انياب البرلمان وخندق العمال والموظفين
سمير عادل
الحوار المتمدن
-
العدد: 6312 - 2019 / 8 / 6 - 18:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحت ستار النفاق والكذب يعد برلمان القوى القومية والاسلامية هجمة شرسة على عمال وموظفي العراق. فمشروع القانون الذي يعد سنه هو “قانون الخدمة المدني” يقسم بالهجوم على عدة جبهات. الاولى تشمل المرأة وتتلخص في تقويض كل ايام العطل والاجازات التي تمتعت بها اثناء وبعد الولادة خلال اكثر من ثلاثة عقود، والجبهة الثانية هي الاستحواذ على ارباح عمال النفط والكهرباء والموانئ والقطاعات الاخرى وتحت عنوان توحيد سلم الرواتب بحجة توحيد سلم رواتب العاملين مع القطاعات غير الانتاجية اي التي ليس لديها ارباح.
بيد ان هذه السياسة لا تنحصر في ميدان جبهة الهجوم على رواتب ومعاشات العمال والموظفين بل تتعدى الى رزع اسفين بين عمال وموظفين هذه القطاعات وزملائهم في القطاعات الاخرى بغية كسب تأييدهم في الهجوم الذي اعده سلفا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والذي وقعت ساعة الصفر حكومة العبادي مستغلة الاجواء واوضاع الحرب على داعش.
ان خطورة مشروع القانون لا تكمن في حدود سرقة ونهب وسلب كل مكتسبات الطبقة العاملة في القطاع الحكومي او قطاع الدولة فحسب، بل من شأنها اطلاق اليد العليا الى ارباب العمل بدء من الدولة والمدراء العامين وانتهاء بسائر القطاعات الاخرى غير الحكومية للاستفراد بالعمال وحياتهم ومعيشتهم، وبأعطاء نموذج في طرد اي عامل او موظف من العمل وتحت ذريعة” فائض عن العمل”، مثلما سار عليه النظام البعثي في عام ١٩٨٧ حيث اقر قانون ١٥٠ في تحويل العمال الى موظفين واصدار قرار الفائض عن العمل في قطاع الدولة. واذا كان الثاني يعاني من وطأة الازمة الاقتصادية بسبب اعباء الحرب المكلفة مع ايران وجيش العاطلين الذي كان ينتظر التسريح من الخدمة العسكرية بعد الانتهاء من الحرب المذكورة، فأن النظام الحالي يحاول تحميل الازمة على كاهل العمال والموظفين التي سببها سرقات ونهب وفساد سلطة الاسلام السياسية الشيعي طيلة اكثر عقد ونصف، والانفاق الهائل على مليشياتها وقواتها القمعية دون اي حساب من جانب، والاتفاق مع المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية المرتبطة بالامبريالية العالمية بتحرير الاقتصاد على حساب معيشة وحياة الملايين من عمال وكادحي العراق من الجانب الاخر.
ان البرلمان الحالي مثل السابق الذي هو ممثل مصالح اصحاب الشركات والراسماليين الجدد في العراق، يكشف عن معاداته السافرة الى ابعد الحدود مع مصالح عمال ومحرومي العراق. ان الفائض الحقيقي من العمل الذي يحاول البرلمان تخويل ارباب العمل في القطاع الحكومي في اخراجه من العمل او نقله الى مكان اخر هو نفسه عضو البرلمان الذي يستحصل ٤٥ مليون دينار شهريا اضافة الى الامتيازات الاخرى والنثرية ورواتب الحماية، هو فائض عن العمل ووجوده زائد ويعيش كالطفيلي على حسابنا نحن العمال. فعلاوة على ان الدورة الحالية للبرلمان تفتقد الى الشرعية اكثر من الدورات السابقة، فنسبة المشاركة في الانتخابات الاخيرة لم تصل الى اكثر من ١٩٪ وحرقت الاف من صناديق الاقتراع اثناء مرحلة التحقيق ووضعت علامة استفهام على المفوضية غير المستقلة للانتخابات، فأنه اي عضو البرلمان لا يغدو اكثر من ثرثار يزعج المسامع عندما يتحدث في وسائل الاعلام ويضيف شرعية على كل اعمال السلب والنهب التي تقوم بها القوى الاسلامية والقومية المنتمي لها عندما يحاول ان يحرق سعيرات حرارية من تفكيره.
