أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - تحية لذكرى ثورة 14 تموز المجيدة















المزيد.....

تحية لذكرى ثورة 14 تموز المجيدة


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4864 - 2015 / 7 / 12 - 13:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمر هذه الأيام الذكرى السابعة والخمسين العطرة للثورة العراقية الوطنية الأصيلة، ثورة الشعب والجيش، ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، بقياد شهيد الوطنية العراقية الخالد الزعيم عبدالكريم قاسم. الثورة التي حققت خلال أربع سنوات ونصف من عمرها القصير، من المنجزات العظيمة ما يعادل ضعف ما حققه الحكم الملكي خلال 38 سنة. ولذلك تآمر عليه أعداء الشعب في الداخل والخارج، فاغتالوها ليوقفوا مسيرتها في إكمال برنامجها التنموي في جميع المجالات، وفتحوا المجال لمغول العصر لينتقموا من الشعب، وليحمِّلوا هذه الثورة الوطنية الأصيلة مسؤولية كل ما أصاب الشعب من كوارث البعث الفاشي البغيض.

يعتقد البعض أنه ما كانت هناك حاجة لثورة 14 تموز، وإن ما حصل كان مجرد انقلاب عسكري قام به نفر من الضباط الطامعين في السلطة. لا ننفي هذه الرغبة عند البعض من الضباط ، ولكن نحن نتحدث هنا عن الثورة وليس عن إنقلاب، فالثورات لا يمكن تفجيرها "حسب الطلب"، أو بفرمان من أحد، وإنما هي نتيجة انفجار تراكمات ومظالم ومتطلبات سياسية واجتماعية واقتصادية، وعندما تنتفي الوسائل السلمية الديمقراطية لتحقيق التحولات المطلوبة، وتتوفر لها الظروف الموضوعية والعوامل الذاتية، عندئذِ يحصل التغيير بالعنف الدموي، وما يصاحب ذلك من هزات عنيفة واضطرابات خطيرة في المجتمع.
وأفضل وصف لظاهرة الثورات جاء في كتاب (عصر القطيعة مع الماضي)، للمفكر الأمريكي بيتر ف دروكر (Peter F. Drucker) الذي قال: "أن الثورة لا تقع ولا تصاغ ولكنها (تحدث) عندما تطرأ تغييرات جذرية في الأسس الاجتماعية تستدعي (إحداث) تغييرات في البنية الاجتماعية الفوقية [السلطة] تتماشى مع (التغييرات) التي حدثت في أسس البنية المجتمعية، فإن لم يُستَبقْ إلى هذه الأحداث تنخلق حالة من التناقض بين القواعد التي تتغير وبين البنية الفوقية التي جمدت على حالة اللاتغيير. هذا التناقض هو الذي يؤدي إلى الفوضى الاجتماعية التي تقود بدورها إلى حدوث الثورة التي لا ضمانة على أنها ستكون عملاً عقلانياً ستثمر أوضاعاً إنسانية إيجابية".

المهم هنا أن الثورة تحدث كحالة انفجارية، بغض النظر عما يحدث بعدها من فشل أو نجاح. ولذلك يحاول البعض تجريد ما حصل يوم 14 تموز 1958 من صفة الثورة، ووصفه بالانقلاب!!
فماذا حصل بالضبط في ذلك اليوم التاريخي المشهود الفاصل بين مرحلتين مختلفتين كل الاختلاف في تاريخ العراق الحديث، هل كان انقلاباً أم ثورة؟

لقد أسيء استخدام هذين المصطلحين (الثورة والإنقلاب)، أيما إساءة، وذلك بناءً على الموقف العاطفي، لا العقلاني والموضوعي، الذي يتخذه الشخص مما حدث في ذلك اليوم، فإن كان مؤيداً له استخدم كلمة ثورة، و إن كان معارضاً، قال أنه مجرد إنقلاب عسكري. إن هذين المصطلحين لهما مدلولاتهما العلمية والتاريخية، يجب عدم ترك استخداماتهما للعواطف لأن الفرق بينهما كبير.
الإنقلاب يعني تبديل رجال الحكم بالعنف المسلح، وغالباً بعملية عسكرية، دون أن يكون مصحوباً بأي تغيير للنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي. أما الثورة فهي عملية تبديل الحكام، وقد يتم بالعنف المسلح أو بدونه، ولكن بالضرورة تكون مصحوبة بتغيير النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي. والمهم هنا تغيير القاعدة الإقتصادية والإجتماعية وتطورها من مجتمع قبلي متشظي ذو سمات شبه إقطاعية في الريف، وعلائق كومبرادورية في المدينة، إلى مجتمع قائم على تعددية الأنماط الاقتصادية نحو العصرنة والتحديث، وبالتالي تغيير الفئات الحاكمة من حيث جذر الانتماء الطبقي.

