أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الحكيم البابلي - جذور العنف والفوضى - البيت، المدرسة، الدين . (1).















المزيد.....



جذور العنف والفوضى - البيت، المدرسة، الدين . (1).


الحكيم البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 4713 - 2015 / 2 / 7 - 23:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


* مُقدمة وتمهيد:
 كتبتُ هذا المقال تمشياً مع الحكمة القائلة: (لا مُجاملة على حِساب الحقيقة)، ومن خلال قاعدة "إتيان البيوت من أبوابها". وأنشره لدلالاته الإجتماعية، ولكون أحداثه حقيقة تَرَكَت ندوباً عميقة في ذاكرتي وكياني.
كتبته لإن أغلب مُسلمي العراق إعتقدوا -ولحد اللحظة- بأن قمع المواطِن المُختلف عنهم هو حق يُمارسونه بحكم أنهم يُمثلون الأغلبية الدينية والقومية في الوطن العراقي، وما على غيرهم إلا الخضوع وتقبل المهانة والعنف والقمع والنظرة الدونية والإضطهاد من كل نوع.

* في سن السابعة دخلتُ الصف الأول الإبتدائي في مدرسة السعدون الإبتدائية النموذجية المُختلطة (بنين وبنات) في بغداد -منطقة السعدون، كذلك كنتُ من طلاب روضتها والصف التمهيدي فيها. كان في تلك المدرسة عدداً كبيراً من الطلبة المسيحيين ربما أكثر من المسلمين، وأعتقد أن كل الهيئة التدريسية كانت من المعلمات !.
بعد مرور شهرين أو أكثر، تشاء الصدف أن يتم نقل والدي من وظيفته في واحدة من مؤسسات وزارة الصحة في بغداد إلى مدينة ( السماوة ) جنوب العراق بين بغداد والبصرة، والتي لم يكن فيها من المسيحيين غير بضعة موضفين حكوميين كوالدي مع عوائلهم.
في مدرسة السماوة الإبتدائية للبنين حدث ذات يوم أن إختطف مني أحد طلبة الصف الخامس -وكان أكبر مني عمراً وحجماً- الساندويج الذي كانت والدتي تُحرص على تزويدنا به -أخي الكبير نبيل وأنا- لنتناوله أثناء إستراحة الطعام في منتصف الحصص الدراسية.
ذهبتُ لإخبار المُدرس المُناوِب المسؤول عن أمور الطلبة وسماع شكواهم وحل منازعاتهم الصغيرة أحياناً في الساحة أثناء إستراحة الطعام، وبعد أن أخبرته عن ذلك الطالب المُعتَدي، قال لي وبطريقة هازئة ساخرة غير مُبالية: [ وماذا تُريدني أن أفعل؟ أنا لستُ أمك، إذهب وإسترجع ساندويجك إن كنتَ تقدر ]!.
من خِلال غضبي على الطالب والمُدرس لم يكن مني إلا مُغافلة ذلك الطالب وركله على ساقه بقدمي ثم إختطاف الساندويج من يده بعد أن كان قد إلتهم نصفه أو أكثر، ثم رميتُ ما تبقى منه على أرضية الساحة الترابية وسحقته بحذائي، لإن غضبي لم يكن من أجل الساندويج بقدر ما كان لكون ذلك الطالب إستصغرني وإستضعفني وسلب حقي، وكذلك بسبب الأستاذ الذي لم يُحرك ساكناً للسيطرة على الحدث الصغير وإداء واجبه لمساعدتي في إسترجاع حقي، بل على العكس من ذلك .. إستهان بيَ وسَخَرَ مني.
لا أذكر ما حدث في الدقيقة أو الدقيقتين اللاحقتين، لكني أذكر إنني وجدتُ نفسي مُستلقياً على أرض الساحة الترابية وأنفي ينزف دماً بغزارة !.

بعد يومين من التحقيق الذي أجرتهُ إدارة المدرسة ولجنة المُعلمين للحادث، والإستماع إلى بعض الشهود، وإنكار الأستاذ المُناوب لإتهامي له بعدم مُساعدتي، قرر مجلس الإدارة معاقبتي والطالب الآخر بحِرمانِنا من الدوام المدرسي لمدة إسبوعين!، مع عشرة عصي (خيزرانات) على راحة أيدينا في اليوم اللاحق للقرار أثناء الإصطفاف الصباحي في ساحة المدرسة قبل بدء الدوام الرسمي!.
يومها علم والدي من مصدر موثوق بأن الطالب الذي ضربني هو إبن أحد المُعلمين في مدرستنا، وأن هيئة التحقيق لم تكن مُقتنعة بمعاقبة طالب مُسلم لمجرد أنه ضرب طالباً مسيحياً، لِذا فقد تم ُإصدار العقوبة بحق الإثنين لمجرد التمويه عن لا عدالة هيئة التحقيق!!.

في صباح اليوم التالي رَفَضتُ أن أُغادر فراشي للذهاب مع والدي وأخي نبيل إلى المدرسة لتلقي العقاب الجسدي، وباءت بالفشل كل محاولات والدي في إقناعي أو إجباري على الذهاب إلى لمدرسة.
والدي كان يعرف يقيناً بأنني كنتُ الضحية، وصََدقَ قصتي، كوني لم أكن من الأطفال الذين يلجؤون للكذب إلا نادراً. كذلك وقَفَت والدتي وأخي وأخواتي في صفي ومع قراري في عدم الذهاب إلى المدرسة لتلقي العقاب الجسدي.
لم يكن والدي يملك أي حل للمشكلة يومها، كونه لم يفلح في إجباري على الذهاب للمدرسة، ولم يكن بإمكانه الإعتراض على هيئة المدرسة وقرارِها الظالم بحقي. وربما كانت تلك من المرات القليلة جداً التي وقف فيها والدي محتاراً في إتخاذ قرار ما.
كل ذلك دعاهُ إلى طَلَب إجازة من مقر عمله لمدة أسبوع، وإصطحابي معه في سفرة بالقطار إلى بغداد، حيث نزلنا ضيوفاً عند أقاربنا الكثيرين من أعمام وخوال. ومباشرةً راح والدي في اليوم الثاني لوصولِنا للتوسط عند أحد أقاربنا الذي كانت له علاقات جيدة مع بعض المسؤولين والمُتنفذين من أصحاب الشأن والنفوذ يومذاك.
وهكذا تم إعادة نقل والدي إلى وظيفته القديمة في بغداد. لكني كنتُ قد خسرتُ السنة الدراسية الأولى من حياتي المدرسية بعد أن تم فصلي لما تبقى من تلك السنة بسبب رفضي وعائلتي لتلك العقوبة الظالمة.

