أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وهم الزمن والإله-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان















المزيد.....


وهم الزمن والإله-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4830 - 2015 / 6 / 7 - 11:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان (31) .

- وهم الزمن يأتى ضمن أبحاثى فى سلسلة " نحو فهم الوجود والحياة والإنسان " وإمتداد لتبديد أوهامنا التى تناولتها سابقا كوهم الجمال والغائية والنظام والحرية التى ستقود فى النهاية لدحض فكرة الإله ,ليكون وهم الزمن المسمار الأخير فى نعش هذه الفكرة بل تعاملنا مع فكرة الزمن وتبديد وهمها هو بمثابة قطعة الدومينو التى ستقلب كل قطع الدومينو بالتتابع ,ولكن يبقى فكرة وهم الزمن من الصعوبة بمكان تقبلها ,فنحن نحس بالزمن فى كل لحظة بحياتنا فكيف يكون وهماً ,كما يرجع ترسخ مفهوم الزمن فى الذهن البشرى كحقيقة كون الإنسان يختبر واقعاً لصيقاً بصيرورة الأشياء وتغيرها بكل لحظة فى حياته ,لذا سنعتنى هنا بإثبات أن الزمن وهم غير موجود ونحن من خلقنا له معنى وإحساس وأن الأمور لا تزيد عن لحظات وجودية وضعناها على شريط .

- تكون فكرتى الأساسية فى إثبات وهم الزمن أن الزمن معادلة حركة المكان ,فلا زمن بدون مكان وحركة ولكننا غفلنا نقطة جوهرية فى التعامل مع الزمن أن هناك إنسان أوجد العلاقة ورصدها ,فلا معنى للزمن والمكان بدون وعى الإنسان ,فلتدور الأمكنة فلن يوجد زمن بدون إنسان يجعل للزمن حضور .

- خطأ من يظنون الزمن حقيقة ,فالزمن ليس ذو وجود فيزيائى وطالما هو غير موجود كحضور مادى بالرغم أنه قابل للقياس الذى هو قياسنا فهو يكون فى إطار الفكرة أو للدقة العلاقة بين الأشياء التى أوجدنا لها حضوراً فى ذهننا ليصيبنا الشطط بعدها لنتوهم أنها ذات إستقلالية وهكذا حال الإنسان مع كل أوهامه بمنحه الفكرة الإستقلالية والوجود المنفصل بينما هى نابعة من إحساسه وتصوراته . الزمن وهم أنتج كل الأحلام وحلم أنتج كل الأوهام .

- فكرة الزمن نظرية إفتراضية ورؤية فكرية لنقول فى السياق أن الفلسفة أفسدت وعى الإنسان عندما تنطلق بدون إرتباط بالوجود المادى إذ ليس الزمن شيئ فيزيائي مستقل بذاته يمكن دراسته كما ذكرنا ولا هو قانون طبيعي ينبغي التسليم به ولا هو شعور لا إرادي يمكن وصفه ولا هو خاصية فيزيائية لشيء آخر فهو ليس نتيجة علمية بالأساس , فالزمن عنصر معنوي رمزي تم إضافته إلى معادلة كل عناصرها الأخرى فيزيائية طبيعية مادية فلا وجود لشيء حقيقي إسمه الزمن خارج وعى الإنسان .

- الذين يتصورون الزمن حقيقة يعتمدون فى رؤيتهم أن بالإمكان قياس الزمن وحسابه وهذا القول طريف فى طرحه ,فالإنسان هو من إختلق حالة ووضعية وعلاقة وأوجد أدوات قياسها ليتعامل معها كحقيقة بينما هى إفتراضات من صميم خلقه وإبداعه فلما لا يسأل نفسه ماذا لو لم يكن هناك ليل ونهار ولا شمس ولا قمر , فهل كان بالإمكان حساب الزمن , فمفهوم الوقت جاء أصلا من مشهدين أحدهما مراقبة عملية التغير والنماء فى جسد الإنسان من الطفولة إلى الشباب إلى الإنهيار بدراما الموت , والمشهد الثانى إستغلال وإستثمار العلاقة بين حركة الارض والشمس المنتجة لليل والنهار .

