حواتمة في حوار شامل ساخن مع فضائية «الميادين»
نايف حواتمة
الحوار المتمدن
-
العدد: 5786 - 2018 / 2 / 13 - 15:14
المحور:
مقابلات و حوارات
برنامج حوار الساعة
حاوره الإعلامي: كمال خلف
■ تقديم: سلام الله عليكم مشاهدينا من هنا، من العاصمة السورية دمشق، قضية فلسطين تتعرض لأخطر مخططات التصفية في هذا الجزء من التاريخ، الفلسطينيون أمام الخيارات الصعبة، بين التحركات الدبلوماسية للسلطة في مواجهة قرارات الإدارة الأميركية بإعتبار القدس عاصمةً لإسرائيل، وبين النداءات العاجلة لترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الإنقسام، وبين دعوات فصائل المقاومة الفلسطينية لبناء إستراتيجية مواجهة فلسطينية، وإغلاق مسيرة التفاوض مع «إسرائيل»، وتبني خيار المقاومة. حول هذه الخيارات الصعبة للفلسطينيين، اليوم نستضيف في برنامجنا «حوار الساعة»، السيد نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حياك الله أستاذ نايف، وندخل مباشرةً أولاً إطلالتك الإعلامية قليلة،..؟
■■ إطلالتي الإعلامية على شعبنا والشعوب العربية، وكل أصدقائنا في هذا العالم كثيرة وكثيرة جداً، لكنها محكومة أيضاً بالجغرافيا، والجغرفيا السياسية. في بلدان ما، الجغرافيا لا تساعد على إتصالات واسعة، البلد مشغول بحالة من الحرب الداخلية لأسباب متعددة، كما هي الحال في سوريا. البلد مشغول في حالة حرب داخلية وتدخلات اقليمية ودولية بأشكال متعددة من عام 2011 حتى يومنا. الإطلالات الإعلامية بالضرورة محصورة. لكنها في بلدان أخرى واسعة وواسعة جداً لأننا حريصون أن نكون على صلة أقصى ما أمكن، مع جماهير شعبنا وشعوبنا العربية، وأصدقائنا في العالم.
■ الوضع الفلسطيني معقد، قبل قليل تحدثت أن الفلسطينيين أمام خيارات صعبة، ما هي هذه الخيارات. أم أن الواقع الفلسطيني كله أمام مفترق طرق الآن، وأن الفلسطينيون قيادةً وشعباً أمام سؤال المصير؟
■■ هذه ليست هي المرة الأولى ذات الطبيعة الإسترتيجية الصعبة، مررنا بأكثر من مرحلة كنا في عنق الزجاجة، لكننا، الشعب الفلسطيني، والحركة الوطنية الفلسطينية، ومؤسسات الثورة والمقاومة الفلسطينية، تمكنا من تجاوز عنق الزجاجة، في أكثر من مرحلة، وفي المقدمة منها عامي (90 - 91) عندما كان يدور على الأرض العربية حرب الخليج الثانية، وكان هناك إتفاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد السوفيتي حين ذاك، على عقد مؤتمر برعاية ثنائية، بعد إنتهاء حرب الخليج الثانية. كنا حينها في حالة صعبة، وصعبة جداً، لأن المطروح كان مؤتمراً برعاية الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، في أطار 242+338، لا مكان فيه للشعب الفلسطيني. إجتمعنا بالمجلس الوطني وإتخذنا قرارات إستراتيجية واضحة. نحن على إستعداد أن نكون شركاء من أجل الوصول إلى حلول في قضايا الصراع العربي ـــ الفلسطيني ـــ الإسرائيلي، ولذلك قلنا إن إطار 242 +338 ليس كافياً بالنسبة لنا، لأنه يتعاطى الصراع بين الدول العربية التي إحتلت أراضيها، وبين العدو الإسرائيلي، ويتجاهل المسألة الفلسطينية وحق شعبنا في تقرير مصيره. وقبل ذلك بعد حرب اكتوبر/ تشرين أول 1973 كان مؤتمر جنيف أيضاً برعاية ثنائية على أساس القرارين 242، 338، الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الائتلافية مشطوبان كلياً من طاولة التسوية السياسية، وكذلك بعد الغزو الصهيوني الاسرائيلي للبنان كان مطروحاً علينا «مشروع ريغان» لا مكان فيه لحقوقنا الوطنية ومنظمة التحرير، وهذا أكثر من عنق زجاجة..