* أعرفُ وأعي اليوم بالضبط عمق الجراح التي خَلَفَتها في نفسي وذاكرتي تلك الحادثة التي ربما كانت ستمر كسحابة صيف في حياة بعض الأطفال الآخرين، لكنها كانت كابوساً يقطر ألماً بالنسبة لي، بحيث أثَرَت سلبياً على مستوايَ الدراسي فيما بعد، وجعلتني أتلكأ -تقريباً- في كل الصفوف الدراسية التي مررتُ بها لاحقاً، لِذا كرهتُ المدرسة لدرجة كنتُ أنتظر يوم الجمعة أو أية عطلة رسمية أخرى لأتمتع بحياتي في البيت بعيداً عن أجواء المدرسة التي كانت تقف كالبعبع بيني وبين أن أكون طالباً متفوقاً كما كان أخي نبيل مثلاً، وكانت سبباً مُباشراً لإكتفائي بشهادة الثانوية وعدم رغبتي بالتواصل مع الدراسة الجامعية.
كل ذلك التلكؤ سببتهُ ردود الفعل العنيفة لطفل صغير لم ينتبه لجراحه العميقة أحد ممن حوله، إضافة إلى إنني إنتقلتُ إلى ثلاثة مدارس في خِلال السنة الدراسية الأولى من حياتي وأنا لا زلتُ في الصف الأول الإبتدائي!!، وهل أحدٌ يعرف معنى أن تتبدل الأجواء من مدرسة لأخرى وما تحمله معها من تغيير حتمي في نوعية المدرسين ونوعية الطلبة وعاداتهم وممارساتهم وسلوكياتهم وحتى لهجاتهم ولكناتهم التي تختلف بإختلاف المجتمعات الصغيرة من منطقة جغرافية لإخرى!؟.
لِذا كان يتوجب عليَ وأنا في عمر السابعة أن أنسجم وأتفاعل وأتكيف مع كل تلك التغييرات الطارئة!، وكان ذلك صعباً جداً رغم إنني مررتُ بتلك التجربة بصمت، مُبتلعاً همومي ومحنتي لوحدي، حيث لم أكن أبين شكواي لعائلتي، لإنني كنتُ المُحوَر في تلك القصة.
والحق أن هذا المقال هو أول فرصة أتحتها لذاكرتي للكتابة عن تلك التجربة السلبية، لأبين حجم التدمير الذي تركَتهُ في نفسي، ولأقول لمجتمعاتنا الشرقية البائسة والمُتخلفة في كل شيء تقريباً، بأنه حتى الطفل الصغير يحس ويتألم ويُعاني ويرفض أحياناً ألكثير من المظالم مهما كان حجمها، وبغض النظر عن صغر سنه ومداركه وتجاربه الحياتية القليلة، وأحياناً يتصرف كالبالغين حين يتعلق الأمر بنوع المواجهة التي قد تخدش -وبعمق- كيانه ووجوده ومشاعره الطفلة، وحتى الحيوانات نراها تُسجل لنا أحياناً بعض مواقف الرفض العجيبة حينَ يُعتَدى عليها من قبل بعض قُساة القلوب وميتي الظمائر من البشر الأجلاف (1).

(1) تقول الكاتبة (ماريا خليفة) في مقال لها بعنوان (الشعور بالظلم يمنعك من التقدم)، نُشِرَ في موقع الحوار المتمدن بتأريخ 2012-22-8 :
[ مُنذ الطفولة يرفض الإنسان الظُلم بالفطرة، فيدافع عن نفسه وعن حقوقه، لِذا نرى الأطفال يرفضون أن يُفرق الأهل في معاملتهم، يرفضون أن تكون حصّتهم أصغر من حصّة أخوتهم، ونراهم يقارنون طوال الوقت ليتأكدّوا من أن العدل قد تمّ. لم يعلّمهم أحد ذلك، لكنهم يكتشفونه بالفطرة.
مع التقدم في العمر يشكل هذا الموضوع أساساً مهماً للنجاح في حياتنا لأننا نجد الإحساس بالظلم في صميم مشاكل حياتية كثيرة، مثل الضغط النفسي والإنعزال والحساسية المفرطة والتوتر والغضب والعنف، وتظهر انعكاسات الإحساس بالظلم
في كل نواحي حياتنا الشخصية والمهنية ]. إنتهى الإقتباس.

وبسبب نوع شخصيتي الرافضة للظلم وحالة اللا عدالة المُتفشية لحد الإبتذال في مجتمع الدولة، هاجرتُ من العراق الذي أعشقه وأنا في عمر الثامنة والعشرين، كوني كنتُ مُتيقناً من أن رأسي سيكون حصيد لساني ومواقفي عند أول موقف جاد أو مواجهة صغيرة لي مع من كان يُمثِل السلطة الجائرة من صِغار عضاريط وذيول حزب السلطة يومذاك، والذي كانت واحدة من هواياته وممارساته كسر شوكة وشكيمة ومعنويات من لا يرضخ للقوة الغاشمة التي كانت الغاية الأساسية منها تطويع الناس وكسر شموخهم ليصبحوا مطايا سهلة لمن يشاء ركوبهم وقيادتهم.
*************************************
* بعد عودتنا إلى بغداد إستأجر والدي (مُشتمل) يقع جغرافياً في منطقة (سبع قصور- الكرادة الشرقية)، لإن سعر الإيجار في تلك الضاحية كان مُناسباً جداً مقارنةً مع إيجار أي بيت في منطقة البتاويين أو السعدون حيث كُنا نسكن قبل رحيلنا إلى مدينة السماوة.
وهكذا تم تسجيلنا -أخي نبيل وأنا- في المدرسة الإبتدائية التي كانت على مبعدة أقل من ربع ميل من بيتنا، حيث إلتحق أخي نبيل بالمدرسة مباشرةً، وبقيت أنا أنتظر إلى بداية السنة الدراسية اللاحقة بسبب فصلي للسنة الأولى كما بينت أعلاه.
كان مُعظم طلبة تلك المدرسة من أبناء العوائل المُسلمة الشيعية من فقراء الشعب والكَسَبَة وأصحاب الحِرَف الشعبية، والحق كان هؤلاء الطلبة من قعر السلم الإجتماعي، مُعدَمين بكل ما في الكلمة من معنى، بحيث كان أغلبهم يلبسون بنطرون الرياضة القصير الأسود مع ثوب وربما سترة كالحة قديمة طوال أيام الشتاء البارد، ورغم صغر سني كنتُ أشعر بالخجل كون ملابسي كانت جديدة ونظيفة ومن نوع جيد، حتى إني كنتُ أرفض أن البس ملابس العيد الجديدة في المدرسة، وكأنني قد إرتكبتُ جرماً في حق الطلبة الآخرين، واليوم أعرف بأن تصرفي ذلك كان نوعاً من (المشاركة الوجدانية) التي سببها مجرد شعور وتحسس غريزي بما حولي من تناقضات مؤلمة أحياناً.
كذلك كان من ضمن الطلبة نسبة ضئيلة من أبناء الأغنياء والموظفين الحكوميين والتجار والعسكريين من مُختلف الرتب، وأغلب هؤلاء الأغنياء كانوا قد إبتنوا بيوتاً وقصوراً كبيرة بعد أن إشتروا بعض أراضي وبساتين تلك الضاحية بأسعار زهيدة يومذاك. ولم يكن في كل المدرسة من الطلاب المسيحيين غير أخي نبيل وأنا وطالب أخر أسمه وليد سطان يعيش اليوم كمغترب في ولاية كاليفورنيا الأميركية على حد علمي، ولهذا كُنا نُمثل لأغلب الطلبة المسلمين مخلوقات مريخية لم يألفوها سابقاً في تلك المدرسة!!.
وكما لاحظ هؤلاء الطلبة بعض إختلافي عنهم، كذلك لاحظتهُ أنا وبسرعة كبيرة وخاصةً فيما يتعلق بتكوينهم العام كأنماط شخصياتهم وتصرفاتهم وأخلاقهم وعاداتهم ولكنتهم وحتى بذاءة السنتهم!، وللحق أقول إنني لم أرفضهم .. لكنهم رفضوني وبشكل عدائي مؤلم، مما جعلني لا أجد أي فرق بين مدرسة السماوة والمدرسة الجديدة، وعلى قول المثل العربي "في كل وادٍ بنو سعد".
ولم أكن أُدرك أو أفهم أسباب الإختلاف!، وحين سألتُ والدي ووالدتي أفهموني ومن خلال محاضرات قصيرة شبه يومية بأن الطفل المسيحي يختلف في نشأتهِ وتعليمه وتربيتهِ البيتية عن غالبية -وليس كل- الأطفال المسلمين، وأوصوني بالحذر في التعامل مع الآخرين في المدرسة، مع تأكيد والدي على أن لا أقف مكتوف الأيدي أمام أي إعتداء أو تجاوز على حقوقي، وأنه يتوجب عليَ أن أُدافع عن نفسي مهما تطلب الأمرمن خسائر، ولا بأس من أن أخسر بعض الجولات أو حتى كلها، المهم أن أُحافظ على كرامتي وكياني وأن لا أكون ما سماهُ والدي يومها: ب (مَكفَخَة)!!. كذلك كان يُردد على أسماعنا دائماً المثل الشعبي الشهير: "إمام اللي ما يِشَوِر يسموه إمام أبو الخِرَك"، بعد أن أفهَمَنا معناه بالضبط.  