- أتصور أن سبب هذا الإلتباس الشديد الذى أنتج وهم الزمن أن الامور متشابكة بشدة لتختلط المفاهيم مثل مفهومنا عن الظل فلا وجود للظل كوجود مستقل ولكنه يرتبط بالمادة والضوء وهو فى النهاية ليس مادة ولا وجود مستقل فى حد ذاته ,فالظل يثبت وجود المادة ولكن لا يثبت وجوده ,كذلك قولنا أيضا وقت شروق الشمس فبغض النظر أنها مقولة خاطئة تتصور أن الشمس هى التى تتحرك لتقدم الشروق والغروب ولكن مفهمونا عن الوقت هنا خاطئ أيضا فعملية الشروق مثلاً حدث حقيقي ناتج عن حركة الأرض حول محورها أمام الشمس ولكن وقت وزمن الشروق حدث إفتراضى إفترضنا أنه يحدث مُصاحباً لعملية الشروق كمثال مصاحبة الظِل للمادة , فمفهوم وقت الشروق إثبات لحدوث عملية الشروق وليس حدوث الوقت .

- أوجدنا علاقة من حركة دوران الارض بالنسبة للشمس أطلقنا عليها الزمن لذا لو تساوت سرعة الأرض وسرعة الشمس لما كان لمفهوم الوقت وجود ,فمفهوم الوقت وفق صياغتنا له هو العلاقة بين شيئين يسيران بسرعتين مختلفتين , فالزمن مفهومنا عن الحركة وإختلاف السرعات لذا لا وجود مستقل لمفهوم الوقت والظِل بدون المادة ,فوعينا هو الذى ينتج علاقات مُفترضة .

- مفهوم الوقت إستغلال وإستثمار إنسانى لعلاقة أنشأها من دوران الأرض حول محورها وحول الشمس لتلبية حاجة إنسانية لتنظيم المعاملات والعلاقات وترتيب الأحداث لنختلق مفهوم اليوم والأسبوع والشهر والسنة والصيف والشتاء والربيع والخريف ليصبح بالإمكان تدوين الأحداث كتاريخ فأصبح للوقت ماض يُذكر إلى جانب الحاضر لتتولد الأمور من خلال إسقاط علاقات على الأشياء ,علاقات ليس لها وجود فيزيائى وإلا كان بالإمكان إدراك المستقبل .

-تواجد مفهوم الوقت في ذهن البشر نتيجة لحاجتهم لذلك وليس كنتيجة لوجود فعلي للزمن ,لذا فلا وجود لشيء إسمه الوقت يفرض ذاته ومن هنا فشل البشر فكرياً في تصور بداية منطقية للوقت أو للزمان لأعزى هذا الفشل إلى تصدى الفكر الفلسفى المثالي دهوراً طويلة لفكرة الزمن وتفرده بتصوراته بإعتبار الزمن كسهم منطلق من الماضى السحيق للحاضر ولكن لا وجود لهذا الهراء , فالزمن علاقة وإسقاط تصور وليس سهماً ليكون فكر المثاليين محاولة البحث عن صيغة لبداية الوجود المادي ولكن للأسف بمفهوم خيالي نظرى افتراضي ليبحثوا عن ماضي شيء لا حاضر له ولكن الفلسفة المادية العلمية قادرة على تصحيح المفاهيم .

