أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - قصف بالجملة..والأرواح مجرد أرقام وسط عاصفة الخلافات..














المزيد.....

قصف بالجملة..والأرواح مجرد أرقام وسط عاصفة الخلافات..


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8324 - 2025 / 4 / 26 - 20:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قصف بالجملة..والأرواح مجرد أرقام وسط عاصفة الخلافات..

تشير التقارير الأخيرة إلى تفجر خلافات حادة بين سلاح الجو لدولة الاحتلال وقيادة المنطقة الجنوبية على خلفية الغارات على قطاع غزة،. وبحسب ما جاء في صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية فأن "سلاح الجو غير راض عن عدد المدنيين القتلى في غزة جراء الغارات على أهداف تختارها القيادة الجنوبية".

هذا المشهد يعيد إلى الأذهان طبيعة الانقسامات البنيوية داخل المنظومة العسكرية الصهيونية منذ تأسيسها على أنقاض النكبة عام ١٩٤٨. وهذه ليست المرة الأولى التي تتجلى فيها الصراعات الداخلية، فقد كان الاحتلال منذ ولادته مشروعا هشا، يتغذى على توترات خفية بين الأجهزة المختلفة، ويفضح هشاشة الأساطير المؤسسة عن التجانس المزيف ووحدة المصير بين مكوناته العسكرية والسياسية. ومن يقرأ تاريخ عصابة الهاجاناه وأختيها "إرغون" و"شتيرن" وخلافات قادتها مع "بن غوريون" يدرك هشاشة الأسطورة.

إن الاعتراض الذي تسرب للعلن، والمتمثل في عدم رضا سلاح الجو عن عدد "القتلى" بحسب تعبيره والذي اعتبره غير كاف، يكشف البنية الذهنية التلمودية الدموية التي تحكم العقلية اليهودية تجاه الشعب الفلسطيني، حيث يتحول البشر إلى أرقام في معادلة القوة والسيطرة . وهذه هي العقلية ذاتها التي امتدت منذ مجازر دير ياسين وكفر قاسم والدوايمة وصفورية وغيرها، حيث لم يكن الهدف مجرد السيطرة على الأرض بل ترسيخ ثقافة الخوف في الوعي الجمعي للشعب الفلسطيني.

الانقسامات العسكرية بين سلاح الجو والقيادة الجنوبية حول طبيعة الأهداف ومستوى "الردع" المطلوب، إنما تعكس أزمة أعمق في الفكر الصهيوني، الذي يتأرجح بين ذريعتا "الأمن المطلق" و "الضربة الاستباقية"، وهي ثنائية دفعت بما يسمى بالمؤسسة الأمنية عبر عقود إلى ارتكاب حروب كارثية مثل عدوان ١٩٥٦ على مصر، ثم اجتياح بيروت عام ١٩٨٢. حيث لم تؤدِ هذه الحروب إلا إلى تعميق الكراهية ضد دولة الاحتلال وعزلتها عالميا.

أما اليوم، فإن الخلاف حول غزة فالاحتلال بات عاجزا عن تحقيق "نصر مطلق" كما أراد "بنيامين نتنياهو" دون أن يغرق في مستنقع الفوضى الأخلاقية والسياسية. فكل ضربة جوية تُقابل بتنديد شعبي عالمي وغضب متصاعد، وكل مجزرة تعمق الهوة بين دولة الاحتلال وتهشم صورتها الزائفة كدولة "ديمقراطية وحيدة في الشرق الأوسط". وبدلا من أن تحقق آلة القتل أهدافها في إخضاع أهلنا في غزة فإنها تنتج مزيدا من المقاومة والصمود في تكرار لمعادلات الاحتلالات الفاشلة عبر التاريخ.

التاريخ يعلمنا أن مشاريع الاحتلال التي تفشل في إدارة أزماتها الداخلية تسير نحو الانهيار، ولنا في الجزائر خير مثال.

