عبدالكريم قيس عبدالكريم
الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 10:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بينما كنت أتابع الأخبار وأطّلع على المستجدات في سوريا، استوقفني تصريح لأحد أولئك الذين بلغوا في الطغيان والجحود مبلغًا خطيرًا، حيث كان يحرّض بشكل مباشر على القتل والإبادة بحق الطائفة العلوية. هذا الخطاب المقيت يعيد إلى الأذهان التحذير الإلهي في كتابه الكريم، بأن قتل نفس واحدة بغير حق يعادل قتل الناس جميعًا، لما يمثله من خطر مدمر على الإنسانية والمجتمعات.
إن الدرس الأهم الذي يجب أن نستوعبه جيدًا هو أنه لا يمكن تحقيق التعايش السلمي دون مواجهة الفكر التكفيري المتطرف بجميع أشكاله، بغض النظر عن الطائفة أو الخلفية التي ينطلق منها. فلا بد من تحديده وتشخيصه ومحاربته، ليس فقط عبر المواجهة الأمنية، بل من خلال تحجيمه ثقافيًا وفكريًا، وتجفيف منابعه، ورفض أي خطاب يحرض على الكراهية والعنف.
وفي السياق ذاته، نشهد اليوم تصاعدًا في الخطاب الإعلامي الذي يروّج بشكل مكثف ومنظم لدعوات تغيير النظام وإسقاطه بطرق غير مشروعة في العراق. وهنا لا بد من التأكيد على أن هذه الدعوات تستهدف جرّ العراق إلى سيناريو مشابه لما نشهده في المشهد السوري اليوم، تلك الدعوات المشبوهة تتجاهل وتصغر وتسعى إلى إلغاء التضحيات الجسام التي قدمها الشعب العراقي بكل مكوناته للوصول إلى قدر من الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي نلمسه اليوم.
نعم،نتفق هنالك إخفاق في الأداء الحكومي وعلينا جميعًا العمل على تحديد مكامن الخلل وتشخيصها بدقة، وعدم السماح للفاسدين والانتهازيين باستغلال الأوضاع لصالحهم.
كما ينبغي الابتعاد عن تقديس الشخصيات السياسية، حتى لا يتحول العمل السياسي إلى وسيلة للهيمنة والتلاعب بمصير البلاد، بل يجب أن يكون الإصلاح عملية مستمرة قائمة على الوعي والمحاسبة والممارسات الديمقراطية السليمة
إن الإصلاح الحقيقي والسعي نحو التغيير الإيجابي لا يأتيان من خلال العنف، بل عبر نشر الوعي السياسي بين الجماهير، وتحصينهم ضد الشعارات الجوفاء، والعمل على استبدال الفاسدين والانتهازيين داخل النظام بوسائل مشروعة، قائمة على القوانين والمؤسسات الديمقراطية. فبناء دولة قوية ومستقرة لا يكون من خلال الهدم العشوائي، بل عبر تعزيز قيم المواطنة والعدالة، ومواجهة التطرف بكل أشكاله، سواء كان دينيًا أم سياسيًا، مع التركيز على تصحيح المسار، لا حرفه نحو الفوضى والاضطراب.
#عبدالكريم_قيس_عبدالكريم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