|
أنصاف الماركسيين ومتثاقفو البورجوازية الوضيعة .. !
فؤاد النمري
الحوار المتمدن-العدد: 3834 - 2012 / 8 / 29 - 17:32
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
تخلّد لينين لأنه قام بثورة فكرية نوعية على المناخ الفكري السائد في أجواء الأممية الثانية. قرأ لينين ماركس قراءة مختلفة كل الاختلاف عن قراءات قادة الأممية الثانية من مثل بليخانوف وكاوتسكي ومارتوف وبيرنشتاين وغيرهم. ابتذل هؤلاء الماركسية وجعلوها في خدمة البورجوازية الوضيعة، فماركسية المنشفيك لا تختلف عن مفاهيم حزب الاشتراكيين الثوريين وهو حزب البورجوازية الروسية، حزب فشل في قيادة البورجوازية لتحقيق ثورتها، ثورة شباط فبراير 1917. بيرنشتاين أخذ يؤمن بالاشتراكية عن طريق التطور (Evolutionary Socialism) وفي العام 1880 نشر مقالة " مزدحمة بأفكار البورجوازية الوضيعة " وبخه عليها ماركس وإتجلز . أما كاوتسكي وبليخانوف فقد انتصرا للديموقراطية البورجوازية وحرما عل البروليتاريا استلام السلطة إلا من خلال البرلمان الأمر الذي لم يميزهما عن بيرنشتاين الذي كان كاوتسكي قد هاجمه بشدة لافتقاده الروح الثورية !! عرّف ستالين اللينينية بأنها " ماركسية عصر الإمبريالية "؛ لكن بعيداً عن صحة هذا التعريف، وهو صحيح دون شك، يبدو أن ستالين، وهو اللينيني الأول، فضل مثل هذا التعريف ليذكّر بارتداد كاوتسكي الذي كان قد كتب في تعريف الماركسية في عصر الإمبريالية قبل ارتداده. وليس ثمة من شك في أن ستالين صاغ تعريف اللينينية على أنها ماركسية عصر الامبريالية تبعاً لمقتضيات الصراع الحاد الذي كان يخوضه الاتحاد السوفياتي ضد الإمبريالية الدولية في عشرينيات القرن الماضي. أما لو افترضنا أن ستالين هو اليوم بيننا في ظل المرحلة التاريخية الاستثنائية الماثلة لصاغ تعريفاً آخر وقال .. اللينينية هي استعادة البروليتاريا لمشعل الماركسية من قبضة البورجوازية الوضيعة التي كانت قد اختطفته بقيادة زعماء الأممية الثانية، كاوتسكي وبليخانوف وبيرنشتاين، ثم عادت واختطفته بقيادة خروشتشوف وبريجينيف وأندروبوف 1953 – 1983. لو كان ستالين حيّاً بيننا اليوم لعلمنا اللينينية من جديد وكيف تستعيد البروليتاريا مشعل الماركسية من قبضة البورجوازية الوضيعة القوية، وهي أقوى بالطبع من قبضة البورجوازية الرأسمالية في صدر القرن العشرين.
