أخطار بقاء حماس في السلطة بعد الحرب
حميد زناز
الحوار المتمدن
-
العدد: 7799 - 2023 / 11 / 18 - 18:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كغيرها من الجماعات الإسلامية كانت حركة حماس وستبقى عامل هدم سواء بقيت في السلطة أو خارجها. لم يجن الشعب الفلسطيني من أفعالها طوال وجودها سوى الأزمات والدمار، الدم والدموع. ولكن، ماذا لو بقيت في السلطة بعد هذه الحرب المدمرة؟ ما هي تداعيات ذلك على المنطقة والعالم أجمع؟
بغض النظر عن الإسلاميين بجميع طوائفهم والجموع المؤسلمة لا يمكن لعاقل أن يتمنى بقاء حماس متسلطة على رقاب أهل غزة إذ يترتب جراء ذلك انتشار أكبر دعاية قد تكون نتائجها كارثية على المنطقة برمتها. وهي ظهور حماس بمظهر المنتصر مهما كانت فداحة الخسائر التي حلت بفلسطين وأهلها.
بقاء حماس جاثمة على صدر الغزيين، هذا وحده كاف ليجعل عرابيها ومموليها يقدمونها على أنها حققت انتصارا عظيما غير مسبوق على أقوى جيش في المنطقة، سبق له أن هزم الجيوش العربية مجتمعة. وستتكفل قناة الجزيرة بنشر الادعاء بين الحشود، ويتحول الدمار والهزيمة بفعل الصراخ وبعض الصور إلى انتصار وهمي باهر هو بداية لتحرير القدس.. قد تقول خديجة بن قنة أو عزمي بشارة.
وبهذا سيزداد الانبهار بحماس وشعبيتها في العالم العربي كله. ستتفاخر بأنها هي التي قاومت جيش إسرائيل وحدها. ولا يهم إن كانت غزة قد دُمّرت على رؤوس أهلها لأن رؤوس حماس لا تصلها الشظايا في الدوحة أو إسطنبول! بل لا يضير تلك الرؤوس الإخوانية سقوط الضحايا فهي تبحث بعدد القتلى عن استدرار التعاطف الإنساني وتعجنه في مطاحن الجزيرة ليخرج رصيدا سياسيا وأرصدة في البنوك.
ما يهم مرضى الوهم هو ارتفاع قيمة أسهم الحركة الإرهابية وقيمة أسهم ما يسمى محور المقاومة في بورصة النضال الزائف من أجل تحرير فلسطين.. كل فلسطين. وكل هذا سيؤدي إلى إنعاش الحركات الجهادية في البلدان العربية، وحتى في بقية العالم وعلى وجه الخصوص في أوروبا الغربية التي تستقبل ألوف المهاجرين الذين هربوا من بلدانهم بسبب الحروب الأهلية التي أشعلها الإسلاميون، وبعد أن استقروا عاد أغلبهم إلى حبه القديم: التأسلم. وبالتالي تستيقظ المجموعات الإرهابية النائمة بينهم لتزرع الرعب في البلد الذي أحسن إليهم.
تسير حماس على خطى حزب الله المصنف حركة إرهابية دوليا وعربيا، والذي أغرق لبنان في الوحل. ومع ذلك ادعى النصر وجلب الكثير من التعاطف إلى أن أماطت الحرب الأهلية في سوريا اللثام عن وجهه الطائفي البغيض.
وكذلك سترفع حماس رايات النصر إن كتب لها البقاء في الحكم في غزة وحافظت على بعض بقايا بنيتها العسكرية، وسيرتفع طموحها في القضاء على إسرائيل ورمي اليهود في البحر، وسترتكب أفعالا أخرى ستعود وبالا على الشعب الفلسطيني.
يقول عضو مجلس إدارة حماس في لبنان إنهم سيكررون هجوم 7 أكتوبر بطريقة أوسع وأعنف إن استمروا في حكم غزة.
لو تمكنوا من البقاء سيقوضون السلطة الفلسطينية ويحاولون الاستيلاء على الضفة الغربية وطرد محمود عباس، وربما يزجون به في السجن بتهمة الخيانة، ويفككون منظمة التحرير الفلسطينية ويقضون على أمل السلام نهائيا، فهم لم يعارضوا كل مبادرات السلام فحسب بل عرقلوها عن طريق التفجيرات والعمليات الإرهابية الانتحارية التي تلت أو سبقت كل مبادرة.
أما غزة، في حالة بقاء حماس، ستغرق في بؤس مطلق إذ تتفاقم مشاكلها الحياتية مع تشديد الحصار عليها أكثر فأكثر وسيمنع العمال الفلسطينيون من العمل في إسرائيل وسيعوضون بعمالة آسيوية وقد بدأت الاتصالات مع الحكومة الهندية في هذا الشأن.
أما من ناحية الأمن القومي العربي، فبقاء حماس معناه أن إيران الملالي ستكون على الحدود المصرية وستهدد الأمن في سيناء وفي جمهورية مصر كلها، وقد ارتكبت حماس بمساعدة الملالي جرائم كثيرة وخطيرة على التراب المصري. وسيكون الأمر أخطر عندما تعلن صراحة أنها ذراع إيران المسلحة كما هو الحال بالنسبة إلى حزب الله. وستلعب حماس تجاه مصر نفس السيناريو الذي يلعبه الحوثيون ضد السعودية منذ سنوات. مع بقاء حماس سيزداد ضغط حزب الله على ما تبقى من الدولة اللبنانية وسيزداد الحوثيون ضراوة وأملا في وضع اليمن كله تحت عباءة خامنئي.. وعموما سيتغوّل الإخوان المسلمون في كل البلدان العربية.
بقاء حماس سيكون دعما للمتهورين وعرقلة لمحور الاعتدال واستمرارا في تديين القضية الفلسطينية وتلطيخها بارتكاب عمليات وحشية تؤلب العالم كله ضدها وتقضي على كل أمل في إقامة الفلسطينيين لدولتهم المستقلة.