سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 01:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
*خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (30).
الإنسان أبدع فكرة الإله لتفى إحتياجاته النفسية والوجدانية والمعرفية , وليعبر بها دوائر الغموض والألم والحيرة من وجود غير معتنى فكانت الفكرة تعبيراً حقيقياً عن تلك الإحتياجات تبغى ملاذ وراحة وأمان فى عالم مادى يقذف بقسوته .
تتشعب الفكرة لتتسلل وتستوعب كل مفردات الجهل الإنساني وليتماهى الإنسان فيها ليرفع سقوف أوهامه حدا ً يصل بمنح الفكرة حالة من الإستقلالية والوجودية بالرغم أنها فكرة كل صورها ومفرداتها وبنائها جاء من الدماغ .!
يغضب المؤمنون عندما نقول أن الإله فكرة وليس بوجود , فالوجود يبقى وجودا متى جاء ماثلاً أمامنا يمكن التحقق منه ونستطيع تلمسه وإدراكه وإختباره وتجربته وتطبيقه وإستحضاره ولا يعنى ذلك الإقتصار على الإدراك الحسى بالرغم أن هذا ليس عيباً ولكن فليكن الإدراك والإختبارات والتطبيقات هى أدواتنا لإثبات الوجود .
ليس من حق المؤمنين أن يغضبوا من نعت الإله بالفكرة فهم لا يدركون ذات ولا كينونة الإله بل ينفون عنه الوجود المادى المُعاين ولا يقدمون لنا شيئاً سوى إدعاء بوظيفته كخالق بالرغم أنهم لم يعاينوا مشهد الخلق هذا , فكيف لهم أن يؤمنوا بوجوده ويطالبون الآخرون الإيمان به طالما يجهلون طبيعتة وذاته ويعجزون عن تحديد ماهيته ,فلم يبقى لهم سوى الظن والإستنتاج والإتكاء على المراوغة بمنطق السببية والتحايل بقصة التصميم ,وهنا سندخل فى إطار الفكرة القابلة للجدل وليس الوجود المُعلن عن حقيقتة .
نشأت فكرة الإله لإيفاء مجاهيل إنسانية محددة ولتُعبر عن فكر بشرى مؤطر ببساطته وإحتياجاته ولكن الإحتياجات إزدادت إتساعاً وإلحاحاً وتعقيداً بحكم تطور المجتمعات البشرية ليضيف الأحفاد رؤى إضافية تمط فكرة الإله وتمددها فى محاولة لإستيعاب المستجدات وخلق المفارقة بين الإنسان والفكرة .
تعتبر الأديان والمعتقدات الحديثة المتمثلة فى اليهودية والمسيحية والإسلام أكثر الأديان التى فتحت آفاق هائلة لفكرة الإله بالرغم أنها مارست عملية تشخيص الإله بل وهبته صفات الإنسان إلا أنها أطلقت الصفات من عقالها لتمنحها معايير كبيرة وخطوط غير منتهية لتتمدد الفكرة ويصير لها الشمولية ولتتهور الأديان ويزيدها رجال اللاهوت تهوراً بمنح الصفات الإلهية الإطلاق واللامحدوية حتى تصبح فكرة الإله ذات وجود لانهائى مانح المفارقة والتعظيم والتبجيل .
تمديد الفكرة لتنطلق فى اللامحدودية واللانهائية والمطلق أصاب الفكرة فى مقتل لترتبك وتدخل دوائر العبثية فهى لاتتحمل الإطلاق بحكم أنها بشرية الرؤية والفكر والمنحى ليكون عملية مطها فى اللانهائى هو تقويض للفكرة ذاتها لتحلق فى التناقض والعبثية واللامعنى .. دعونا نتناول فكرة الإله وفقاً لمعطياتها التى صدرتها منظومة الفكر الدينى الذى روج لفكرة الإله المطلق اللامحدود مع تعاطينا لمفردات الفكر المنطقى العقلانى فهذا ما نملكه للتعامل مع فكرة الإله لنتبين أن الفكرة قد أصابها الإرتباك لتدخل فى دوائر اللامعنى والعبثية .