أنصاف الماركسيين ذوو الأصول البورجوازية الوضيعة يساندهم بالطبع المتثاقفون من ذات الطبقة يرفضون رفضاً مريباً التوقف عند حقيقة تاريخية كبرى لا سبيل إلى تجاهلها أو إنكارها وهي أن الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي نيكيتا خروشتشوف وقف في المؤتمر العام الاستثنائي الحادي والعشرون للحزب الشيوعي 1959 ليعلن رسمياً أن اللجنة المركزية للحزب ومنها المكتب السياسي وافقت على إلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا ولذلك فإن الدولة السوفياتية منذ ذلك اليوم ولاحقاً هي " دولة الشعب كله ". ماذا تعني "دولة الشعب كله" في الواقع ؟ إنها تعني قبل كل شيء آخر أن قيادة الحزب وعلى رأسها خروشتشوف سلبت البروليتاريا سلطاتها لتمنحها للبورجوازية الوضيعة، وعليه لا يجوز الإدعاء بأن تلك الطغمة في قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي لها أدنى علاقة بالبروليتاريا، بل هي عدوها المباشرالذي سلبها السلطة. إدعى خروشتشوف أنه صادر نصف سلطة البروايتاريا كيلا تكون هناك دكتاتورية البروليتاريا وهو ما يعني أن الدولة لم تعد دولة البروليتاريا. وبالتبعية لم يعد هناك اشتراكية فالاشتراكية شرطها الأول والأخير، كما حدده ماركس، هو دكتاتورية البروليتاريا المطلقة دون أن تشاركها طبقة أخرى سلطاتها. إدّعى خروشتشوف أنه صادر نصف سلطة البروليتاريا لصالح البورجوازية الوضيعة وهو بالطبع مرائي، فمن يصادر شيئاً من دكتاتورية البروليتاريا فهو إنما يصادرها كلها. وبالتالي لم يكن هناك فرصة أمام خروشتشوف سوى الإقرار بأن فكرة "دولة الشعب كله" تعني مباشرة إلغاء الصراع الطبقي. وهكذا أعلن خروشتشوف وبصفاقة يخجل بها كل الصفقاء تعطيل الصراع الطبقي في المجتمع السوفياتي معطلاً بذلك قوى الدفع الحيوية الرئيسة في بناء الاشتراكية، التي هي سنة الطبيعة في المجتمعات الطبقية وهي الصراع الطبقي. وما يثير السخرية حقاً بخروشتشوف وحماقاته هو أنه إدعى تعطيل الصراع الطبقي في المجتمع السوفياتي في الوقت الذي كان الصراع قد بلغ أشدّه بدليل سلب البروليتاريا سلطاتها المطلقة في ال59 والقيام بانقلاب عسكري وطرد جميع البلاشفة من قيادة الحزب في ال 57 والهجوم على ستالين في ال56 . وبلغت الخيانة لدى تلك العصابة من السفلة خيانة كلاوديوس الذي سمم أخاه ملك الدنيمارك ليغتصب زوجته والعرش فقامت عصابة خروشتشوف بتسميم أبرز قادة البروليتاريا التاريخيين يوسف ستالين لتحتل مكانه. كل هذا وتبرز أنساق من قوى الرجعية وأعداء الإنسانية تدّعي انهيار الشيوعية وسقوط الماركسية !! وتبريراً لمثل هذا الإدعاء يتساءلون بكل خبثهم المعروف.. ولماذا لم تدافع البروليتاريا عن دولتها الدكتاتورية !!؟ وهل كان هملت على ثقة تامة بأن عمّه كلاوديوس هو من سمم أباه ليغتصب أمه والعرش كيلا يتردد في قتله بالسيف؟؟
إن لم يكن لنا الحق باتهام متثاقفي البورجوازية الوضيعة بالخيانة طالما أنهم يدافعون عن مقام طبقتهم فإنه من واجبنا كماركسيين حقيقيين أمناء على مستقبل البروليتاريا أن ندين أنصاف الماركسيين المنضوين في أحزاب تسمي نفسها بالشيوعية وما زالت قائمة حتى اليوم ولا يتوقفون عند خيانة قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي للتقاليد اللينينية الستالينية، أن ندينهم بالخيانة العظمى. ولكي يردّ هؤلاء تهمة الخيانة عنهم يتظاهرون بأنهم لا يدركون تداعيات انحراف خروشتشوف وعصابته خاصة وأنهم كانوا هم أنفسهم قد هللّوا ورحبوا بالإنحراف باعتبار خروشتشوف مصلحا للخط الستاليني الخط الذي كانوا هم أنفسهم قد ملآوا كل دفاترهم وفضاءاتهم المحيطة بتعظيمة ـ طبعاً هم لم يقولوا ما الذي كان بحاجة إلى إصلاح !! تهليلهم وترحيبهم بانحراف خروشتشوف ليس فيه خيانة للبروليتاريا فقط بل فيه خيانة لأنفسهم أيضاً. ما بين تعظيم ستالين في النصف الأول من خمسينيات القرن الماضي وتعظيم خروشتشوف في النصف الثاني