التأثير الإيديولوجي على مواقف البلاشفة وماركس وانجلز من أدباء عظام


حميد كشكولي
الحوار المتمدن - العدد: 7987 - 2024 / 5 / 24 - 23:35
المحور: الادب والفن     

موقف البلاشفة من دوستويفسكي: تناقض بين الإعجاب والنقد
كان موقف البلاشفة من فيودور دوستويفسكي، الكاتب الروسي الشهير، معقدًا ومتناقضًا. من ناحية، أبدوا إعجابًا عميقًا بعبقريته الأدبية وقدرته على استكشاف النفس البشرية بعمق. اعتبره فلاديمير لينين، أحد زعماء الثورة الروسية، "أعظم كاتب روسي".
من ناحية أخرى، انتقدوا أفكاره السياسية والفلسفية، التي رأوها رجعية ودينية. اعتقد البلاشفة أن دوستويفسكي كان مؤيدًا للنظام القيصري ومعارضًا للثورة الاشتراكية.
فقد تأثر نقد البلاشفة لدوستويفسكي بأفكار كارل ماركس وفريدريك إنجلز، مؤسسي الشيوعية. رأى ماركس وإنجلز أن أعمال دوستويفسكي تعكس تناقضات الرأسمالية، لكنها لا تقدم حلولًا لها. اعتقدوا أن دوستويفسكي كان غارقًا في الأفكار الدينية والوجودية، مما منعه من فهم الجذور المادية للمعاناة الإنسانية.

وغالبًا ما تمت مقارنة دوستويفسكي بليو تولستوي، الكاتب الروسي الكبير الآخر. بينما كان تولستوي مناصرًا للثورة الاجتماعية، رفض دوستويفسكي العنف الثوري وفضل الإصلاح الأخلاقي الفردي. رأى البلاشفة في تولستوي حليفًا لهم، بينما اعتبروا دوستويفسكي خصمًا. إلا إن شخصية راسكولنيكوف، بطل رواية "الجريمة والعقاب" لدوستويفسكي، أثارت نقاشًا ساخنًا بين البلاشفة فرأى بعضهم فيه ثوريًا متمردًا ضد الظلم الاجتماعي، بينما اعتبره آخرون قاتلًا مجنونًا ومجرمًا.
وقد انتقد دوستويفسكي الرأسمالية انتقادا شديدا، ورأى فيها نظامًا استغلاليًا ظالمًا. وافق البلاشفة على هذا النقد، لكنهم اختلفوا مع دوستويفسكي في حلوله. بينما دعا دوستويفسكي إلى الإصلاح الأخلاقي، دعا البلاشفة إلى الثورة الاشتراكية.
موقف ستالين:
كان موقف جوزيف ستالين، زعيم الاتحاد السوفيتي، من دوستويفسكي معقدًا. في البداية، انتقد ستالين دوستويفسكي بشدة، ووصفه بـ "كاتب رجعي". لكن في وقت لاحق، أعاد تقييمه لدوستويفسكي، ووصفه بـ "أحد أعظم عباقرة روسيا". يعود هذا التغيير على الأرجح إلى رغبة ستالين في استخدام أعمال دوستويفسكي لدعم الدعاية السوفيتية.
كان موقف البلاشفة من دوستويفسكي معقدًا ومتناقضًا. بينما أبدوا إعجابًا بعبقريته الأدبية، انتقدوا أفكاره السياسية والفلسفية. يعكس هذا التناقض التوترات الأيديولوجية داخل الحركة الشيوعية نفسها.
والجدير بالملاحظة أنه:
• من المهم ملاحظة أن موقف البلاشفة من دوستويفسكي لم يكن موقفًا موحدًا. فقد اختلفت آراء الأفراد والزعماء البلاشفة حول دوستويفسكي وأعماله.
• لا يزال موقف دوستويفسكي من الثورة الروسية موضع نقاش بين الباحثين اليوم.
• يعتبر دوستويفسكي أحد أهم الكتاب في تاريخ الأدب الروسي والعالمي، وتستمر أعماله في التأثير على القراء والكتاب حتى يومنا هذا.