إلتزَمتُ بتعاليم والدي وشقيقي نبيل الذي كان معي في نفس المدرسة ويكبرني بثلاث سنوات، ونفذتُ تلك التعاليم بكل دقة وإنضباطية وذكاء، ولم أبدأ أي إعتداء على أحد طوال حياتي المدرسية، وبنفس الوقت لم أسمح لأحد بالإعتداء عليَ مهما كان حجمه أو عمره. والحق لم تكن مهمة سهلة أبداً أبداً، ولكن مع الوقت ومرور السنوات في المدرسة الإبتدائية بدأتُ المس بعض النتائج الإيجابية، حيث كَسَبتُ إحترام ومحبة وصداقة بعض الطلبة، كما كَسَبها قبلي أخي نبيل. 
الحديث طويل وشائك جداً عن معاناتنا كطلبة مسيحيين في تلك المدرسة الإبتدائية بالذات، وحتماً هذا لا يعني أن كل المدارس الإبتدائية يومذاك كانت على نفس النمط، بل يُمكن أن أقول وبكل ثقة … أغلبها. ولستُ مُبالغاً لو قلتُ إنه كان في نيتي قبل سنوات تأليف كِتاب شامل حول حياتي ومعاناتي كمسيحي في العراق، ولكن عملية طبع كِتاب وتسويقه ليست بالمهمة السهلة، ثم .. مَن مِن المُسلمين سيشتري كِتاباً يفضح ممارسات المسلمين وعدائيتهم وعنفهم وجذور الشر المتأصِلة في نفوس (غالبيتهم) والتي مُعظم أسبابها النصوص الدينية الذي رضعوها مع الحليب من أثداء أمهاتهم !!؟. 
لكنني من خلال بضعة مقالات سأسلط (بعض) الأضواء على مشاهداتي وإنطباعاتي وتجاربي الشخصية في الحياة الإجتماعية في العراق، وبغض النظر عما يتصوره المواطن المسلم الطيب من إننا كُنا نعيش معهم بكل عدالة وكرامة، فالمثل يقول"الناس أعداء ما جهلوا".
وقد يقول قائل أو مُدَعي بأنني أُحاول زرع الفتنة أوأبغي شق الصفوف أو دلق النفط فوق حرائق وفضائع اليوم، وجوابي أن الفتنة موجودة أساساً والصفوف مشقوقة ليس فقط بين المسيحيين والمسلمين، بل حتى بين أبناء الدين الواحد من الأخوة السنة والشيعة، والحرائق كادت تلتهم كل شيء بما فيها الوطن برمته!، لكني أكتب ذكرياتي في محاولة يائسة لتسليط بضعة أضواء صغيرة على الحاضنة غير الطبيعية التي كان المسيحي -وحتى المسلم- مُجبراً على التعايش داخلها ومعها في المُجتمع الفوضوي العشوائي المشوش للدولة الإسلامية، وكذلك لكونها حقائق ووقائع لم يتجرأ على المُجاهرة بها وتدوينها ونشرها إلا نفر من المسيحيين العراقيين، لأسباب قد يطول شرحها هنا وفي مقدمتها الخوف وروح المجاملة و" متلازمة ستوكهولم" التي تجعل الضحية تهب للدفاع عن الجلاد، أو التستر عليه !!.  
وليكن معلوماً عند القارئ الكريم انني لا أقصد من كلامي (كل المسلمين)، حاشا ومحشوم، حيث ليس هناك مُطلق، والشمولية خطأ لا يرتكبه إنسان يدعي المعرفة والتحضر، وكما يقول المثل: "إن خُلِيَت قُلِبَت"، لكني أتحدث عن نسبة كبيرة من المجتمع المسلم في بغداد والعراق، وقد تصل هذه النسبة -حسب رأيي وإجتهادي- إلى 80٪-;- أو أكثر !. أما جهل أو تجاهل بعض الناس بهذه الحقائق والنِسب فلا يعني أبداً عدم صحتها أوعدم حدوثها، وكما يقول المثل: "يعرفها من غص بها"!!.
 