■ لكن الزمن، زمن مؤتمر مدريد، وما طرح فيه، لا يقارن بما يعرض اليوم. اليوم شطبوا القدس، ويجب أن يعترف بالأمر الواقع، ليس فقط الفلسطينيين، وإنما العرب يجب أيضاً أن يعترفوا بهذا الواقع. الآن هناك نوع من فرض إملاءات وبمساعدة دول عربية أيضاً، ولذلك ما كان يعرض حينها أفضل مئة فما يعرض اليوم؟
■■ علينا أن نأخذ التاريخ، ومساره وبالتالي عندما نقول إن الأوضاع أصحبت أسوأ وأكثر قساوةً هذا صحيح، وخاصةً بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين. دخلت المشكلة بعنق زجاجة جديد عند توقيع إتفاقات أوسلو في أيلول/سبتمبر 1993، وبإدارة الولايات المتحدة الأميركية، (إدارة كلينتون حينها)، وبالتالي أدخل الصراع في ممر ضيق جداً، أي أن إتفاقات أوسلو أدت إلى سلسلة من النتائج الخطيرة والمدمرة، إتفاق أوسلو جاء بالمصاعب الكبرى، لأنه حوّل كل الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967 إلى أراضٍ «متنازع عليها». تجاهل القدس، اللاجئين، وقف الاستيطان، منذ ذلك الوقت سارع العدو الإسرائيلي بمواصلة عمليات الإستيطان الإستعمارية، في القدس العربية المحتلة عام 1967، وفي مجموع الضفة الفلسطينية، وفي غزة حينها حتى 2005. سأعطيك ثلاثة أرقام كي نرى ماذا فعل أوسلو، عندما حول الأرض إلى «أراضٍ متنازع عليها». الرقم الأول في أثناء حرب تشرين المجيدة (حرب أكتوبر) 1973، كان مجموع المستوطنين في الضفة الفلسطينية والقدس وقطاع غزة 37 ألف مستوطن. في عام 1993 عندما تم توقيع إتفاقية أوسلو، التي عارضناها، وإتخذنا موقفاً منها، وصل مجموع المستوطنين إلى 97 ألف مستوطن. الآن مجموع المستوطنين هو 850 ألفاً. أي تضاعف الإستيطان ثماني مرات. في القدس العربية المحتلة يوجد ما يفيض على 240 ألف مستوطن. وفي الضفة الفلسطينية يوجد ما يفيض على 600 ألف مستوطن. هذا كله، لأن الذين ذهبوا إلى إتفاق أوسلو، قفزوا عن القدس، وقفزوا عن اللاجئين، وقفزوا عن الإستيطان. أهل أوسلو إرتكبوا هذه الجرائم الإستراتيجية الكبرى. الآن النتائج هي ما أعلنه ترامب حول القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها قبل نهاية عام 2019.
■ نحن اليوم أمام أمر واقع القيادة الفلسطينية، الفصائل الفلسطينية تبحث عن مخرج وعن خيارات أخرى لمواجهة القرار الأمريكي، وليس فقط نقل السفارة، هناك حالة من التصميم الأمريكي ومن معهم لتصفية القضية الفلسطينية، من ضمن القرار الأخير كان قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لتشكيل لجنة لفك الإرتباط مع «إسرائيل» وتعليق الإعتراف بها، أولاً: هل هذه الخطوة، هي خطوة بالإتجاه الصحيح، كما تراها؟
■■ بالتأكيد، هي خطوة إلى الأمام وبالإتجاه الصحيح، نحن في الجبهة الديمقراطية، وكل القوى الوطنية الفلسطينية، ناضلت وصارعت لأجل هذه الخطوة، منذ اللحظات الأولى لإتفاق أوسلو. منذ القرار المركزي لمنظمة التحرير في 5 أذار/مارس 2015، كان علينا تنفيذ هذه الخطوة. ولكن السلطة الفلسطينية الحاكمة والتي تمتلك السلاح والمال وعلاقات إقليمية والدولية، عطلت قرار المجلس. عطلت هذه القرارات مما أدى إلى مزيد من التداعيات. ولو نفذت هذه القرارات في 2015، لكنا بوضع آخر. في 2015 قررنا وقف التنسيق الأمني مع «إسرائيل»، فك الإرتباط بإلاقتصاد الاسرائيلي، ووقف العمل الفلسطيني في بناء المستوطنات في الضفة الفلسطينية المحتلة، وقررنا نقل سجل السكان وسجل الأراضي من يد الإدارة المدنية الإسرائيلية، والذهاب لمحكمة الجنايات الدولية، وقررنا تدويل القضية والحقوق الفلسطينية.
