سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 6629 - 2020 / 7 / 27 - 18:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
- خمسمائة حجة تُفند وجود إله – حجة 402 إلى 408 .
- المناظرة – جزء ثان .
هذه المناظرة تأملات تخوض فى الثوابت والأفكار الصنمية والرؤى المغلوطة التى صارت تابوهات ومسلمات بدون أى منطق فكرى يلازمها كما تهدف المناظرة التعامل مع الكلام الذى يروج عن إثبات وجود إله .
الجزء الأول من المناظرة تتعامل مع منطق السببية التى تعتبر الحجة الأساسية لدى المؤمنين للترويج لوجود إله مُسبب ليكون ردنا أن السببية تعنى تراكم المعرفة والخبرات فقد تكونت لدينا مشاهدات وخبرات عن بعرة من بعير فهل لدينا خبرات عن آلهة تصنع أكوان وحياة , علاوة على سؤال منطقى : كيف يمكن إثبات أن هذا السَبب من ذاك المُسبب .. أضف لذلك أننى قدمت للمؤمن سؤال لم يستطع الإجابة عليها فقبل الحديث عن السببية وكل شئ هل لنا أن نعرف ماهية وكينونة وذات الإله ؟!
فى هذا الجزء من المناظرة نستمر مع منطق السببية لنبرز الإشكاليات والتناقضات الناتجة من إعتبار وإعتماد فكرة الإله المُسبب كما سنرى أن جوهر الإشكالية هو أن السببية تتعامل مع أطراف مادية بينما يتم حشر فكرة الإله الغير مادية لتنتج الإشكاليات .
الملحد : إذا كان منطق السببية هو المُنقذ للمؤمنين بفكرة الإله لمحاولة إثبات وجوده , فهذه السببية هى التى ستشكك فى وجود الإله وفعله , لتثير التناقض ولينقلب السحر على الساحر !
المؤمن : كيف يكون هذا .. كيف يتحول دليل الإثبات إلى دليل نفى وشك .
الملحد : حسنا فلنتناول بعض القضايا الفكرية لنستهلها بسؤال هل الإنسان مُسير أم مُخير .
المؤمن : الإنسان مُخير بالطبع لأنه يمتلك إرادة وحرية وعقل ولكن للأمانة هو مُسير فى أقداره .
الملحد : فى الحقيقة وبعيداً عن المفهوم الدينى ووفق المفهوم المادى للطبيعة فالإنسان بلا حرية , فحراكه وإرادته هى محصلة القوى والظروف المادية المحيطة به .
المؤمن : أنا غير مقتنع برؤيتك تلك فلتوضحها .
الملحد : حتى لا نشتت موضوع المناظرة فيمكن أن أفسرها لك لاحقاً ولكن دعنا نحلل فكرة التسيير والجبرية وفق مفهوم الإله المسبب .
- هناك إشكالية كبيرة وتكلفة عالية لابد ان يدفعها المؤمن الذى يعتمد السببية , فتعميم السببية ستدفع الأمور إلى القول بالجبرية أي أن الإنسان مُسير في أفعاله وليس حر الإرادة بل لن توجد له أى إرادة ليتحول إلى كيان مُبرمج ينفذ ما خَطه الله ! .. فإعتماد السببية لإثبات وجود الإله وإعتباره عله أولى غير مَعلولة ستحتم ظهور الجبرية , فأفعال الإنسان نتيجة سبب وهذا السَبب تسبب من عِلة أخرى حتى نصل إلى عِلة أولى غير معلولة هى الله .
طالما ترفعون شعار بأن لكل سبب من مُسبب ولكل حدث من مُحدث , فهذا يعني أن أي فكرة تطرأ على دماغ الإنسان لا بد لها من مُسبب أدى لخلق الفكرة وتنفيذها وهذا صحيح ولن نختلف عليه .. ولكن هذا السَبب تسبب في وجوده عِلة أخرى , وهكذا حتى نصل إلى حالة من إثنتين إما أن تنتهي تسلسل العلل المُسببة للفكرة إلى علة أولى غير معلولة كما تؤمنون فلا يوجد علة قبلها , وهذا يعنى أن نهاية سلسلة المُسببات ستكون فى يد الله وهذا سيقودنا إلى الجبرية , فأنت مُجبر أن تسلك هذا السلوك لأن مُسبب الأسباب يريد ذلك , وإما لا تنتهى سلسلة المُسببات للفكرة عند العلة الأولى , ولكن المؤمن لن يقبل بأن يمتد سبب السلوك الإنسانى إلى اللانهاية فهذا معناه سقوط فكرة وجود خالق وبالأمكان حدوث الكون بلا سبب !.
إن إنحزت للحالة الأولى بحتمية العلة الأولى التى لا يوجد من قبلها علة فقد وصلت للجبرية وبالتالى فلا معنى للإختبار والمحكمة الإلهية والجنه والجحيم , فالشرير لن يفعل شراً إلا بسبب الفكرة التي جاءت في رأسه والتي بدورها وُجدت عن طريق أسباب سابقة متسلسلة كثيرة بدأت من العلة الأولى .. رغم حرج هذا المشهد لدى المؤمنين فهو الأقرب لهم فلنتذكر أنهم يؤمنون بأن هناك إله يضل من يشاء ويهدى من يشاء ولا يوجد مشهد او فعل خارج إرادته ومشيئته .
