العراقيون وراس السنة الهجرية
حامد الحمراني
الحوار المتمدن
-
العدد: 3209 - 2010 / 12 / 8 - 17:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في مثل هذه الايام وقبل اكثر من الف واربعائة عام وبعد ان اعلن خاتم الانبياء مشروعه الالهي الداعي الى نشر الحرية والعدل وحقوق الانسان في الارض استجابة لنداء السماء، نفذ رواد الفكر الجاهلي اولى جرائمهم المتمثلة في تهجير المسلمين وعلى راسهم نبي الرحمة واصحابه الكرام من مساكنهم واموالهم واوطانهم وهي اولى الاساليب التي استخدمها دعاة الفكر البدوي للوقوف امام المد الفطري للانسان المتمثلة في عبادة الله الواحد الاحد وتحرير الانسان من مطلق العبودية .
لقد تم تهجيرهم لا لشىء الا لانهم قالوا ان الله ربنا؛ وتلك مخالفة عظمى في الدستور الجاهلي؛ لان ذلك يعني انهم تمردوا على تعاليم البداوة ورفضوا الرضوخ للوثنية السياسية والاجتماعية وبالتالي فانهم لم يغضوا الطرف عن وئد الانسان الذي اسجد الله له ملائكته.
وهي سُنة في التاريخ الانساني ، فقد هاجر النبي الاكرم ومعه ثلة من المستضعفين المؤمنين ، خرجوا بملابسهم ودينهم ووجوههم البيضاء وضميرهم الناصع حاملين معهم مشروع الاصلاح تاركين ديارهم ومساكنهم واموالهم لحكومة ابي سفيان الذي سيصدر قانون الطوارىء فيما بعد عبر الانترنيت والاقمار غير الصناعية الذي سيسمح بموجبه بنهب ممتلكاتهم تحت بند ( الغنائم ) وبيعها بابخس الاثمان في سوق النخاسة .
انها الهجرة ، فمن اراد الله ورسوله واليوم الاخر وكفر بالطاغوت فليهاجر ويترك دنياه من اجل دينه ، ومن خاف على ( عفشه) وتجارته ومناصبه وتردد في القيم الجديدة التي جاء بها نبي الرحمة فليبق ، وسيلقنه ابو سفيان درسا في الذل والمهانة والتجويع ، وسيمارس معه جميع اصناف الانحطاط واولها زجه في جيش ( النخوة) لمحاربة المسلمين الاوائل لانهم ( خوارج) متمردين على الاجماع الوثني والامن القومي .
هذا اليوم من التاريخ النبوي الشريف يتذكره العراقيون بتفاصيله المريره ويرونه حق اليقين، ويتبادلون فيه الفرح والحزن معا ، فقد مورس ضدهم اقسى انواع التهجير والتقتيل والاقصاء لا لشىء الا لانهم قالوا ان الله ربنا وان وطنهم العراق الواحد وآمنوا ان العراقيين سواسية كاسنان المشط وان اختلفت اعراقهم واديانهم ومذاهبهم .
انها سنة الله في الارض، ولحظة سوف تتكرر في تاريخ الشعوب ، فعندما انبثقت القيم الجديدة وتهاوت اركان الجاهلية تم تهجير النبي الخاتم وشيعته لانهم ارادوا تغيير الدنيا ابتداءا بقومهم قبل الاخرين، وعندما تم تهديم رمز الديكتاتورية في العصر الحديث (مع الفارق الهائل بين القضيتين وشخوصها)، فقد تم تهجير العراقيين المنتظرين للتغيير وضحايا الطغاة والوثنية السياسية وذوي الشهداء والمقابر الجماعية والمحرومين والمستضعفين، خرجوا بوطنهم ولم يستقبلهم ( النجاشي) لان قيم النجاشي وعقيدته قد اكلها الارهاب والعنف وتاثيرات اجندات دول الجوار، فلم يسمح دعاة البداوة والسلطات المتوحشة للعراقيين ان يقيموا تجربتهم التي كان مقررا لها ان تقوم على اساس التحرر والعدل والحرية بعيدا عن تعاليم هبل واللات والعزى المعاصرة .
ستبقى الهجرة والتهجير درس ضريبة لدعاة القيم والمبادىء والتغيير، وسيبقى اعداء الفضيلة يتربصون بالمصلحين الدوائر وايديهم على مقود سياراتهم المفخخة لاجهاض حركات التصحيح وصيرورة التاريخ في الدنيا .
السلام عليك ايها النبي الرحيم ياأول المهاجرين والمهجّرين وصلى الله عليك وعلى آل بيتك المعصومين المظلومين وصحبك الكرام الصابرين المنتجبين .