هناك خيانة لا سبيل إلى تجاوزها. يتجاوزها أنصاف الماركسيين وكأن شيئاً لم يكن !! ما يثير الغضب والاستهجان هو أن أنصاف الماركسيين هؤلاء يدركون تماما تداعيات انحراف خروشتشوف الذي أدّى إلى انهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي ومع ذلك يسكتون !! بل إن بعضهم يفاخر بخيانته ويدّعي أن خروشتشوف لم يتخلص من الستالينية، ومثله خلفاؤه بريجينيف وأندروبوف، وعليه كانت الستالينية هي السبب الرئيسي والوحيد في انهيار التجربة الإشتراكية السوفياتية !! الخائن يمكنه أن يستر خيانته بكل شيء باستثنا تجاهل النقض الذي نقضه خروشتشوف للنهج اللينيني، نهج لينين وستالين، بدءاً بتسميم ستالين في مارس آذار 1953 ـ ويشهد مولوتوف على أن خروشتشوف كان على علم مسبق بمؤامرة تسميم ستالين ـ ثم بإلغاء الخطة الخمسية 1952 – 1956 التي أقرها المؤتمر العام للحزب في نوفمبر 1952 وألغتها اللجنة المركزية بقيادة خروشتشوف في سبتمبر ايلول 1953 متجاوزة صلاحياتها، ثم بالهجوم الشخصي، وليس الحزبي كما يعتقد العامة، على النهج الستاليني وشخص ستالين بأكاذيب أقل ما يقال فيها بأنها وقحة في ال 56 ، وفي الانقلاب العسكري الذي قام به جوكوف لصالح خروشتشوف بعد أن قرر المكتب السياسي للحزب، وهو صاحب السلطة العليا في النظام السوفياتي، سحب الثقة من خروشتشوف وترتب عليه التنحي، فكان أن طرد جميع البلاشفة من المكتب السياسي الذين صوتوا لسحب الثقة وعددهم يزيد عن نصف عدد أعضاء المكتب ليبقى خروشتشوف في مركزه في ال 57 ، ثم بإعلانه إلغاء دكتاتورية البروليتاريا ليسلم السلطة للبورجوازية الوضيعة في ال 59. تجاهلُ مثل ذلك الإنقلاب الفاضح إنما هو من رأس الخيانة. ولو أُعْذِرَ هؤلاء الخونة عن تجاهلهم لانقلاب خروشتشوف وعصابته فما عذرهم في تجاهل الانقلاب على خروشتشوف وإرغامه على الاستقالة في العام 1964 ؟ طبعاً لم يكن نائبه ومساعده بريجينيف هو من رتب الإنقلاب. دكتاتورية البروليتاريا أصبحت دكتاتورية العسكر بعد رحيل ستالين. العسكر هم الذين قاموا بانقلابات 53 و 57 و 64. الاتحاد السوفياتي انتصر في الحرب على النازية لكنه خسر نفسه. جنرالات الجيش الأحمر إدّعوا لأنفسهم فضل الانتصار على النازية رغم كل خيباتهم، كما وصفها ستالين لمبعوث الرئيس الأميركي هاريمان، فقرروا الانتصار في الصراع الطبقي داخل المجتمع السوفياتي وكان لهم ذلك؛ وما كان ذلك ليكون بغير ترحيل قائد البروليتاريا الإستثنائي الأعظم يوسف ستالين.
فلول الأحزاب " الشيوعية " التي ما زالت قائمة حتى اليوم معاكسة بذلك نواميس الطبيعة، إذ كان من الطبيعي أن تتفكك بالترافق مع تفكك المشروع اللينيني طالما أنها جميعها قامت أساساً لتقوم بقسط في استكمال مشروع لينين على الصعيد العالمي. هذه الأحزاب التي تتسمى بالشيوعية تخون الشيوعية بتجاهلها الانقلاب الفاضح الذي قامت به طغمة البورجوازية الوضيعة بقيادة خروشتشوف، تخونها من أجل أن تتحول إلى أحزاب بورجوازية محتفظة بكوادرها من أنصاف الماركسيين الذين لا يميزون بين الاشتراكية وما يسمونه بالعدالة الاجتماعية. جميع الأحزاب المسماة بالشيوعية في بلدان العالم الثالث حيث فشلت البورجوازية الدينامية في بناء اقتصاد وطني رأسمالي، تبرر بقاءها وعدم تفككها بشعارات جوفاء كاذبة تطالب بالحرية والديموقراطية والتعددية وتداول السلطة. ليس أدل على كذب هذه الشعارات جملة وتفصيلاً من أن هذه الأحزاب تتجاهل نوع التنمية الاقتصادية التي تأمل بتحقيقها. هي تطالب ببنية سياسية شعبوية، حرية وديموقراطية وتعددية، لكن ما هو معروف لدى الماركسيين وحتى أنصاف الماركسيين هو أن البنية السياسية وهي البنية الفوقية تتشكل وفقاً لمقتضيات البنية الإقتصادية وهي البنية التحتية. فأن تطالب مثل هذه الأحزاب الخائنة لقضية الشيوعية ببنية سياسية من لون معين فعليها قبلئذ أن تحدد البنية الاقتصادية التي تفرز مثل هذه البنية السياسية.
