أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - لماذا نقد الدين؟















المزيد.....


لماذا نقد الدين؟


عبد القادر أنيس

الحوار المتمدن-العدد: 3433 - 2011 / 7 / 21 - 00:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سأتوقف عن نقد الإسلاميين ريثما أوضح وجهة نظري من مسألة أراها هامة لكونها، أولا، تشغل بال الكثير من المعلقين على مقالاتي ومقالات غيري، وثانيا، لأن الكثير من الغموض والالتباس يلفها، مما يؤدي إلى حدوث انشقاق كبير في صف المدافعين عن نفس القضايا: الديمقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان.
سأعيد نشر بعض ما دار من مناقشات مع التعليق عليها وإثرائها وتدارك النقص بمزيد من التوضيح راجيا أن تثير هذه المسألة مناقشة جادة لرفع الغموض والخروج بمواقف أكثر واقعية وتعبيرا عن حقيقة الأمر.
نقد الدين بالنسبة لي لا يجب أن يتوقف عند بيان تهافت المعارف و(العلوم) والتعاليم والتشريعات التي جاء بها، ولا يجب أن ينصبّ على القدح والتحقير الموجه لرموزه ولا في معارضته لما توصل إليه الفكر البشري الحديث من علوم ومعارف واكتشافات تدحض ما قدمته الأديان حول الطبيعة والكون والأمراض وحول مختلف الحلول المقدمة. بل أهم نقد يوجه للدين في نظري هو تمكين الناس من الاطلاع اطلاعا كافيا على حقائق الدين وتاريخه وسيرة مؤسسيه، خاصة ما عمل رجال الدين دائما على ممارسة انتقائية مقيتة نحو جانب كبير منه بتغييبه وطمسه وإخفائه ووضعه في دائرة الممنوع من التداول واللامفكر فيه وتلميع جوانب أخرى بتقديمها منتقاة للناس على أنها خارقة من الخوارق ولا يمكن لفكر بشري أن يأتي بها.
في تدريسي، لاحظت مثلا أن الغالبية الساحقة من الطلبة وحتى أساتذة الجامعات يجهلون جانب هام من الدين وما يعرفونه لا يعرفونه من مصادره بل عبر رجال الدين في المؤسسات التعليمية والمساجد، بحيث يشعرون بالدهشة عندما أكشف لهم جوانب لم يسمعوا عنها، كأن أقول لهم بأن الإسلام أباح الرق والاستمتاع بملك اليمين دون قيد أو أقول لهم بأن قول عمر بن الخطاب ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)) قول يجب أن نفهمه في سياق عصره، وأن عمر لم يكن يقصد ما نفهمه نحن اليوم من الحرية كلفظة لم تكن مستعملة وما كان مستعملا هو الحر مقابل العبد، لأن الناس في عصره كانوا فعلا يولدون أحرارا كما كانوا يولدون عبيدا، وأن ابن العبد يولد عبدا، وابن الحر يولد حرا لا يجوز استعباده إلا في حالة الهزيمة في الحرب وفي حالة الإسلام في حالة مقاومة الفاتحين والانهزام أمامهم أو في حالة العبيد المستجلبين من أفريقيا وغيرها إلى أسواق الحواضر الإسلامية. بعضهم يكذبني حد التكفير، وبعضهم يتهرب حتى من مناقشة هكذا قضايا، والسبب يعود إلى أنهم يعتقدون، كما جرى تلقينهم، أن هذه التعاليم ربانية وأن الله لا يمكن أن يقبل بهذا الظلم، وأن الإسلام كله رحمة وعدل وأن العيب في المسلمين الذين لم يفهموه وإذا فهموه لم يطبقوه. ولكني أشعر كذلك بقدر من الارتياح عندما ألتقي شخصا درس عندي ويعترف لي بأنه استفاد من دروسي في هذه الجوانب، وهم كثيرون. وأنا أتذكر كيف كنا ونحن على مقاعد الدراسة نشعر بالفخر يملأ نفوسنا ونحن نسمع القول المنسوب إلى رفاعة رافع الطهطاوي عندما عاد من أوربا حيث رافق الطلبة المصريين كأمام ومرشد ديني: ((فى أوروبا وجدت الإسلام ولم أجد مسلمين وعندنا وجدت مسلمين ولم أجد الإسلام)). كذلك كنا نعتز بقول نسب لأحد المستشرقين أو لأحد معتنقي الإسلام، زار قطرا عربيا فقال: ((الحمد لله أني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين)).