* كان إسمها ((مدرسة الحُرية الإبتدائية للبنين))!، والحق .. لم يكن فيها أي شيئ يدل على إسمها ومعناه أبداً. كان مدير مدرستنا إسمه الأستاذ (ب)، وكان الطلبة يُلقبونهُ أو يكنونه ب (الصِكَر) أي الصقر، والغريب أنه كان يعتز ويفتخر بذلك اللقب أو الكنية الدالة على القوة والبطش والهيمنة!!.
كان للأستاذ (ب) شخصية ديكتاتورية عنيفة لو سُمِحَ لها بإستلام أية سلطة حكومية لكان سيكون أتعس من صدام أو القذافي، كانت شخصيته بيروقراطية صرفة وكأنها منبعثة من لدن الله!!.وأعتقد لحدٍ ما بأن الأستاذ (ب) كان مصاباً بداء العظمة (الباناروما).
  في زمن حكم الملك (فيصل الأول) وما قبله بقليل كان قانون العقوبات البغدادي (مادة 208) ينص على عقوبة حبس لشهر واحد أو دفع غرامة مالية قدرها (عشر ليرات) لكل من يستغل أية دابة ويقسرها على حمل ما لا قدرة لها على حملهِ، أو إذا كانت غير صالحة للعمل بسبب مرض أو جرح أو عاهة أو لكبر سنها. أما مُدير مدرستنا الأستاذ (ب) فكان يُجبر الطلاب المرضى -وما أكثرهم يومذاك- على الدوام حتى لو كانوا في النزع الأخير، ويا ويل من كان يتجرأ ويغيب بدون ورقة من المستشفى لإثبات مرضه، وكيف كان يتسنى لهؤلاء الطلبة المعدمين الفقراء إمكانية الذهاب إلى المستشفى البعيدة جداً وإستحصال ورقة عذر وتصديق من الطبيب !؟. 
كان المعلمين يضربون الطلاب وخاصةً أبناء الفقراء -وهم الأغلبية- ضرباً مبرحاً ولأتفه الأسباب، تشبهاً بمديرهم الأستاذ (ب)، وكما يقول المثل الأميركي: Monkey see monkey do. بينما كانت كل الهيئة التدريسية  تتساهل وبسخاء حاتمي مع الطلاب -قليلي العدد- الذين كان آباؤهم من الأغنياء أو من طبقة موظفي الدولة وخاصةً العسكريين!!.
غالبية الطلبة كانوا أساساً واقعين تحت سيطرة وقمع وعنف وتسيد وتحكم آبائهم وأخوتهم الأكبر منهم سناً في بيوتهم وعوائلهم، وفي المدرسة كانوا واقعين تحت سطوة وهيمنة وعنف ولا عدالة غالبية الهيئة التدريسية !!، أما وجودهم في الشارع العراقي … فحدث ولا حرج !!، ولهذا فاللوم لا يقع عليهم مُباشرةً، بل على حواضنهم الإجتماعية التي لم يكن لهم خيار في إنتمائهم لها، وهي مُشكلة كل البشر تقريباً، وسعيد الحظ من وجد نفسه في حاضنة إجتماعية متحضرة بما فيه الكفاية.
ولكل ظروفهم التعسة تلك .. كانوا يستغلون أية فرصة سانحة ليقوموا بالإعتداء واحدهم على الآخر، ولأتفه الأسباب، وخاصةً الإعتداء على الذين أصغر منهم سناً أو أضعف جسداً، وبقسوة لا يُفترض منطقياً أو بديهياً وجودها لدى الطلاب في أعمار المدرسة الإبتدائية في المجتمعات الصحية (2)، وربما كان ذلك رد الفعل الطبيعي الذي يفرضه واقع ما يتعلمه هؤلاء الطلبة من مساويء في حياتهم اليومية البيتية والمدرسية، خاصةً بعد تلقينهم وتشبيع عقولهم الصغيرة الخام بنصوص وأحاديث وشرائع فَضَة ومُحَرِضة على العنف والفوضى والقسوة والإنتقام والقسر والجبروت وتمجيد القوة الغاشمة المُبَرَرَة والمحتَمِية خلف ستار الدين والمقدس والله!!، وهي الإزدواجية بلحمها وشحمها، حين تصبح كل تلك السلبيات عنواناً وطريقاً لمفهوم "مكارم الأخلاق" !!!.
لِذا كان كل ممنوع إنسانياً وأخلاقياً مُباحٌ -تقريباً- في أغلب الأحايين، وبإسم الرب، وبطريقة من الطرق الملتوية التي أوجد لها حَلاً وعُذراً وسبباً الدين ومن يُمثله !!.
 
- (2) يقول الكاتب الأفريقي فرانس فانون: [ أن سُكان المستعمرات الأفريقية كانوا يعيشون في حالة من التوتر والقلق النفسي الدائم، بسبب عجزهم عن مقاومة ومواجهة الإستعمار والتصدي له، لِذا كانَ مواطن المُستعمرة الذي يعيش مقهوراً مذلولاً وكابِتاً لإغلب أحاسيسه بالذل والهوان والتهميش، سرعان ما يُشهر سكينه أو سلاحه في صدر ووجه مواطنيه المقهورين المذلولين مثله، لأي سبب تافه وغير مُقنع ]. إنتهى الإقتباس.
وهذا ما كان ولا زال يفعله غالبية مواطني الدول العربية المسلمة مع بعضهم البعض!.