الله ذو العلم المطلق .!
صفة المعرفة الكلية هى من صفات الله التى تتميز بالإطلاق والأزلية والأبدية واللانهائية ومنها يعلم الله كل الغيب وما كان وما سيكون أى يدرك كل خطواتك وهمساتك وحركاتك قبل أن تكون ولكن هناك إشكالية تنفى زعم المعرفة والعلم المطلق فهى بالضرورة لابد أن تكون مرتبطة بوجود أحداث متتالية لا نهائية حتى تلاحقها فإذا إنتفى وجود الحدث الممتد بفعله وحراكه ستنتفى بالضرورة المعرفة الإلهية المطلقة , فالإطلاق واللامحدودية فى المعرفة تعنى أن الأحداث أزلية سرمدية لتواكبها وتلاحقها المعرفة المطلقة بإدراكها بينما الإنسان له نهايات , لذا فالمعرفة الإلهية ستنتهى عند بدايات ونهايات وجود مسلسل الإنسان , ومن هنا لن يكون هناك نبع مستمر غير محدود للأحداث تتفعل فيها قدرات الإله ذو العلم المطلق فقد انتهى الوجود الإنسانى والحياة لتتوقف المعلومات عند البدايات والنهايات بإنعدام الأحداث التى يلاحقها الله بعلمه ,وهذا يسرى أيضا على ما قبل خلق الكون حينما كان الله وحيداً فريداً فالمدة اللانهائية من أزليته إلى خلق الوجود والملائكة كانت عدم بلا أحداث أى لم يوجد عند الله أحداث ليدركها ومن هنا تتبدد مقولة العلم المطلق .
هناك نقطة غريبة وبلا معنى فى قضية المعرفة الكلية المطلقة فالله يعلم أن هذا الإنسان سيعصاه ويكفر ويمارس الشرور ليكون مصيره جهنم الساعة 5م يوم 17 -6-3045 ورغم ذلك يصر الله على خلقه !! .. ليكون من حقنا أن نتحدث فى هذا الإدعاء المتهافت الذى يقول بأن الله خلق الإنسان حراً ونسأل سؤال واضح ومباشر هل يمكن لحرية وإرادة الإنسان أن تخالف علم الإله وقدره ..وقبل ان نجاوب فلنقرأ هذه الآيات : {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }التوبة51 -{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }الحديد22 -وقال المسيح : "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه".
هذا يعنى لو خالف الإنسان بسلوكه علم الله فستسقط معرفة الله الكلية وما خطه فى كتابه المبين وبذا تتبدد ألوهيته , ولو توافقت إرادة الإنسان مع ماهو معلوم فقد دخلنا فى الجبرية والعبث , فالجبرية ستتحقق من برمجة الإنسان لما هو مُرتب ومُقدر ومَعلوم ليخطو فيما رُتب له رغماً عن أنفه فلا يشذ عنه لتطغى بذلك صفة العلم المطلق على صفة العدل فتدمرها , فلن يكون هناك أى ذرة عدل فى وجود الجبرية وفى ظل المشاهد المحسومة والمقررة سلفا بحزم , أما العبثية فستغمر كل المشهد لتصفعنا بسؤال لما هذه الجلبة وذاك العبث طالما السيناريو معلوم سلفاً ولن يتغير فهل الله يعشق مشاهدة الأفلام المعادة ,وتزداد العبثية عندما يروج لمقولة الإله الغير محتاج للإختبار فهو فى حالة من الغنى والكمال وعدم الحاجة ليستغنى عن الإنسان والوجود بأكمله ,ورغماً عن ذلك سيحق لنا أن نثير سؤالنا ثانية عن الجدوى التى ينالها لله من كونه يعلم مصير هذا الإنسان يوم 17 -6-3045 ليُصر على خلقه ..فما تصنيف هذا الفكر والسلوك - أليس عبثيا .؟!