تختبئ جميع هذ الأحزاب اللاشيوعية وراء مقولة ذات علاقة بالشأن الاقتصادي وهي ما يسمى اعتباطاً " العدالة الاجتماعية ". ليس هناك من نظام اقتصادي يحقق العدالة الاجتاعية طالما أن العدالة الاجتماعية فكرة هوائية لا تنزل إلى الأرض. الاقتصادي البريطاني جون كينز رأى أن توحش النظام الرأسمالي في استغلال العمال من شأنه أن يقصّر عمره، لذلك طالب بتخفيف الاستغلال من أجل إطالة عمر النظام الرأسمالي وتخليده ربما. الكينزية التي عملت على تخليد النظام الرأسمالي يمكن وصفها بالعدالة الاجتماعية بالرغم من أن كارل ماركس وصف الرأسمالية بأنها أكثر الأنظمة وحشية واستغلالاً للإنسان. أما على غير الصعيد الإنساني فالاشتراكية أكثر جوراً من سائر الأنظمة الأخرى حيث تقوم دولة دكتاتورية البروليتاريا بإلغاء طبقات اجتماعية بحالها ومصادرة وسائل إنتاجها. بعض هؤلاء القوم يتقعر في حديثه مستغفلاً أنصاره قبل الآخرين بزعم أنه يعمل على تنمية ذات أفق اشتراكي !! لئن كان هذا البعض لا يعرف بأن النظام الرأسمالي المتقدم هو وحده ذو الأفق الاشتراكي، فذلك يحرمه من الحديث في أي تنمية مهما كان جنسها، وإن كان يعلم فلماذا لا يقول ذلك بكل صراحة ويؤكد أنه يعمل على التنمية الرأسمالية ذات الأفق الإشتراكي ؟ هو لا يقول ذلك لأنه يعلم تمام العلم أن التنمية الرأسمالية كانت مستحيلة قبل انهيار النظام الرأسمالي في السبعينيات وغدت اليوم أكثر استحالة بالإضافة إلى أن التنمية الرأسمالية لا يجلب الشعبوية وهي ما تبحث عنها الأحزاب الشيوعية القائمة. وبافتراض أن هناك نظاماً يحقق العدالة الاجتماعية لم يكتشفه أحد غير المستنكفين عن العمل الشيوعي، فما عساها تكون تلك السلطة التي ستحقق مثل تلك العدالة الإجتماعية !؟ وهل تتحقق العدالة من خلال توزيع الثروة على مختلف الطبقات وشرائح المجتمع بمقدار مساهمتها في الإنتاج أم باعتبارات أخرى كالعوز أو مستلزمات التنمية البشرية ؟ الدولة التي ستقوم بتوزيع الثروة وفق مثل هذه الشروط ينبغي استيرادها من خارج المجتمع لأن الدولة التي يفرزها المجتمع لن تكون إلا على صورته ومثاله وهي بالتالي مفوضة فقط إلى حراسة توزيع الثروة على حاله وليس غير ذلك. فهل لدى أدعياء "العدالة الإجتماعية" مصباح علاء الدين يستحضر دولاً من خارج مجتمعاتها !!؟
فلول الأحزاب الشيوعية في عالمنا العربي مثل الحزب الشيوعي المصري والحزب الشيوعي العراقي كما السوري واللبناني والأردني ترفع جميعها شعار التعددية تحقيقاً للديموقراطية كما باتت هذه الأحزاب ـ وهي جماعات وليست أحزاباً تمثل طبقة اجتماعية محددة ـ باتت تفهم الديموقراطية كما هي الديموقراطية البورجوازية. يفوت هذه الجماعات أن الديموقراطية البورجوازية هي أحد الأعمدة الأساسية للنظام الرأسمالي. فالرأسماليون لن يكونوا رأسماليين بحال من الأحوال بغير العمال. والرأسمالية تقوم