الان تميط اللثام عن الحقيقة التي طالما حاولت جميع القوى المذكورة طمسها اثناء الصراع الطائفي والقومي في العراق، فها هي مجتمعة جميعا لذبح العمال والموظفين دون ان يدب خلاف بينها بأن المستقطع منه الراتب او المستغني عنه او المحال على التقاعد او المرأة التي تقوض كل اجازتها بسبب حالة الولادة هم من السنة او الشيعة، كردي او عربي او تركماني ، يزيدي او صابئي او شبكي، مسلم او مسيحي.
ان مشروع قانون “الخدمة المدني” مثال بسيط ويكشف ان البرجوازية عندما تتضايق اقتصاديا تسقط عندها الهويات القومية والطائفية من اجل الحفاظ على راس المال، ولكن نحن العمال عندما نتحدث عن ان مصالحنا واحدة وان تلك الهويات زائفة ومقيتة وحقيرة وعار على جبين الانسانية، وهي وسيلة للنيل من وحدتنا التي هي سلاح ترتعب منها البرجوازية، ترتفع عقيرة اقلامها المأجورة وتقوم الدنيا ولا تقعدها، وتفتح المنابر وتعلو الاصوات وتتصاعد الصرخات ها هم الشيوعيين لا يعترفون بالدين والقومية، في حين هي تدنس اقدس مقدساتها من اجل رأس المال وارباحه والاستحواذ عليها.
ما نريد ان نقوله الى النشطاء وفعالي وقادة العمال في القطاع النفطي والموانئ والكهرباء بتوحيد موقف واحد وبالتضامن مع القطاعات الاخرى وتنظيم كل اشكال النضال بدءا من رفع مذكرات احتجاج ضد مسودة القانون المذكور من قبل العمال ومرورا بالتظاهرات والاعتصامات وانتهاء بالأضراب وايقاف الانتاج من اجل تثبيت وتحقيق المطالب؛ اولا اجهاض مشروع قانون “الخدمة المدني” والمطالبة بتوحيد رواتب عمال موظفي القطاعات الاخرى التي تسمى بغير الانتاجية مع عمال النفط والموانئ والكهرباء عن طريق منحهم ارباح من انتاج النفط وليس التقليل من رواتب عمال وموظفي القطاعات الانتاجية، وثانيا يحدد السن التقاعدي بالتنسيق والتشاور مع ممثلي العمال وليس بتخويل مجلس الوزراء بطرد او الاحالة الى التقاعد تحت المبررات الواهية والسخيفة المذكورة، وثالثا منح المرأة اجازة قبل الولادة وبعد الولادة وبما يتناسب مع حالتها الصحية حسب المعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية وبراتب كامل ومدفوع، ورابعا صرف ضمان بطالة لجميع العاطلين عن العمل من الذكور والاناث لمن بلغ السن السادسة عشر وما فوق من ارباح النفط بدلا من انفاقها على المليشيات وعلى رواتب الطفيليين من اعضاء البرلمان والمناصب الخاصة المتمثلة بوكلاء الوزراء والمدراء العامين وعلى بناء الاضرحة وتخليد رموزهم مثلما كان يفعل نظام صدام في بناء الجوامع والقصور على آلام البطون الخاوية التي بلغت نسبتها اكثر من ٤٠٪ حسب وصف خط الفقر من قبل صندوق النقد الدولي لعام ٢٠١٧.