حسناً -الله يعلم وعلمه أزلى أى يعلم الحدث قبل وقوعه ولا تكون هذه المعرفة قبل الحدث بيوم أو شهر أو سنه أو مليون سنه بل يدخل الحدث بكل تفاصيله فى معرفة الله منذ الأزل لا تفارقه أى فى ذات وطبيعة الله مُدمجة فيه لا تفارقه لأن قدم أى معلومة ولو كانت من مليون سنه ستجعلها مُستحدثة وفقا لمفهوم المطلق والأزلى ,وطالما لا يحق لنا أن نقول أن الله له بداية فهذا يعنى أن قبلتى لبنت الجيران التى جاءت فى مراهقتى موجودة فى ذات الله لا تنفصل عنه فى طبيعته وذاته ,أى أن الوجود الإلهى يختل بدون مشهد القبلة .. عليك أن تتأمل هذا .!
(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )الأنعام59 --("أما أنتم فحتى شعور رؤوسكم محصاة" (مت30:10).--"شعرة واحدة من رؤوسكم لا تسقط فلا تخافوا.انتم افضل من عصافير كثيرة" (مت30:10).
آيات تثبت علم الله المطلق الكامل , ولكن ما معنى , وما جدوى معرفة سقوط كل ورقة من تريليونات التريليونات المليارات من أوراق الشجر ليعلم الله مكان وزمن سقوطها وكذلك كل حبه و تمره و يابس لتكون مَعلومه ومُدونة فى كتاب مبين وما معنى أن مليارات الرؤوس محصاة عدد شعورها فلا تسقط شعرة إلا بإذنه وعلمة مثل أوراق الشجر ؟!! ..ألا يحق أن تتصدر الدهشة لمن يمتلك أى خاصية للإندهاش عن تلك المعرفة التى لا تزيد عن قرص مدمج c.d تُحصى فيه عدد أوراق الشجر وشعور الرأس -ولنا ان نسأل ثانية ما أهمية المعرفة هذه بالنسبة للإله وماذا يفيده معرفة تاريخ وزمن سقوط كل ورقة شجر من تريليونات المليارات التى سقطت على الأرض وعدد الشعور فى الرأس فالمعرفة هنا عبثية لا تفيد وبلا أى معنى ولا تقدم شيئاً سوى العبث .!
الله والعرش - نسأل هل الله خلق العرش أم أن العرش والإله منذ الأزل .. أى هل وجود العرش الإلهى أزلياً أبدياً سرمدياً كوجود الله - العقل المنطقى المؤمن سيقول أن العرش جاء لاحقاً و ليس مرافقاً لأزلية الله كما الكون ,فلا أزلى إلا الله وهنا يكون العرش والكرسى فى علم الله المطلق ليحين لحظة محددة لبناء العرش وهذا ينطبق أيضا على خلق الكون فكل الأشياء فى علم الله المطلق وفى أوقات محددة لنقول هنا لماذا جاء ميقات خلق العرش والكون فى لحظة معينة لم تسبقها أو لم تأتى بعدها ليقول لنا أحدهم ساخراً أنه لو جاء فى لحظة مغايرة ستقول أيضاً لماذا خلق فى هذه اللحظة ؟!.. بالطبع لا يكون سؤالنا بهذه السذاجة بل يعتنى بأن الخلق جاء مناسباً للحظة معينة لها ظروفها الخاصة التى حتمت الخلق فى تلك اللحظة دون غيرها وهذا يعنى أن الله يخضع لملابسات اللحظة وظروفها التى تجعل هذه اللحظة مناسبة للخلق وأخرى غير مناسبة ,,ولو حاولت أن تنفى تميز هذه اللحظة وعدم خضوع الرب لظروف وملابسات وتوازنات لحظة أجبرته على الإختيار بإعتبار كل اللحظات متساوية لدى الله فهنا دخلنا فى العشوائية التى يلفظها المؤمنين .!
الله و المستقبل .