- نظرية الانفجار الكبير خير دليل على المفاهيم المغلوطة فليس لنا إعتراض على حدوث هذا الإنفجار ولكن نقدنا لمن يتناولها ويستثمرها فكرياً وفلسفياً للخروج بنتائج ظنية فلا يكفيهم قصة الخلق الأسطورية ليحشروا إستنتاجاتهم فى نظرية علمية,فالمثاليون فهموا النظرية برؤية مخالفة للعلم والمنطق حيث إفترضوا للزمان كما للمكان بداية ليس قبلها بداية، لترسم هذه البداية على مقاس نهاية فنتازية مُفترضة يبغى تمريرها ولكنهم لا يستطيعون إثباتها فلا يستطيع أحد القول بأن المادة المركزة التى إنطلق منها الإنفجار هى عَدم لتكون بداية ما قبلها بداية وهذا هو وعى مغلوط تم إسقاطه على طبيعة المادة فلا وجود لشئ إسمه عَدم ولا وجود لمادة من عَدم ولنضيف أيضا هراء فكرة المكان الذى نشأ ,فالمكان لا يمكن إعتباره مكاناً إلا بالإنتساب لمكان ,فالنواة مكانها فى الذرة والذرات مكانها فى المادة والأرض بحاجة إلى مكان تتواجد به، فكل مكان بحاجة إلى مكان .

- من طبيعة الإنسان أنه يسجل الأشياء فى ذاكرته بالترتيب ك flame لكن هذا الترتيب أوهم الإنسان بوجود شريط خلفه إسمه تاريخ، وتسللت فكرة التاريخ لتوهم الإنسان بوجود شيء يسري خارجه إسمه الزمن , بينما الأمور هي مجرد تغيرات مادية متكررة في ذات المكان وما ينقضي منها لا يعود له أثر ولا وجود ولا معنى خارج ذاكرة الإنسان ليشبه الأمر بمواد يتم خلطها لإنتاج شكل ما ثم إعادة ترتيبها وتدويرها لإنتاج شكل آخر وهكذا إلى الأبد، فلاشيء يبقى في الماضي خارج الذاكرة فهي ذات الذرات انتظمت فصنعت الأجداد ثم اختلطت وتم تدويرها مجددًا فصنعت الآباء ثم الأبناء فالأحفاد وهكذا ليتم إنتاج كل الاحتمالات الممكنة، ليظهر بعد ذلك إنسان وأشياء ومشاهد مكررة ولكن ليست متطابقة , فالماء لا يجرى فى النهر مرتين .

- إسترسالاً للفكرة السابقة نقول بأن الإنسان بوعيه وذاكرته وجد نفسه جزءًا من أحداث لحظية تبدو له كشريط متصل مترابط ك flame كما ذكرنا بينما هي أحداث جديدة في كل لحظة غير متطابقة وبنت لحظتها فلا يوجد غيرها لكي تكون شريطًا منفصلاً عن ذاته ليخفق ملاحظة هذه المتغيرات فى الغالب وليتخلق لدى الإنسان شعور زائف فى داخله بوجود شيء إسمه الشعور بالماضى من إتصال وارتباط اللحظات ببعضها ليمنحها شكل الخط الزمني وهو مجرد شعور مخاددع لا وجود طبيعي له فهى كحال الظل الذى أشرنا له .
هناك حقيقة الوجود اللحظى وليس الوجود الزمنى و يمكن ملاحظة ذلك شعوريًا، فنحن مهيأون للوجود اللحظي لا للوجود الزمني ,بدليل أن الشعور بالملل يعترينا كلما تشابهت أحداث اللحظات المتعاقبة لتبدو لنا كأنها حدث واحد طويل أي أننا نرفض بشكل لا إرادي إتصال اللحظات وكأنها خط زمني .. نحن جزء طبيعي من وجود لحظي ولسنا جزءًا من وجود زمني كالذي يُرسمه الخيال في الذاكرة أو الذي يرسمه تشابه الأحداث المتعاقبة في تصوراتنا فلا وجود فى وعى الإنسان عن المستقبل كونه لحظات وجودية لم نمر عليها كذلك ما فى ذاكرته من ماض ليس وجوداً حقيقياً فهو مجرد وجود خيالي تصورى إنطباعى للحظات إنقضت لم يعد لها وجود هي وأحداثها ليبقى الوجود متمثلاً دوماً بأحداث لحظة الحاضر فقط .
يمكننا دائمًا إعادة مشاهدة الصور في اللحظة ذاتها فقط ,فهذه اللحظة التي تُمثل الحاضر دائماً ولكن اللحظة ليست زمناً ,فالزمن مجموع لحظات لا يمكن أن تجتمع كل لحظات في وقت واحد، وهذا يعني أن الأساس والموجود بالفعل هي اللحظة وليس مجموع اللحظات أي أن الموجود الحقيقي ودائمًا هو حدث لحظي بلا زمن .
قدرة الإنسان على تذكر لحظات مشهد سابق ,وتصور سيناريوهات للحظات مشهد قادم هو ما يجعل لمفهوم الزمن وجوداً في مخيلة الإنسان لكن لا وجود له خارجه ,فكل شيء يمكن حدوثه أو إحداثه فقط في اللحظة وليس في لحظة سابقة ولا في لحظة قادمة ,فأنا دائمًا هو ما أنا عليه في تلك اللحظة فلا وجود لى كحال في لحظة آنية عن لحظة سابقة , كما لن يكون حالى أنا الآن عن أي لحظة قادمة .