الآن؛ عدنا إلى ذات القرارات في دورة المجلس المركزي في 15 يناير/ ك2/2018، دورة «القدس عاصمة فلسطين الأبدية».
■ أستاذ نايف، هل هذه القرارات تمتلك إمكانية التطبيق؟ يقال في داخل فلسطين، على سبيل المثال، فك الإرتباط إقتصادياً مع «إسرائيل»، بإن «إسرائيل» تقوم بجمع الضرائب على المعابر وتحويلها للسلطة بما يشكل نصف موازنة السلطة الفلسطينية، وإذا توقف هذه توقفت السلطة تماماً؟
■■ هذا جزء من إتفاق أوسلو، ونحن ندفع ثمن الأخطاء الإستراتيجية الكبرى التي ذكرتها قبل قليل، وعليه أقول، كما قررنا بوقف التنسيق الأمني، فإننا ندرك جيداً ما هي التداعيات التي يمكن أن تكون. وعندما قررنا فك الإرتباط الفلسطيني الهش والضعيف، حتى الآن من تحويل السلطة وموازناتها دخل على السلطة الفلسطينية عشرات مليارات الدولارات، ومع ذلك لا يوجد عندنا تنمية إقتصادية، لأن 80% منه يذهب رواتب للموظفين بالسلطة الفلسطينية. 195 ألف موظف. ويوجد الآن طلبات من حماس بإضافة 47 ألف موظف وظفتهم حماس منذ العام 2007. وبالتالي ربع مليون موظف يستهلكون 80% من مجموع الموازنة التي تصل سنوياً إلى حوالي 4 مليار دولار، من الدول المانحة، ومن الضرائب على الشعب الفلسطيني، ومن المقاصة لتي تأتي دائماً من المعابر التي بيد «إسرائيل». لذلك نقول إن فك الإرتباط، وإعادة بناء العلاقات مع دولة «إسرائيل» على قواعد جديدة، أي على إستراتيجية جديدة تقوم على الإنتقال من الإنقسام إلى الوحدة الوطنية الجديدة، وبإدارة حكومة وحدة وطنية موحدة شاملة للجميع في الضفة والقدس وقطاع غزة، والذهاب إلى الإنتخابات التشريعية والرئاسية وإنتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، وفقاً لقوانين التمثيل النسبي الكامل، أي بالشراكة الوطنية. نحن حركة تحرر وطني، لها الحق بسلطة مستقلة، دولة مستقلة. وبالتالي نحتاج إلى كل القوى والتيارات والفصائل والإتجاهات التي تؤمن بالانتخابات والشراكة الوطنية.
■ مطلوب هذا كله، إن الغالبية العظمى من الفلسطينيين يؤيدون كلامك، لكن السؤال هنا هل هذا ممكن أم غير ممكن، وأنت تعرف أستاذ نايف أن القضية الفلسطينية هي في أدنى معدلات الدعم الرسمي العربي. ووسائل الإعلام العربية، كانت معكم، الآن هذا الشيء غير موجود، يعني ليس هناك الحد الأدنى من الدعم الرسمي العربي، ولذلك ستواجهون «إسرائيل» لوحدكم، من يمنع «إسرائيل» أو الولايات المتحدة؟!
■■ هذا قابل للإستعادة، في الحالة العربية، والدليل الذي أعطيه هو أنه عندما أعلن ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، وأعلن أنه في أقرب فرصة سينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وأعلن أيضاً قبل قليل، في 25/1/2018 في دافوس، وبحضور نتنياهو، أن القدس شطبت من على الطاولة، وبدأ خطوات بشطب قضية اللاجئين بحجب المال عن الأونروا، العالم كله نهض إلى جانبنا.
