عن ( شرع المستبد / تبسل و مبلس / ينتع / ملك وملكوت / لك يوم يا ظالم )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 16:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

عن ( شرع المستبد / تبسل و مبلس / ينتع / ملك وملكوت / لك يوم يا ظالم )
السؤال الأول :
من خمس سنين دخلت السجن فى قضية شيك بلا رصيد . وفى السجن شُفت عجايب . المفروض ان احنا مساجين جنائيين ، بس كان معانا فى العنبر مساجين تحت الحبس الاحتياطى ، وكانوا يتم تعذيبهم بقسوة . وربما كان هذا هو الفرق بيننا وبينهم . الموضوع ده شغل بالى كتير ، ليه الظلم ده . ممكن لو سمحت تشرح لى السبب .
إجابة السؤال الأول
1 ـ هذا شرع المستبد .
2 ـ ليست خصومة هناك بين المستبد والجنائيين . الجنائيون متهمون بجرائم ـ حقيقية أو ملفقة ـ ضد مواطنين مثلهم .
3 ـ خصوم المستبد هو من يعارضه قولا أو فعلا ، أو حتى بالاشارة أو بمجرد الشّكّ فى عدم ولائه . والمستبد هنا هو الخصم وهو الحكم ، هو الشرطى الذى يلفق القضية ويعتقل وهو ممثل النيابة الذى يأمر بالاعتقال ، وهو القاضى وهو الجلاّد وهو القائم بالتعذيب ، وهو الذى يقوم بالاخفاء القسرى ، وهو الذى يقتل خارج إطار القانون ، لأنه هو الشرع والقانون . هو الذى يتحكم فى كل شىء ، وخصومه لا حول لهم ولا قوّة .
4 ـ لا غنى للمستبد عن التعذيب لأن التعذيب أساس مُلكه. لا بد أن يُرهب الناس ليركبهم ، لا بد أن يقهرهم ليملكهم ، لا بد أن يفقرهم ويجيعهم ليلهيهم عن حقوقهم الانسانية والسياسية .
السؤال الثانى :
فيه كلمتين زى بعض فى القرآن ، وهما ( تبسل ) ( مبلس ) ولا أعرف هل هما نفس المعنى أم لا .. أرجو الاجابة :
إجابة السؤال الثانى :
1 ـ قلنا من قبل عن معنى كلمة ( مبلس ) إنها من الإبلاس يعنى اليأس وانقطاع الأمل . وجاءت فى الآيات الكريمة التالية : ( اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ( 48 ) وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ( 49 ) الروم ) ، ( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ) ( 44 ) الأنعام ) ، ( حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُون(77)المؤمنون ) ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ(12)الروم ) ، ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ(74) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) الزخرف ) .
2 ـ أما كلمة ( تبسل ) فتعنى الاستسلام للعذاب والهلاك . قال جل وعلا : ( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ (70)الانعام )
السؤال الثالث :
نقول عن التى على وشك الولادة ( ربنا ينتعها ) فهل هذا جائز إسلاميا ؟
إجابة السؤال الثالث :
( ينتع التى تلد ) ليس من اللسان العربى . وربما أصوله مصرية فرعونية . أما الدعاء فهو بأى لسان ، والمفروض أن يكون خالصا لله جل وعلا بخفوت صوت وتضرع . والله جل وعلا هو الذى يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء .
السؤال الرابع :
ما هو الفرق بين الكلمتين القرآنيتين : ( مُلك و ملكوت ) ؟
أجابة السؤال الرابع :
لا يبدو لى فارق بين كلمتى ( ملك ) و ( ملكوت ) سوى أن كلمة ( مُلك ) المنسوب لله جل وعلا قد تكررت كثيرا ، ومنها قوله جل وعلا : ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الملك )
أما ( ملكوت ) فقد جاءت فى الآيات الكريمة التالية :
1 ـ( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ (75) الانعام )
2 ـ ( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الاعراف )
3 ـ ( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ (89) المؤمنون )
4 ـ ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) يس )
السؤال الخامس :
نحن فى مصر نقول ( لك يوم يا ظالم ) . بسبب استمرار الظلم فى مصر ، حتى ان الشيخ كشك كان يقول بأن 99% من الظلم الذى فى العالم يحدث فى مصر ، وان الواحد فى المائة يطوف فى العالم ثم يبيت فى مصر . ما هو رأيك فى هذا ؟
إجابة السؤال الخامس :
1 ـ إسلاميا : عشرات الآيات عن الظلم والظالمين ، منها قوله جل وعلا :
( وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108) آل عمران )
( وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) غافر )
( وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (112) طه )
( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (43) وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنْ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46) الشورى ).
( مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (123) النساء ).
2 ـ الشيخ كشك رحمه الله جل وعلا تعرض للظلم والعذاب فى سجون عبد الناصر، حيث تنقل خلال عامين ونصف من عام 1965 بين معتقلات القلعة وطرة والسجن الحربى ، ولم يشفع له أنه كفيف من إيقاع العذاب الشديد به ، وظل جسده يحمل آثار التعذيب . ثم سجنه السادات فى أحداث سبتمبر 1981 . مقالته يعبّر بها عن إحساس هائل بالظلم . إذ كيف يجرؤ العسكر على تعذيب شيخ مُعاق لا يملك سوى كلمة يقولها علنا فى المسجد ؟ ولم ينضم الى أى تنظيم ولم يكن له طموح سياسى ؟
3 ـ مقال الشيخ كشك يرحمه الله جل وعلا يعبّر عن معاناة المصريين من ظلم عمره يتعدى السبعين قرنا فى دولة فرعونية مستبدة . ويكفى أن كلمة ( السجن ) لم ترد فى القصص القرآنى إلا عن مصر فى قصة يوسف وموسى عليهما السلام . وأن أشدّ أنواع التعذيب قام بها فرعون موسى .
4 ـ لذا فمقالة المصريين ( لك يوم يا ظالم ) لم تأت من فراغ . ومن الطريف أن الروائى الفرنسى إميل زولا له قصة بعنوان ( تيريز راكون ) ظهرت فى فيلم مصرى إشتهر لأن عنوانه : ( لك يوم يا ظالم ) . وللمطرب عبد الغنى السيد أغنية شهيرة يقول فيها ( لك يوم يا ظالم ) . ومع هذا فلم يتوقف الظلم فى مصر .