كانت القسوة والقسر وروح الإعتداء متفشية بين الطلاب، وتُمارَس وتُطَبَق أكثر على كل مُختلف، أو صاحب عاهة أو عَوَق أو عيب جسدي وخلقي ظاهر، كالأعور والأعرج ومن له لثغة، أو أي طالب بَدين ومترهل الجسد رغم قِلتهم يومذاك، أو مَن كان مِن دين أو قومية أخرى وخاصةً المسيحيين والأكراد والصابئة، أو حتى من كان لونه مُختلفاً عن الآخرين كالأبيض الأشقر، أو من كان لون عينيه أزرقاً أو أخضراً رغم قلة عددهم، أو من كان أسود اللون والذي كانت كُنيته (عبد) أو (أبو سمرة) في أحسن الأحوال ... الخ.
وكانت الروح المُشاكِسة العدائية تتعملق كلما كبر الصبي أو الطالب، وتبدأ تأخذ مناحي حياتية جديدة أوسع وأخطر وأكثر تدميراً وخسارة للناس والمجتمع وبالتالي الوطن، حيث كان امراً يومياً إعتيادياً وشائعاً جداً جداً أن نرى هؤلاء الأطفال أو الصبية أو الشباب وحتى البالغين أحياناً يقومون بمطاردة الطيور وانواع الحيوانات السائبة والأليفة وتعذيبها وقتلها!، كذلك كانوا يقومون بكسر وتهشيم كل المصابيح الزجاجية في الشوارع العامة بواسطة (المصيادة) اليدوية التي عاثت تدميراً بكل هدف سهل من نوافذ الجيران وبقية بيوت المواطنين الآخرين وممتلكات الدولة العراقية!. 
كذلك كانوا يقومون بشق إطارات السيارات الجاشمة هنا وهناك، أو جلخ أصباغِها من المقدمة إلى المؤخرة، بواسطة سكاكينهم الحادة أو المزرف اليدوي الذي يستعملونه لتكسير قوالب الثلج يومذاك، وبنفس السكاكين كانوا يشقون (كُشنات) الكراسي الأنيقة الغالية لبعض دور العروض السينمائية مثل سينما الخيام وغيرها، ويتبولون داخل قاعة العرض السينمائي وبين مُدرجات الكراسي أثناء العرض السينمائي!. كذلك كانوا يتبولون في الطابق العلوي من (باص) مصلحة نقل الركاب العامة الأحمر ذو الطابقين الذي إشتهرت به لندن وبغداد! كذلك كانوا يضرمون الحرائق في كل شيء حولهم قابل للإشتعال …. الخ من عشرات المُمارسات العبثية المريضة التي حتى مُرتكبيها يجهلون أسباب إرتكابهم لها فيما لو تم سؤالهم عن السبب !!.
كثير من الناس في أغلب المجتمعات الشرقية الإسلامية يفقدون الحس بمميزات المُواطن الصالح وحسه وإرتباطه وعائديته للمجتمع والوطن ولكل ما هو إنساني ومتحضر ونبيل وجميل، لإن غالبية الأطفال منذُ صِغرهم يتربون بصورة مباشرة أو غير مُباشرة على عدم إحترام ما حولهم من إنسان وجماد وحيوان ونبات وممتلكات، وخاصةً ما هو أضعف منهم والذي لا ينطق ولا يشكو، مثل النباتات والزهور والحيوانات الضعيفة والجماد، ولهذا ينفلتُ جهلهم ولؤمهم وشراستهم لتخريب كل ما بناه البشر الجيدين المُتحضرين حولهم، وبغريزة فوضوية لم تتعلم أو تُمارس الكبح والضبط وطاعة القوانين وإحترام الموجودات واالكائنات والمال العام والوطن الذي هو مُلك الجميع.
وعلى عكس كل ذلك كانوا يهابون ويحترمون القوة والقسوة والبطش، وكما يقول العاِلم الإجتماعي الراحل علي الوردي: [ تعلمنا أن نهاب المُترفين الأشرار، ونحترم الجلاوزة القساة، وسوف لن نحصل في دنيانا على غيرهم، لقد أهملنا الطيبين الأخيار بيننا، فقل بذلك ظهور المخلصين لنا ].
كذلك كان أغلب هؤلاء الطلاب يرضعون من خِلال تعاليم أهلهم الولاء للدين الواحد والقومية الواحدة والعشيرة والفُخذ والمحلة قبل ولائهم للدولة والمجتمع والوطن، وهذا كان من الأسباب الجوهرية الرئيسية جداً لسقوط العراق دائماً وعدم مُبالاة أغلب أبنائه بذلك السقوط المُخجِل المؤلم !.
وحتماً كان الطفل والصبي العراقي المسيحي سينقاد كأترابه لعدوى ممارسة أغلب هذه الأمور المغلوطة أساساً، وكما يقول المثل: "تينة من تينة تفسد"، لكن أغلب العوائل المسيحية الشرقية المتدينة المُسالمة والمُشبعة بروح المحبة والتسامح، لم تكن تسمح لنا بالتمادي حين تعلم عن أية خروق إجتماعية أو قانونية وإنسانية نقوم بها أحياناً، وعلى سبيل المثال، رَفَضَت والدتي ولمدة أسبوعين متواليين أن تُكَلِمُني حين عَلِمَت بالصدفة إنني قتلتُ عدة ضفادع وهدمتُ عشاً لطيور السنونو من أجل التسلية العبثية، وبكت بكاءً مُراً وطلبت من السيد المسيح أن يُعاقبني لقسوة قلبي !!. بعدها لا أذكر إني قمتُ بهذا النوع من الممارسات الموجهة ضد الحيوانات البريئة التي لها الحق في الحياة كما هو حق لنا تماماً.
قالت لي والدتي فيما بعد بأن الحيوانات هي أمانة الخالق في أعناقنا، وبما أننا نملك عقلاً، فيجب علينا رعايتها قدر الإمكان، كما يرعى الأب العاقل والمُدرك شؤون ومصالح أطفاله غير البالغين، ولهذا كنتُ دائماً مُعجباً بمقولة للإمام علي: "العفو عند المقدرة"، رغم أن الإمام علي نفسه لم يقم بتطبيقها، بل كانت للإستهلاك الشعبي فقط ولتجميل القبيح في مُمارسات المسلمين الأوائل.
كذلك للإمام علي مقولة أخرى رائعة أيضاً هي: "كما أنتم يولى عليكم"، ومعناها إننا لن نحظى بحكام أو مسؤولين إلا من طينتنا نحنُ، وعلى شاكِلَتنا بالضبط، ولهذا فقد إبتُلينا على الدوام بحكام يُشابهوننا في كل قسوتهم وجهلهم وغطرستهم ونفاقهم وعنجهيتهم وتعاليمهم وخياناتهم وجشعهم وقسوتهم وعنصريتهم وكل صفاتهم الدونية الأخرى التي رضعوها من بيئتنا الموبوءة وتراثنا وتأريخنا المُخجِل!!، حيث لم يهبط حكامنا من المريخ!، بل هُم جميعاً من نفس طينتنا ومُجتمعنا الزنخ!.
وربما لهذا السبب المنطقي كان العراقيون يهزجون في تظاهراتهم المؤيِدة للسلطة الحاكمة (( صدام حسين يلوك إلنة ))!!، نعم .. كان صدام حسين وكل عضاريطه ومن بعده علي بابا المالكي وكل حراميته يُليقون بهذا الشعب الذي فقد بوصلتهُ الحضارية !، وما داعش اليوم إلا من صلب هذا المجتمع المشوه ومُشابهة له كاربونياً في كل شيئ، وهي إنما تُطبِق نصوص وشرائع الإسلام الحقيقي الأصلي، وهذه نتائجه الكارثية كما ترون، فلماذا نستغرب حادثة حرق الطيار الأردني المظلوم (معاذ الكساسبة) في حين أن تأريخ المجتمع الإسلامي يكاد يغص بهذه المُمارسات اللئيمة!؟، و"أول الغيث قطر"، وكما تقول الحكمة الكبيرة: "من يزرع الريح يحصد الزوابع"!، وصدقوني الزوابع الحقيقية الكبيرة لم تصل بعد، بل هي في طريقها إلينا، فشدوا أحزمتكم يا أبناء هذه المجتمعات.
لكل ذلك، أتعجب أحياناً حين يتسائل أي عراقي أو عربي: (من أين جاءتنا كل هذه القسوة والفوضى والهمجية الحالية !؟)، وكأنهم لا يعلمون بأنها كانت موجودة على الدوام، لكنها كانت فتنة نائمة كَسَرَت أجنحتها -ولو إلى حين- بعض الحكومات القوية التي كانت مُهيمنة على بلداننا، وها هي الفتنة تنطلق في أول فرصة مُتاحة لها من خِلال تسيب وضعف وإنحلال الحكومات الكارتونية التي جاء بها "التحرير الأميركي"! والتي سَهَلَت مهمة الفوضى والقسوة والعبث وخلق مجتمع الغاب !.