فدولة الاحتلال التي عجزت عن قتل المقاومة قبل صفقة ١٩/يناير/٢٠٢٥ وتكبدت الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات بمغامرتها الفاشلة بعد دخولها البري، اليوم ترى في سلاحها الجوي عصاها السحرية التي تقتل وتدمر قدر ما يشاء، لكنها تغفل حقيقة أن الاحتلال مهما تجبر بأسلحته الفتاكة ومهما ارتكب من مجازر فإنه، يظل عرضة للزوال أمام صلابة الشعوب.

والخلافات بين سلاح الجو وقيادة الجنوب ليست إلا رأس جبل الجليد. فخلف الأبواب المغلقة، تدور معارك أكثر شراسة حول جدوى الاستمرار في مشروع الهيمنة بالقوة العارية، في وقت تعصف فيه الأزمات الداخلية بالمجتمع اليهودي ذاته من تآكل الثقة بين الجيش والسياسيين وتفكك الجبهة الداخلية، واشتداد الانقسامات الأيديولوجية والعرقية بالإضافة إلى تراجع الإيمان بالرواية الصهيونية الكبرى.

إن الخلاف حول كيفية إدارة العدوان على غزة يكشف أن الاحتلال دخل طور التآكل الذاتي بالفعل، تماما كما تنبأ "يغال ألون" وهو
سياسي صهيوني سابق، وقائد لقوات "البلماح" عندما قال إن
"إسرائيل قد تكسب كل معاركها، لكنها قد تخسر الحرب الكبرى بسبب عجزها عن التعامل مع الحقائق الديموغرافية والسياسية في المنطقة".

وفي النهاية، تبقى الحقيقة التاريخية الكبرى ماثلة أمامنا: لا ينهار الاحتلال في يوم، بل يتآكل من داخله، مع كل شقاق، مع كل صراع على طريقة القتل، مع كل لحظة يرى فيها العالم بوضوح وجهه الحقيقي دون أقنعة.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من -كامب ديفيد- إلى طوابير الجوع وقرقعة الأواني الفارغة
- الصور كأداة قمع وحرب نفسية ضد الأسرى في سجون الاحتلال
- مجزرة صفّورية....جرح في ذاكرة الوطن
- لغة استعمارية وقحة..-دانييلا فايس-
- - فتحت أبواب الجحيم في غزة- القناة العبرية ١٤
- “فحم ليوم الاستقلال بأسعار زهيدة جدا-..
- -كتائب الدفاع الإقليمي- والاستيطان
- دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة الل ...
- دعم بلا قيود..شحنات الموت وتمكين الاستعمار الصهيوني
- اقتحامات تدوس على كرامة الأمة وأقصى لا يحرره غير السلاح
- معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠ ...
- ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين
- الضفة الغربية...إلى أين؟؟؟
- الشجاعية لم ولن تسقط...مجزرة ٩/إبريل/٢٠٢ ...
- بيت دراس...ذاكرة لا تنسى
- رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة
- البوابات الحديدية..ما قصتها؟؟
- ماذا بقي من الإنسانية؟ مجزرة رجال الدفاع المدني
- ليلة حرق الكلمة السادس من إبريل/٢٠٢٥
- هل ستكون رمال موراغ مقبرة أخرى؟؟


المزيد.....




- وزير الخارجية الإيراني يقيم نتائج الجولة الثالثة للمفاوضات م ...
- استمرار موجة الغضب في ألمانيا بعد مقتل شاب أسود برصاص الشرطة ...
- ترامب يتهم بوتين بعرقلة السلام ويلوح بفرض عقوبات على روسيا
- تطورات جديدة في جريمة مروعة بفرنسا.. شاب يطعن مصليا داخل مسج ...
- تحرير كورسك يغزو عناوين الصحف الغربية
- دوغين: النجاح الكبير لروسيا سيكون بتحرير خاركوف وأوديسا وسوم ...
- 200 ألف مشارك بينهم عشرات القادة يشيعون البابا فرانشيسكو
- واشنطن وطهران تختتمان جولة ثالثة من المفاوضات النووية في مسق ...
- باكستان تحذر الهند من المساس بحصصها المائية بعد حادث كشمير
- الغنوشي يشكر حزب العدالة والتنمية المغربي على تكريمه


المزيد.....

- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - قصف بالجملة..والأرواح مجرد أرقام وسط عاصفة الخلافات..