- نرجع لقولنا إنه بدون وعى الإنسان ماكان هناك شئ إسمه زمن فهذا الوعى هو الذى أنشا علاقات بين الاشياء لتتكون فكرة الزمن ويتعايش معها الإنسان ويجتر منها ويبنى عليها أفكاره وعلاقاته وظنونه ,فبدون الوعى فلتدور الأمكنة فلا زمن ولا يحزنون ودليلنا على ذلك الحيوان والنبات فهى لا تدرك العلاقات بين الأشياء لتصل لمفهوم الزمن ورغم ذلك فهى موجودة فلا يستطيع أحد ان ينزع عنها الوجود كونها لا تعى الزمن وهذا يعنى أن الزمن فرضية زائدة لا تمنحنا الوجود لذا يمكن القول أن مفهوم الزمن تصور أو صورة جميلة أنتجها خيال الإنسان لوصف التغيير المادي المستمر المحكوم بالمادة والطاقة والمكان النسبي فقط ولكن الجهل والأنا والنرجسية لم تقبل الإمتنان للوجود المادى الحتمى فأنتج زمن شاعرى تم فيها تجهيز الأشياء .

- وفق منطق الإنسان صار السؤال عن بداية التاريخ وعن أحداث ما قبل التاريخ سؤالاً ملحاً لينجرف السؤال وينحرف عن بداية الوقت بصفة عامة كفكر فلسفي مثالى يتبعه سؤال عن نهاية الزمن فصار بذلك الوقت كسجل تاريخي مقطوع البدايات والنهايات لتتخلق فكرة الإله الأسطوري الأزلى الأبدي ليُجيب عن سؤال البداية والنهاية ويحتوي حيرتنا عن الوقت وأحداثه والبداية والنهاية وليمنح السؤال أحقية الوجود بينما الزمن علاقة أنتجناها وبدوننا لا معنى للزمن ولا بدايته ولا نهايته ليأتى هذا المشهد يعبر عن الفشل فى الفكر المثالى فى بحثه عن بداية حقيقية من مفهوم خيالي إفتراضي نظري وكحالة ذهنية لا تقبل اللابدايات لتأسر نفسها فى حدوتة ومنين نبتدى الحكاية على قول عبد الحليم حافظ .

