|
الدين عندما يُفقد المرء محتواه الإنسانى
سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4756 - 2015 / 3 / 23 - 17:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
- الدين عندما ينتهك انسانيتنا (64) .
يروج الدينيون أن هناك حالة روحية تعتريهم يفتقدها الغير مؤمنين ليحدثوك عن الصفاء الروحى والسلام الداخلى والسمو الأخلاقى .. فى الحقيقة لا أستاء من هذه المزاعم بل أأمل أن تكون هناك هذه الحالة الوجدانية وأخلاقيات راقية وليس إدعاء مزيف يتم ترديده كتعويض الإنسان مقابل إنسحاقه للوهم , فبعض المعتقدات منحت بالفعل هذه الحالة الوجدانية والسمو الأخلاقى لمريديها ولنا فى البوذية مثالا بالرغم أنها ليست دين , أما الأديان التى تتشدق بأنها سمائية المنشأ والمحتكرة لفكرة الإله الواحد فيقيناً لم ترتقى بالحالة الوجدانية والروحية والأخلاقية لمعتنقيها كون أيدلوجيتها غير معتنية بهذا الأمر حيث الدين مشروع إجتماعى سياسى يقترب من هوية وإنتماء لا يستطيع أن يحلق فى سماء أحاسيس روحية متوهمة كونه لا يمتلك جناحين وبدون أى فضاء .
- لقد فقد الدين معناه المُفترض كحالة وجدانية يتعايش داخلها الإنسان ليقتصر على كونه هوية وانتساب لجماعة بشرية بدون تلك الحالة المتوهمة لثراء وجدانى روحى وسمو أخلاقى ,فالإحساس الوجدانى هذا وهم كبير ولكن نأمله فهو أفضل من البرمجة الإنسانية الخالية من الإحساس فهذا يشبه مشاهدة تمثيلية والتعاطى معها كصور تتحرك فقط بلا احساس وتفاعل معها لتفقد الحياة معناها وقيمتها عندما تتبرمج بدون مشاعر لتخلق شخصية جافة فارغة خاوية تتحرك فى إطار الأوامر والنهى والزجر لينتهى بها الحال كحالة بيولوجية بلا مشاعر .
- أعتبر تحضر وتخلف الإنسان من الثقافة التى ينتهجها ولا أعنى بالثقافة هنا حجم المعارف والعلوم التى يزحم بها رأسه وإن كنا لن ننفي أهمية المعلومات ليبقى نوعية تلك المعارف ومدى تأثيرها وتشكيلها للعقل والوجدان هى القضية , فالثقافة فى جوهرها أنماط وطرق ونهج تفكير ورؤية وتعاطى مع الحياة وليست سعة العقل لإستقبال وتخزين المعلومات أى أن الثقافة منهج فكر وطرق معالجات فكرية لمشاهد حياتية وفق ما يتوفر للإنسان من معارف متاحة . الثقافة الدينية باعثة للتخلف والجمود الإنسانى والتصحر الوجدانى ولم تعد تجدى نفعاً مع الإنسان الحديث لتصيبه بالشلل والجمود وهذا يرجع فى الأساس لكونها ثقافة دوغمائية لا تسمح ولا تقبل بوجود ثقافات أخرى فهى ترتعد خوفاً من أن تضع مفرداتها على المحك لتطلب التحصن والتفرد بتعنت لذا فهى لا تكتفى بتصلدها وتعنتها بل تمارس دور الإقصاء لأى فكر آخر ومن هنا يصبح الإنسان الدينى أسير لأطروحاتها نابذاً أى فكر مغاير ليأتى الإنغلاق والتشرنق والتعصب والجمود . لا تكتفى الثقافة الدينية بفرض الإنغلاق والجمود الفكرى إنما تُمارس دور تخريبى للحالة الروحية والوجدانية والأخلاقية للإنسان بالرغم من زعمها أنها جاءت من أجل الإنسان ,لذا يأتى هذا البحث معتنياً بفضح حالة التصحر الوجدانى والتبلد لدى المؤمن ليقوده فى النهاية إلى حالة من النمطية والزيف والتقولب لنحظى بحالة من التخلف والجمود والتصحر الوجدانى والإنحطاط الأخلاقى .
-رغم أنى أعتبر الأديان والمعتقدات والآلهة خرافة وهذيان إلا أن أن ظهور المعتقدات قديماً كان له أثر إيجابى فى نفوس معتقديها لتمنحهم حالة من الأمان والسلام النفسى فى مواجهة الوجود والطبيعة والموت. فالإيمان حالة نفسية وليست ذهنية بمعنى أن الإنسان يبحث عن حالة إستقرار وسلام نفسى وإيفاء حاجاته النفسية بالإتكاء على الخرافة والصور التى إبتدعها ليتماهى فيها لذا اعتبر سلسلة كتاباتى "لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون" ذات أهمية لإدراك العوامل والحاجات النفسية التى شكلت الإيمان . الأديان فى الوقت الراهن أصبحت عبأ على الإنسان وبدلاً من أن تقدم له الطمأنينة والسلام الداخلى وتلك اللذة المنشودة المتوهمة بإثراء وجدانه وعلاقاته الإنسانية وروحانياته خربت تكوينه النفسى والروحى لتصيبه بالخواء والجفاء والنفاق والازدواجية على مستوى شعوره وعلاقاته وسلوكياته لنحظى على كيان مشوه يفتقد الإحساس الإنسانى الجميل . هذا البحث يعتنى بالكشف عن جوهر الأديان عامة والإسلام خاصة بإعتباره الثقافة المهيمنة الشائعة فى بلادنا لنتلمس منهجية تخريب الإنسان على المستوى الوجدانى والفكرى ولتتأسس منهجية الزيف والإزدواجية والخواء والبلادة لتنتج إنسان نمطى مقولب فاقد الإحساس والوجدان.
