لعبة الصدر الجديدة في 25 اكتوبر
سمير عادل
الحوار المتمدن
-
العدد: 6387 - 2019 / 10 / 22 - 22:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اين تقف الجماهير في صراع اجنحة البرجوازية
يسمى مقتدى الصدر في الاوساط الشعبية بسيارة اسعاف، اي كلما تعرضت العملية السياسية الى هزة عنيفة بفعل الاحتجاجات الجماهيرية يهرع الصدر الى اسعافها وانقاذها من الانهيار. هكذا كان في انتفاضة شباط 2011 عندما التف على الاحتجاجات واعطى المالكي مهلة 100 يوم للقيام بالاصلاحات، وبعد ذلك في 2015 نزل الى صفوف المتظاهرين وبمعية الحزب الشيوعي العراقي ليقلب كل الشعارات المناهضة للإسلام السياسي وتحويلها الى مطالب مبتذلة انتهت بتغيير اعضاء المفوضية العليا للانتخابات، وبعد ذلك اعتصامه امام المنطقة الخضراء ثم دفع انصاره في اقتحام مبنى البرلمان وفي اليوم الاخر لمجلس الوزراء، وتقديم المتوهمين به قرابين على مذبح مصالحه الفئوية في خضم صراعه مع الحشد الشعبي الذي تمدد في طول العراق وعرضه تحت عنوان “الحرب على داعش”، وقتل عدد من المتظاهرين، لينسحب ويعلن اعتزاله السياسة لعدة اشهر ويختفي عن الانظار، واليوم يحاول اعادة الكرة من جديد في اعلان مشاركته باحتجاجات 25 اكتوبر.
مقتدى الصدر المتقلب المزاج، ويكاد يصل منحني مزاجه الى مصاف مزاج معمر القذافي اكثر مما الى ترامب، يتخذ قرارات ارتجالية واحيانا تعمل على بث الحيرة في صفوف حلفائه، لكنه في النهاية يستمع الى مستشاريه ليعدل عن قراراته بما يصب في مصلحة تياره الشعبوي والذي يمثل من الناحية السياسية “القومية المحلية” التي توصف بالوطنية، ومن الناحية الاقتصادية تمثل مصالح البرجوازية التي تتفق جميع اجنحتها المتصارعة باسلامييها وقومييها على تنفيذ برنامج الليبرالية الجديدة وتمثل؛ السياسة التقشفية والفوائد العالية للمؤسسات المالية العالمية على القروض الممنوحة للعراق لتحميلها على كاهل الجماهير، وعن طريق تنصل الدولة من جميع مسؤولياتها تجاه المجتمع مثل الصحة والتعليم والكهرباء والمياه وتعويم البطالة في السوق العراقية دون تدخل حكومي في قرارات التوظيف في قطاعات الدولة.
القاعدة الشعبية لمقتدى الصدر تتآكل كل يوم، وان مناوراته السياسية وتصريحاته المتكررة واعلان مشاركته الاخيرة في تظاهرات 25 اكتوبر تثبت ذلك. ففي صيف 2018 وفي خضم احتجاجات البصرة، حاول مقتدى الصدر احتواء الاحتجاجات الا انه لم يستقبل من قبل المتظاهرين، وفي اليوم الثالث من اكتوبر هذا العام وفي خضم تصاعد الاحتجاجات في بغداد وبقية المدن، اعلن الاضراب العام الا انه فشل وبعد يوم استبدله بتظاهرات واسعة ليصدم دون وجود اذان صاغية لنداءاته. وليس هذا فحسب بل انه يشعر وتياره القومي المحلي من حلفائه العبادي والحزب الشيوعي العراقي والمتأرجح مثل الحكيم او تيار الحكمة، بأن الجناح الاخر في العملية السياسية المتمثل بالفتح ودولة القانون وجناح الفياض والمدعوم من ايران يحاول حسم السلطة السياسية لصالحه
ان تيار سائرون والنصر والحكمة المتمحور حول السياسة الامريكية، اصابهم الذهول من حجم العنف الذي مورس ضد المتظاهرين، فبقدر ما كان العنف هو سياسة للحيلولة دون تحول الاحتجاجات الى حركة او عتلة في ازاحة مليشيات الحشد الشعبي والنفوذ الايراني من السلطة السياسية او التقويض من مكانتها، بنفس القدر كانت رسالة شديدة اللهجة الى الجناح المناويء لايران. وهذا يفسر تصريح العبادي عندما قال خذوا قناصيكم واتركوا وطننا.