عندما نحلل ونفسر السلوك وأسبابه وفقا للسببية , فالقاتل لن يستحق جهنم لأن الأسباب التى سيرته مَخْلوقة مُسَببة لتحتشد وتترابط لتحقق فعل مرصود من السَبب الأول الذى رتبه ليحقق علمه وقدره ومشيئته المُسبقة , فالمُسبب الأول رتب الأحداث والأسباب هكذا ليصير إطلاق الرصاص فى إطار تحقيق المعرفة والعلم والقدر الإلهى .
عليك أن تختار بين أمرين لا ثالث لهما إما أن تتنازل عن إطلاقك وتعميمك للسببية وبالتالي فلا تستطيع إثبات وجود الله بها , وإما أن تثبتها وتعممها على كل شيء وعندها لا يحق للإله أن يُثيب أو يَعذب بإعتباره العلة الأولى التى سببت الأسباب ليجعل المؤمن مؤمناً , والكافر كافراً , والضال ضالاً.. إعتماد السببية ستؤدى حتماً إلى الجبرية سواء أكانت هذه الجبرية من كيان عاقل مفارق أو من الطبيعة الماثلة لعيوننا .
المؤمن : قلت فى البداية أن السببية ستشكك فى وجود الإله وفعله , لتثير التناقض ولينقلب السحر على الساحر ! فما حجتك وما قولك عن الخلق كمُسبب إلهى .
الملحد : أنتم تتعاطون مع السببية لتفسير أن الخلق مُسبب من الله ولكن دعنى أقدم هذه الإشكالية , فلو سألتك لماذا خلق الله الكون فى لحظة زمنية محددة ولم يخلق قبلها أو بعدها .
المؤمن : هذا سؤال عبثى سفسطائى , فلو خلق قبل أو بعد هذه اللحظة ستتوقف أيضاً وتسأل لماذا سبب الخلق فى تلك اللحظة دون غيرها ؟!
الملحد : نعم سنسأل دوماً هذا السؤال ولكن يبدو أن حضرتك لا تدرك عمق هذا السؤال الذى سينفى الخلق والإله , فعندما نقول لماذا سَببَ الله خلق الكون في هذه اللحظة بالذات دون سواها ولم يخلق في اللحظة السابقة أو اللاحقة فهذا له مغزى عميق , فمعنى عدم وجود لحظة لفعل الخلق يعنى أن كل اللحظات الزمانية تكون متشابهة بلا أى فوارق ليكون نسبة الفعل فى كل منها متساوياً فلا تمييز لتلك اللحظة عن غيرها لتتميز وليكون تميزها دافعاً لصدور سبب وفعل الخلق عندها .
دعنى أبسطها أكثر , فمعنى أن الله سبب خلق الوجود فى لحظة معينة فإما تكون بحكمة أو عبث , فستقول بالطبع لحكمة وماخلقنا عابثين , فهذا هو المُفترض من إله كلىّ الحكمة والتقدير , لذا سنهمل الخلق بعبثية وبدون قصد ليكون إختيار لحظة معينة تكون سبباً للخلق تم بحكمة وتقدير , أى أن الله إختار الظرف المناسب فتكون لحظة الخلق قبلها أو بعدها خاطئاً , فالظرف المناسب هو إختيار من عدة ظروف متباينة وهذا يعنى أن الظروف خارج الله ليفاضل بينها ويتحين الفرصة المناسبة للخلق , وهذا يعنى أن الله يخضع للظروف المستقلة عنه ليتعامل معها ويقوم بدراستها وإختيار اللحظة المناسبة للإقدام على عملية الخلق مع عدم إغفالنا أن اللحظات متشابهة !
-إن عدم إقدام الله على الخلق قبل لحظة الخلق يعنى أنه كان عاجزاً ثم صار قادراً وهذا ينفى الألوهية ويجعله تحت رحمة الظروف وما يُتاح منها وما يتوفر , ولو قلنا بأن الله مُتحرر من الظروف وأنه خلق بدون توافر ظروف مناسبة للخلق كونه غير خاضع لها ’ فهذا يعنى أن سَبب ولحظة الخلق غير مُرتبة وجاءت بلا تفكير وبدون باعث لها أى أننا أمام فعل عشوائى وهذه الفكرة ستلتقى مع الملحدين فى عدم غائية وترتيب الوجود كما تنزع عن الله فى المقابل أى حكمة وتقدير وتدبير !
خلاصة القول أن الخلق مستحيل كفعل بواسطة الإله كمُسبب , فإما هو إختار لحظة الخلق ليقع تحت طائلة الظروف القاهرة ليختار اللحظة المناسبة وهنا سيفقد ألوهيته , أو يكون الخلق بلا حسابات وترتيبات وقيود ليصبح شئ عبثى وهنا سيفقد الحكمة ليدخل فى دوائر العبث .