- الدين ليس منظومة وجدانية أخلاقية بل منظومة خضوع وإنسحاق . أذيل كثير من مقالاتى بمقولة الأديان بشرية الهوية وهى كذلك بالفعل فهى تعبير عن هوية جماعة بشرية محددة تطلب الحضور والهيمنة والتمايز لتنطلق من هذا النهج فجاجة الطرح بلا تزين لنجد هذا الأمر فى اليهودية الذى أسر وإمتلك الإله ليُسخره مبدعو التراث العبرانى فى إطار خدمة مشروع إستيطانى فى مشاهد شديدة السذاجة والتهافت . كذلك فى الفكر الإسلامى لا يكون الإسلام فى معناه وغايته باحث عن تسليم المسلم أموره لله كما يتم الدعاية لذلك ولكن التسليم بمحمد والخضوع لمشروعه السياسى الرامى للغزو والتمدد .
- تعريف الإسلام . فلنبدأ بتعريف معنى الإسلام , فعامة المسلمين يجهلون معنى كلمة إسلام ومسلم لتجد الكثيرون يتصورن إنها تعنى السلم والسلام , فلننظر إلى معنى كلمة إسلام فى المعجم الوسيط , الإسلام : هو إظهار الخضوع والقبول لما أتى به محمد. كذلك معنى كلمة أسلم: إنقاد ولهذا عندما ينهزم الجيش للعدو يقال إستسلم وخضع . وجاء في القرطبي : مَعْنَى " أَسْلَمَ " اِستسْلَمَ وَخَضَعَ وجاء فى الطبرى أَصل الإِسلام : الإسْتِسلام مِنْ اسْتسلَمْت وخصعت لأمْرِهِ , أى خضوع البشر لمحمد حتى يحكمهم بإسم خالق الكون وهو بهذا لم يختلف عن إدعاء كل الحكام عبر العصور من ملوك مصر القديمة إلى القياصرة إلى أمراء العصور الوسطى بأنهم يحكمون بالحق الإلهي أى أن الإله إختارهم لحكم البشر . لو دققنا فى تعريف كلمة إسلام لوجدنا أنها لا تهتم بكونك مصدق لما يَدعي به محمد أم لا , فكما ذكرنا أن كلمة إسلام تعنى إظهار الخضوع والقبول لما أتى به محمد حتى لو لم تكن لست على يقين بما يدعيه كون ما جاء به فعلا من خالق الكون أم لا فهذا كل ما يعتنى به محمد فهو لا يهتم بكونك صدقته أو لم تصدقه ولكن عليك أن تخضع له ولحكمه وسيضمك فورا لمنظومته لتعمل فى مشروع دولته . حتى لا يكون قولنا هذا مجرد ملاحظات وإنطباعات أو بناء على تعريف المعجم الوسيط وقول القرطبى فلنا أن نستشهد بالنص القرآنى ( قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ففى هذه الآية يقول محمد صراحة أنه لا يمانع أن يتبعه من هو غير مصدق بما يدعيه ولكن المهم الخضوع لحكمه ومشروعه .
- يزعم المسلمون أن الاسلام دين الانسانية والمحبة والتسامح وهو الحل لكل مشاكل البشرية. ولمعرفه أهداف أي دين ما علينا إلا بقراءة أركانه وتلمس أعمدته التي يقوم عليها أولا , فأركان الإسلام الخمسة كما حددها نبى الإسلام هى "شهادة لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان". لنلاحظ ان هذه الأركان الخمسة الرئيسية لا تضيف للمسلم أى بعد روحى أو إنسانى أو حالة وجدانية فهذه الأمور خارج المعادلة . أعمدة الإيمان هذه لتحقيق منظومة الخضوع والإنقياد دون أى اعتبار لفكرة ثراء روحى وجدانى ولو مُفترض , فما فائدة هذه الاركان الخمسة لخير الإنسان والبشرية .. مافائدة شهادة لا اله الا الله محمد رسول الله فهل ستتحسن أخلاق البشر وحياتهم وأحوالهم بمجرد نطق هذه الشهادة , فهانحن أمام مليار ونصف مسلم يقبعون في قاع السلم الانساني فى كل شئ فما فائدة الشهادة الاسلامية.! ما فائدة إقامة الصلاة سواء فى الاسلام او فى أى دين آخر للإنسانى المتدين فهو فعل يقدمه كفرض عليه للإله فلا يضيف شئ أو يساهم فى تطوره ورقيه . كذلك حج البيت وصوم رمضان فرائض تعبدية للإله لن يجنى الإنسان من أدائها شئ بل هو مُجبر على أداء الصلوات وإلا حلت عليه النقمة والعذاب ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) فالصلاة وسيلة لتجنب غضب الله وليست علاقة روحية مُتخيلة بين الانسان والإله , كذا الحج لا يضيف للمسلم من أداءه لتلك الشعيرة أى شئ ليتبقى فعل الزكاة التى يمكن أن نعتبرها شئ طيب فى إطار دعم المجتمع الإنسانى وتكافله ولكن لاحظ أن هذا الأداء يتم كفريضة وليس كعمل طوعى . خلاصة القول أن الإيمان من خلال تلك الفروض لا تقدم إضافة أو ثراء روحي وجداني للمسلم ولا تعمل على تطوير سلوكه وإسعاد حياته وعلاقاته الإنسانية فهى طقوس فاقدة لأى محتوى.
