الأسلوبُ الآسيوي للعنف
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن
-
العدد: 4585 - 2014 / 9 / 26 - 08:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هيمنت قارة آسيا على الوجود الجغرافي البشري والسياسي.
القارات الأخرى صغيرة ومحاصرة، فلم تكن باتساع آسيا ومقاومة سمات هذه القارة البرية الوحشية.
جعلت آسيا من البداوة حياة وإنتاجاً وثقافة.
انكمشت القارات الأخرى في الصغر والوضاعة والتبعية.
أعطت المساحة الهائلة لآسيا الوجود البدوي ميداناً هائلاً.
لهذا هي جسدت التاريخ الإنساني و اللاإنساني، سنجد تاريخها الأول يُفتتح بدول الغزو التي عادة تقوم بتدمير الانتاج، وفيما كان المصريون القدماء منتجين وفلاحين فهم حين خرجوا لتكوين الإمبراطورية فقدوا طابعهم الانتاجي كما خسروا استقلالهم وجعلوا الشعوب الأخرى تغزوهم ولم يعد لهم بعد ذلك قوة.
اليونانيون فقدوا مدنهم الحرة لأن الإسكندر الأكبر صار طاغية شرقياً بدوياً. وهكذا غدا التاريخ الشرقي بدواً غزاة وطغاة وفاتحين مغرورين.
ظهر أكبر الطغاة في آسيا ونشروا أساليبهم في القارات الأخرى.
وحين يقوم بعض المسالمين بمحاولات للقيادة في التاريخ فذلك لأنهم لم يمتلكوا القوة بعد، فيتشاركون ويتعاونون حتى يمتلكوها فتظهر في أيديهم السيوف والحراب، فيتحول المدني فجأة إلى أصله ويظهر غازياً عنيفاً، يجمع حوله العبيد والجواري!
من الإسكندر حتى جنكيز خان، هي شخصية الآسيوي الكبرى، فيقومون بتدمير الانتاج، وجعل أسلوب الغزو سائداً.
ولهذا يغدو التصحر سمة آسيوية.
حاولت شعوب زراعية أن تعزل نفسها عن البداوة الآسيوية كالهنود، لكن مسار الأمم الرعوية الغازية ساد وانتشر حتى التاريخ المعاصر.
تغلبت الأمم الرعوية الحربية الكبرى كالعرب والأتراك والروس والفرس على غيرها، وغدت هي مؤسسة الدول البدوية العسكرية والصراعات الحربية الكبرى في تاريخ آسيا والعالم والرأسماليات الحكومية.
الحكماء حكماء مسالمون لأنهم لم يمتلكوا أدوات القوة بعد، لكن كلماتهم تشع بجنون عظمتهم، ويرتفعون حتى يتحدوا بالكواكب والنجوم، ينفخون في ذواتهم المنكمشة ويطابقونها بالصواعق والنيازك.
كلما كانت الشخصية منكمشة توسع وجودها الخيالي الحربي، وكلما كانت الشعوب مقصية مقزمة تفجرت بعدها قواها العنيفة.