عندما قدمنا رسالة إلى مجلس الأمن الدولي لدعوة ترامب للتراجع عن قراره وقفت دول مجلس الأمن (14 دولة) إلى جانبنا، ووقفت واشنطن في عزلة، وقالت مندوبة أمريكا «إن هذا درساً كبيراً، لن تنساه أمريكا أبداً».
■ هذا تعاطف دولي، ولكن على أرض الواقع الأمور تخلتف، فإذا كان لديك نظام رسمي عربي شقيق، تقول لك: تفضل وقع على صفقة القرن، أو نعين فلاناً مكانك، تقول لأبو مازن هذا الكلام، يعني الأمور في الواقع العملي تختلف، مثلاً عندما تحجب الولايات المتحدة المال عن الأونروا، هل هناك دول تتقدم لأخذ دور الولايات المتحدة؟
■■ بالتأكيد ستتقدم دول/ والدليل على ذلك أن المفوض العام لوكالة غوث اللاجئين قال: لن ننحني لقرار إدارة ترامب، وإننا سنجمع المال الذي يلبي كامل مهامنا. أيضاً في بالجمعية العامة للأمم المتحدة 174 دولة حضرت الدورة الخاصة بالقدس، ولم يقف بجانب الولايات المتحدة سوى إسرائيل ومجموعة جزر صغيرة في المحيط الهادي. لا أحد يسمع بها. أيضاً الإنتفاضة الجماهيرية، إنتفاضة القدس في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة وفي أرض 48 وفي أقطار اللجوء والشتات، وفي كثير من العواصم العربية. الأنظمة العربية منشغلة في معاركها الداخلية والاقليمية المعروفة، وهي تدفع ثمن سياسات لها على امتداد عقود، من الإستبداد والفساد. الشعوب العربية إنتفضت. وطالبت «بالعيش (الخبز) والحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية والدولة المدنية الديمقراطية». بدلاً من أن تنفتح على شعوبها، قامت بضرب هذه الشعوب، لكن الشعوب بقيت صامدة، هذه الأنظمة هي أنظمة استبداد وفساد، بطشت بشعوبها على امتداد عقود طويلة، وخاصةً منذ عام 1970، عندما بدأ السادات سياساته المعروفة وما ترتب عليها، وما بدأ بعديد من العواصم العربية. ثلاثة حروب خليجية لا معنى لها. الأوضاع العربية الداخلية صعبة وقاسية، لكن لا يمكن لها إلا أن تستجيب بنسب معينة للإستراتيجية الفلسطينية الجديدة.
■ هذه نقطة هامة أستاذ نايف في الوقت الذي يطالب به العالم بالوقوف مع فلسطين، هناك هجمة أمريكية ـــــ إسرائيلية ومن معهم، على الشعب الفلسطيني، من أجل تصفية القضية. نجد أن موضوع الإنقسام الفلسطيني مازال حتى اللحظة، ما هي رؤيتكم لإنهاء الإنقسام، ولماذا لا يكون عاجلاً والآن، وبالنسبة للمجلس الوطني الفلسطيني إن كنتم ستشاركون به، وعلى أية قاعدة، وماذا ستطلبون؟!
■■ بالنسبة للعنوان الأول أي موضوع الإنقسام، نحن في الجبهة الديمقراطيةـ بعد أسبوع واحد من الحرب الأهلية التي نشبت في قطاع غزة بين فريقي الإنقسام فتح وحماس عام 2007، وقفنا ضد الإنقسام، وطالبنا بردمه فوراً بحوار فلسطيني شامل يؤدي إلى إنهاء الإنقسام. لماذا بقي الإنقسام إحدى عشر سنة عجافاً. بقي لسببين رئيسيين، الأول: أن الإنقسام بنى مصالح طبقية وفئوية وزعامتية زبائنية، قائمة على السلاح والمال والنفوذ، لطرفي الانقسام.
