قتل الملايين من الهنود الحمر .
4 ـ أما عنوان الرواية ( قرية ظالمة ) فوجهة نظرى إنه إقتبسه من المصطلح القرآنى ( القرية الظالمة ) الذى جاء فى قوله جل وعلا : (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (75) النساء ).