وهذه الأقوال بقدر ما هي مغلوطة ولا تعبر عن الحقيقة بقدر ما تساهم في مزيد من عرقلة انتشار الحداثة والتقدم والديمقراطية في بلادنا لأنها تزيد في استشراء أمراض الغرور والنرجسية والاكتفاء الذاتي والانغلاق على الذات ونبذ التواضع كسبيل هام جدا للتعلم ممن عنده العلم. هي مغلوطة بسبب جهل الناس بالإسلام ككل، والادعاء أن حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية المنتشرة في الغرب موجودة في الإسلام كنصوص ولكن المسلمين لا يلتزمون بها، وهي مغلوطة لأن الزعم بأن أخلاق المسلمين ليست من الإسلام حماقة. كيف يعقل لأمة تعيش لقرون من الزمن في انحطاط سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي أدى إلى انهيار الدول قبل الوقوع في براثن الاستعمار، بينما الدواء بين يديها أخلاقا ونظما ومعاملات !!! لا بد أن هذه الأمة تتكون من حمقى أو معتوهين، أو أن العيب في هذا الدواء الذي انتهت صلاحيته وصار ضرره أكثر من نفعه شأن أي دواء، هذا إذا كان الدين يوما ما دواء أصلا.
لكن في المقابل لهذا القول المتواضع لرجل دين صادق نجد اليوم رجال دين بلغ بهم الغرور حدا لا يعترفون معه أن في الغرب أخلاقا حميدة: شاهدوا:
http://www.youtube.com/watch?v=snFbDFGwWGw
لهذا سأستعرض باختصار بعض التعليقات مع ردودي، مع مزيد من التوضيح والإثراء.
علق السيد فارق مراد على مقالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=2611&aid=267681
فكتب: ((... لكن اعتقد انه يمكن تنوير الناس بطريقة ذكية بدون تسفيه معتقداتهم بطريقة مباشرة.بأن نبين لهم مزايا الحرية والديمقراطية والعلمانية. إن الاقلام التنويرية التي تكتب باللغة العربية في الجزائر قليلة إن لم تكن منعدمة.ان توعية العامة عمل نبيل وعظيم يحتاج الى صبر وطول نفس وإعداد خطة ذكية حتى يفهم الناس وحدهم أن مقدساتهم ما هي إلا فكر بشري ضيق وأحادي يزرع الكراهية والبغضاء بينهم ويطمس المعرفة العلمية عندهم بطريقة بشعة. ولكن في نفس الوقت يجب توفير البديل اذ أن شعوبنا للأسف لا تعيش بدون غيبيات. لم لا يكون إلها رحيما متسامحا عطوفا على كل البشر.يعني أن تمحى من الأذهان مسألة تقديس النصوص وتقدم لهم تأويلات مبتكرة تتماشى مع قيم الانسانية بطريقة ذكية ومبتكرة. ربما يكون تطويرا لأفكار الشيخ العلماني القبانجي مثلا. وحينها سنخرج شعوبنا من المحنة دون ان نصدم شعورهم وثوابتهم...)). انتهى
وكان ردي ((... سمعت وشاهدت القبانجي عدة مرات. طريقته ذكية وجريئة وغير معهودة. وكل الطرق متكاملة وتؤدي إلى روما.
تقديري أنه يجب أن نثق في ذكاء الناس ونخاطبهم كمسؤولين وراشدين. رأيي أننا كعلمانيين ارتكبنا أخطاء جسيمة سابقا ساهمت في تقوية الإسلاميين. كأن نقول الإسلام فيه كل الحلول وحاشاه، المشكل في فهمه، أو نقول بأن رجال الدين لا يمثلون الإسلام، أو نقول بأن الناس غير ناضجين لتقبل هذه الأفكار!!!
رأيي أن الأولوية يجب أن تُعطى لخلق نخب قادرة على فهم متطلبات العصر، وهي التي عليها تأطير نضالات الناس اليومية. لا بد أنك تتذكر أن الناس عندنا انتخبوا حزبا إسلاميا يكفر الحريات والديمقراطية وأدى ذلك إلى كارثة (1991). فماذا بعد هذا؟
المطلوب من المتعلم (طالب، معلم، موظف...) أن يكون على قدر من التسامح والاستعداد لوضع قناعاته موضع تساؤل، وإلا لن ننتظر منه خيرا.