أنا أشير إلى فتح وحماس. منذ تموز 2007 حتى يومنا، السلطة بكل مكوناتها المدنية والسياسية والإدارية والمالية. وكل مكوناتها بيد حماس وفتح حتى يومنا، وبالتالي المصالح الطبقية بكل مكوناتها الفتحاوية والحمساوية. الجانب الثاني، المحاور الإقليمية في الشرق الأوسط التي تقوم بدور تعميق الإنقسام، بتمويل الإنقسام بالسلاح والمال والسياسة والإعلام بأشكال متعددة. على سبيل المثال إنتفاضة القدس التي نشبت ضد البوابات الإلكترونية وغيرها، قام بها شعب القدس وبكل مكوناته وفصائله، بينما نلاحظ أن العديد من الفضائيات العربية لم ترَ في إنتفاضة القدس إلا فتح وحماس، وكذلك الحال على سبيل المثال في الإنتفاضة الجارية الآن بعد إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، وسحبها من على الطاولة، وبعد ما فعل بشأن وكالة الغوث الأنروا. هذه الإنتفاضة، الجارية الآن، لا تسمع إلا فتح وحماس من العديد من الفضائيات العربية التي تطبع مع إسرائيل، وتستضيف إسرائيليين يمينيين متطرفين. لذلك الإنقسام باقٍ يا سيدي. نحن أنجزنا أربع برامج للوحدة الوطنية الفلسطينية وكان على الفضائيات أن تغطى الوقائع كماهي، نحن أنجزنا، برنامج 2005 بالقاهرة، وبرنامج الوفاق الوطني في غزة 2006، وبرنامج 2009 بالقاهرة وبرنامج 2011 بالقاهرة، وبرنامج قانون جديد للإنتخابات يقوم على التمثيل النسبي الكامل في 2013.
من جديد أقول للسلطة ولفريقي الانقسام: علينا أن ننتقل إلى خطوات عملية، «إسرائيل» لا تتوقف عن الخطوات العملية على الأرض وبالميدان، بينما لدينا كل شيء معلق. أخذنا قرارات يجب أن تطبق، أخذنا قرارات كلها معلقة.
■ أرجو أن تحيلني على موضوع عقد المجلس الوطني المقبل، وتحدثت عن تقييمكم لقرارات المجلس المركزي، ولكن بالنسبة للمجلس الوطني، هناك خلافات على مكان عقده، ما هو رأيكم؟ وهناك خلافات على التمثيل به .. ما هو رأيكم؟ وسقف ما يمكن أن ينجزه في حال إنعقاده على الحالة الصعبة الراهنة.
■■ علينا أن نميز بين مجلس وطني، ومجلس وطني. المجلس الوطني القديم معطل منذ 20 عاماً حتى الآن، أي منذ عام 1996. متوسط العمر بين أعضائه سبعون سنة. وكل الأجيال من 96 وحتى الآن لا حظوظ لها بالمجلس الوطني القديم.
ولذلك نقول لا للمجلس الوطني الفلسطيني القديم، ولا لعقده، بل علينا أن نذهب إلى ما قررناه في أربعة برامج وحدة وطنية لإنهاء الإنقسام، وما قررناه بالمركزي من إسراتيجية وطنية فلسطينية موحدة وجامعة، وعقد مجلس وطني منتخب يقوم على الإنتخابات بقانون موحد. القدس والضفة وغزة دائرة إنتخابية واحدة. الشتات دائرة واحدة. مجموع الأعضاء350 عضواً، 150 للداخل و200 للخارج للشتات، عتبة الحسم 1%، حتى يتمكن الكثير من الأجيال الفتية والشابة، والمرأة من دخول المجلس الوطني بالإنتخابات. وأن يكون الإسم الثالث بالقوائم الإنتخابية إمرأه، رابعاً: أن ينعقد هذا المجلس الوطني في مكان يجري التوافق عليه، بما يمكن من مشاركة الجميع. هناك قوى لا تستطيع أن تصل إلى الأرض المحتلة. حواتمة والكثير من رفاقه لا يستطيعون الوصول إلى الأرض المحتلة. حماس والجهاد لا يستطيعون الوصول إلى رام الله. كثير من أبناء هذه الفصائل لا يستطيعون الوصول إلى رام الله. لذلك ندعو لمجلس وطني منتخب. قانون الإنتخابات وافقت عليه جميع الفصائل والقوى بالإجماع، ووافق عليه المجلس المركزي لمنظمة التحرير. أقر في القاهرة واستكمل في عمان ووافقت عليه اللجنة التنفيذية للمنظمة التي يرأسها الأخ أبو مازن، لذلك علينا أن ننتقل إلى الإستراتيجية ـــــــ الوطنية الجديدة، الإسراتيجية الجامعة الشاملة الموحَدة والموحِدة بين جميع الفصائل والاتحادات النقابية والشخصيات، والشباب والمرأة، وكل التيارات.