المؤمن : هناك نقطة تغفلها وهى أن الله هو المُسبب الأول ولا سَبب له فهوالخالق .
الملحد : عندما تقول بأن الله المُسبب ولا سبب له فهو الخالق فأنت هنا رميت منطق السببية عند أقرب صندوق قمامة فلا يجب الإحتكام للسببية كمنطق لإثبات وجود الله أما قولك كونه الخالق فنحن نبحث للوصول لهذه النتيجة فلا تكون النتيجة معطى تتعامل معه!
-سأدهشك بالقول أن الله لا يمكن أن يكون السَبب الأول لأنه بناء على قانون السببية لابد ان تكون هناك رابطة بين المُسبِب والمُسبَب أى بين السبب والنتيجة , فاذا كانت نظرية الانفجار العظيم صحيحة فلابد من وجود علاقة بين الله وبين الانفجار العظيم لا بإعتباره مسؤولاً عن إشعال فتيل الانفجار فقط بل بإعتباره سبباً مستمراً لكل حالة من حالات الكون الذي خلقه , وهكذا فإن الله سيكون مرتبطاً بوجود مادة الانفجار وحدوث الانفجار نفسه وتداعياته , ولكن الله في الفكر والفلسفة الدينية لابد أن يكون خارجاً عن الزمان والمكان بينما الإنفجار الكبير فى الزمان والمكان , ومن هنا لن تكون هناك أى صلة بينه وبين الانفجار العظيم , بمعنى آخر أن العلة لابد أن تكون مجاورة لمعلولها , ووجود الإله خارج الزمان والمكان معناه إنفكاك السَبب عن المُسبب بينما لايمكن ان تنفك العلة عن معلولها .
المؤمن : الله مُسبب الأسباب .
الملحد : القول بأن الله مُسبب الأسباب قول خاطئ وسأوضحه لاحقا ولكن دعنى أنثر بعض الإشكاليات :-
- السببية تفقد الإله ألوهيته وقدراته فهو لا يستطيع فعل شئ إلا بسبب وهذا يعنى أنه تحت قيد المُسببات , فلو أخذتك العزة بالإله لتقول أنه قادر على فعل الأشياء بلا مُسببات فقد نزعت عنه الحكمة والترتيب ونزعت عنه المشيئة والإرادة ووضعته فى خانة العبثية والفوضوية .
- الإله بحكم وصفه بالمطلق واللانهائى والكامل لا بد وأن يكون متعالى على الزمن , أى لا تنطبق عليه قواعد البداية والصيرورة والنهاية كأى شئ خاضع للزمن , وهذا يعنى أنه لا يمكنه أن يتواجد فى أى زمن ما !
- هذا يرجعنا لموضوع الخلق وزمنه , فالمُفترض أن الله يتعالي على الزمن ولكن هذا سيؤدى إلى تناقض مع كونه سبب فعل الخلق الذى ينسبونه إليه , لأن فعل الخلق لا يتم إلا فى لحظة فى الزمان , هذه اللحظة تُقسم الزمان لما قبلها وما بعدها , فمفهوم السببية الذى يعللون به خلقه للكون يتطلب مفهوم الزمان حيث المُسببات أو المُؤثرات أو المُنتجات تسبق تأثيراتها من الأسباب زمنيا , فلا معنى للسببية إذن من دون الزمن , فإعتباره خالق الكون يعنى أنه خاضع للزمن وفى علاقة لا تنفصم , لذا القول بأنه غير خاضع للزمن هو كلام لا معنى له يناقض نفسه , فبما أن فعل الخلق حادث أى لحظة فى مجرى الزمان , فلكى تحدث هذه اللحظة ينبغى عبور الأزلية أولا أى قطع مقدار لا نهائى من الزمن وهى استحالة منطقية واضحة , لا ينقذها سوى أن المادة التى تشكل منها الكون الحالى أزلية أبدية لا مخلوقة غير قابلة للفناء , وهى كذلك بالفعل .
- القول بأن الله غير خاضع للأسباب فلا يوجد سبب يُشكل سلوك الله يتناقض مع القول بأن الله يغضب ويثور وينتقم ويرحم .. فهل هذه الأشياء يفعلها الله بلا سبب .؟! فإذا كانت بسبب فإنه خاضع للمُسبب ومُنفعل معه وهذا هو الحادث بالفعل وفق القصص الدينية , أى أننا أمام إله مُنفعل خاضع للفعل لينتج رد الفعل , وإذا كان يَنفعل بلا سبب فهذا يعنى العبثية والهذيان بعينه لتنفى المُسبب العاقل وتصب فى خانة المُسبب العشوائى الغير العاقل .
- مقولة "الله مُسبب المُسببات والأسباب" تخضع لنفس هذه الرؤية النقدية , فكونه مُسبب الأسباب ليضع لكل مُسبب ما يناسبه من سَبب فلا يستطيع أحد القول أن المُسببات عشوائية لا يَحكمها تدخل وترتيب وحكمة فهذا يعنى العبثية , فأن تكون المُسببات ذات ترتيب فهذا يعنى ان الله محكوم بنظام لا يستطيع ان يحيد عنه لتكون الأمور منطقية وذات هدف وغاية , وهذا يُفقد الإله ألوهيته وحريته عندما يكون محكوماً ومقيداً بالتعاطى مع حيز معين من المُسببات القاهرة لا يحيد عنها.