* كان غالبية المعلمين في المدرسة الإبتدائية يستعملون مع الطلبة كل ما فيه إهانة وتجريح وإستصغار وإستهانة وهيمنة فوقية لم يكن من دواعِ لها، ومن أساليبهم أنهم كانوا يُطلقون الألقاب المُضحِكة المُهينة ويستعملونها بدل الأسماء الحقيقية للكثير من الطلبة، هذا رغم أن واحدة من الوصايا الجيدة القليلة التي وجهها لهم نبيهم محمد كانت: "ولا تنابزوا بالألقاب"!. 
لا زلتُ أذكر الكثير من تلك الألقاب التي كان المعلمين يُطلقوها ويُلصِقوها بالطلاب من غير إدراكهم للدور التدميري الذي تلعبه في نفسية الطفل، ومنها: (( أبو بريص، بِعيوَة (3)، دريع، أبو حلك الفكاكة، صرصر، جريدي، دريع، شِمِر(وهو قاتل الحُسين)، دُبة حميسة، أبو حلك الجايف، طنطل، أرول، أبو كروة، خريبُط، جاموسة، أبو أذانات المشنترة، خنفسانة، أشرح لعيون، أعور، طيز لِكَن، أبو بولة، عكروت، ديوس، أبو كَشرة، معيدي، شروكي، أبو عقلين، بومة الخرايب،
خريبط، حلبوص، جلعوط، جعموص، بزون، كديش، باروخ )) …. الخ من التسميات والكُنى والألقاب التي لازِلتُ أتذكرها في حين نسيتُ الأسماء الحقيقية لأصحابِها من زملائي الطلبة يومذاك !.
(3) بعيوَة :
هي أُنثى إبن آوى، ويستعملها البغداديون كناية لمن يُتهم في رجولتهِ (المأبون)، والبعيوة إذا طَلبَت الفحل للجماع، ألصَقت رأسها بالأرض، وضَبَحَت (صرخت)، ولا يهمها من سيأتيها من الفحول. 
وعلى سبيل النكتة، فقد كان معلم الرياضة قد أطلق على أحد الطلبة وإسمه حسن لقب (جريدي) وهو تصغير لكلمة جُرذ، لأن حسن كان سريع العدو ولا يسبقه أي طالب آخر في ركضة ال 100 متر، وذات يوم قامَ معلم الدين بإطلاق لقب (أبو لهب) على نفس الطالب الذي قام مُعترضاً وقال لمعلم الدين بكل عفوية وسذاجة: الله يخليك أستاذ آني يصيحولي جريدي مو أبو لهب!!!.
أما أنا فكانوا يُسموني (النصراني)!، وحسب مفهومهم الساذج المغلوط يومذاك كانت هذه التسمية عندهم موازية للشتيمة والإهانة والعار!!، وحين كانوا يَذكُروني في كلامهم وأحاديثهم كان غالبيتهم يقول إستعطافاً لحالي: (خطية هذا النصراني)! وذلك من باب الرحمة والترحم !، ربما لأنهم تصوروا أو صُوِرَ لهم بأن النصراني سرطان أو مرض أو جيفة أو جَرَب أو قرد وخنزير كما تقول بعض كُتبهم العبثية المُحَرِضة على كراهية أي مُختلف، لأنهم لُقِنوا بأن "النصراني" كافر ونجس ومُخنث وإبن زنى في أحسن الأحوال!!.
والحق إننا -المسيحيين- كُنا محظوظين لإننا عشنا في دولة إسلامية دون أن نُقتَل أو نُحاسَب أو ندفع الجزية أو يُفرَضُ علينا الإسلام ونحنُ "صاغرون"!!، كما تشترط بالضبط نصوص الإسلام الصريحة المعنى والتي يعرفها أغلبنا، كما نعرف مثلاً أن في القرآن أكثر من 28 آية تُسَمي كل من لا يؤمن بالإسلام كافراً أو نَجَساً يستحق الموت!!.
الكثير من هؤلاء الطلبة الصغار كانوا يرفضون الجلوس في نفس الرَحلَة معي لإنني "نجس" (الرَحلَة هي طاولة الدراسة التي تتسع لإثنين)، وفي مِثالٍ آخر .. كان في ساحة المدرسة أربع صنابير للماء (حنفيات) مُخصصة لشرب الطلبة، وبعد عدة شكاوي من الطلبة إلى هيئة التدريس، أمَرَنا أحد المعلمين أن نشرب من الحنفية # 4 ونمتنع عن الشرب من الحنفيات الثلاث الأخرى، وقال بصريح العبارة وبدون أدنى خجل أن الحنفية # 4 تم تخصيصها للنصارى !!، فما كان من أخي نبيل إلا أن قال لذلك المُدرس ساخراً من جهله: نحنُ لسنا نصارى .. بل مسيحيين!، ولكن .. هل كان ذلك المعلم -ضحل المعرفة- يفهم بالضبط ما قصد أخي نبيل من أن هناك فارقاً كبيراً بين النصراني والمسيحي!؟، وبرأيي لا زال 95٪-;- من الشعب المسلم ولحد اللحظة لا يُدرك الفارق بين التسميتين!.
ولما حضر والدي معنا صباح اليوم التالي مُعترضاً على هذه التفرقة الدينية والعنصرية حتى في شرب الماء من الحنفية، قال له السيد المدير مُعتذراً: ماذا تُريدني أن أفعل يا أبا نبيل مع هؤلاء الطلبة الجهلاء؟.
والحق يُقال فالسيد المدير كان أرفعُ وأسمى وأثقف وأكثر تحضراً من مستوى التفرقة بين المسلم والمسيحي، لكنه كان يُفرق بين السني والشيعي!، وبين الغني والفقير!!!!!، وكما يقول المثل الشعبي: "هي مو منكوبة ... بس إتخُر" !!.
 
أما معلم الرياضة، وبعد ان فاضت بنجسها كل مراحيض الطلبة بسبب عدم وجود منظف يومي أو حتى أسبوعي، فقد طلب من أخي نبيل أن يُنظفها ويفتحها لهم لِقاء ربع دينار، لأنه .. وحسب مفهوم (غالبية) مُسلمي العراق، فالمسيحيين "نزازيح ومُنظفي مراحيض" ليس إلا !!، فما كان من أخي نبيل (المُلَسَن) إلا أن قال للمعلم ساخراً: إذهب أنتَ وإفتحها يا أستاذ وسأقول لوالدي كي يُعطيكَ ديناراً كاملاً !!. وكان جزاء نبيل صفعة رنانة على وجهه من كف الأستاذ الذي أصبح أُستاذاً ربما "من قِلَة الخيل" …… !!. 

* من مِنا لم يستعمل مع أهلهِ حجة: ( المعلم شَد عداوة وياية ) لتبرير سقوطه في الإمتحان الأسبوعي أو الشهري أو السنوي !؟، وقد عرفتُ عن يقين أن تلك الحجة لم تكن خالية أحياناً من نتفة مصداقية وحقيقة !!، وإنه كان هناك دائماً وأبداً سلوك دوني للكثير من المعلمين لا يمتُ أبداً للأخلاق والنضوج والترفع الذي يجب أن يكون من صفات المعلم الحقيقي الخلوق النزيه وليس المعلم نوعية (دّك النجف)!!. لهذا كان بعض المعلمين يعادون بعض الطلاب في بعض الأحايين لأسبابٍ هي في الغالب تافهة لا يُفتَرَض بالمعلم النزيه النزول لمستوى ممارستها ضد الطالب المسكين ولإذيتهِ عمداً. ولكن .. "تأبى العقرب إلا أن تلدغ وتصيء"!.