- أرى إشكالية الإنسان تكمن إنه لا يطيق قبول اللانهائيات واللاسببية فهو يعيش الحياة ببدايات ونهايات وأطراف ومُسببات بينما العلم والرياضيات تتقبلان اللانهائية والسببية الغير عاقلة ومن هنا خلق كل الأساطير والخرافات التى تتزواج فيه المحدودية مع اللانهائية بينما الحقيقة أنه لا بداية ولا نهاية فلا فوق أو تحت ولا خلف أو أمام بينما المكان هو وجود مادي ذو تغير مستمر متكرر يراوح مكانه، ينتج عنه عدد من الاحتمالات يستحيل حصرها في فضاء لا حدود له .
سؤالنا عن نهاية الزمن صار هَماً إنسانياً وليس عِلمياً يحظى على إهتمام الجميع ليسقط الإنسان رؤيته على الأشياء فهو لا يتصور الأشياء بلا بدايات ولا نهايات ولا أطراف لذلك أصبح ملحاً وضع نظريات وتصورات خيالية لنهاية الوقت وموت الوجود جاءت من رحم مشهد موت الإنسان وماهو متصور من غروب الشمس لتستأثر فكرة النهاية على كل تفكير الإنسان حيث التعامل مع المجهول لتنشأ فكرة الإله صاحب البدايات والنهايات والأول والآخر ليستوعب هذه الحيرة وليكون إيمان البشر بهذه الفكرة كمستوعبة للغز النهاية فلا مانع من تقديم القرابين والصلوات لمن يقبض على مفاتيح الغيب أو النهايات ولأتصور أن مشهد الموت الخطير أسقط بظلاله الكثيفة على الإنسان لينتج وهم الزمن كحالة مستقلة ذات بدايات ونهايات بينما الأمور لا تحتاج كل هذه الحيرة والسيناريوهات ,فالإنسان هو من إخترع الزمن وماهو إلى حالة وجودية وحلقة من حلقات الوجود المادى السرمدى أدرك اللحظة ورفض الموت .

- أرى إنعدام الخوف من الموت سيبدد الوهم عن معنى الزمن وصوره الافتراضية في أذهاننا , كما أن تبديد تصورنا الخاطئ عن الحياة والموت لندرك التغير والصيرورة فقط وأنهما حالات تغيير مستمر إلى الأبد سيُلغي فكرة وهم الزمن المستقل كذلك تبديد الوهم الإنسانى بالخلود سيبدد فى طريقه وهم الزمن الأزلى ,فما الإنسان سوى حلقة فى الوجود ماتلبث جزيئاته أن تتحلل لتدخل فى وحدات وجودية أخرى .

- فكرة أزلية الوجود المادى متحققة بالنسبة للكون حسب قانون بقاء وحفظ المادة والطاقة , فالمادة لا تخلق ولا تستحدث ولا تفنى لذلك القول بفكرة أزلية الزمن هو قول خاطئ بائس لا معنى له بالنسبة للكون , فوجود كون أزلي أبدي لانهائي لن يوجد أى معنى للزمن فيه لأنه لا تأثير لدورات حيوات متعاقبة متكررة على الكون ,ليكون معنى الوجود مجمل التغيرات التي تطرأ على محتويات الكون ذاته أى صيرورة التحولات المادية فى داخل الكون .

- الزمن جاء من إنتاجنا كعلاقة جاءت من رصد حركة الأشياء وعليه صنعنا لأنفسنا الساعة الرملية التى تتكأ على حركة الرمال فى زجاجة ثم ساعة ميكانيكية ثم إلكترونية ليصل بنا الحال إلى تحسس الساعة البيولوجية فأصبح لدينا معيار خاص للأحداث وليستقل هذا المعيار عن العلاقة الأصلية المتمثلة فى علاقة الأرض بالشمس فإبتعد بذلك المشهد عن حقيقته التي هي مقارنة حدث بحدث، وأصبح يبدو وكأن هنالك شيء يمر أو يتدفق اسمه الوقت من عقارب الساعة لنقوم بقياسه ,بينما نحن من صنع شيئ إفتراضى إسمه الوقت ثم صنعنا على مقاسه أجهزة تقيسه لنتصور وهماً وجوده الفاعل المستقل وهذا شأن كل أوهامنا بإنفصال المشهد عن ماديته ليدخل فى دهاليز تقييماتنا وأحاسيسنا وتخيلاتنا لتصير ذات وجود .