إذا قلنا الله يعلم الغيب ومستقبل الإنسان وما سيؤول إليه فبديهى أن يعلم الله مستقبله وغيبه فليس من المعقول أن يعلم مستقبل كل إنسان ولا يعرف مستقبله ولكن هذا يقودنا إلى أن الله كيان مُسير مُبرمج فاقد الحرية والمشيئة ,فمعرفة الله لمستقبله يعنى إدراكه لكل الخطوات التى سينجزها مستقبلاً فلا يستطيع أن يحيد عنها لأنه لو حاد وعَدل فى مستقبله فهنا سيكون قد حقق الإرادة والحرية والمشيئة ولكن سينسف معرفته المطلقة , فمعرفته لم تدرك ما سيُستجد من أحداث إستدعت التعديل لذا فإرادة الله محكومة بما هو مُدون فى لوحه المحفوظ وكتابه المبين لا يستطيع تعديله وإلا فقد قدراته كصاحب معرفة مطلقة أزلية أبدية ولكن حينها سيفقد بالضرورة صفة القادر على الإتيان بفعل حر.!
هناك توثيق إضافى , فالحدث المستقبلى بالنسبة لله يعنى موقف من مشهد محدد بتفاعلاته ليكون موقف الله منها ضمن ذاكرته وفى قاموس معرفته الكلية وأى تغيير فى إرادة الله فى المستقبل يعنى تغير ملابسات الحدث وهذا يجعل للأحداث استقلالية خاصة بها وقدرة على التأثير , فلو نفيت هذا بإعتبار أن الله صاحب الأحداث وخالقها والمتحكم فيها فهنا سيحقق الله معرفتة الكلية ولكن سينسف ويبدد فى الوقت ذاته إرادته ومشيئته وحريته فلن تكون واردة على الإطلاق ..ومن هنا نقول أن الله مُبرمج على ما يعلمه فلا جديد بحياته سوى مراقبة الأحداث المستقبلية مع ما هو مُدون فى معرفته الكلية .!
إختيارنا لفرضية أن الله حر قادر على تغيير الحدث فى المستقبل فهذا ينال من فكرة الألوهية لأنه يعنى أن الله وقع تحت تأثير الأحداث ليمارس رد الفعل بإختيار حل مغاير لما يعلمه وفقاً لتأثير الظرف المستحدث المستقل عنه..هل ترى ما آلت إليه فكرة الإله من تخبط عندما تعاملنا مع فكرة المعرفة المطلقة .
هناك إشكالية أخرى فى مسألة معرفة الإله لمستقبله أن المعرفة هنا أرشيفية أى مجموعة معلومات سيسلكها بدون أن تكون لديه إرادة فى تشكيلها لاحقاً فأتصور أن هذا لن يلغى ألوهيته فحسب بل عقلانيته ,فالمفترض أن الله يعلم مستقبله وفقا لرؤى منهجية منظمة ذات خطوات ليكون خاضعاً هكذا لقوانين ومنطق ونظام يرتب على أساسه سيناريوهات مستقبله فلا يحيد عنها أى هو خاضع لنظام إما مفروض عليه فتنسف بهذا ألوهيته , ولو كانت من نظام ذاتى فسيكون هذا النظام إطار حديدى يحدد حرية الإله ومشيئته وتشل قدراته المطلقة .
يوجد مشهد جانبى فى تلك النقطة المثارة عن العلم المطلق نقتبسها من مشهد القبلة التى فى العلم الإلهى منذ الأزل وهذا يعنى أن الله لديه المعرفة الكلية بكل شئ فى الوجود فى لحظة زمنية واحدة منذ الأزل إذا جاز لنا أن نقول أن هناك لحظة أولى .. أى أن علم الله كله جاء فى لحظة واحدة فقط ولم يفعل الله شيئا منذ تلك اللحظة حتى الآن وإلى المالانهاية من الزمان !!! -فالمعرفة المطلقة لا تأتى على دفعات أو تراكمات .