- أضيف نقطة أخرى عن الخلق وعلاقته بالسببية , فلو سالتك ماهو الخلق فستكون الإجابة الصحيحة هى الإيجاد من العدم بالرغم أن الأديان لم تقل هذا ولم يخطر ببالها قصة الإيجاد من العدم , فكل المرويات أن الأشياء جاءت من أشياء ولكننا سنعتمد القول بالخلق من عدم بالرغم من إستحالتها وهراءها ولكنها هنا تنفى السببية , فلا مكان للسببية بالرغم أن المؤمنين يعتنون بمنطق السببية أشد الإعتناء , فالمُسبب هنا هو العدم أى لا شئ !
الملحد : أسألك هل السببية تفسر صفات الله ؟
المؤمن : طالما بأن الله المُسبب فلديه قدراته الخاصة فى التسبيب كأن يسبب مشهد من عدله .
الملحد : هذا خطأ فالسببية لن تشفع لإله الأديان بمعنى أننا لو تصورنا فرضاً أن هناك إله خالق فما الذى يُحتم أن يكون عادل ورحيم ومنتقم وغفور ألخ , فليس هناك أى علاقة بين الخالق والمُريد , فحسب فكر الألوهيين مثلا فهو خالق فقط كفنان يرسم لوحته وليس لديه رغبة فى الرصد والتدوين والثواب والعقاب , إذن لن تجد علاقة وفق السببية أن يكون الخالق مُريد وعادل ورحيم ألخ , فلا توجد أى علاقة أو منطق سوى القفز وتلبية حاجات نفسية .. أرى هذه الصفات منحها الإنسان لإلهه لتلبى حاجاته النفسية فى الأساس كما ترسخ فكرة وجود إله عادل لتجد قائل يقول أتريد أن يفلت الظالم والشرير من العقاب الإلهى , فهنا جعلنا الإله يفى بحاجتنا للعدل والإنتقام دون أن يكون لهذا سبب منطقى .
المؤمن : لاحظ أن الإله كامل .
الملحد : القول بكمال الله أى حالته المثالية المطلقة بدون نقص محل شك , فهل الإله إكتمل بالخلق وما حاله قبل إنجاز مهمة لخلق فهل كان كاملاً ؟!
- هناك نقطة أخرى فأنتم المؤمنين تتكلمون عن نظام متكامل مكون من جزأين أحدهما المُسبب والآخر السَبب , فلا يصح أحدهما دون الآخر , لذا فهذه الرؤية وضعت الاله الكامل كجزء من نظام موضوع ليكمل به هذا النظام .. فكيف يكون الكامل جزءاً من نظام , لتتقوض هكذا مقولة الإله الكامل !
- نقطة إضافية فمن مبدأ السببية تقولون الصنعه تدل على الصانع , والصانع هنا كامل حسب زعمكم فلن ينتج مصنوعات فاسدة , ولكن الكون غير مكتمل تشوبه الكثير من الأخطاء مثل النيازك وإنفجار نجوم وتصادم مجرات والثقوب السوداء , بل الإنسان نفسه يعتريه النقص والخلل الشديد , فالمشوهين والمعاقين والأوبئه والأمراض التي تفتك بالبشر ووجود أعضاء ليست بذات كفاءة أمثلة على ذلك , فكيف يخلق الكامل المطلق صنعه ضعيفة مليئه بالأخطاء ؟!
الملحد : أرى أننى إنتهيت من نقاط كثيرة وتوجد إشكاليات أخرى تطلب الطرح ولكن أرجأها حتى تنتهى حضرتك من الرد على ما أثرته .
المؤمن : فى الحقيقة أنت طرحت نقاط كثيرة سأفكر فيها وأعرضها على علماء الدين لنبدد هذه الشبهات .
الملحد : لك ماتريد ولكنى أتوقف عند قولك أنك ستعرضها على العلماء , فلماذا تشل تفكيرك وترهنه بفكر الآخرين فأنت تمتلك عقل قد يكون أفضل منهم .. عالعموم أنا أنتظر ردك فى الجزء الثالث من المناظرة وإلى حين حضورك أستقبل أراء وردود السادة المؤمنين بساحة الحوار المتمدن على ماطرحته .
فى الختام دعنى أقدم تحليلاتى عن سبب الخلل فى العقل والمنطق الإيمانى فغايتنا الأساسية هى التنوير :-
- السببية تعتمد على قراءة الإنسان للمشاهد , ومن ثم يتم إيجاد علاقات وبناء الاستنتاجات والتنبؤ , وإذا لم يتم الإعتماد على استقراء عدد كبير جداً من الحالات التي تبني عليها السببية الترابط والتلازم بين الحوادث , فخلاف ذلك تكون السببية غير دقيقة وغير مضمونة بل تقترب من الخطأ .. السببية دوماً تنبؤ ذو درجة دقة ليست مطلقة , فيكون التنبؤ عالي الدقة بشكل كبير كما في العلوم من التكرار والإختبار المستمر , وتكون متواضعة الدقة أو خاطئة عندما تبنى على إستقراء واحد .
- السببية تشترط الخبرات والمعرفة المتراكمة والتجارب للتصريح بالمُسبب والإفتقاد لهذا ينتج تعسف فى الإجابة بلا دليل .
- سننهج أولا نحو تحطيم فكرة تتوهم أن السببية منطق الوجود , فالسببية قانون تقريبي فقط في مستوي مشاهداتنا من الزمان والمكان لذا يخطأ المؤمنون بفكرة الإله فى تعميمهم أى تعميم مشاهداتهم القريبة على مجمل الكون والوجود .. السببية هي تقريب للواقع ولا تصف الواقع بدقة وبحقيقته , فمغالطة المؤمنين الدائمة عندما يأخذون مشاهداتهم القريبة ويطبقونها علي كامل الكون , فهذا يشبه الأوربيون عندما كانوا يعتقدون بأن البجع ابيض فقط بسبب عدم مشاهدة بجع بلون آخر, ولكن عند ذهابهم إلي استراليا وجدوا البجع الأسود , لذلك لا يجب التعميم علي كامل الكون , فما يجعل منطقنا متيقن من حاجة الأسباب لمسببات حصرية هو ترسخ قانون السببية في عقولنا بطريقة خاطئة على كل أحداث حياتنا لنعتبر تجاربنا الذاتية ونظرتنا الضيقة هى التي نبنى بها خبرات عقولنا.
- ما نشاهده من سببية هو صالح فقط في مستوي قياسنا للزمان والمكان ولا يصلح لتفسير بداية الكون , ولا يصلح أيضا في دقائق المادة , بل يتم نسف السببية على أعتاب دقائق المادة , فأنت لا تستطيع أن تدرك السبب فى حركة الجسيمات الدقيقة العشوائية وهذا ما أعلنته نظرية الكم , كما لا نستطيع الجزم بوجود السبب أو عدم وجوده خارج الكون حيث إننا لا نعرف شيئا عن خارج الكون , فإذا إفترضنا أن قانون السببية سارى خارج الكون أيضا فهذا يعنى انه صار قانون وجودى لذا يجب إخضاع كل شيء وجودى له بدون استثناء , و بذا سنصل الي أزلية المُسببات لتنال من فرضية وجود الإله , وإذا سايرنا قولهم بأن الإله لا يخضع لهذا القانون , فبذلك نكون نقضنا للقانون نفسه ليحق القول لماذا لا يكون الوجود نفسه بلا سبب .
- من الخطأ تصور أن السببية منطق الوجود , فمبدئياً الوجود والكون والحياة ليسا لهما منطق , فالمنطق فكر وترتيب ذهنى وعلاقات الإنسان كما تترائى له محكوماً بحجم معارفه وانطباعاته وذكاءه لتكون السببية فى هذا الإطار قراءة ذاتية إنسانية وليس منطق وحقيقة الأشياء , فالأشياء ليس لها منطق .
- أنظر الى رؤية وفهم ومنطق الانسان القديم الذى استمر ردحاً من الزمن إمتد لآلاف السنين , فالشمس لديه هى التى تدور حول الارض لتجلب الشروق والغروب فالأمور مُمنطقة فى ذهن الإنسان القديم على هذا النحو بأن الأرض مستوية منبسطة كما يراها والشمس هى التى تتحرك , بينما منطقنا يقول أن الأرض كروية تدور حول نفسها فى مواجهة الشمس لنحظى على الليل والنهار والشروق والغروب .
ما قصدته من مثالى هذا ان منطق السببية هو قراءة ذاتية للإنسان وليس حقيقة فى حد ذاتها لذا كل ما نمنطق به الأشياء هى رؤيتنا وقراءتنا الذاتية وفق معارفنا , وهذا يعنى أن التعاطى مع السببية لن يكون تقييماً صحيحاً مُطلق على الدوام فى صحته , فهى قراءتنا وفق ما توفر لنا من معرفة وإدراك ..فالجاذبية الأرضية تشد الاجسام إليها ولكن لا يمكن إعتبار الجاذبية متحققة دوماً , ففى كواكب أخرى تتضاءل الجاذبية ولا تشد إليها الأجسام وهذا يعنى أنه ليس كل ظاهرة سببية يمكن تعميمها , فالسببية هى علاقات فى وجود واحد لتؤكد أنها نسبية وليست مطلقة .
- إن قانون السببية أصلا قانون تجريبي وليس عقلي مطلق , أي أنه جزء مكتسب من قوانين الطبيعية عن طريق الملاحظة وإستنتاج الروابط والعلاقات من ذهنية محكومة بحدود معارفها لذا السببية ليست من المطلق ولا من الثوابت العقلية الفطرية كما يحاول البعض ترويجه , فالسببية ليس مثل العمليات الحسابية المُدركة عن طريق العقل , فهى تجريبية خاضعة لما سيكون عليه الشكل النهائي من ركام التجارب في التاريخ البشري النسبى , لذا فالسببية ليست مطلقة فكيف يتم استخدامها في الاستدلال على الله الذي يصفه المتدينون بالمُطلق الغير مادي , فهذه استحالة رياضية أن تقبل بمعادلة تحتوى على طرفين غير متجانسين وغير متكافئين .
- الواقع المادى ينتج مشاهده بدون سَبب .. أى أن الأشياء تكون فى إطار وجودها المادى لنستقبلها بوعينا فلا نتعامل مع الوجود كصور تمر أمامنا بل نوجد علاقات مع المشاهد المادية حتى تجد لها مكان فى الوعى فنربط هذه المشاهد ببعضها من خلال إيجاد علاقات خاصة هى السببية , فتبلد الغيوم نذير لسقوط الأمطار فلا تكون الغيوم فى ذهننا كمشهد مستقل ولا الأمطار كذلك ليتكون الوعى الإنسانى من خلال عمليات الربط تلك .. أى أننا نخلق العلاقات بين الأشياء من خلال السببية وفقا لإدراكنا وحظنا من المعرفة والذكاء بل نمتلك قدرات خيالية تسوقها حالة نفسية تجاه الاشياء مثل مسببات التفاؤل التشاؤم .
- ظن الانسان القديم بوجود ترابط سَببي ينتج الظواهر والأحداث وذاك عن طريق الإستقراء السطحي الذى تلحف بالسذاجة والجهل والتعجل مما دفعه لإيجاد سبب للظواهر الطبيعية فظن أن إنفجار بركان أو تدمير زلزال مقترن بكونه شرير أو بوجود شر فى محيطه وأن هذا إنتقام إلهى نتيجة ذلك , لنعلم بعد ذلك أن هذا الإستقراء خاطئ .. الغريب والطريف ان هناك بشر مازالوا يتعاملون مع هذه القراءة الخاطئة بأن مصائب وكوارث الدنيا لوجود الخطيئة والشر بيننا .
- الوجود المادى غير معنى أن يُصدر لنا مشاهد مرتبطة ببعض بل نحن من نحاول إيجاد علاقات فيما بينها قد نصيب أو نخطأ وهذا يتوقف على قراءتنا للمشهد وزواية رؤيتنا وكلما اقتربنا أكثر من العلاقات المادية بدون أن نقحم تصورات ليست من المادة أمكن ان نجد سببية اكثر ديمومة .
- نتصور أن النجوم لها سبباً ووظيفة أن تكون مصابيح وهداية للملاح , فهل هى كذلك .. هل نجوم أكبر من حجم الشمس عبارة عن مواقد نووية بحجم مليون مرة حجم الارض وظيفتها ان تكون نقط مضيئة فى السماء أو ترشد ملاح فى رحلته الصحراوية او البحرية .؟!
نحن تواجدنا لنرى النجوم من زاوية كونية لتظهر لنا كنقاط مضيئة فبحثنا لها عن وظيفة ومعنى لنسقط رؤيتنا ورغبتنا فى ايجاد غاية ووظيفة ومعنى .. بمعنى أن الإنطباع عن النجوم أنها نقط مضيئة لم يأتى من تراصها على بعد هذه المسافات العظيمة لتتأجج لتصل لعيونك كمصابيح زينة فهذا تصور خاطئ , فأنت الذى تواجدت فى زواية من الكون أتاح لك هذه الرؤية لتخلق إنطباعك الخاص .
- كذا دوران الارض حول محورها أمام الشمس كسبب لحدوث النهار والليل , وكذا دوران الارض حول الشمس لتمنحنا فصول السنه الأربعة لنذهب فى فصل الصيف إلى المصايف , فحركتها هى توازنها وبقاءها فلو لم تكن تسير هكذا ما تواجدت فى الأساس كحال ملايين الأجرام والكواكب , فلم يكن للحياة أن تتواجد ليذهب احد إلى أماكن الإصطياف ..عندما تهيأت الظروف لوجود حياة على الأرض تواجدنا فى نهاية المشهد لنعطى الليل والنهار والصيف معنى.. هذا المشهد ليس ذو إعتناء وترتيب من الأرض أو الشمس أو إله يمد يده ليحركها حول محورها , فحركة الأرض حول محورها هو لإتزان الأرض ذاتها وكون هذه الحركة واجهت الشمس لتنتج الشروق والغروب على وجهى الكرة فهو أتى هكذا فلو لم تدور الارض فلن تكون مكاناً يستقبل الحياة ولن يأتى من يقول انظر إنها تدور حتى تنتج لنا النهار والليل .. الغريب أنه لم يسأل نفسه لماذا كانت تدور قبل وجود الحياة على الأرض .. هى حركة وظاهرة مادية بحته كونك إستفدت منها وخلقت لها معنى فهى غير معتنية بمعناك فأنت تواجدت فى المشهد فقط وكونت إنطباع ومعنى
- إن البذرة مكونة من أجزاء مرتبطة بما حولها من مفردات الواقع فإذا كانت الظروف البيئية ملائمة فإن ألأجزاء الأكثر إستعدادا في البذرة للنمو سوف تنمو بطريقة تحددها ماهيَة البذرة , وبعد النمو تصبح لدينا نبتة ثم شجرة تتعشق بمفردات الواقع , فهي مُسبَبة من عوامل ومُسبِبة لعوامل أخرى مفتوحة , فلا نجد في كل هذا أي دور أو مكان للإله إلا عند المؤمنين بفكرة الله الذين يستغلون جهل الإنسان أو قل جهلهم بأسباب الأشياء في الواقع فيحشرون الإله مكان هذه الأسباب المجهولة ليدخلونه في سلسلة أسباب الواقع بصورة غير شرعية .