- صرح إينشاتين العالم الفذ أن الزمن مجرد وهم تعودت عليه حواسنا, فمن وجهة نظره يُعد الزمن مقياسًا مفيدًا للأشياء، لكنه ليس شيئًا محدداً وهذا يؤكد طرحنا ليضيف : إن وهم الزمان والمكان المعطى لنا ناجم عن العلاقة القائمة بين تلك الأشياء أو الأجسام المادية ,فلو نقلنا أو غَيرنا مكان طاولة تبعد مترين عن مدفأة فإن الفضاء القائم بينهما لن يبقى ثابتاً بسبب عدم وجود المحتوى أو الوعاء الافتراضي ولو أخرجنا الأثاث فلن يعد هناك شيء موجود، لا زمان ولا مكان، فبدون الأحداث والعلاقات بين الأشياء أي الحركة سيختفي الزمن لأننا لايمكننا تحديد تاريخ لحدث إلا بالمقارنة بآخر أو بعلاقته بحدث آخر . هذا ما لخصه آينشتين بوصفه للزمن في نظريته النسبية العامة , فتوزيع الكتل يغير بلا توقف الزمكان، وإن الزمان والمكان غير صحيحين إلا موضعياً وفق تواجد الأشياء وعلاقاتها ببعض وما تقوم به من حركات .. فكل شيء في الكون يتحرك، وبالتالي فإن التجديد الثوري الذي أضفاه آينشتين هو إختفاء الزمن وإن استمرار شعورنا بوهم الزمن هو نتيجة لجهلنا بتفاصيل العالم وإدراك أسراره وبالتالي هو ليس سوى وهم ناجم عن التقلبات والتحولات والحركات التي تملأ العالم المادي، وهو صورة أخرى غير مألوفة للمكان , كما لا وجود لما شاع بين الناس بالزمن المطلق كما يقول آينشتاين ومن يتبعه من العلماء وفق مفهوم التزامن .

- العالم البريطاني الفذ ستيفن هوكينغ إخترع فكرة الزمن للخيالى والتى لا تبعد عن رؤيتنا وليقرب ستيفن هاكوينغ فكرة الزمن الخيالى للأذهان يضرب مثالاً مألوفاً شبهه بالزمن المتخيل أو الخيالي فيقول : لو لدينا بكرة فيلم سينمائي يمكن أن نعطي فكرة عما يمثله الزمن الخيالي, فالشريط الملفوف على البكرة يحتوي على صور ولقطات ومشاهد الفيلم وكل قصته وأحداثه وأن هذه القصة تتواجد في حيز مكاني هو شريط الفيلم الملفوف على البكرة. فطالما كان الشريط ملفوفاً ومحفوظاً في علبته فإن الفيلم لا يوجد في الزمن الواقعي , رغم وجود سيناريو الأحداث لكنه غير مُدرج في سياق المدة فهو كله بمجموعه قابع في الزمن الخيالي ولا يدخل الفيلم في الزمن الواقعي إلا عندما يوضع على جهاز العرض ويعرض أمام الجمهور فيكون قد دخل في زمنين هما: زمن أو مدة العرض وزمن وقوع أحداث الفيلم التي قد تستعرض حوادث قرون عديدة في ساعتين ,عندها ستخلق هذه العملية أي عملية الانتقال من الزمن الخيالي إلى الزمن الواقعي ,الذكرى وانتظار المستقبل .

- يمكن القول أن الزمن وهم والماضي فيه عدم والمستقبل خيال والحاضر مجرد خيط إفتراضى بين الوهمين ليكون حراكنا عبر هذا الخيط فما تلبث سنوات العمر أن تصبح ماضياً معدوماً وما تبقي لنا من أيام العمر مستقبلاً موهوماً ثم يَحِل الموت تلك المشكلة الكبرى التى خلقت أفكار وأديان ونظريات وأوهام عن الزمن تبغى إسترداد حضوره وإمتداده .