- "لا إله إلا الله " هذه الشهادة الإسلامية ليست في الحقيقة لله لأن القرشيين واليهود والنصارى والصابئة أنفسهم كانوا يعرفون الله وإن سألتهم من خلق السماوات والأرض سيقولون الله وهذا بإعتراف القرآن نفسه لذا هذه الشهادة هي شهادة لمحمد الإنسان ومشروعه السياسى ليربط نفسه و الإله في شهادة تطلب الإعتراف به فى الأساس والدليل على ذلك هذا الإيمان الإسلامى العجيب القائل " لا إله الله محمد رسول الله " فلا معنى للإيمان بالله بدون الإيمان بمحمد ليصبح الله أسير محمد فلا يقبل إيمان أى إنسان به مالم يؤمن بالإنسان محمد كرسول وهذا الأمر لا يتفرد به الإسلام ففى المسيحية لا يقبل الإيمان بالرب بدون الإيمان بالمسيح المخلص الفادى .. إذن الاعتراف بمحمد وبكل دعاواه هو الفيصل بين الإيمان والكفر فى الإسلام ولدى المسلمين فمن يتشكك أو يهمل كلام محمد سواء ذكر في القرآن أو لم يُذكر فهو في تصنيف الكافر بالرغم من تواتر الأحاديث والأخبار , فالإسلام لا يكتفي بإيمان شخص ما بالله ولكنه يطلب بإصرار الاعتراف بنبوة محمد . يأتى فى نفس السياق "أسلم تسلم" فهى لم تقل آمن بالله لتسلم بل فلتعترف وتخضع للمشروع المحمدى وإلا تُقتل لتؤكد معنى الإسلام كخضوع وإنقياد لمحمد ومشروعه ليتم برمجة المسلم على ذلك من هذا التكرار المستمر لإسم محمد في الشهادة وفي الآذان وفي التحيات أثناء الصلاة وفي الصلاة علي النبي والأمر بالصلاة عليه عند سماع إسمه بل تزداد الامور محورية لتجلب معها الدهشة والتهافت عندما تصل الأمور إن الله والملائكة يصلون عليه أيضاً فهو الشفيع المُرتجي يوم القيامة .
- مشهد المؤلفة قلوبهم الذى صار فى نهج الإسلام وإحدى أسهم الزكاة تدعم رؤيتنا أن الإسلام إظهار الخضوع لمحمد والإنقياد له ,فالمؤلفة قلوبهم تعتنى بالإيمان والولاء الذى يتم شراءه بالمال ولكن هل تتصور أن الذى إنتسب للإسلام تحت الرغبة فى المال سيحمل إيماناً حقيقياً أم إيمان مدفوع الأجر بغية الإنضمام للمشروع الإسلامى المحمدى .
-آية ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ) البقرة13:2.يفهمها أى دارس للأديان أنها تعنى البحث عن شخصية وهوية وحالة تمايزية للدين الجديد مفارقة عن الأديان الأخرى وبالنسبة للدارس للتراث الإسلامى فسيدركها أنها قلب الطاولة بعد محاولة محمد إستمالة اليهود إليه بإعتباره إمتداد لنفس نهجهم العقائدى فلما فشل ,قلب الطاولة وغير القبلة ,ولكن سيعنينا هنا نقطة محددة تبين أن القصة تعتنى بالخضوع والإنقياد للمشروع المحمدى فى الأساس ,فالله غير مكان القبلة ليعلم من يتبع الرسول ومن ينصرف عنه وفقاً للآية كفكرة غريبة من إله مُفترض فالتغيير يجب ان يكون رغبة وشأن إلهى خالص ولكن محمد رهن الله وقبلته بمن يتبعه أو ينقلب عليه .