- الإنسان عندما يعجز عن فهم المعقد نتيجة جهله وقلة معارفه فهو لن يترك نفسه فريسة للحيرة والجهل , فسيبحث عن إجابة سريعة ولو مُتعسفة حتى لو إضطر لحرق مراحل كثيرة بدم بارد ليجلس نافخاً صدره بعدها أو يحظى على نوم هادئ .
- سبب ظهور فكرة الإله المشخصن هى قراءة مغلوطة للمشهد الوجودى يهيمن عليه أحاسيس ذاتية لإنسان لم يعي عجزه وقصور معارفه بأن هناك فعل تحويلى ومؤثر فى الأحداث خارج عن نطاق الفعل العاقل لذا تصور هو وأحفاده أن أى مشهد وجودى ذو حركة وتأثير نتاج كيان يماثله فى العقل والإرادة تم تسميته الإله , وهذا بالفعل حل سهل للعقل البشري تمليه عليه العادة بتحقيق التجانس لمُسببات الأشياء المعلومة والمجهولة وتنسجم مع رؤية الإنسان الذاتية كإعتقاده بالتميز وأنه محور الوجود .
- فكرة المُسبب ككيان شخصانى , مقولة تعنى إفتراض وجود واعى ذو إرادة وهدف وتخطيط فى كيان لا مادي لتقود إلى شخصنة الإله , وهذه الشخصنة مُسلمة بالنسبة للمؤمنين وفق كتبهم وتراثهم , فكل السرد الدينى يعطينا وعى بإله مادى مُجسم مُشخصن لديه وجه ويد وساق ويرضى ويغضب وينتقم مثلا لكن سنتغاضى عن ذلك لنجد الفكر الدينى يبنى فرضياته على مغالطة منطقية فجة تعتمد على إسقاط الفعل العاقل على أى مشهد وجودى , فطالما الإنسان عاقل ينتج نظاماً كالصناعة مثلا , فنظام كالكون لابد أن ينتجه كائن شخصاني عاقل وهو ما يُدعى بالإله الذي يصبح بمثابة الصانع ولكن فى هيئة خارقة عظيم القدرات والجلال .
وجه المغالطة في هذا القياس الفاسد أن حكم البعض لا يسري على الكل بالضرورة والعكس صحيح , فليس وجود نمط علاقة محدد يستدعى إسقاطها على الكل , فإذا كنا نرى الحرارة والنار ناتجة من حك عود كبريت فليس معنى هذا على الإطلاق أن تكون كل النيران والحرارة ناتجة عن عود كبريت فقط .
- لا يجوز تعميم صفات البعض على الكل أو إسقاط مشهد سببى على كل المشاهد ومن هنا يكون الزعم بأن كل نظام يحتاج وجوده لمُسبب شخصانى هو زعم فاسد ومُتعسف فلا يصح القول بأن المجموعة الشمسية التى نراها نظام صادر من كائن مشخصن كالإنسان الذى ينتج بنايات , وهذا ما سنتناوله بالتفصيل لاحقاً فى جزئية المصمم والتصميم .
عجزنا المعرفى عن إدراك مُسببات بعض ما نراه من أنظمة وموجودات لا يبرر منطقياً تعميم السبب البشرى على هذه المشاهد فكما ذكرنا أن الحرارة والنيران ليست مصدرها الوحيد حك عود من الكبريت .
- التعامل مع الأسباب والمشاهد بأنسنتها تعكس نرجسية الإنسان وإحساسه بالعظمة حيال ذاته علاوة على جهله , فتُملي عليه تلك العظمة الذاتية أن يستنسخ ذاته المتضخمة بإسقاطها على الأشياء من حوله ليحصل على عدة صور لها في مرآة الوجود تزيده إحساساً بالزهو وأنه مَالك الوجود , فيكون كل موجود هو نتاج كيان شبه إنساني مماثل له , فإن كان الكون عظيماً فسبب عظمته أن هناك ذات عظيمة خارقة تماثله فى المضمون وتزيد عنه فى القدرات لتنتجه .