كان غالبية الطلبة -إسوةً بذويهم- يتقبلون تعسف المدير والمعلمين بكل عفوية ولا مبالاة، وكأنه أمر إعتيادي يومي من ضمن بعض "القضاء والقدر" والمكتوب على الجبين والذي ستُشاهده العين كما تقول لهم كتبهم "المُقدسة" التي يؤمن بها قطيع لا حصر له من الناس الذين لُقِنوا بأنهم مُسيرون وليسوا مُخيرون، ولهذا سَيَرَتهُم كُتبهم وما دروا بأن ما من شيئ إمتلكهُ الإنسان أقدس من المقدرة على التفكير الحر ورفض العبودية من أي نوع وخاصةً العبودية للوهم المقدس والخرافة.
كان السيد المدير يصرخ في مسامِعنا كل يوم أثناء الإصطفاف الصباحي: "العصا لمن عصى"، كذلك كان يصرخ حين يعترض أحد الطلبة على مظلمة أصابته حتى لو كانت بحجم البعير: "حتى عندما أكون على خطأ فأنا على صواب" !!، واليوم … وأنا أتذكر مقولته الديكتاتورية المغلوطة تلك أتسائل: أوَلَيس كل الإسلام مُتعكزٌ -نوعاً ما- على خطأ هذه المقولة !!؟.
ورغم نسيم وروائح الحقول القريبة من المدرسة، والشتاء البارد المُنعش في تلك الإصطفافات الصباحية، لكننا كُنا نتنسم دائماً هواءً مُلبداً ومشحوناً بالدكتاتوريات والعنف والتسلط والهيمنة واللون الواحد، وسعيدُ الحظ مِنا -على قلتهم- من كَبَر وأفلت من الإنحدار في لُجة النهرالأسود المتلاطم الذي رسمه لنا هؤلاء الذين عاثوا في المجتمع فساداً بإسم التعليم والمقدس والله !، أما بقية المساكين، فهم اليوم غذاء النار التي تشتعل في أحشاء ذلك الوطن التأريخي الطيب الذي عَلمَ العالَم.


-;-كان في حياتنا الكثير جداً من المسلمين الطيبين الذين لم نسمع منهم كلمة مُخدشة واحدة طوال حياتنا في العراق، ولا تزال تربطنا وإياهم ولحد اليوم -رغم بُعد المسافات وتعدد المهاجر والمنافي- علاقات وصداقات طيبة وعميقة جداً لم تُفسدها سقطات وشطحات ومُضحكات وخزعبلات وجهالات الأديان الترهيبية، وكما يقول الباحث هادي العلوي البغدادي: "سلامٌ على أهل الحق أينما كانوا وبأي لسانٍ نطقوا".
وكما كانت عوائلنا تُعلمنا التمييز الدقيق بين الخير والشر والحق والباطل، كذلك كانت تفعل الكثير من العوائل المسلمة التي لم تكن تؤمن بالعنف والشر وتدمير المختلف، رغم وجود كل ذلك في تعاليم وممارسات ونصوص دينهم الذي يؤمنون به، لكنهم أخذوا السمين ونبذوا الغث، فطوبى لهم. 
-;-وعلى عكس هؤلاء الطيبين، كُنا نرى أحياناً، المعلم أو الشرطي أو رب العمل أو رجل الشارع، يقفون مع المسلم ضد المسيحي أو الكردي أو الآيزيدي أو الصابئي أو الفيلي في حالة أي شجار أو نزاع أو حتى نقاش ساخن أو أي شيئ يتعلق بالحق والحقوق، وبطريقة "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، وهذا حدث لي شخصياً مئات المرات، نعم .. وبدون أي مُبالغة لفظية، (مئات المرات)، خلال السنين ال (28) التي عشتها في العراق، ونادراً ما رأيتُ مُسلماً يقف على بعد أو مسافة واحدة بين مسلم ومسيحي، ولكوني شخصياً وأخي الراحل نبيل لم نكن نسكت على ضيم أو إعتداء أو محاولة لسلب حقوقنا وكرامتنا، لِذا كانت حياتنا مليئة بالمعارك الصغيرة والكبيرة دفاعاً عن حقوقنا، وهذا لم يكن يُعيبنا ويُشينُنا بقدر ما كان يُعيب من حاول أن يظلمنا ويسلب حقوقنا ويعتبرنا مخلوقات دونية من عالم آخر !!. 
أحياناً كُنا نخسر المعركة بسبب حجم المعتدي الأكبر مِنا عمراً، أو الأقوى مِنا جسداً، أو لكثرة عدد الخصوم الذين كانوا أحياناً يُهاجموننا كقطيع الذئاب، أجلافاً قُساةً لا يعرفون معنى الرحمة والعدالة والمواطنة وتساوي الفرص!، بينما كُنا نعفو عن من كان أضعف مِنا جسداً أو أقل مِنا جرأةً وقوة أو أصغر عمراً.
ويوم كبرنا وبدأنا نقرأ ونعي، وجدنا أن ما كان في أخلاقنا وطبيعتنا من رحمة لم يكن فقط في تعاليم السيد المسيح، بل في حِكَم كثيرة لمشاهير وحكماء الأرض، ومنهم الإمام علي نفسه في قوله: "العفو عند المقدرة".
 وبصراحة بيضاء نقية، نادراً ما رأيتُ مُسلماً يُطبق هذه الحكمة الإنسانية البليغة!!. بل كان غالبيتهم يفتِكون ويُنكِلون بكل من هو أضعف منهم، حتى لو كان من نفس القطيع، ربما لسد حاجة نفسية، أوعقدة إجتماعية متأصلة، أو تعاليم دينية وراثية جاهلة متخلفة، أو إحساس بدونية مُدمِرة!.
 