- الفروض كأعمال تنفذ رغما انفك هناك منهجية خطيرة فى تعبد المسلم أو الدينى عموماً عندما يمارس طقوسه كفرض وإلتزام لا يعتنى بقصة المعايشة الوجدانية ليصبح سلوك المؤمن فى أداء وظيفى مُبرمج عليه بعيد تماماً عن أى حالة روحية ومصداقية , فالمؤمن لابد أن يصلى ولا أهمية لحال إنه يصلى شارداً أم لا فهو فرض عليه أن يؤديه رغماً عنه كذلك هو يصوم كفرض لازم الفعل فلا إعتناء بالصدق والوجدانية فى الصلاة والصوم . المسلم يعتنى إعتناء شديد بالمظهر لينال صك الاعتماد ففى الصلاة يلزم الوضوء وكل ما يحيطه من طقس ونظام وتوجس ينتاب المسلم من إفساد وضوءه .. قد يقول قائل هل تريد أن يصلى المسلم وهو قذر غير نظيف بالطبع لا نقول ذلك والنظافة شئ جميل وجيد ومحترم ولكنى أشير أن نظافة الأطراف هو المراد من هذا الفعل الطقسى ولا يعتنى على الاطلاق بنظافة القلب كحالة وجدانية مفترضة عند الإقدام على فعل الصلاة ,فللمسلم أن يصلى متوضأً ولا يهم ما يحمله فى قلبه من حقد وكراهية ولسانه من بذاءة وسلوكه من خصومة فهذا لا يدخل فى متطلبات الصلاة لنكون أمام فعل وسلوك شكلى يفتقد لأى درجة من المصداقية والتسامى الروحى .
- الإيمان قبل الأعمال الاديان مشروع هوية وإنتماء كما ذكرنا ولكى تتحقق هذه الهوية فهناك إعتناء بتقديم مفردات إيمانية طقسية فقط ولا أهمية لديها لترسيخ قيم مجتمع إنساني وحياة روحية فى هذا الخضم أى أن الدين يعتمد على الإيمان وتقديم صكوك الطاعة والولاء قبل الأعمال ,ففى سورة الأنبياء 94 (فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنّا لَهُ كَاتِبُونَ) فهنا الإيمان أولا ليتم إعتماد الصالحات بعدها , كذلك آية سورة النساء 136( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الّذِى نَزّلَ عَلَىَ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الّذِىَ أَنَزلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً بَعِيداً ) لنجد الإعتناء بالإيمان بالله ورسوله والكتاب ومن يكفر بهذا فقد ضل ضلالاً عظيماً ولا ذكر لفكرة أسبقية أعمال وسلوك الإنسان . -آية الفرقان25: 68 ( الذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة .إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) هذه الآية تحدد من يكون له نصيب فى النعيم بالدعوة أولا للإيمان بالله كشرط أساسى وتُحرم أيضا القتل والزنا وهذا شئ طيب ولكن فلتلاحظ أنها لم تتخلص من فلسفة ومنهجية الإيمان أولا فمن آمن وتاب فقد تبددت أعماله الشريرة بل الغرابة أن الله سيبدل سيئاته حسنات كونه آمن وتاب ولا عزاء لمن أهدرت حقوقه على يد هؤلاء المؤمنين التائبين . - فى الاحاديث تكون الأمور جلية ففي الحديث القدسي: ( وما تَقرَّب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضتُه عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مَسَاءَتَه) فالإيمان بالله والخضوع والتسليم له وتقديم الفروض والنوافل يفتح الباب على مصراعيه للنعم والإعتناء الإلهي ولا إعتبار لأعمال المسلم وسلوكياته فهو تفانى فى تقديم النوافل .. ويتأكد عدم أهمية الأعمال الصالحة وتقديم الإيمان عن أى أعمال حديث " وأما الكافر فيطعم بحسناته فى الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له منها نصيب " .
- الحديث القنبلة .! حديث رغم أنف أبي ذر أكبر إشارة لترسيخ فكرة أن الإيمان بديل عن الأعمال :( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض ، وهو نائم ، ثم أتيته وقد استيقظ ، فقال : ( ما من عبد قال : لا إله إلا الله ، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ) . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنى وإن سرق ) . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنى وإن سرق ) . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر ).الراوي: أبو ذر الغفاري خلاصة الدرجة: [صحيح المحدث: البخاري المصدر: الجامع الصحيح الصفحة أو الرقم: 5827 يقول محمد بصراحة مؤكداً أن من قال بفمه : لا إله إلا الله دخل الجنة, حتى وإن زنى و إن سرق , وفي رواية أخرى و إن شرب الخمر يعني إرتكاب الشرور ليؤكدها ثلاث مرات وفى حديث آخر لا يقل وضوحاً يقول من قال لا إله إلا الله، دخل الجنة ..أي أن قول القلب واللسان كاف لدخول الجنة حتى ولو لم يعمل القائل خيرا قط . وهذا قول المرجئة الفقهاء والجهمية قالوا : لو صدق بقلبه أو عرف الله فذلك كاف في دخول الجنة، ولو لم ينطق بالشهادة، ولو لم يعمل خيرا قط، قالوا : لا يضر مع الإيمان ذنب , ولا تنفع مع الكفر طاعة.فإبشروا ستلاقون صدام فى الجنه .