موقف لينين وتولستوي: تناغم فكري وتأثير سياسي
كان لفلاديمير لينين إعجاب عميق بليف تولستوي، الكاتب الروسي الشهير. عبّر عن ذلك من خلال خمس مقالات شهيرة جمعت في كتيب بعنوان "ليف تولستوي مرآة الثورة الروسية". رأى لينين في تولستوي كاتبًا عظيمًا وفنانًا عبقريًا، ونصيرًا للعدالة الاجتماعية.
تأثر موقف لينين من تولستوي بأفكاره الاشتراكية واللاسلطوية، والتي اتسقت مع أفكاره الثورية. اعتبر لينين أن تولستوي كان ناقدًا قويًا للرأسمالية والنظام القيصري، ومدافعًا عن حقوق الفقراء والمظلومين. فانعكس إعجاب لينين بتولستوي على موقف السلطة السوفيتية منه. تم تكريم تولستوي كبطل قومي، وتم الاحتفاء بأعماله كرمز للثورة الروسية.
لكن على عكس تولستوي، واجه فيودور دوستويفسكي موقفًا مختلفًا من قبل السلطة السوفيتية. كما ذكرت، إذ اعتبر دوستويفسكي كاتبًا رجعيًا، كئيبًا، مواليًا للقيصرية، وكاتبًا دينيًا مسيحيًا.
ويعود هذا الاختلاف في الموقف إلى تناقض الأفكار بين تولستوي ودوستويفسكي. فبينما اعتنق تولستوي أفكارًا اشتراكية ولاسلطوية، رفض دوستويفسكي الثورة الاشتراكية وفضل الإصلاح الأخلاقي الفردي.
وعلى الرغم من موقف السلطة السوفيتية الرسمي من دوستويفسكي، لم يستطيعوا إنكار تأثيره العميق على تاريخ الأدب الروسي والعالمي. ظل دوستويفسكي كاتبًا مشهورًا ومقروءًا على نطاق واسع، حتى في ظل الرقابة السوفيتية.

كما ذكرت، كان الاهتمام الرسمي بدوستويفسكي محدودًا خلال فترة ستالين، لكنه ازداد بعد وفاته. شهدت فترة ما بعد ستالين انفتاحًا على دوستويفسكي، وبدأ الاهتمام به والاحتفاء به وتمجيده في روسيا رسميًا.

لعبت كتابات ميخائيل باختين والشكلانيين الروس دورًا هامًا في إعادة تقييم دوستويفسكي خلال فترة ما بعد ستالين. ركز باختين على إبداع دوستويفسكي الروائي، بينما ركز الشكلانيون على تقنياته السردية المبتكرة. ساهمت هذه الكتابات في تعزيز مكانة دوستويفسكي كأحد أهم الكتاب في تاريخ الأدب الروسي والعالمي.
مثلما ذكرت أعلاه، فقد كان موقف السلطة السوفيتية من دوستويفسكي معقدًا ومتناقضًا. بينما تأثر موقفهم من تولستوي بإعجاب لينين بأفكاره، واجه دوستويفسكي انتقادات شديدة بسبب أفكاره السياسية والفلسفية. على الرغم من ذلك، لم يستطيعوا إنكار عبقريته الأدبية وتأثيره العميق على تاريخ الأدب، مما أدى إلى إعادة تقييمه وازدياد شعبيته بعد فترة ستالين.




نظرة إنجلز لأعمال أونوريه دي بلزاك: بين الواقعية والتحليل المادي
لم يكتب فريدريك إنجلز، أحد مؤسسي الشيوعية مع كارل ماركس، بشكل مباشر عن أونوريه دي بلزاك، الكاتب الفرنسي الشهير.
لكن يمكن استنباط آراء إنجلز حول بلزاك من خلال تحليله للمجتمع الرأسمالي ونقده للرأسمالية.
الواقعية والرؤية الطبقية:
أثنى إنجلز على قدرة بلزاك على تصوير الواقع الاجتماعي بدقة في رواياته، واصفًا إياه بـ "مؤرخ الواقعية البرجوازية". اعتبر إنجلز أن بلزاك نجح في الكشف عن تناقضات الرأسمالية وصراعاتها الطبقية، من خلال تصويره لشخصيات من مختلف الطبقات الاجتماعية، مثل الأرستقراطيين والبرجوازيين والعمال.
وعلى الرغم من إعجابه بواقعية بلزاك، لم يتفق إنجلز مع أفكاره السياسية. اعتبر إنجلز أن بلزاك، كونه كاتبًا من الطبقة البرجوازية، لم يتمكن من تقديم تحليل مادي كامل للظواهر الاجتماعية.
رأى إنجلز أن بلزاك، على الرغم من نقده للرأسمالية، لم يفهم جذورها المادية بشكل كامل. اعتقد إنجلز أن بلزاك ركز على الأفراد بدلاً من التركيز على القوى الاقتصادية التي تشكل المجتمع.
يمكن أخيرا، القول إن موقف إنجلز من بلزاك كان مزيجًا من الإعجاب والنقد. اعتبر إنجلز بلزاك كاتبًا عبقريًا قادرًا على تصوير الواقع الاجتماعي بدقة، لكنه انتقده لافتقاره إلى التحليل المادي الكامل للظواهر الاجتماعية.
ملاحظات:
• لم يكتب إنجلز أي مقال أو كتاب محدد عن بلزاك.
• يمكن استنباط آراء إنجلز حول بلزاك من خلال تحليله للمجتمع الرأسمالي ونقده للرأسمالية.
• يعتبر إنجلز أحد أهم منظري الشيوعية مع كارل ماركس.