إن "الحدث" الذي حصل في ذلك اليوم وما تلاه من تغييرات هائلة في العراق مثل: إسقاط النظام الملكي وإقامة النظام الجمهوري على أنقاضه، وتبنى سياسة عدم الإنحياز، وإلغاء جميع المعاهدات الإستعمارية الجائرة المخلة بالإستقلال الوطني، والخروج من الأحلاف العسكرية (حلف بغداد)، وتحقيق الإستقلال السياسي التام، والسيادة الوطنية الكاملة، وتحرير الإقتصاد، والعملة العراقية من الكتلة الإسترلينية، وإلغاء حكم العشائر والنظام الإقطاعي، وتحرير الملايين من الفلاحين الفقراء من سيطرة الإقطاعيين بإصدار قانون الإصلاح الزراعي، وتحرير 99.5% من الأراضي العراقية من سيطرة الشركات النفطية الإحتكارية بإصدار قانون رقم 80، وازدهار الصناعة وبناء عشرات الأحياء السكنية للفقراء، والتفاف الجماهير حول قيادة الثورة وحماية منجزاتها… وغيرها كثير والقائمة تطول… وبعد كل هذه التغييرات التي حصلت في المجتمع العراقي بعمق، لا يمكن لأي باحث منصف إلا وأن يعترف بأن ما حصل يوم 14 تموز، كان ثورة بكل معنى الكلمة.

ولعل أدق شهادة بهذا الخصوص جاء على لسان المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون الذي قال: (إن ثورة العراق هي الثورة الوحيدة في العالم العربي). وأيد ذلك بقوة الموضوعية المؤرخ والباحث الأكاديمي الراحل حنا بطاطو عندما سأل: "هل ترقى أحداث 14 تموز (يوليو) إلى مستوى الثورة أم أنها مجرد إنقلاب؟ ويجيب قائلاَ: "والواقع إن إلقاء نظرة سريعة على الآثار اللاحقة، يكفي لجعلنا نعرف أننا أمام ثورة أصيلة. ولم يكن لظاهرة سياسية سطحية أن تطلق كل تلك المشاعر بهذا العنف... والواقع إن 14 تموز أتى معه بأكثر من مجرد تغيًر في الحكم. فهو لم يدمرً الملَكية، أو يضعف كل الموقع الغربي في المشرق العربي بطريقة جذرية فحسب، بل أن مستقبل طبقات بأسرها ومصيرها تأثر بعمق. ولقد دمرت إلى حد كبير السلطة الإجتماعية لأكبر المشايخ، ملاكي الأراضي ولكبار ملاكي المدن، وتعزز نوعياً موقع العمال المدنيين والشرائح الوسطى، والوسطى الدنيا في المجتمع. وتغير كذلك نمط حياة الفلاحين نتيجة لإنتقال الملكية من ناحية، ولإلغاء أنظمة النزاعات القبلية وإدخال الريف في صلب القانون الوطني من ناحية أخرى". لذا فإننا ننظر إلى إنجازات الثورة بالإرتباط إلى ما حققته من تحولات كبيرة في المجتمع العراقي، وبقيت تأثيراتها حتى اليوم رغم الثورات المضادة.

ألف تحية لثورة 14 تموز المجيدة، والمجد والخلود لقائدها الشهيد عبدالكريم قاسم وصحبه الأبرار. والمجد لجميع شهداء الوطنية العراقية، والخزي والعار لأعداء الشعب العراقي من البعثيين الفاشيين الدواعش.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- عبدالخالق حسين: أسباب ثورة 14 تموز 1958
الحلقة الأولى:
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=468

2- الحلقة الثانية
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=46

3- عبدالخالق حسين: منجزات ثورة 14 تموز 1958
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=389



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعضلة العراقية والحلول المقترحة
- الوهابية، حركة فاشية دينة يجب تجريمها
- الإسلام والغرب والإرهاب (متابعة)
- وثائق ويكيليكس تفضح مملكة الشر
- الإسلام والغرب والإرهاب
- لماذا يحتاج الغرب إلى عدو دائم؟
- داعش ذريعة لتغيير النظام في العراق
- مؤتمر باريس لدحر الإرهاب أم لدعمه؟
- أزمة الشرق الأوسط وعلاجها!
- جدل حول أسباب الإرهاب
- السعودية دولة إرهابية يجب مقاضاتها
- سقوط الرمادي كسقوط الموصل، تم من الداخل
- تفحيرات الأعظمية مقدمات لشكيل قوات طائفية
- دروس من الانتخابات البريطانية 2015
- مشروع القرار الأمريكي، هل هو بالون اختبار؟
- حول إشكالية التعامل مع الماضي
- لكي لا ننسى الهولوكوست البعثي الداعشي
- هزيمة السعودية في اليمن
- محنة العراق بين إيران والسعودية
- الحشد الشعبي(مليشيات شيعية) مدعومة من إيران!


المزيد.....




- ماذا قال نتنياهو عن -مواصلة- حرب غزة.. و-النووي- الإيراني؟
- ماذا حدث في الجولة الثانية من المفاوضات النووية بين أمريكا و ...
- ريفرز.. وثائقي يكشف انتهاكات كييف
- واشنطن: المحادثات النووية مع إيران تحرز -تقدما جيدا جدا- وتح ...
- اليمن.. قتلى وجرحى في قصف أمريكي على أمانة العاصمة ومحافظة ص ...
- الهند.. مصرع 11 شخصا في انهيار مبنى في نيودلهي (فيديو)
- بيلاروس وأوزبكستان ترحبان بهدنة عيد الفصح في أوكرانيا
- مظاهرات حاشدة في تل أبيب تطالب بصفقة للإفراج عن رهائن غزة
- شاهد.. قصف أمريكي عنيف على العاصمة اليمنية صنعاء (فيديو)
- بأمر من بوتين.. هدنة إنسانية بعيد الفصح


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - تحية لذكرى ثورة 14 تموز المجيدة