- يمكن فهم أحاديث محمد من منطلق أنه يعتنى بالمنضمين والمنخرطين فى مشروعه لييسر لهم الأمور فدخول الجنه بناء على مقولة لا إله إلا الله فقط , ولكن فكرة النجاة بالإيمان وحده نزعت من المسلم أى نزعة روحية وأصابته بالغرور والعنجهية فهو مميز بالإنتساب لإيمان عن الآخرين فلا يكون متميزاً بخلقه وإنسانيته بل لكونه يردد لا إله الا الله محمد رسول الله ليبلغ الغرور ببعضهم بالقول أن أينشاتين وباستير وفلمنج والأم تريز فى الجحيم كونهم لا يؤمنون بالاسلام ولا يهم ماذا قدموا للإنسانية . يعني إرتكاب الشرور في الإسلام ليس بأهمية تصديق وجود إله خرافي يعيش في السماء السابعة, فالأخلاق والإنسانية ليست بذات أهمية , فالإيمان يمكن أن يحل محلها و يستبدلها, و ليس الإيمان حتى بل إعلان الإيمان او القول بأن الشخص مؤمن. الإيمان فى الإسلام الفضيلة الرئيسية التي تسفه كل الفضائل الأخرى وتجعلها بلا معنى, فالمسلم يستطيع أن يكون أسوأ الناس في أخلاقه وسلوكه ولكنه يضمن الجنة لمجرد أنه مسلم . وهذا يفسر لنا غياب الأخلاق وإنعدام الضمير في الشعوب الاسلامية فالكل يغش ويسرق و ينهب و يرتشي و يكذب ويستبد ولا محبة ولا إحترام للكبير ولا للمرأة وليسود الإهمال فى البيت والشارع وكل الوطن فالكل متورط في فساد أخلاقي شائع وسائد وكل هذا رغم أن الامم الإسلامية الأكثر تدينا في العالم بينما فى الدول العلمانية نجد العكس تماما من إحترام آدمية وإنسانية وكرامة وحرية الإنسان وإحترام العمل فما هو الرابط بين التدين وإنعدام الضمير وفساد الأخلاق .. السبب قابع في التعاليم الإسلامية ذاتها وفي أخلاقها النموذجية بأن الإيمان بالله أصبح بديلاً للأخلاق بل وممارسة بعض الطقوس الخالية من أي معنى أصبح بديلاً للاخلاق بالإضافة للتشبه الشكلي بمحمد والحرص على شكليات السلوك بوجه عام حتى صار الناس جميعا منافقين يحيون على أرض النفاق المقدسة.
- فى المسيحية ذات الموضوع وهو الإيمان بالمسيح قبل الأعمال وإن تسربت بعض الآيات التى تعتنى بالأعمال ففى إنجيل يوحنا ٣-;-: ١-;-٦-;- كل من يؤمن بيسوع سوف تكون له الحياة الأبدية . وفى رسالة بولس إلى أهل رومية ١-;-: ١-;-٦-;- البشارة هي قدرة الله لخلاص كل مؤمن. وفى رسالة بولس إلى أهل رومية ٥-;-: ١-;- قد بررنا بالإيمان الذي به بلغنا إلى النعمة . وفى رسالة بولس إلى أهل أفسس ٢-;-: ٨-;- قد نلنا الخلاص بالنعمة من خلال الإيمان. ولكن فى رسالة يعقوب ٢-;-: ١-;-٤-;- يُبرر الإنسان بالأعمال لا بالإيمان وحده أبوسع الإيمان من غير أعمال أن يخلص؟ لا، هذا الإيمان هو إيمان ميت ".
-فكرة الإيمان قبل الأعمال متواجدة فى الإسلام والمسيحية ولا يعنى ذلك أنها أباحت الشرور والخطايا والذنوب بل هناك نهى وزجر لذلك بالفعل ولكنها همشتها ولم تضع فى المقدمة الأخلاق والمحبة والتعايش السلمى بين البشر فكل الأمور سيتم علاجها كالمغفرة وتبديل السيئات بالحسنات ليبقى المهم الإيمان أولا وهذا سيترك مردوده على فكر وسلوكيات المؤمن ,فالمهم أن يردد ويؤكد إيمانه ولا يهم الإعتناء بالعلاقات الإنسانية مع الآخرين أى الإلتزام بالمنظومة الإيمانية ولا حساب للمشاعر الوجدانية والتعايش السلمى فهذه علاجها بطلب المغفرة والتوبة .
-الطقوس كبديل - الصلاة والطقوس كفعل روتينى يبغى تسديد ديون وفواتير وليس كفعل روحى وحالة تمنح الاشباع النفسى والوجدانى فى ممارستها ليعتنى المسلم بما سيغفر له من ذنبوبه المتقدمة والمتأخرة وما سيضاف له فى رصيده البنكى السمائى . (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )هود/114 لهذه الآية مظهر حسن وغالباً ما يقرأها المسلم ويمر عليها كآية عادية تدعو إلى الصلاة ولكن لو تتبعنا سبب النزول كما رواه الواحدي لوجدنا في هذه الآية معاني خطيرة فهى ترمى بالخطايا والذنوب جانبا كحال "رغم أنف أبى ذر" فداء ممارسة طقس الصلاة فهو كفيل أن يصرف الإنتباه عن الحماقات والشرور فلا تكون الخطايا والذنوب ذات شأن أمام ممارسة روتينية للصلاة ,فعن ابن عباس أن رجلاً أتى عمر فقال: إن امرأة جاءتني تبايعني فأدخلتها الدولج فأصبت منها كل شيء إلا الجماع فقال : ويحك لعلها مغيب في سبيل الله قلت: أجل قال: ائت أبا بكر فقال ما قال لعمر ورد عليه مثل ذلك وقال: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مثل ما قال لأبي بكر وعمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلها مغيب في سبيل الله فقال: نعم فسكت عنه ونزل القرآن: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " فقال الرجل: ألي خاصة يا رسول الله أم للناس عامة فضرب عمر صدره وقال : لا ولا نعمة عين ولكن للناس عامة فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: صدق عمر.