-;-كان (الفحل) في مفهومهم العام هو الصبي أو الشاب الذي يقف في القمة منتصراً وبغض النظر عن الوسيلة، حتى لو كانت قذرة ومُعيبة وغادرة، أي "ميكافيلية" حقيقية.
 بعض العوائل المسلمة كانت تتمادى في خطأ مفهومها للفحولة، وتقوم بإرسال أولادها المراهقين ليلاً للسرقة من الجيران أو المحلة أو المحلات القريبة والبعيدة!، ولم يكن أغلبهم بحاجة مادية لتلك المسروقات!، بقدر ما كانوا بحاجة بائسة لإثبات رجولة وفحولة أولادهم "المحروسين". وكانت السرقة والجرأة وسلب حقوق الآخرين إثباتاً لتحول الصبي إلى رجل و"فحل" في مفاهيمهم المحلية الضيقة المُقزِزة!، ولم يكن يقف حائلاً بينهم وبين عُقدِهِم النفسية الإجتماعية تلك دين أو عِرف إجتماعي أو عيب أو حرام أو قانون أو أخلاق!!، لهذا عُرف بعض الشعب والمجتمع العراقي ب (النهيبة والفرهود والسلب الرخيص) في كل المرات التي اُتيحت له الفرصة حين يضعف القانون أو تُغلِس الحكومة وتُشيح وجهها عمداً عن القباحة والخباثة والتدني الأخلاقي!، وهذا ما حدث بالضبط أيام "الفرهود" بحق يهود العراق المسالمين الذين كانوا ضحية الحكومة العراقية وبعض فِئات الشعب العراقي وإسرائيل والغرب!، فكل هؤلاء مجتمعين إشتركوا في خلق قضية ال "فرهود" الحقيقية. 
كذلك حصل فرهود مُماثل في مناسبات عديدة من عمر الدولة العراقية، أهمها وأكبرها حجماً الفرهود عُقبَ الإحتلال اللا أخلاقي الأميركي للعراق، حين سرق الغوغاء والجهلة حتى التماثيل الراقدة في ساحات بغداد الكبرى كتمثال السعدون مثلاً!، وتحت أنظار وسمع ومباركة وضحك وسخرية قوات المارينز في دباباتهم الرابضة في شوارع بغداد المُغتَصَبَة!!، في حين كانت طلقة بندقية واحدة تكفي لتخويف وهرب آلاف الغوغاء.
 أما الفرهود الذي قام به الغرب تجاه متاحفنا وآثارنا التأريخية العراقية العريقة، فلن يكفي لشرحهِ بحث متواضع كهذا، وهو بالنسبة لي أكبر جرح في ذاكرتي وحياتي لا زال مفتوحاً وسيبقى إلى يوم أُغادر هذه الحياة التي شوهها المسوخ من كل نوع.
وهل ننسى كل أعمال العنف والقتل والفوضى والتهجير والإغتصابات التي طالت العراقيين منذ ثورة 14 تموز ولحد الآن !؟. وهل يستطيع أي عراقي أن لا يتفق بأن أغلب ذلك العنف هو نتائج لنوعية الحياة والممارسات البيتية والمدرسية والدينية التي نشأ عليها أغلب العراقيين في طفولتهم البائسة!؟، ومرة أخرى نعود للحكمة القائلة "من يزرع الريح يحصد الزوابع" !!. 
-;-بعض تلك الأعمال هي نفسها التي كان يقوم بها البدو الأعراب المتصحرين وصعاليك الجاهلية قبل وبعد ولادة الإسلام ولحد اليوم!؟، ولا زال البعض، وخاصةً أبناء العشائر المتخلفة، مستعداً أن يتخلى اليوم عن شرفه وضميره وأخلاقه وإنسانيته وحتى معبوده قبل التخلي عن الجِني البدوي الديني الشرير الذي يركبه!. فسُنة الصحراء كانت دائماً تقول: "الحلال ما حل باليد"!.
 
* في فترة الستينات كان الأخوان المسلمين قد شنوا حرباً شعواء على الشاعر نزار قباني ودواوينه وكتبه، وكنتُ وأخي الراحل نبيل نتصور أن سبب ذلك هو لبعض الخلاعة والجنس في أشعار نزار، ولكن توضح لنا فيما بعد أن السبب الحقيقي هو لكونه (شاعر الحب)!!، وتلك الجواميس لم تكن تفقه المعنى الحقيقي للحب، لأنهم لم يُمارسوه، ولم يُلَقنوا أو يُبَشَروا بهِ، ولم يكن من الأمور اليومية التي يتعاطوها كبشر أسوياء، كانوا يعتقدون أن الحب (جنس ونجس)، فالإثنان مصنوعان من نفس الحروف الثلاثة ( ج ن س - ن ج س )!، ولهذا فهو بُدعة، وكل بُدعةٍ ظلالة، وكلُ ظلالةٍ في النار كما تقول تعاليمهم وشرائعهم الكهفية !!.  

يقول نيتشة: "الحية التي لا تستطيع أن تُغير جلدها تهلك". وسؤالي: هل إستطاعت الدول والمجتمعات الإسلامية أن تُغير من تركيبتها وخواصها وكيانها وتعاليمها عبر 1400 سنة ؟.
الجواب يكمن في نظرة واحدة على الثمار السوداء ل (داعش)!، التي يرتدي رجالها اللون الأسود، ويحملون أعلاماً سوداء كقلوبهم التي ما عرفت طعم المحبة والتسامح والسعادة. هذه المنظمة التي هي في أحسن الأحوال لا تتعدى كونها تمثل آيدلوجيا فاشية عنصرية ستأكل نفسها بنفسها، لإنها ترتكز على قهر الإنسان وإهدار قِيَم الحضارة والمُعاصرة وحقوق الإنسان !!.
شاهدتُ قبل يومين فيديو إحراق (معاذ الكساسبة)، الطيار الأردني الأسير عند داعش، وللحق أقول: لم يغمض لي جفن تلك الليلة، ليس خوفاً أو رهبةً، لا وحق الحق، ولكن لتدني بعض البشر حياتياً بحيث أصبحوا رمزاً للشر والشيطان الذي يدعون أنهم يُحاربوه، وهنا أتسائل: كم من تلك الأفاعي كانت ضحية (البيت والمدرسة والدين) !؟.

التقي معكم في الجزء الثاني من هذا المقال خلال أيام قليلة.
المجد للإنسان.
طلعت ميشو.
February-7-2015 



#الحكيم_البابلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُُفردات سومرية أكدية آرامية لا زالت مستعملة في اللسان العرا ...
- مُفردات سومرية آكدية آرامية لا زالت مُستعملة في اللسان العرا ...
- بابا نويل أسيراً عند داعش !.
- كيف تعامل الرافدينيين مع الموت والمصير ؟.
- (( قصيدة للموت والسيف المكسور ))
- حينَ يصبح التهريج سيد الفنون !.
- البحث عن اللآلئ .. تأريخي مع الكِتاب.
- الجذور التأريخية لشخصية الشيطان الغيبية .
- وضاح اليمن .. الشاعر الذي غُيِبَ لأنه أحب زوجة الخليفة !.
- هَلَوينهم وهَلَويناتِنا !.
- سفينة نوح ... زبدة سخافة الأديان الأرضية !.
- مُذكرات حزينة على هامش دفتر الوطن.
- الكائنات الدينية الخيالية الطائرة !!.
- نقد .. من أجل موقع للحوار أكثر ديمقراطيةً وعدلاً !.
- نقد وتثمين لقصة -الرقص على الأحزان- للسيدة الأديبة فاتن واصل ...
- أسباب هجرة مسيحيي العراق ، ومن كان روادها الأوائل ؟.
- الشعراء الصعاليك في الجاهلية ، ( تأبط شراً نموذجاً ) .
- اللعنة التي تُلاحق العراقيين !.
- الجذور التأريخية لتحريم العمل في السبت اليهودي
- هل حررتنا أميركا حقاً ؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الحكيم البابلي - جذور العنف والفوضى - البيت، المدرسة، الدين . (1).