هناك من يقول إن هذه القرارات والإستراتيجية الجديدة قد تعرضنا إلى مصاعب جديدة مع إسرائيل مع الأميركان وغيرهما. نعم. لأن إسرائيل تكسر كل قرارات مجلس الأمن. وحتى البيان الذي صدر عن التنفيذية 6/2/2018 يقول أن إتفاقات أوسلو وواشنطن والقاهرة، كلها فات زمانها. إذن المطلوب بناء وقائع على الأرض الفلسطينية. وقف التنسيق الأمني. فك الإرتباط بالإتفاقات الإقتصادية، سحب اليد العاملة الفلسطينية من المستوطنات. ووقف التعامل بالشيكل الإسرائيلي. سحب ملف السكان والأرض من الإدارة المدنية الإسرائيلية، والرد على كل جريمة ترتكبها، بالذهاب إلى «محكمة الجنايات الدولية».
أحيي عهد التميمي وأحيي إسراء التي رفعت اصابع يديها المقطوعتين على يد العدو الصهيوني، أحيي قطاع غزة من عام 2007 تحت الحصار. ثلاثة حروب شنت علية (2009، 2012، 2014). كل هذا يحال لمحكمة الجنايات الدولية، والعودة إلى الأمم المتحدة بثلاثة قرارات جديدة. الأول إستكمال عملية التدويل للقضية وللحقوق الوطنية الفلسطينية، بقبول دولة فلسطين من عضو مراقب إلى العضوية العاملة الكاملة، كي تصبح دولة تحت الإحتلال، على الأمم المتحدة برفع الإحتلال عنها، ووقف الإستيطان بالكامل، وثانياً، مؤتمر دولي لحل قضايا الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي برعاية الأمم المتحدة والدول الخمس دائمة العضوية وبموجب قرارات الشرعية الدولية.
الثالث: دعوة الأمم المتحدة لتوفير الحماية الدولية للأراضي الفلسطينية وللشعب الفلسطيني. إعترفت الأمم المتحدة بالأغلبية الساحقة (139)، بفلسطين عضواً مراقباً ثم تعترف بدولة عاملة لحماية «دولة أرض وشعب فلسطين». والعودة إلى مجلس الأمن، أيضاً بموجب القرار 2334 الذي تقرر بالإجماع في ديسمبر 2017 بالوقف الكامل للاستيطان ولم تستخدم الولايات المتحدة (ادارة أوباما) الفيتو.
■ الكفاح المسلح أين في هذا الموضوع؟!
■■ في هذه المسألة لا أحد يقول مطلوب أو ليس مطلوباً. هذه المسألة هي للقوى المسلحة في الأرض الفلسطينية، وخاصةً القوى المسلحة بغزة. وظيفتها أن تقاتل، وقاتلت في الحرب الشاملة التي فرضت على غزة من العدو. هذه القوى هي حماس، الجبهة الديمقراطية، الجبهة الشعبية، الجهاد. أما فتح أي شهداء الأقصى، فقد تم حلها على يد أبو مازن في 2005، إثر مؤتمر شرم الشيخ في ذلك الوقت برئاسة بوش الإبن، بحضور أبو مازن وشارون وحسني مبارك وعبد الله الثاني. بعدها عقدنا مؤتمراً لكل الفصائل + حماس والجهاد الإسلامي، وأخذنا القرارات بهذا الميدان، لذلك المطروح هو تمكين هؤلاء الذين يحملون السلاح بغزة، والذين لهم شبكات سرية واسعة الإطار، المطلوب تمكينهم للقيام بدورهم الوطني. الآن تهدد إسرائيل بالعدوان على قطاع غزة. الإحتمال قائم. لكن ليس بالضرورة. إسرائيل تضع شروطاً على حماس لتضبط الجماعات المسلحة بغزة، وغداً إذا حصل تمكين حكومة الحمدالله من السلطة بغزة، سيطلب من هذه الحكومة، ما يطلب من حماس.
■ إستاذ نايف أمام كل هذا التعقيد، تواصلت مع أبو مازن، جرى تواصل بينكم وبين أبو مازن..؟
■■ يوجد هذا التواصل، لكن منذ أشهر ليست قليلة لم يقع هذا التواصل المباشر.