- من فضائل ليلة القدر ما ثبت في الصحيحين عن النبي انه قال :( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه - فقوله "إيماناً واحتساباً" يعني إيماناً بالله, وبما أعد الله من الثواب للقائمين فيها, واحتساباً للأجر وطلب الثواب فيكفى القيام ليلة القدر لتغفر له ذنوبه ليست السابقة فحسب بل اللاحقة .! -عن يحيى بن أبي سفيان بن سعيد بن الأخنس عن جدته حكيمة أنها سمعت أم سلمة تقول : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : من أهل بالحج و العمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر و وجبت له الجنة). مسند احمد- أى أن ممارسة طقس كفيل بمغفرة الذنوب السابقة واللاحقة ولا معنى لحضور الدين فى إرتقاء حياة وعلاقات البشر . -عن الحسن عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من صام رمضان إيماناً و احتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر .). مسند احمد - كذلك من حج لبيت الله أو صام رمضان أو حتى ليلة القدر فقط غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, يعني المسلم يسرق و يزني و يقتل و يرتكب الموبقات و المعاصي و يصوم ليلة القدر فيرجع وكأنه طفل صغير بلا معاصي.
- هناك إغراق لا مثيل له فى التراث الإسلامى بالإعتناء بممارسة الطقوس ليصاحبها المقابل السخى لتصل الأمور إلى ما يشبه تسعيرة الأسواق التجارية فبمجرد أن تتفوه ببعض الكلمات أو تؤدى بعض الصلوات فلك كذا وكذا ولن يسع هذا البحث إيراد مافى التراث لنكتفى ببعضها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام و صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه ). صحيح الجامع حديث رقم : 3838 . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من غسل يوم الجمعة و اغتسل ثم بكر و ابتكر و مشى و لم يركب و دنا من الإمام و استمع و أنصت و لم يلغ كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة أجر صيامها و قيامها ). صحيح الجامع حديث رقم : 6405 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( الصلاة في مسجد قباء كعمرة ). صحيح الجامع حديث رقم : 3872 . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صوم يوم عرفة كفارة السنة الماضية و السنة المستقبلة ) . صحيح الجامع حديث رقم : 3805 . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات و رفع له عشر درجات ) صحيح الجامع حديث رقم : 6359 . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان و أتبعه ستا من شوال كان كصوم الدهر) . صحيح الجامع حديث رقم : 6327 . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر و هي أيام البيض : صبيحة ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة . صحيح الجامع حديث رقم : 3849 . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ " قل هو الله أحد " عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة ) . صحيح الجامع حديث رقم : 6472 . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من قال : سبحان الله العظيم و بحمده غرست له بها نخلة في الجنة ) . صحيح الجامع حديث رقم : 6429 . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ يسبح الله مائة تسبيحة فيكتب الله له بها ألف حسنة و يحط عنه بها ألف خطيئة ) . صحيح الجامع حديث رقم : 2665 . تلك التعاليم الشكلية التي تستبدل الأخلاق ببعض الطقوس الفارغة لن تمنح أصحابها شيئا سوى النفاق وفراغ المحتوى فنيل الجوائز والمغفرة هى فى تأدية طقوس وترديد بعض التمتمات ولا يهم بعد ذلك ما سيحل من فراغ وخواء روحى وأخلاقيات متدنية .. لقد أراد محمد أن يستميل مريديه لمشروعه والرضوخ له فلا مانع من الإسراف فى الهدايا والمنح ذات الإشتراطات السهلة ولكن النتيجة ستكون بلا شك خواء المحتوى .
- شكليات الفضيلة والتمظهر الفارغ . هذه الحالة من الخواء الروحى وإقتصار الأمور على الإعلان عن الإيمان أفرز بالضرورة حالة من الشكليات والتمظهرات الفارغة التى تعلن عن الإيمان والإنسحاق فجاءت شكليات الفضيلة متمثلة فى الحجاب والنقاب للنساء واللحية والزبيبة وتقصير الثوب للرجال . شاع الحجاب بين النساء المسلمات تحت مسمى أنه فرض بالرغم الجدل فى هذا الشأن لينتصر أصحاب أنه فرض وفريضة لتتحجب النساء باحثة عن صك العفة والفضيلة فى البداية ولكن بعد شيوعه فقد هذا الصك معناه ليقتصر على كونه فريضة أو زى شعبى مفروض ولكن هل منح الحجاب العفة والمصداقية للفتاة كما يشاع فأليست الأخلاق والفضيلة والعفة ليس لها أى علاقة بقطعة القماش هذه..أليس هو تقليد وفرض يطلب التحقق فقط ولا يهم إطفاء وإكتساب أى معنى من هذا التمظهر .