تطبيق آخر على فكرة العلم المطلق نجدها فى الدعاء فإذا كان الله مجيب الدعوات (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) - (وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ». مرقس 11:24- ولكن الله يعلم منذ الأزل كل الأحداث والمصائر والأقدار والمشاهد والأرزاق ,فإذا قدر للإنسان أن يموت بمرض معين فمهما تضرع الإنسان ورفع الصلوات والدعوات أن يشفيه فلن يُستجاب له وسيموت بالمرض حسب ما مُدون فى مدوناته – إذن الدعاء لا يغير من الأحداث فالأمور تسير بشكل صارم وفق علم لله المطلق وما سطره فى كتبه ومدوناته لتسقط صفة الدعاء سقوطاُ ذريعاً فلا يكون لها أى معنى فسواء دعوت أو لم تدع فالمُقدر والمُرتب والمُدون سيتحقق ولن يتبدل .
لو فعلنا صفة أن الله مُجيب الدعاء سنجدها تنسف العلم المطلق فالداعيّ سيطلب شيئا إما مدوناًً فى علم الله فحينها يُستجاب له ولكن فلنلاحظ أن الحدث سيصير سواء دعى او لم يدعو فما معنى مجيب الدعوات هنا , أما فى حالة أن يطلب دعاء مخالفاً لما مدون فى علم الله منذ الأزل فلو إستجاب له الله فستنسف علمه المُطلق ووقوعه تحت تأثير الدعاء ,فالله لم يدرك أنه سيعدل من قراره فمشهد التراجع هذا جاء مخالفاً لما مدون منذ الأزل فى ذاكرة الله المعرفية .
هذا يقودنا أن الله ليس حراً ..بعكس ما يتصور المؤمنين ,فنحن امام إله مُسير فى أفعاله وفقا لما مُدون فى كتابه فلا يستطيع أن يحيد عنه فلو حاد عنه تبعثرت صفة العلم المطلق ولم يعد لها وجود .
هناك رؤية أخرى تنسف الزعم بحرية الله .. فالحرية تعنى القدرة على إختيار خيار محدد من مجموعة خيارات فى لحظة ما وهذا يعنى وقوع الله تحت اللحظة والتأثر بالخيارات وعدم العلم فهو فوجئ بحدث لم يعلمه ليتأثر وينفعل به فيضطر إلى إختيار قرار يتناسب مع الحدث لنكون هكذا أمام إله متفاعل بأشياء خارجة عنه يمارس رد الفعل وليبدد هذا تفرده بالخلق والمشيئة والأسباب فكلها أشياء ليست منه .!
نقطة اضافية تؤكد إنعدام الحرية اننا لو إعتبرنا الله خير كلى الصلاح فلن يستطيع مؤمن أن يقول عنه شرير ينتابه الخطأ والطيش فى أفعاله بعكس الإنسان الذى يمارس الخير أحيانا ً والشر أحيان أخرى لذلك فالإنسان حر وليس كلى الخير والصلاح فهو يخطأ فى تصرفاته بينما الله يمارس الصلاح على الدوام فهكذا هى طبيعته فيستحيل له أن يُخطأ ويتعثر لأنه كلى الخير والصلاح لذا فالله هنا إفتقد للحرية فهو لن يستطيع أن يخطأ نتجة طبيعته الخيرة وهذا يعنى أنه ليس مخيراً أن يفعل الخطأ والشر بل مجبولاً على فعل الخير فقط وبذا لن يكون حرا .!
تناولنا التناقضات والهشاشة فى فكرة العلم والمعرفة الإلهية المطلقة الكلية ويوجد المزيد لإثبات أن فكرة الإله فكرة بشرية إستوعبت كل خيالات الإنسان وشطحاته وأوهامه التى إعتنت فى الأساس بإيفاء إحتياجاته النفسية فلم تعتنى بمدى التناقض والعبثية التى ستنالها من تمديد الخطوط بلا نهاية فهى فكرة خيالية جاءت من الإنسان لأجل الإنسان.
دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)