■ حضرتك طرحت كل هذه الخطوات، على سبيل المثال، حضرتك تطرقت إلى موضوع أن يكون هناك مرجعية دولية لأي مفاوضات فلسطينية، السلطة الفلسطينية تطرح هذا الأمر، الرئيس أبو مازن يقول سنبحث عن وسيط نزيه، الولايات المتحدة لم تعد نزيهة في عملية السلام، ولم تعد وسيطاً، ويطرقون أبواب أوروبا هل يمكن أن تكون أوروبا أو أي دولة أخرى بديلاً للولايات المتحدة، المسيطرة على الملف الفلسطيني منذ أيام مدريد؟
■■ يوم السبت الماضي 3/2/2018 كان إجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، هذا الإجتماع ينعقد لأول مرة بعد إعلان ترامب «القدس عاصمة لإسرائيل» وعن نقل السفارة الأمريكية عام 2019، قيل أنها إجتمعت في اجتماع سابق بعد مرور شهر كامل على قرار ترامب. أبو مازن لم يعقد إجتماع اللجنة التنفيذية آنذاك بل عقد إجتماعاً قيادياً ضم 60 شخصاً (اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير + اللجنة المركزية لحركة فتح + ورئيس المجلس الوطني + ما يفيض عن 20 شخصية من القدس المحتلة + قادة الأجهزة الأمنية + رئيس الحكومة ووزرائه) وبالتالي لم يعد هناك أي إمكانية للبحث، لأول مرة بعد ستين يوماً، إنعقدت التنفيذية أول أمس في اجتماع رسمي، وطلب من تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية، وعضو المكتب السياسي في الجبهة الديمقراطية، أن يقدم صيغة البيان، وكتب فعلاً صيغة البيان، لكن لم يسمح للتنفيذية مناقشة البيان، أخذوه إلى أبو مازن ومطبخه السياسي، فأدخل عليه تعديلات أفرغته من مضمونه وجرى تعليق تنفيذ قرارات المجلس المركزي.
■ هنا الشعب الفلسطيني أمام مشكلة، إذا كانت هذه المؤسسات الشرعية للشعب الفلسطيني، مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، اللجنة التنفيذية، المجلس المركزي. الرئيس أبو مازن يتصرف بالقرارات، ما فائدة هذه المؤسسات إذا لم تكن قادرة على فرض قراراتها ورؤيتها، ماهي فائدة هذه المؤسسات..؟!
■■ نعم صحيح، في بيان تيسير خالد، المكلف من التنفيذية بكتابة البيان، ولا قرار بالذهاب لمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة، مرجعيته السياسية والقانونية، قرارات الشرعية الدولية، وبرعاية الدول الخمس دائمة العضوية، لكن ما صدر فعلاً هو العمل لعقد مؤتمر دولي مجهول الهوية والمرجعية، مجهول الرعاية الدولية.
نحن ندرك جيداً أنه في إطار رعاية الدول دائمة العضوية للمؤتمر الدولي أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون شريكاً في إطار الخمسة، لكن واحد من خمسة، وليس خمسة من خمسة. عندما تطرح مشروعها الخاص تحت رعايتها المنفردة، تطرحه عنوان «خذه أو أتركه»، وأنه مشروع اميركي غير مطروح للنقاش أو المفاوضات. هذه السلوكيات لا تحترم المؤسسات، ولا تحترم العمل في المؤسسات. الاطار القيادي لتطوير وتفعيل م.ت.ف المقر من 2005 (فتح، حماس، الجبهة الديمقراطية، الجهاد الإسلامي، القيادة العامة، الصاعقة، الجبهة الشعبية، (14 فصيل)، مازال معطلاً حتى الآن ويرفض أبو مازن دعوته للاجتماع. وبالتالي ما هو العمل؟
العمل مفتاحه الرئيس إسقاط الإنقسام والعودة للوحدة، وأن تكون م.ت.ف الائتلافية جامعة للجميع، والذهاب للإنتخابات، وضد الأشكال الإنقسامية المتعددة. نحن نقول للأخوة في حماس، وللأخوة في فتح، لا إنتقال من الإنقسام إلى التقاسم، ما يجري الآن من حوار بين الطرفين هو «تقاسم»، لا للإنتقال من الإنقسام إلى الكوتا. والآن بإمكاننا أن نجري إنتخابات. جرت إنتخابات للمجلس التشريعي. وإنتخابات للبلديات، ونقابات العمال، والمعلمين، والصحفيين، والمرأة، والجامعات وإنتخابات قطاعية، (الشباب، المرأة) ...الخ. نقول من جديد هذا هو المفتاح. من العسير أن نرأب الصدع بوجود مصالح طبقية وسياسية فئوية وزعاماتيه فتحاوية حمساوية، وفي ظل الأوضاع العربية التي تمول الإنقسام بالسلاح والمال والفضائيات...الخ
■ معي دقائق قليلة للخروج من الفلسطيني إلى الشأن العربي والإقليمي؟ إسمح لي أن أبدأ بالجبهة الديمقراطية، هل تعتبرون أنفسكم بالجبهة الديمقراطية جزءاً من محور المقاومة. أو محور الممانعة الممتد من طهران إلى سوريا إلى لبنان إلى فلسطين، هل أنتم جزء من هذا المحور؟ هل أنتم في ج.د تنتمون إلى هذا المحور؟!