-ذقن وزبيبة . يدعم الإسلام التشبه الشكلي بمحمد وهو مظهر آخر من مظاهر الفضيلة الشكلية . فلا أحد يهتم بالتشبه بصفات حميدة كون الإسلام دين يُعظم من الشكل وإظهار الخضوع والإمتثال ,ففي الإسلام يعتبر تقليد النبي محمد في شكله ومأكلة ومشربه وتبوله ونكاحه وكلامه ومظهره فضائل أخلاقية, يعني إطلاق اللحية وحف الشارب والملبس القصير وغيرها من تفاهات لا تثرى الإنسان تصير ذات شأن ونلمح هذا المفهوم فى سورة الفتح 29 ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) لتعتنى بها مجتمعاتنا المزيفة التى تتمرغ فى السطحية والمظهرية لتجد إحترام وتقدير لكل من أطلق لحيته وتحلى بزبيبة كبيرة وتلك المنقبة التى تغطى وجهها أفضل من المحجبة وإن كانت هذه الظواهر فى سبيلها للانحسار بعد ان أثبتت التجارب الحياتية أن هذا لا يعنى الاخلاق والسلوك القويم .. كل هذا يسطح الأخلاق في الإسلام ويجعله بلا قيمة وبالتالي يُعلم الناس الزيف وممارسة النفاق دون خجل . المعتقدات الدينية تُنتج مجتمعات بشرية مختلة وجوديًا ,كوجود غير متوافق مع الماهية .. إنسان خائف منافق أو دُمية بشرية وذلك لأنها لا تهتم بقناعة الإنسان بأطروحاتها ولا بصفاء الإنسان ورقيه بل الإهتمام بقبوله وإنسحاقه وخضوعه لها!
- يرهب الاسلام المسلمين من التفكير في ذات الله, يجرمهم عند تخيل هيئته رغم ما ثبت في كتبهم من تجسيد الله في بعض من صفاته كالوجه والساق واليد وخلق آدم على هيئته كذلك حركاته كالنزول الى السماء الدنيا والإستواء على العرش ..ولكن الطبيعة البشرية ترغم الإنسان على التخيل في مثل هذه الحالة فتكون النتيجة صراع ذهني و نفسي ينتهى عند الجمود والتحجر الذى يخلق ذهنية جوفاء متصحرة من هذا التعنت الشديد . يجب على المؤمن أن يراقب نفسه في كل شيء فهو مُرغم ألا يتخيل, ومُرغم أن يَقبر كل بصيص فكرة مهما كانت منطقية طالما أنها نهج السلف, عليه أن ينكر نفسه ويلعن أفكاره وتخيلاته وخواطره وحتى ابتكاراته ويسميها وساوس بينما نجد الأديان التى سمحت بهامش من الحرية فى التخيل ومنحت تابعيها فسحة من الخيال إستطاعت أن تحظى على قبولهم لها بالرغم أن تلك الأديان مُثقلة بالمثيولوجيات والخرافات كالمسيحية مثلا.
- تحريم الإسلام للفنون وخاصة الفن التشكيلى قتل فى نفوس المسلمين الحياة والروح والجمال والتفاعل , فالفن التشكيلى ليس عملاً إبداعياً فنياً فحسب بل ثراء انسانى ووعى بالحياة والجمال من خلال الخط واللون وتصدير واستقبال المشاعر والإحساس بصورة ترتقى بالإنسان وتخلق أمامه مجال فسيح من التواصل والتأمل والتفاعل , فالإنسان إمتلك الوعى من الصورة وتركيبات الصور بل كل الاساطير الدينية هى تركيبات لصور .
- وكما ذكرت فى مقالى السابق أن معاداة الفكر الدينى للموسيقى والغناء وتحريم بعض الذبذبات الصوتية كون الموسيقى والغناء ترقرق مشاعرنا وتمنحنا السلام والسعادة ومتعة وجمال الحياة ,أما الدين فهو منظومة تعتمد على التذكير بالموت وحضوره فمنها يستطيع أن يؤثر ويُهيمن ويُمرر خرافاته لذا يريد الفكر الدينى عسكرة الإنسان فى معسكر الموت وتجييش وجدانه فى منظومتها ومشروعها العسكرى ومن هنا ينتفض رجال الدين عند تصاعد أى منظومة داعية للحياة كشئ يقوض من منظومتهم. - هناك نقطة أخرى جديرة بالإهتمام وتصب فى النهج الإيمانى الذى لا يعتنى بالصدق فى الإيمان والقناعة النفسية والفكرية به مما يخلق كيانات منافقة إحتيالية انتهازية, فالمسلم يعتمد نهج المؤلفة قلوبهم بالرغم إداركه أن الذى ينضم لأى فكرة تحت إغراء المال هو منافق وانتهازى ولكنه يحتفى به حال نافق وإنضم للاسلام كحال هذا اللاعب البرتغالى الذى يردد الشهادة ويخطأ مرارا فى ترديد اسم محمد فهل تتصور انه قرأ سطرا واحدا أم إمتلأت جيوبه بالريالات ولكن فى النهاية هو مسلم وسيحظى على الحفاوة والإحتفاء ولا مانع أن تزوجه إبنتك فالمهم انه ردد الشهادتين وهكذا يصبح الزيف والنفاق محترماً ولك أن تتأمل فى هكذا مشهد وما يخلقه من مفاهيم وسلوكيات مزيفة فى كافة مناحى الحياة فنحن نعتنى بالمظهر دون الجوهر وبالزيف دون الموضوعية . https://www.youtube.com/watch?v=qLvBftU8GPM
- فلسفة العصا والجزرة هى الخوف والرشوة ولا معنى ولا قيمة للأخلاق فى ذاتها , فالمؤمن يفعل الخير ليس لقيمة الخير فى ذاته ولا يُقدم على الشر من قبح الشر بل خوفاً من الإنتقام والعذاب مما يخلق سلوكيات مزيفة منافقة ذات منحى برجماتى صرف لا تتم عن وعى وإقتناع بينما اللادينى والملحد يمارسا الاخلاق عن قناعة بقيمة الاخلاق والانسان فأنا أرفض السرقة ليس لأن هناك إله يعد شواية لى فى جهنم بل من منطلق أننى عندما أسرق فيعنى هذا إغتصاب أمان وأحلام وسلام الآخرين فقد أسرق مال أحدهم كان ينوى ان يقدم به طعام وهدية جميلة لإبنه أو زوجته لأجهض فرحة وحلم وأغتصب أمان وأمنيات .. لا أعرف هل هذا الكلام سيقنع المتدينيين الذين يعتقد شديدى الغباء منهم أن الملحد إنسان ليس لديه قيمة يحافظ عليها طالما لفظ الإله وعصاه .