أصلاً على المتاجرة بقوى عمل العمال وعليه يترتب بداية الإعتراف بوجود الطبقة العاملة كطبقة ذات خصائص مميزة أهمها ولادة قوة العمل، ويستلزم ذلك توفير هامش محدود من الحريات لهذه الطبقة. الديموقراطية البورجوازية هي الأرضية اللازمة لتوفير طبقة عاملة تخضع للاستغلال، بعكس الديموقراطية الاشتراكية التي تلغي كل طبقية وكل استغلال. التعددية تعني مباشرة التعايش الطبقي وبذلك توافق هذه "الأحزاب الشيوعية" أو الجماعات اللاشيوعية على استمرار الطبقية في مجتمعاتها دون أن تعلن ذلك، توافق على استمرار البورجوازية بمختلف أشكالها تستغل الطبقة العاملة حتى الرمق الأخير. فكيف للعمال أن يصدقوا بأن هذه الجماعات التي تعتبط اسم الشيوعية تمثلهم حقاً!؟
مثل هذه الأحزاب التي تنسب نفسها إلى الشيوعية والشيوعية منها براء، ترفع شعار الحرية بجانب شعار التعددية وتداول السلطة. كيف تشرح هذه الأحزاب لكوادرها كيف يكون تداول السلطة، أي أن يستلم الشيوعيون السلطة ثم بعد أربع سنوات يسلمون السلطة لمعارضي الشيوعية الذين سيبطلون كل الإجراءات التي قام بها الشيوعيون !! سيشرح حميد موسى أو وصال بكداش أو خالد حداده أو منير حمارنه بأنه يتوجب على الشيوعيين تسليم السلطة لغيرهم إن لم يأتوا بسياسات تراعي مصالح أوسع الفئات من جماهير الشعب كي يحتفظوا بالسلطة. لكن لماذا يأتي الشيوعيون بسياسات معارضة لمصالح جماهير الشعب؟ لكن الشيوعيين لا يأتون بمثل هذه السياسات المعادية لمصالح الجماهير العريضة ولذلك يترتب عليهم ألا يسلموا السلطة لمعارضيهم. وعندئذٍ يسقط شعار التعددية وتداول السلطة. فهل ترفع هذه الأحزاب هذا الشعار من باب البازار السياسي !؟ مثل هذه الجماعات الشيوعية سابقاً كانت قد تخلت عن المفاهيم الأولية في العلوم الماركسية ليس بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1991 فقط بل ومنذ قيام خروشتشوف بانقلاب عسكري ضد الحزب في يونيوه حزيران 1957 وطرد البلاشفة من القيادة وإلغاء دكتاتورية البروليتاريا في شباط فبراير 1959 لا بل منذ إلغاء الخطة الاقتصادية الخماسية 1952 – 56 في سبتمبر ايلول 1953 ذلك الإلغاء الموجه ضد البروليتاريا السوفياتية والمخالف لأبسط النظم والأعراف التنظيمية. هذه الجماعات التي فقدت شيوعيتها منذ خمسينيات القرن المنصرم حين هللت ورحبت بانحراف خروشتشوف، ترفع اليوم شعار الحرية بجانب التعددية وتداول السلطة. ترفع شعار الحرية في مجتمع طبقي يقوم على استغلال العمال من قبل مالكي أدوات الإنتاج. الحرية هي بالتحليل الماركسي الأخير إلغاء كل الشروط التي تحد من الاشتباك المباشر للإنسان مع أدوات الإنتاج. فعن أية حرية يتحدث أيتام خروشتشوف ومتثاقفو البورجوازية الوضيعة في الوقت الذي ينادون إلى التعايش الطبقي حيث يشترط مالكو أدوات الإنتاج ألف شرط وشرط على تعامل العامل مع أدوات الإنتاج.