تحت عنوان “انا عراقي” يحاول الحزب الشيوعي العراقي والتيار الصدري الدخول في احتجاجات 25 اكتوبر، وهو عنوان فارغ المحتوى ويشبه شعار “كلا كلا لامريكا” الذي رفعه التيار الصدري بمناسبة الاربعينية، وهو محاولة لذر الرماد في العيون والحصول على موطئ قدم جديد في الاحتجاجات لتفريغها من محتواها اولا، واستخدامها كسلاح لتحسين مواقعهما وثالثا للحيلولة دون سقوط العملية السياسية.
ان ما قاله الصدر في كلمته الاخيرة بأن على الشعب ان يختار بين ثورة الشارع او انتخابات باشراف دولي يثبت ما نذهب اليه. فالانتخابات الجديدة واسقاط حكومة عبد المهدي هي سياسة امريكية لتقليص النفوذ الايراني في العراق، وهذا يصبو اليه الجناح القومي المحلي.
لا يمكن ان تتحول الاحتجاجات الجماهيرية الى طرف في المعادلة السياسية دون قيادة واشكال تنظيمية متناغمة من المحلة والجامعة والمصنع وانتهاء بالساحات العامة ومرتبطة بافاق مستقلة عن الجناحين المتصارعين ولها برنامج ولائحة واضحة.
ان اسقاط عبد المهدي والدعوة الى انتخابات جديدة واقتحام المنطقة الخضراء ليس لها اية علاقة بمصالح الجماهير وتحسين حياتها المعيشية ونيل حريتها وقيمتها الانسانية، بل ان التيار الصدري وغيره يحاول دفع المتظاهرين الى اتون محرقة كي يستغلها كورقة سياسية لتحقيق مصالحه ولقد جربت الجماهير وخلال اكثر من عقد ونصف خمس حكومات بدءً من علاوي ومرورا بالجعفري والمالكي والعبادي وانتهاء بعبد المهدي ولم تجن الجماهير غير زيادة واتساع رقعة فقرها، وكان التيار الصدري له حصة الاسد في جميع الحكومات التي تنافست فيما بينها على قسمة الفساد بكل اشكاله.
ان شعارنا “امان-فرصة عمل او ضمان بطالة- حرية” التي تلخص لائحة مطالبنا، مطالب الجماهير واضحة ودوناه في بياننا الاخير، وعلى اية حكومة تأتي، نطالبها بتنفيذها وباشراف مباشر من ممثلي الجماهير. اننا ندعو الجماهير للالتفاف حول الشعار اعلاه الذي توضحه هذه اللائحة وهي:
1- ايقاف مسلسل الاعتقالات واطلاق سراح المعتقلين فورا.
2- اطلاق الحريات السياسية مثل حق التظاهر وحق الاضراب وحق التعبير عن الرأي وصيانة وحماية وسائل الاعلام ووقف قطع شبكات الانترنيت، وازالة كل اشكال القمع تجاه ممارسة تلك الحريات.
3- الكشف عن كل المتورطين في عمليات اطلاق النار على المتظاهرين ومحاكمتهم بشكل علني.
4-محاكمة جميع الفاسدين وبشكل علني ومهما كان منصب او المركز الحكومي للفاسد.
5- ضمان بطالة لكل عاطل عن العمل و بما يتناسب مع المستوى المعيشي وهو 350 الف دينار.
7- توفير سكن لائق لكل من لا يملكه.
8- تأمين الخدمات الصحية المجانية والتعليم المجاني اللائق من قبل الحكومة
9- توفير الكهرباء ومياه الشرب باسعار مناسبة.