موقف إنجلز من يوهان فولفغانغ فون غوته: تناقض بين الإعجاب والنقد
لم يكتب فريدريك إنجلز، أحد مؤسسي الشيوعية مع كارل ماركس، بشكل مباشر عن يوهان فولفغانغ فون غوته، الشاعر والكاتب المسرحي الألماني الشهير.
ومع ذلك، يمكن استنتاج آراء إنجلز حول غوته من خلال تحليله للمجتمع الرأسمالي ونقده للرأسمالية، وكذلك من خلال تعليقاته على أعمال أدبية أخرى.
أظهر إنجلز إعجابًا بعبقرية غوته الأدبية، ووصفه بـ "أعظم كاتب ألماني". وأشاد إنجلز بقدرة غوته على استكشاف النفس البشرية بعمق، وبقدرته على تصوير مشاعر وأفكار الشخصيات بشكل واقعي. كما اعتبر إنجلز أن غوته كان ذا تأثير كبير على الأدب الألماني والأوروبي.

وعلى الرغم من إعجابه بعبقرية غوته الأدبية، انتقد إنجلز أفكاره الفلسفية. واعتبره كان مثاليًا، ولم يفهم القوى المادية التي تشكل المجتمع. كما انتقد إنجلز موقف غوته السلبي من الثورة الاشتراكية.
التأثير على ماركس:
تأثر كارل ماركس، أحد مؤسسي الشيوعية، بأعمال غوته بشكل كبير. اعتبر ماركس غوته مصدر إلهام له، واستشهد بأعماله في كتاباته. ومع ذلك، انتقد ماركس أيضًا أفكار غوته الفلسفية، واعتبرها رجعية.
كان ليوهان فولفغانغ فون غوته، الشاعر والكاتب المسرحي الألماني الشهير، تأثير كبير على كارل ماركس، أحد مؤسسي الشيوعية. أظهر ماركس إعجابًا عميقًا بعبقرية غوته الأدبية، واعتبره أحد أهم الكتاب في التاريخ. وأشاد بقدرة غوته على استكشاف النفس البشرية بعمق، وبقدرته على تصوير مشاعر وأفكار الشخصيات بشكل واقعي. كما اعتبر ماركس أن غوته كان ذا تأثير كبير على الأدب الألماني والأوروبي.
تأثر ماركس بأفكار غوته الفلسفية بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بالديالكتيك والاغتراب.
• الديالكتيك: اعتبر ماركس أن غوته كان أحد أهم رواد الفكر الجدلي، والذي يرى أن العالم في حالة تغير مستمر، وأن التناقض هو المحرك للتغيير.
• الاغتراب: تأثر ماركس بمفهوم غوته للاغتراب، الذي يشير إلى شعور الفرد بالانفصال عن نفسه وعن المجتمع.

واستشهد ماركس بأعمال غوته في العديد من كتاباته، بما في ذلك "البيان الشيوعي" و"رأس المال", إذ ساعدت أفكار غوته ماركس في تطوير نظريته حول الصراع الطبقي والاغتراب في ظل الرأسمالية.
وعلى الرغم من إعجابه بغوته، انتقد ماركس أيضًا بعض أفكاره الفلسفية.
• المثالية: اعتبر ماركس أن غوته كان مثاليًا، ولم يفهم القوى المادية التي تشكل المجتمع.
• موقف غوته من الثورة: انتقد ماركس موقف غوته السلبي من الثورة الاشتراكية.
خلاصة القول هي أنه كان ليوهان فولفغانغ فون غوته تأثير كبير على كارل ماركس، شمل ذلك الإلهام الفكري والنقد الأيديولوجي. كما أظهر ماركس إعجابًا بعبقرية غوته الأدبية، وتأثر بأفكاره الفلسفية، لكنه انتقد أيضًا بعض أفكاره، خاصة فيما يتعلق بالمادية والسياسة. ويعكس هذا التأثير المعقد التفاعل بين الأدب والفلسفة والأيديولوجيا في القرن التاسع عشر.

ملاحظات:
• لم يلتقِ ماركس وغوته أبدًا.
• كان تأثير غوته على ماركس غير مباشر، من خلال أعماله الفلسفية وأدبه.

تأثر ماركس بأفكار غوته الفلسفية بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بالديالكتيك والاغتراب.
• الديالكتيك: اعتبر ماركس أن غوته كان أحد أهم رواد الفكر الجدلي، والذي يرى أن العالم في حالة تغير مستمر، وأن التناقض هو المحرك للتغيير.
• الاغتراب: تأثر ماركس بمفهوم غوته للاغتراب، الذي يشير إلى شعور الفرد بالانفصال عن نفسه وعن المجتمع.


مالمو
24-05-2024