■■ نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، نحن المقاومة، وبناة المقاومة ومعنا كل الذين أطلقوا الثورة الفلسطينية في عام 1965، نحن أم المقاومات الموجودة. نحن نهضنا 1965، وتعملقت الثورة الفلسطينية بعد هزيمة جزيران 1967. الجيوش العربية كانت محطمة، أنظمة البلدان العربية المجاورة كانت محطمة. من نهض ليقدم رداً على هذه الحالة، نحن في الجبهة الديمقراطية والشعبية وفتح والقيادة العامة والصاعقة، نحن مقاومة مع كل المقاومات التي تنشب في فلسطين، ومع المقاومات العربية من أجل الخلاص من الإستبداد والفساد، من أجل الفتح على الحريات والديمقراطية التعددية والعدالة الإجتماعية والدولة المدنية الديمقراطية. ننشد بهذا التغيير مع كل القوى في العالم، والتي تقاوم. وربما سمعتم لديكم بالميادين، كلام السيد حسن نصر الله عن الحوارات التي جرت، مع فصائل المقاومة، وقال: «أنا أسمي بالترتيب الزمني للقاءات، ومن ضمن اللقاءات التي تمت لقاءات مع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وتوافقنا جميعاً على أن نعمل جميعاً، وبما يتم التقاطع عليه، وتوافقنا على المشترك، وعلى قاعدة الظروف الموضوعية الخاصة لقوى المقاومة. نحن نناضل ونقاوم في مرحلة تحرر وطني نحتاج للجميع، لبنان دولة مستقلة والشعب على أرض وطنه مهدد بالعدوان والحروب الصهيونية، وهذه ظروف موضوعية اخرى تحتاج قواعد وآليات أخرى، وهكذا...».
■ اللقاء مع حزب الله تم معك
■■ كنت على رأس وفد الجبهة الديمقراطية/ جاء وفد مشترك من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وإلتقوا بفريق من رفاقنا الجبهة الديمقراطية، وقالوا ندعوكم للقاء مع السيد حسن نصر الله وأخرين، نحن نتكلف بكل الأمور اللوجستية ذهاباً وإياباً. ولكم الوقت الكامل الذي يقوم عليه اللقاء، اللقاء دام ست ساعات كاملة متواصلة، وصلنا إلى كثير من «التقاطع والمشترك» على حد تعبير السيد حسن نصر الله، إحدى تعابيره؛ و«لا للإنتقال من الإنقسام إلى التقاسم والكوتا..»
نعم قال حسن نصر الله، «نسير معاً ونلتقي على المشترك، من يسير معنا ميلاً، نسير معه ميلاً، على المشترك بيننا». إتفقنا بإحتمال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وعلى فلسطين ولبنان، أن تنخرط كل القوى في الدفاع..
■ يعني إذا وقع عدوان على لبنان، الجبهة الديمقراطية معنية بالدفاع عنه..
■■ نعم. نعم. لنا مخيمات شعبنا ومحيطه في لبنان إتفقنا على هذا، وإذا حصل إعتداء على قطاع غزة، إتفاق بين الجميع، قرار جماعي، وغرفة عمليات مشتركة بين قوى المقاومة.