- المسلم لا يفعل الخير من أجل الآخرين بل من أجل أن يرضى عنه الله ويمنحه الجنه والمتعة ويقيه عذاب النار فهو لا يساعد الفقير تعاطفاً مع إنسان يحتاج للدعم بل لو تسلل فى قناعاته أنه يعمل الخير للمحتاج ليراضى هذا الإنسان فهنا فقد ثواب عمله فالمفروض أن يكون فعله لمراضاة الله فقط ( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) سورة البقرة الآية : 265 - ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ ) سورة التوبة الآية : 104- ( وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ) سورة البقرة الآية : 272..هذا الإيمان الغريب الشاذ الأناني ينزع من المسلم أى مشاعر إنسانية ليحل مكانها أداء باهت روتينى يرمى للزيف ويبغى المصلحة فقط فهو ينظر لمراضاة الله وما يضاف إلى رصيده البنكى السمائى .
-الإسلام يخاطب النزعات الإنتقامية الثأرية فى الإنسان ليتفرد بهذه النزعة الموغلة فى القسوة التى تحقق الإنتقام والثأر وإشفاء الغليل بالإنتقام القاسى فلا يكون الدين هنا ذو منهجية لبث الهدوء والسلام بل تجعل تابعيه فى حالة هياج تبحث عن إشفاء الغليل ولتعلم أن كل المؤيدين لحضور المشروع الإسلامى هم باحثون عن الوحشية والقسوة والرغبة فى الإنتقام والثأر لتجدهم يرددون دوما شرع الله الداعى القصاص والإنتقام العلنى من المخالفين بتلك الحدود الموغلة فى القسوة ويهللون لمقولة رحماء بينهم أشداء على الكفار ..يمكنك تلمس فكرة الإنتقام والثأر فى الكثير من النصوص الإسلامية التى تدعو إلى إشفاء قلوب المؤمنين وعدم الرحمة مع المخالفين والخارجين عن المشروع من قوله ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ).
لن نعرف إنسانية وتحضرر ورقىّ إلا بتوقف قوى وجرئ أمام الموروث والثقافة الدينية والإنتباه لكل القيم والمفاهيم التى يتم تصديرها .
دمتم بخير وعذرا على الإطالة . "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحررمن الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سقطات إلهية أم نصوص بشرية
-
تأملات فى ثقافة الإيمان السالبة
-
أنا فهمت الآن .
-
تأملات فى ماهية الإنسان
-
إنهم يزرعون الوحشية ويمنهجون الهمجية
-
تأملات فلسفية من رحم طرائفنا وسخريتنا
-
أسئلة ليست حائرة إلا لمن يريد أن يحتار
-
إمتحان ومشاغبة على جدران الخرافة والوهم
-
يؤمنون بحثاً عن لحظة جنون وهذيان!
-
هوان العقل المتأسلم-الثقافة عندما تنتهك عقولنا وانسانيتنا
-
أسئلة مُحرجة-35إلى40من خمسين حجة تفند وجود الإله
-
بحثاً عن حلول لخروج الإسلام من أزمته .
-
الأمور تمر عبر النصب والإحتيال-كيف يؤمنون
-
خيبة !!- لماذا نحن متخلفون
-
خمسون حجة تُفند وجود الإله-جزء رابع27 إلى 34من50
-
فى القانون الطبيعى والرياضيات والنظام-نحو فهم للوجود والحياة
...
-
دعوة للنقاش حول الحوار المتمدن إلى أين
-
أرجوكم إنتبهوا
-
ثقافة الكراهية والعنف والطريق إلى الإرهاب .
-
ثقافة النقل قبل العقل والطريق إلى التخلف
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|