تخلف مجتمعاتنا وأوطاننا عويص وركب الحضارة العالمية لا ينتظرنا، ومن أجل هذا يجب أن نصدم الناس في قناعاتهم. مهادنة الدين ورجاله جربت وهي مستمرة منذ قرن وزيادة ولم تحقق نتائج، بل حدث العكس، فحتى المكتسبات العلمانية السابقة تم التراجع عنها. )) انتهى.
وأضيف بهذه المناسبة، أن أهم الاعتراضات على نقد الدين تأتي من كون أصحابها يحكمون على الناس بأنهم (عامة لا يفهمون) وأن ((شعوبنا للأسف لا تعيش بدون غيبيات))، وأن المس بالمقدسات يخدم الإسلاميين بدفع الناس نحوهم، ولا ينتبهون إلى أن الأصولية ازدهرت ليس بسبب نقد الإسلام لأن هذا النقد ظل غائبا ومازال بل بسبب غياب النقد والعقلانية في التعامل مع الدين والدنيا سواء، كما يقولون إنه بالإمكان اتباع طرق لبقة أو مواربة لإخراج ((شعوبنا من المحنة دون ان نصدم شعورهم وثوابتهم)). وأنا اعترض على هذه المبررات لرفض نقد الدين، كون هذه الطريقة جربت طوال عشرات السنين وأفلست في إحداث نقلة نوعية تدفع بمجتمعاتنا نحو الخروج من هذا المأزق. وكذلك لا بد أن نعرف أن التقدم يتطلب تضحيات على مستوى القناعات كما على مستوى العلاقات والمعاملات وبذل الجهود للانعتاق مما ورثناه من كسل عقلي واتكالية وانتظار الحلول من الغيب أو المهدي المنتظر أو من القائد الملهم بل حتى من مستبد عادل.
هل يعقل أن نقبل مثلا من شخص موقفا مهينا للمرأة بأنها ناقصة عقل ودين بحجة أنه لا يجب خدش شعوره الديني؟ وأنا أعرف بين الأصدقاء والمعارف من يتقبل هذا حتى في أسرته وبين أبنائه وبناته، وهل نقبل من رجل دين يتهم عقولنا بالقصور؟ لا بد من تضحيات، ومن أولى هذه التضحيات أن ندفع الناس ليقبلوا ليبدؤوا في التزحزح عن يقينياتهم العنصرية الحمقاء تجاه المختلفين عنهم دينا ومذهبا وطائفة. وإذا لم نبن مجتمعا على أرضية صلبة فلن نضمن عدم عودة مجتمعاتنا إلى التوحش عند أول هزة اقتصادية أو سياسية، كما كان وكما هو جار الآن.
السيد حمدان عليان كتب معلقا: ((أشكرك السيد أنيس على نشاطك و اجتهادك في الدفاع عن التوجه العلماني الهادف الى نشر الوعي المدني و السياسي البناء.غير اني لا أوافقك في التركيز على نقد الدين ، بالضبط كما أشار الأخ فاروق مراد. و ذلك لأن فكرة الدين كاعتقاد ترسخت في النفوس بشبكة معقدة من العوامل النفسية والاجتماعية و التاريخية وغيرها مما يصعب استبيانه بوضوح .ثم إن الدعوة لبناء مجتمع متطور تحترم فيه مبادئ حقوق الانسان لا تستدعي اقناع الناس بالتخلي عن معتقداتهم من حيث هي خصوصيات ذاتية تمارس بشكل فردي أو جماعي كما هو واقع في أنظمة المجتمعات المتقدمة بشرط القبول بفصلها عن السياسة.
أنا أعتقد أن مهمة الفكر العلماني هو نشر الوعي المدني الذي يتطلب الفصل بين مقومات الحياة الدنيوية التي تتطلب اكتساب العلم و التقنية لتسخير الطبيعة كما تتطلب رشاد الادارة و السياسة لضمان أكبر قسط من الحرية و العدالة بين المواطنين . و بين مقومات الحياة الروحية التي تستمد استمرار وجودها مما يصعب عقلنته نفيا أو اثباتا)) انتهى.
وكان ردي كالتالي: (... رأيي أن (الدعوة لبناء مجتمع متطور تحترم فيه مبادئ حقوق الانسان (التي) لا تستدعي اقناع الناس بالتخلي عن معتقداتهم) مستحيلة، ببساطة لأن مبادئ حقوق الإنسان تتعارض مع معتقدات الناس الدينية. فعلينا أن نختار بين التخلي عن مبادئ حقوق الإنسان أو نقد يقينيات الناس الدينية؟
لقد توالت أجيال من المثقفين منذ عبده ممن هادنوا الدين وشيوخه، وخرّجت جامعاتنا الملايين في شتى الاختصاصات بعقول غير علمية وغير مفيدة.
نحن لا نطالب بتخلي الناس عن الدين، بل نطالبهم فقط بأن يقبلوا بينهم، على الأقل، من يريد أن يتخلى عنه ويعيش خارج هيمنته ثم البقاء للأصلح. النخب التي يجب أن تؤطر نضالات الجماهير يجب أن تكون علمانية علمية متحررة تماما من أوهام الدين. التجارب (التقدمية) السابقة عندنا فشلت لأنها تعاملت مع الناس كقصر وسذج ومؤمنين يتوجب إخفاء الحقائق عنهم والسياسة عندهم ارتبطت دائما بالاحتيال والخداع والكذب والنفاق، رغم أنها أسمى مهنة. ومن أهم الحقائق خرافة الأديان. ماذا يجب أن نفعل؟ هل نقبل تحريم تدريس نظرية التطور مثلا لأنها تدحض يقينيات الناس الدينية، أم نتوقف عن المطالبة بتحرير المرأة لأن يقينيات الناس الدينية لا تقبل؟
وأضيف أن حجة ((أن فكرة الدين كاعتقاد ترسخت في النفوس بشبكة معقدة من العوامل النفسية والاجتماعية والتاريخية وغيرها مما يصعب استبيانه بوضوح))، غير كافية ولا منطقية. فكثيرة هي العادات والتقاليد التي ترسخت رغم سلبياتها مثل الظواهر السلبية حول احتقار المرأة والقبلية والعشائرية والطائفية والعنصرية وغيرها التي عرفت تحولات كبيرة في الكثير من البلاد بفضل جهود السياسيين والمفكرين، رغم أنها كانت راسخة في عقول الناس على مدى القرون. المهمة الأولى يجب أن تتوجه للمتعلمين والنخب، وليس للجمهور العريض. مأساتنا أن حتى حملة الشهادات العليا عندنا لا يختلفون في عقلياتهم المتخلفة.
أنشر هنا أيضا تعليقات مختلفة لي نشرت في مقال السيد عبد الله أبو شرخ
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=267900
((جاء في بداية مقالك أخ عبد الله قولك: ((لاحظت من مقالتي السابقة المعنونة - في ضرورة إصلاح وتطوير الإسلام - أن معارضة تبدت من الليبراليين (الملحدين ) لأنهم وحسب وجهة نظرهم لابد من الانتهاء من الدين نهائياً وليس فصله عن الدولة فحسب.))
وهذا في رأيي غير دقيق. فلا أحد مثلا قال (لابد من الانتهاء من الدين نهائياً وليس فصله عن الدولة). هذا الكلام يصح لو أن الأمر يتعلق بالملحد وحده، فهو ملحد لأنه انتهى من الدين. أما المطالبة بمنع الناس المتدينين من التدين فلا أحد طالب بذلك. المطلوب طبعا فصل الدين عن الدولة حتى لا يظل مهيمنا بقوة الحديد والنار، أما حق الناس في التدين الحر الفردي دون أية نزعة عنيفة لفرضه على الآخرين فهو حق لا يناقش كما هو الحق في إقامة دور العبادة واحترامها ومنع فرض برنامج عليها لخدمة حزب أو سلطة.
وفي تعليق آخر كتبت: ((قولك: ((إن مسألة التخلص من الدين والمعتقدات هي مهمة مستحيلة علاوة على كونها غير مطلوبة، فالمعتقدات ضرورية لكي يفسر بها الناس البسطاء ضرورة وجودهم وكيفية نشوء الكون)). فيه نظر. لماذا مستحيلة؟ لماذا تصادر على المستقبل؟ الدين يتطور باستمرار، وسوف يأتي يوم ينتبه الناس إلى تهافت أطروحاته فيبتعدون عنه ويعوضونه بحقوق الإنسان، أو على الأقل باعتقادات فلسفية مسالمة مثلما تلقاه البوذية اليوم. نسبة الإلحاد في الدول الحرة عالية جدا وهي في ازدياد وفي التفكير والتعامل والتسامح من الصعب التفريق بين المتدين والملحد. نسبة الشك في الكثير من التفسيرات الدينية (العلمية) والطبيعية والكونية لم تعد مقبولة. هل تريد أن يبقى الناس بسطاء إلى الأبد يرون (ضرورة وجودهم وكيفية نشوء الكون) بهذه البساطة المضحكة مثل السماء المرفوعة بغير عمد ترونها، أو أننا خلقنا من نفس واحدة (آدم) وخلقت أمنا حواء من ضلعه الأيسر الأعوج ولذلك فهي عوجاء لا بد لها من وصي يقوم اعوجاجها باستمرار كما يرى الإسلام؟ أليس هذا تمييزا عنصريا؟
وعلقت أيضا على نفس المقال: ((قولك: ((وأغلب الظن أن المعتقدات ذاتها لم تكن عائقاً أمام تطور اليابان أو أمريكا التي تصنف كدولة مسيحية متشددة من الطراز الأول رغم علمانيتها))، لم يأخذ بعين الاعتبار أن دستور الولايات المتحدة ((بدأ باسم -نحن الشعب- (وليس بسم الله الرحمن الرحيم)، ولا تحتوي الوثيقة على أي ذكر لكلمة الرب أو المسيحية (وأنها دين الدولة ومصدر التشريع)، الإشارة إلى كلمة دين في الدستور استخدمت للتأكيد على عدم التمييز بين المواطنين على أساس عقائدهم، فالفقرة السادسة من الدستور تنص على أنه ليس من الوارد إجراء اختبار ديني لأي شخص يرغب في شغل أي وظيفة حكومية. كما نص أول تعديل أدخل على الدستور ينص على أن الكونغرس لن يقوم بأي حال من الأحوال بتشريع قانون قائم على أساس ديني)). وهذا من نريده من دساتيرنا. عن ويكيبيديا بتصرف في مادة دستور الولايات المتحدة )).
وعلى نفس المقال علقت: ((الدستور الياباني يبدأ ب (نحن الشعب الياباني) وليس بسم الله الرحمن الرحيم
المادة 19 : لا تنتهك حرية الفكر والضمير. (الاعتقاد)
المادة 20 : وحرية الدين مكفولة للجميع.
1) ولا يجوز لأية منظمة دينية تلقي أي امتيازات من الدولة ، ولا يمارس أي سلطة سياسية.
2) لا يجبر أي شخص على المشاركة في أي أعمال دينية ، احتفال ، أو ممارسة طقوس.
3) الدولة وأجهزتها الامتناع عن التعليم الديني أو أي نشاط ديني آخر.
http://www.minbaralhurriyya.org/dasateer/Documents/Dasateer/Japan.pdf
وفي تعليق آخر كتبت؛ تقول: ((المطلوب تحديداً لأي مشروع نهضوي أن يتم تكوين وإنشاء دول ينفصل فيها الدين عن الدولة وشئون السياسة، وأن يظل الدين شأناً شخصياً للتعبد)). وهذا كلام صحيح، ولكن ماذا تفعل إذا كانت الغالبية لا ترى رأيك بل ترى أن في الدين كل الحلول لأي مشروع نهضوي كما يقول الإسلاميون ويصدقهم الناس؟ هل ترغمهم على القبول بالقوة؟ طبعا، لا، بل عليك إقناعهم. عملية إقناعهم للتخلي عن مرجعية الدين لا بد أن تمر بالتشكيك في الحلول الدينية التي لم تعد صالحة اليوم. لكنهم يعترضون: إنها من عند كائن كامل وأنت كائن ناقص لا يحق لك الاعتراض (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)).
((ماذا تفعل؟ هل تقول لهم: هذه ليست من عند الله؟ أم تقول لهم الله خرافة؟ أم تحاول خداعهم بوصفهم قاصرين؟ وفي كل الأحوال لا بد من رفع مستوى الناس العلمي والفلسفي وحتى مستوى معرفتهم لدينهم حتى لا يأتي القرضاوي ويسوقهم أمامه كالأنعام. المهمة الرئيسية اليوم هي خلق نخب علمانية بوسعها تأطير الجماهير في نضالها ضد مستعبديها))
وعلقت أيضا: ((كتبت: ((أوروبا سارت في طريق العقل، وأخضعت النصوص الدينية للنقد وللمحاكمة المنطقية، أما نحن فقد سرنا في طريق الجمود وتعطيل العقل وتكفير المشتغلين بالفلسفة والمنطق، والنتيجة كانت تطور الأوروبيين ونجاحهم الباهر في بناء مجتمعات مستقرة وآمنة اقتصادياً وتتمتع بالعدالة الاجتماعية والمساواة في مقابل بقاء الشعوب الإسلامية تلوك - حرفياً - كلام القرون الوسطى والخرافات، ينهش مجتمعاتها الفقر وتفترسها الأمية، في غياب أي حراك حقيقي وأي مشاركة للأمم الأخرى في الإنتاج والإبداع العلمي والاقتصادي والثقافي. )) انتهى
وهو كلام ممتار ورائع يزج بك في زمرة العلمانيين الملحدين ولكن هل نسيت يا سيدي أن من ضمن (كلام القرون الوسطى) الكتاب والسنة؟)).
((شكرا على الفرصة، طبعا نقدي، لا يعني أنني لم أر في مقالك أية إيجابية، بل الإيجابيات أكثر، خاصة هذه الجرأة في تناول هذه القضايا الحساسة. لكنني لا أقبل التنازلات المجانية للقوى الظلامية)).
وقد رد السيد عبدالله ((شكرا للتوضيح في التعليق رقم 17 الذي لن أجادلك فيما أوردته فيه. أما بخصوص تهافت النصوص الدينية المتعلقة بالمرأة والعبيد فأعتقد أنك لم تلاحظ ربما أنني مع تاريخية النصوص التي قيلت في أزمان محددة ولم تعد ملائمة اليوم، وهو السبب الذي يجعل من السلفيين يضعوني في زمرة الملحدين رغم أنني ليس كذلك. أي نصوص تشير إلى تمييز عنصري ضد المرأة يجب تجاوزها بل وأشجع بقوة ضرورة تبني مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجعل الدين مقصوراً على العبادة. أما بخصوص المصادرة على المستقبل فلا يتمكن أحد من فعل ذلك ولا حتى آينشتاين نفسه، ولكني أعتقد أن البسطاء سيظلون دوماً موجودين في الأزمنة وكل العصور بصرف النظر عن ازدياد نسبة الملحدين من عدمها)).
وأضيف هنا تعليقا على الرد السابق، أن الإسلاميين قد كفروا نصر حامد أبو زيد لأنه تناول النص المقدس في تاريخيته، وحاكموه وفصلوا زوجته عنه واضطروه للجوء إلى المنفى، وأخيرا يموت في ظروف غامضة، ولا يكتفوا بهذا، بل تشفوا فيه ونسبوا موته إلى الانتقام الرباني بسبب كفره. القول بالتاريخية يعني القول بأن النصوص لم تعد صالحة اليوم لأنها نزلت استجابة لحاجات وبعد تغير الحاجات لم يعد من الضروري العمل بها. وقديما تم تكفير المعتزلة لأنهم قالوا بخلق القرآن، أي بتاريخيته تقريبا، وكونه مخلوقا يعني أن الله خلقه استجابة لسبب معين في زمان معين ومكان معين، وتغير السبب يؤدي إلى الحاجة إلى نص آخر أو إلى فهم آخر أو حلول أخرى.
وفي رد آخر كتب السيد عبد الله : ((أخيراً أعتقد لا خلاف بيننا في كون اليابان وأمريكا دولاً ذات دساتير علمانية تفصل الدين عن الدولة، ولكن هل منع ذلك من حضور المعتقدات في أذهان الناس؟ أعتقد كلا. ثم إن كلام القرون الوسطى جميع التفسيرات والآيات والأحاديث التي تعلقت بفقه العبيد والجواري وفقه السبي وأعتقد أن حراك 14 قرناً قد تجاوز كل تلك المعطيات. كما قال ابن رشد هناك قضايا إيمانية عقائدية كالجنة والنار والحساب لا يمكن مناقشتها عقلياً ولكن ثمة قضايا كثيرة تتعلق بمعاش الناس وحياتهم لابد من مناقشتها عقلياً لبيان تهافتها. ليس فيما أفعله أي تنازل للقوى الظلامية وإن كنت متأكداً أن من يكتب باسمه الحقيقي يختلف عمن يكتب باسم مستعار. شكراً للنقد الرائع والبناء ودمت بكل الود والتقدير)).
بودي فقط التوقف عند عبارتك الأخيرة وأبدي انزعاجي منها ((وإن كنت متأكداً أن من يكتب باسمه الحقيقي يختلف عمن يكتب باسم مستعار)). فهذه هي المرة الثانية التي أتناقش فيها مع كاتب بصراحتي المعهودة في الموقع فيحاول قمعي والتشكيك في نزاهتي وشجاعتي الأدبية كوني أكتب تحت اسم مستعار. الكتابة الحرة محنة حقيقية يعاني منها كل من يريد أن يعبر عن آرائه بصدق ونزاهة وعلمية وموضوعية دون أن يضطر إلى فرض حظر على عقله. لست أدري ما الفرق بين أن نكتب تحت اسم مستعار أو حقيقي. ماذا نريد أن نثبت للآخرين عندما نكتب باسمنا الحقيقي؟ هل المسألة مسألة شجاعة وجبن أم مسألة توخي القدرة على قول الحقيقة لا نصف الحقيقة أو لاحقيقة؟ إذا كنا نختفي وراء اسم مستعار لكي نقول ما نشاء من الأكاذيب فهذا غير مقبول، وبما أنني أشتغل على النصوص لهذا أحب أن يحكم علي القراء على نصوصي وينتقدون ما يرونه من نقائص، أما إذا كنا نكتب تحت اسمنا الحقيقي هنا طلبا للشهرة وتحقيقا لنرجسية لا أعتقد أن أي واحد منا يخلو منها، فهذا مستهجن أيضا، وكذلك إذا كنا نكتب لأننا نريد أن نلعب دور عنترة أو زورو أو سوبرمان، أو أننا نعشق الاستشهاد، وليت من نزعم أننا نستشهد من أجلهم يعرفون ما نريد ويحترمونه ويستفيدون منه. تقديري أنه من الأفضل الاستمرار في الكتابة أطول مدة ممكنة تحت اسم مستعار بالنسبة لي، خاصة في مجتمعاتنا التي يتفشى فيها الإرهاب واللاتسامح ورفض الحقيقة، على أن نضطر للحظر على ما نراه حقائق يجب الدفاع عنها، أو التوقف أو المهادنة عند أول تهديد قد يعرضنا وأسرنا للخطر من قبل أناس لا يقرؤوننا لأنهم مغسولي الأدمغة، مثلما كان الشأن مع قاتل فرج فوده الذي قال إنه لم يقرأ له ولا يعرفه، ومادام الهدف لا شخصيا، فلا أرى فرقا بين من يكتب تحته اسمه الحقيقي ومن يكتب تحت اسم مستعار، مادام الهدف هو التعبير عما نؤمن به بتواضع وتبليغ ما نزعم أنها خبرة مفيدة وتجربة قد تفيد غيرنا في حياته ونضاله ولا نضطر إلى تشويهها باللف والدوران على الحقائق في كتابات "ما تَشَبَّعْ الذِّيبْ ولا تْجَوَّعْ الراعي"، كما يقول المثل عندنا.



#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمخض الجبل فولد فأرا
- ما حقيقة الدولة الإسلامية (المدنية)؟
- هل العلمانية مسيحية متنكرة؟
- هل في الإسلام مواطنة: قراءة في فكر راشد الغنوشي 5
- هل في الإسلام مواطنة؟ قراءة في فكر راشد الغنوشي
- راشد الغنوشي هل في الإسلام مواطنة؟ 3
- راشد الغنوشي: هل في الإسلام مواطنة 2
- قراءة في فكر راشد الغنوشي: هل في الإسلام مواطنة
- العلمانية مفهوم للترك أم للتبني؟ 2
- العلمانية: مفهوم للترك أم للتبني؟
- انتفاضة الشباب في الجزائر من وجهة نظر لبرالية ويساري
- قراءة (2) في مقال ((الماركسية والتنوير المزيف)) لوليد مهدي
- قراءة في مقال ((الماركسية ُ والتنويرُ المزيفُ)) لوليد مهدي
- قراءة في مقال -الحزب الديمقراطي الاشتراكي الإسلامي هو الحل- ...
- قراءة في مانيفستو المسلم المعاصر لجمال البنا (تابع)
- قراءة في -مانيفستو المسلم المعاصر- لجمال البنا.
- هل تصح المقارنة بين الشريعة الإسلامية وتجارب البشر؟
- هل طبقت الشريعة الإسلامية في حياة المسلمين ماضيا وحاضرا؟
- حول صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
- حوار الطرشان بين الفيلسوف ورجل الدين


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - لماذا نقد الدين؟