هذه النظرة تم تعميمها من الإنسان ككائن مادى عاقل على أى وجود فلابد من وجود كيان عاقل ما يهيمن عليها حيث يرى إن كل فعل لأى كائن مادى آخر لابد وان يكون له هدف وإرادة ووعى ما , لنرى أن بداية الفكر الإنسانى فى التعامل مع الأشياء هو رد الفعل تجاه الشئ , فالطفل والإنسان البدائى يرفصان الحجر الذى يتعثران فيه ويعتبرانه مسئولاً عن تعثرهما , ومازلنا نفعل هذا الأمر حتى الآن بركل الكرسى أو الطاولة عندما نصطدم بها .. ثم تطورت هذه الفكرة فأصبح الهدف والإرادة والوعى لدى كائن أو كائنات أعلى تماثله فى المضمون لتحرك الأشياء وتسبب ما تحدثه من تأثيرات , فهى تملك ما يملكه الإنسان من وعى وإراده وغايات إلا إنها مطلقة وقادرة فيصبح الإله هو من وضع الحجر وقشرة الموز فى طريقنا لنتعثر ! .. الطريف أن المؤمنين مازلوا يعتقدون بهذا !
- نحن لا يعنينا البحث عن البسيط كوننا نعتاده بينما تتحرك السببية فى نطاق المُعقد والمُتغير والمتطور , فنحن لا نسأل عن سبب قطعة حجر ولكن سيعنينا السؤال عن سبب الكمبيوتر والسيارة , ويرجع هذا إننا شاهدنا الحجر منذ أن وعينا الوجود كما هو دون أن يعتريه التغيير , ولكن لم نشهد تطور كائن حى أو خلق بمنظور المؤمنين , فالبسيط المُدرك ليس فى حاجة للبحث له عن سببية بينما تتحرك السببية أمام غموض المركب الذى لم نشهد مراحله وليس لدينا ثقافة عنه .
- نحن لا نعتنى بالسببية إلا فيما يخص حاجاتنا ورغباتنا , وبمعنى أدق ما يتحرك فى دوائر اللذة والألم .. لن نعتنى بالبحث عن سبب إنهيار نجم فى السماء يعادل مليون مرة حجم الأرض ولكن سنهتم ونبحث عن سبب إنفجار انبوبة غاز , ففى الأولى خرجت الأمور عن نطاق الألم والحاجة فلينهار النجم وليذهب فى ستين داهية , بينما إنفجار انبوبة غاز ستدخلنا فى دوائر الألم .
- من الأهمية بمكان إدراك أنه لا يوجد فصل بين السبب والنتيجة , فالسبب سيكون نتيجة والنتيجة ستكون سبباً فى جدلية دائرية لا تنكسر حلقاتها , فالأمطار نتيجة تبخر ماء البحار والأنهار التى ما تلبث أن تسقط على البحار والأنهار ثانية .
- كلما إزداد الإنسان علماً وإدراكاً للوجود كلما تضاءلت فكرة الإله المشخصن , فالأمطار التى كانت تعزى للإله هى ظاهرة طبيعية ندركها الآن , والزلازل التى كان يُعتقد أنها من تأثير دك الإله الأرض بقدميه عند غضبه بينما هى حركة صفائح الأرض فى لحظة عدم توازن , والمرض الذى كان روح شريرة هو لفيروس مادى , وقشرة الموز التى إنزلق عليها فكسرت ظهرك هو مشهد عشوائى غير معنى .. الغريب والعجيب بأن هناك من يعتقد بقدرية قشرة الموز !
- إذا كان العلم هو وسيلتنا الوحيدة لفهم الوجود , فالعلم يصف الطبيعة ولا يفسرها معنوياً .. العلم غير مَعنى بسؤال لماذا الذى يبحق الغاية فهو لن يقدم هنا إجابة لأن المادة غير واعية وليست لديها غاية وخطة تريد تقديمها .
تقدم الإنسان مرهون بقراءة المادة ووصفها وتحليلها والتعامل معها وفقا لحالتها بدون اضافة أشياء ليست منها .. نحن نقول بأن الحجر يسقط على الأرض بسبب الجاذبية فهو رصدنا للمشهد ولكن لا يصح القول لماذا الجاذبية تشد الأشياء للأرض فهنا نحن أمام كينونة المادة وسماتها فليست لديها غاياتها وخططها بمعنى أن الجاذبية هى سمة وهوية وإتزان المادة .
لا أعلم هل نجحت فى إذابة جبال الجمود والإلتباس والمغالطة أم لا , ولكن لا أتصور بعد هذا البحث من سيقفز ليقول بيقين أن الإله خالق الكون فهو هنا لم يقرأ ولم يستفد شيئا كونه وضع العربة أم الحصان هذا إذا كان الحصان حياً لم يمت .
دمتم بخير وعذرا على دسامة المحتوى .
- أجمل ما فى الإنسان هى قدرته على مشاكسة الحياة فهو لم يرتقى ويتطور إلا من قدرته على المشاكسة ومعاندة كل المسلمات والقوالب والنماذج , وأروع ما فيه هو قدرته على السخرية من أفكاره فهذا يعنى أنه لم يخضع لصنمية الأفكار فكل الأمور قابلة للنقد والتطور .. عندما نفقد القدرة على المشاكسة سنفقد الحياة .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع.
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