= ماذا يعنى تعاملنا مع وهم الزمن .
- إذا كنا كبشر نعيش الزمن ونتحسسه ليصل إلى توهم أنه حقيقة فى وعينا بالرغم أنه علاقة أنتجناها بأنفسنا وليس لها حضور مادى فهذا يعطى لنا مثال قوى عن أوهام الإنسان وخيالاته وأنه قادر على إنتاج علاقات فى الحياة والوجود ليس لها وجود لتكون فكرة الإله فى هذا الإطار كتجسيد لأوهامه وخيلاته وإنشاء علاقات إفتراضية .

- ما يقال عن أن الإله له علاقة مع الزمن وأنه خلق فى زمن بل يتنطع البعض بأحاديث خرقاء بأن الله هو الزمن وفى موضع مناقض آخر أنه من خلق الزمن فجميعها أقوال خرقاء , فالزمن علاقة ومفهوم وليس وجود كما جاء الزمن من إسقاط الإنسان رؤيته على الأشياء لينتج منها علاقة ليبدد هذا الفكر القول بأن الإله هو الزمن ,كما أن الزمن ذو علاقة مُدمجة غير منفصلة ولا مُنفصمة مع حركة المكان وهذا ينفى أسطورة الخلق وزمن الخلق فوجود زمن الخلق المتمثل فى ستة أيام أو ستة ملايين أو مليارات سنه فهذا الزمن قياس جاء من حركة مكان ليقيس ويَضبط بها الإله ساعته الزمنية وهذا يعنى وجود قبل الخلق رغماً عنه لتنفى الخلق .

- القول بوجود إله هو الذي خلق كل شيء هو قول يُثبت حقيقة اللا بداية واللا نهاية للزمن أي خواء وهراء معنى الزمن أي لا ماهية الزمن ,ولو سايرنا الأطروحات الدينية المتهافتة وإفترضنا جدلاً لانهائية الزمن فهذا يعنى إنها تشارك الإله فى ألوهيته وليتبدد هراء مقولة الإله خالق الزمن ,فالإثنان أزليان وفق منطقهم أى لا أسبقية لأزل على أزل , كذلك محدودية المكان تتعارض من كون أن وجود الإله أزلى ، فما ينبثق عن أزلي غير محدود فهو أزلي فلا يمكن أن يكون الإله محصوراً في مكان محدود فلا بد من لا نهائية المكان .

- وهم الزمن يبدد مفهوم السببية , فالسبب لاحق للمُسبب فى زمن وطالما الزمن ليس ذو وجود فعلىّ بل علاقة أنتجناها فهذا يعنى أن الأسباب والمسببات هى علاقات تمت بناء على تصور أن الأحداث مستقلة وتسير فى سهم الزمن وهذا ما تم نفيه لتبقى السببية فى إطار تقديرات البشر فى لحظة الحاضر .

دمتم بخير .
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحررمن الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر إلى أين ؟!
- المصارحة والمكاشفة كسبيل لخروج الإسلام من مأزقه
- فى العشوائية والحتمية والسببية-نحو فهم الوجود والحياة والإنس ...
- صفعات – لماذا نحن متخلفون .
- مشاغبات فى التراث2-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- وهم الحرية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- وهم الغائية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- تراثنا وثقافتنا الحلوة-لماذا نحن متخلفون
- خمسون حجة تُفند وجود الإله–جزء سادس41إلى47
- زهايمر-تناقضات فى الكتابات المقدسة –جزء11
- بحثاً عن حلول لخروج الإسلام من أزمته-كاملا
- الطبيعة ملحدة..العشوائية تنتج النظام
- منطق الله الغريب-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- أخلاقنا وأخلاقهم-فى فلسفة الخير والشر
- الإسلام السياسى هو التناقض الرئيسى فى كل صراعاتنا
- مشاغبات فى التراث-الأديان بشرية الفكر والهوى
- فى ماهية الإنسان والحياة والوجود .
- علم الله بين لعل وعسى وفليعلم
- الدين عندما يُفقد المرء محتواه الإنسانى
- سقطات إلهية أم نصوص بشرية


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وهم الزمن والإله-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان