أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حسن محسن رمضان - يسوع والمرأة السورية – 2















المزيد.....

يسوع والمرأة السورية – 2


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4474 - 2014 / 6 / 6 - 12:41
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



في المناقشات المباشرة التي تحدث بيني وبين الأخوة والأخوات حول أكواب القهوة والتي تلت مباشرة نشري لمقالة (يسوع والمرأة السورية – نموذج للمنهج السلفي) [انظر الهامش رقم 1]، أثار المتحاورون مسألة (تناقضات يسوع الإنجيلي على المستوى المبدئي والفلسفي والأخلاقي)، وخصوصاً إذا أخذنا (العهد الجديد) بكل محتوياته، بشكل شامل، كنصوص مقارنة. إلا أن ما أستحوذ على أغلب وقت هذا اللقاء الصاخب بكل مشاربه وآرائه وروعة اختلافاته الرصينة المجردة هو سؤال: (إذا عرفنا، بدون أي شك الآن، أن يسوع كان يتبنى النظرة اليهودية الصارمة فيما يخص الأعراق المختلفة، وهي ذات طابع تحقيري بدون أي شك، فلماذا إذن يبدو يسوع متناقضاً في موقفه من النساء اليهوديات أيضاً وخصوصاً إذا عرفنا أن التقليد اليهودي بشأنهن في زمانه كان حاطاً وذو طابع تحقيري مقارنة بالرجال؟).

وفي الحقيقة هذا سؤال، بالإضافة إلى دقة ملاحظته، فإنه شديد الأهمية، وقد تطرقت لشرحه بالتفصيل في مقالات سابقة. إذ الإجابة عليه يُلقي بعض الضوء على (يسوع التاريخي)، أي يسوع الحقيقي، الرجل الذي لم يُفلح إلا في جمع تلاميذ قليلون حوله، خانه أحدهم وهرب عنه الباقين عندما أتى اليهود ليقبضوا عليه. فلم يكن يسوع (موضوع إيمان حقيقي لتلامذته)، هذا لم يحدث إطلاقاً إلا في أوهام المؤمنين المسيحيين وكنائسهم، وإنما كان (موضوع إيمان لرجل لم يره في حياته إطلاقاً، أي بولس، ومَن تأثر به، سلباً أو إيجاباً، مِن كتبة الأناجيل والرسائل). أدناه هو جواب لهذا السؤال المهم، ومحتواها إما مِنْ مقالاتي السابقة أو من أجوبة توليتها بنفسي على أسئلة متعددة.

تساءل البروفيسور باري ويلسون (Barrie A. Wilson)، أستاذ الدراسات الإنسانية والعقائد في جامعة يورك، سؤالاً جوهرياً لم ينتبه له الناقدين من قبل أو يولوه اهتماماً. فإله المسيحية (يسوع)، خلال فترة دعوته بالتحديد، هو وتلاميذه، (لم يكونوا يعملون في أية مهنة ولم يكونوا من ذوي الثراء)، كانوا فقط يتجولون في أرض فلسطين. هذا النشاط السلبي فيما يخص العمل والكسب دفع البروفيسور ويلسون إلى وضع السؤال بهذه الصورة: "ثلاثة عشر شخصاً [يسوع وتلاميذه الإثنى عشر] يتحركون عبر الجليل، ربما لفترة تجاوزت الثلاث سنوات، كانوا يُمثلون عبئاً مالياً كبيراً. هذا النشاط كان يُكلّف الكثير من المال: الطعام، والمأوى، ووسائل التنقل المختلفة، وهذه كانت فقط جزءاً من بعض بنود المصروفات المتوقعة. فمن كان يتولى تمويل هذه الحركة؟" [انظر الهامش رقم 2]. ثم يضع الجواب من إنجيل لوقا:

(وعلى أثر ذلك كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت الله، ومعه الاثنا عشر. وبعض النساء كن قد شفين من أرواح شريرة وأمراض: مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين. ويونا امرأة خوزي وكيل هيرودس، وسوسنة، وأخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن). [لوقا 8: 1-3]

إذن، مَنْ كان يتولى الإنفاق على يسوع هن النساء. هؤلاء النساء كن يعملن بمهن مختلفة، مثل مريم المجدلية ويونا وسوسنة و (أُخر كثيرات)، (ومِن كسبهن كان يسوع يصرف على نفسه وعلى تلاميذه). فإله المسيحية (يسوع) كان تمويله الأساسي في دعوته يأتي من النساء. (ولهذا السبب بدا يسوع الإنجيلي متناقضٌ جداً فيما يخصهن). فهو من جهة يؤكد لمستمعيه (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات) [متّى 5: 17-19]، إلا أن الناموس والأنبياء يقولان صراحة (لا تزنِ) [خروج 20: 14] وأيضاً (إذا زنى رجل مع امرأة، فاذا زنى مع امرأة قريبه، فإنه يُقتل الزاني والزانية) [لاويين 20: 10] [وانظر أيضاً: تثنية 22: 22]، ولكن ما إن رأى يسوع امرأة زانية يُراد أن يُقام عليها (الناموس) وما قاله (الأنبياء)، و (قالوا له: يا معلم ، هذه المرأة أُمسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم. فماذا تقول أنت؟) [يوحنا 8: 4-5]، فإذا بيسوع يرفض إقامة (الناموس) وما قاله (النبي) موسى، ويقول لهم: (من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر) [يوحنا 8: 7]، ولما تركوها قال للمرأة: (ولا أنا أدينك) [يوحنا 8: 11]. فكل شيء، حتى عند الأنبياء والآلهة، لابد له من أن ينبع من المبدأين الشهيرين لعلم النفس في أن (التصرفات الإنسانية دافعها الأساس شيئين إثنين: "الخوف والمصلحة الذاتية")، ولهذا السبب لا يجب أن نستغرب جداً عندما نعرف أن المرأة التي (في المدينة كانت خاطئة) [لوقا 7: 37]، تلك التي جاءت ليسوع بقارورة عطر ودهنت قدميه، هي ذاتها مريم المجدلية التي تولت الصرف المالي (من كسبها) على "الإله" يسوع. [البابا غريغوري (Pope Gregory) في حوالي سنة 600 مـ في عهده تبنت الكنيسة رسمياً مرادفة المرأة الخاطئة مع المجدلية، انظر الهامش رقم 3].

كان يسوع ذو (مصلحة مالية) مباشرة مع النساء اليهوديات بالتحديد. فحتى (الآلهة) التي (يخلقها البشر)، إذا أرادت أن تتواجد مع البشر بشحمها ولحمها، تحتاجُ إلى الذهب والمال الذي تسكه دور عملة الكفار والأشرار حتى يتسنى لها أن تسير في الأرض وتصرف على نفسها. فالنساء من أمثال (مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين. ويونا امرأة خوزي وكيل هيرودس، وسوسنة، وأخر كثيرات) [لوقا 8: 2-3]، هذا الجمع الغفير من النساء الذي خرج عن مقدرة كاتب الإنجيل على الحصر فوضع عبارة (وأُخر كثيرات)، (كُنَّ يخدمنهُ من أموالهن) [لوقا 8: 3]، أي يتولين الصرف المالي على يسوع بصورة حصرية. ولهذا السبب كان ليسوع الإنجيلي مصلحة ذاتية مباشرة مع هذا الجمع الغفير من النساء على تعدد مشارب المهن اللاتي كُنّ يعملن بها، ولهذا السبب (اضطر أيضاً أن يَغُضّ النظر تماماً عن المصدر الأول لتلك الأموال التي كانت بيد بعض أتباعه من النساء مثل مريم المجدلية)، المرأة التي (في المدينة كانت خاطئة) [لوقا 7: 37]، وكان لابد له أن يناور بحذر فيما يخص شؤونهن ومصالحهن. ومِنْ هذه الجزئية بالذات نستطيع أن نفهم تعاليم يسوع في الأناجيل المختلفة فيما يتعلق بثنائية (الناموس - النساء اليهوديات) والتي تبدو متناقضة وغير خاضعة لمنطق تشريعي متأني أو واضح، (ونستطيع أيضاً أن نفهم الازدواجية في النظرة المبدئية عنده بين اليهوديات وغيرهن وذلك في إهانته المتعمدة للنساء غير اليهوديات وتشبيههن بالكلاب) كما في مقولته الشهيرة للمرأة الكنعانية [متى 15: 26] وللمرأة السورية الفينيقية [مرقس 7: 24-29]. هذه المكانة المصلحية التي احتلتها النساء اليهوديات عند يسوع الإنجيلي تتجلى واضحة عندما ساقوه ماشياً ليُصلب، إذ (تبعه جمهور كثير من الشعب، والنساء اللواتي كن يلطمن أيضا وينحن عليه) [لوقا 23: 27]، فلم يلتفت إطلاقاً إلى الجمهور الكثير (من الشعب) ولكنه (التفت إليهن) [لوقا 23: 28] وكان خطابه حصراً للنساء [لوقا 23: 28-31]، ثم مات يسوع على الصليب، وعندما لفظ أنفاسه الأخيرة (كانت أيضاً نساء ينظرن من بعيد، بينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب الصغير ويوسي، وسالومة، اللواتي أيضا تبعنه وخدمنه حين كان في الجليل. وأُخر كثيرات اللواتي صعدن معه إلى أورشليم) [مرقس 15: 40-41]. والكلمة التي يجب أن تلفت الانتباه هو (اللواتي أيضا تبعنه وخدمنه)، ولكن (العهد الجديد) يسكت تماماً عن (نوعية هذه الخدمة) إلا ما أفلت مِن قلم كاتب إنجيل لوقا (كن يخدمنه من أموالهن).

هذا هو سبب تناقض يسوع.



هـــــــــــــــــوامـــــــــــــــش:



1- يسوع والمرأة السورية – نموذج للمنهج السلفي

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=417730


2- How Jesus Became Christian, Barrie Wilson, St. Martin s Griffin Press, pp. 71-72

3- Doyle, Ken. "Apostle to the apostles: The story of Mary Magdalene". Catholic times, 11 September 2011



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسوع والمرأة السورية – نموذج للمنهج السلفي
- السلفية المسيحية
- مقدمة في مفهوم السلفية
- لم يكن سعيداً، ولكنني فخور به - تعقيب على الدكتور القمني
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 9
- في جريمة اختطاف الفتيات النيجيريات
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 8
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 7
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 6
- لماذا سلسلة مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 5
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 4
- ماذا يستطيع التطرف المسيحي أن يفعل
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 3
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 2
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي
- كتابي في نقد النص المسيحي المقدس
- تزوير مسيحية يسوع – 28
- تزوير مسيحية يسوع – 27
- عندما يُنتحل اسمي في مقالة


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حسن محسن رمضان - يسوع والمرأة السورية – 2