الحزب الشيوعي العربي في إسرائيل كان صادقاً مع نفسه ومع أنصاره فاعترف باستعاضته عن الاشتراكية بما هو متاح اليوم دون أن يؤكد أن هذا المتاح له أدنى علاقة بالفكر الماركسي. من يستعيض عن الاشتراكية بأية برامج أخرى ليس له أدنى علاقة بالطبقة العاملة وبالماركسية بالتالي، ومن واجبه إذا ما بقي لدية أدنى أحترام وأمانة للطبقة العاملة أن يتخلى عن اسم الشيوعية كما فعل حزب الشعب الفلسطيني الذي نكبر فيه الأمانة بعد أن كف عن المتاجرة بقضية الشيوعية واعترف بأنه لم يعد حزباً شيوعياً وحزب الطبقة العاملة. الأحزاب التي ما زالت تسمي نفسها بالشيوعية في المشرق العربي وفي مصر تقتضيها الأمانة الاعتراف بأنه لم يعد لها أدنى علاقة بالماركسية وبقضية الطبقة العاملة وهي الشيوعية. ذلك يتطلب منها التوقف عن المتاجرة باسم الشيوعية وتتخلى عنه بالتالي.
أنصاف الماركسسين في الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك بعد في العالم العربي ـ وهم في الحقيقة لم يعد لهم أي علاقة بالماركسية ـ سيردون محتجين على هذه الأطروحة بالتساؤل .. وهل تريدوننا أن نقعد ساكتين ولا نعمل على تطوير حياة شعوبنا ؟ ليس هناك من يطلب من هؤلاء السكوت بل المطلوب منهم ألا يضللوا شعوبهم، يعدونهم بالجنان الغناء وإذ بهم يقودونهم إلى الصحارى الجدباء. وأن يقعدوا ساكتين خير لهم ولشعوبهم من هذا. نحن لا نطلب منهم أن يقعدوا ساكتين بل أن يعملوا لكن كماركسيين حقيقيين فلا يستعيضون عن الماركسية بأي منهج آخر كما فعل الحزب الشيوعي العربي في إسرائيل أو حزب الشعب الفلسطيني. نحن نطلب من جميع الماركسيين الذين لم يفقدوا ثقتهم بالمنهج الماركسي أن يبحتوا دون كلل أو ملل عن شبح الشيوعية الذي رآه ماركس وإنجلز بنظرهما الثاقب يحوم فوق سماء أوروبا في العام 1848 ليجدوه أين اختفى ولماذا اختفى وكيف يعود إلى الظهور مرة أخرى وبغير ذلك عبثاً يدّعي أحدهم بالماركسية، وكيف له أن يدعي الماركسية وهو لا يبحث فيها وفي آثارها !!؟
www.fuadnimri.yolasite.com
#فؤاد_النمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصهيونية نبتة جذورها الخيانة
-
بطلان العمل السياسي
-
عَالَمية الثورة الإشتراكية وعِلم الثورة
-
لا حرية مع العمل المأجور - بشرى الحرية لنساء العالم -
-
الشيوعيون المرتدون
-
ونستون تشيرتشل يفضح مجندي البورجوازية الوضيعة
-
الأميّة في السياسة
-
المتغيرات في تركيبة الطبقة العاملة ودورها
-
ماذا علّمنا ستالين ؟
-
ماركسيون شيوعيون لم يعودوا ماركسيين شيوعيين (3)
-
ماركسيون شيوعيون لم يعودوا ماركسيين شيوعيين (2)
-
ماركسيون شيوعيون لم يعودوا ماركسيين شيوعيين (1)
-
محطتان رئيسيتان لمشروع لينين في الثورة الاشتراكية
-
الوحدة العضوية للثورة الاشتراكية العالمية
-
شهادة الشيوعيين
-
الجمود العقائدي
-
لماذا يغير المثقفون قناعتهم
-
الساقطون الهاربون من انهيار مشروع لينين
-
لينين باقٍ في التاريخ
-
الإسلام كما القومية لا يمتلكان فكراً
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|